ترجمات عبرية

هآرتس: بعد 55 عاماً وثائق تكشف طرد 8 آلاف فلسطيني

هآرتس ١٩-٦-٢٠٢٢م، بقلم: عوفر اديرت

في تموز 1967، وبعد شهر من حرب الأيام الستة، اجتمع أعضاء “كيبوتس نحشون”، وجرى نقاش صاخب في موضوع حساس كان حينئذٍ على جدول الأعمال. أرادوا نشر محضر النقاش في الصحيفة الناطقة باسم الكيبوتس “على الجرف”. ولكن في النهاية، وبعد أن تم طباعة العدد من أجل نشره على الأعضاء، ذعروا في الكيبوتس من النتيجة، وتم وقف نشره عن طريق إلصاق الصفحتين إحداهما بالأخرى – بحيث لا يكون بالإمكان قراءتهما.
مر 55 عاماً، ومؤخراً كشف المحضر الذي تم حظره. اتضح أن موظفة أرشيف ذات حس توثيق تاريخي اهتمت بأن تحتفظ جانباً بنسخة كاملة من العدد الأصلي للصحيفة الناطقة باسم الكيبوتس وإنقاذها من أسنان الرقابة. كان كتب على البطاقة التي أرفقت بالعدد الناجي:” تقرر عدم طرح أفكارنا في الصحيفة، ولهذا تم إلصاق الصفحات”.
النقاش الذي كان في مركز العاصفة تناول مصير ثلاثة قرى عربية تم طرد سكانها وهدم بيوتها قبل وقت قصير من ذلك، في حرب الأيام الستة: عمواس، بيت نوبا، ويالو – كلها في منطقة اللطرون. حوالي 8 آلاف من السكان طردوا إلى منطقة رام الله، وبعد ذلك قامت جرافات إسرائيلية بتسوية بيوتهم بالأرض. أقيم على أراضي بيت نوبا فيما بعد “موشاف مفوء حورون”، فيما أقيم على أراضي عمواس ويالو “منتزه كندا”.
“نعاني في الآونة الأخيرة من مشاعر مختلطة”، كتب في أقوال المحرر في مستهل العدد. “لقد زرنا الدير الصامت برهبانه وغرفه، والكنيسة ومصنع النبيذ، وتقريباً نسينا عمواس التي تقف بأنقاضها وراء جدرانه، وسكانها الذين هاجروا وتخلوا عن أملاكهم”، كتب أيضاً. “لم تنته فرحة النصر بعد، أصبحنا مهتمين بنتائج الصراع السياسي، وهنالك أيضاً اختلافات في الآراء تتعلق بفلاحة أراضي هذه القرى وحصاد محاصيلها”.
المقال الرئيسي في المجلة أخذ عنوان “لن نخطو على الأراضي”. لقد عكس قرار أعضاء الكيبوتس الذي أقيم في 1950 في وادي أيالون من قبل أعضاء “الحارس الشاب” (هشومير هتسعير)، بعدم المشاركة في نهب الممتلكات المتروكة وفي جمع غنائم من القرى المتروكة. “لقد تقرر ألا نأخذ أي ممتلكات أو غنائم… وستبذل محاولات للعثور على أصحابها وإعادة الممتلكات” كب في المحضر. “لقد تقرر عدم فلاحة الأراضي والمحاربة من أجل ألا يقوم أحد آخر بفلاحتها”.
من بين التبريرات لهذا القرار الاستثنائي كان الخوف من المس بصورة وسمعة الكيبوتس. “أعضاء كثيرون عبروا عن خوفهم من أنه على الرغم من نيتنا الحسنة، فإن الأعمال التي سنقوم بها ستستخدم لأغراض معاكسة تماماً لنوايانا”، وأضاف: “صحف معادية من شأنها أن تحول دوافعنا للحصاد واستخدامها ضدنا”، خاف أعضاء الكيبوتس. “إنكارنا وتفسيراتنا لن تساعد كثيراً… سيتم التشهير بنا في الصحف”.
لم يكن الجميع متفقين بخوص النظرة الاستثنائية التي طرحها الكيبوتس تجاه الأملاك العربية. الرفيق موتي قال إنه حسب رأيه “يجب حصاد ما يمكن. هو لا يفهم مقاربة الانسحاب والسير إلى الخلف، والتي تتمثل حسب رأيه، في أقوال الرفاق الذين يعارضون الذهاب إلى الأرض والحصاد”، جاء في الصحيفة. “هكذا سنظل دائماً في المكان نفسه. ما الذي سنستفيد منه إذا بقينا نزيهين؟”، تساءل.
وكان الرفيق يوسي، أيّد أيضاً حصاد المحصول الذي تركه المزارعون العرب؛ “لغايات المساومة في حالة توزيع الأراضي إذا لم يتم إعادة القرى، وفي حالة إعادتها فسنكون أول من يوافق على التنازل عن الأراضي، الآخرون من شأنهم أن يحاربوا من أجلها”. الرفيقة شوشانا طرحت فكرة أصيلة، وهي أن نتبرع بأموال المحصول للاجئين.
كشف القضية أعضاء معهد الأبحاث “عكافوت”. وحسب أقوال باحث المعهد آدم راز: “لقد وصلنا إلى أرشيف الكيبوتس في إطار بحث يتعلق بحدث آخر، ووجدنا فيه أيضاً التوثيق الذي يتعلق بالمعضلات التي واجهها أعضاء الكيبوتس فيما يتعلق بطرد واستخدام أراضي القرى المدمرة”. حسب أقواله: “إن لجوء أكثر من ربع مليون فلسطيني وعربي سوري في الجولان، في حرب الأيام الستة، غير معروفة للجمهور اليهودي الإسرائيلي على الرغم من أنها تشكل جزءاً لا يتجزأ من نتائج الحرب”.
في نهاية المطاف، وفي التصويت، ليس سوى عضو واحد أيّد الذهاب إلى الأرض وحصاد محصول القرى العربية، أما الباقون فعارضوا ذلك. إلى جانب ذلك، صوت أعضاء الكيبوتس على قرار “القيام بنضال جماهيري جدي في موضوع هدم القرى”. الرفيق دان، رأى في الهدم “عملاً سياسياً وليس أمنياً”. الرفيقة شوشانا دعت “إلى إدخال أشخاص آخرين إلى الوحل معنا، حتى لا يسكتوا ويتجاهلوا ما حدث”.
القرار بحظر نشر المحضر من الصحيفة برره أعضاء الكيبوتس كالتالي: “المشكلة أن هنالك جهات ستفهم وتريد أن تفهم ذلك بصورة غير صحيحة، وكأننا نسيطر على هذه الأراضي. من جانب آخر، إذا قمنا بفلاحتها الآن، ربما سيتم توزيع الأراضي بين سكان المنطقة”.
طرد سكان القرى وثقه في وقته الحقيقي الجندي والمصور بانيا بن نون، الذي أرسل صوره إلى منافسة صور الحرب التي أجرتها “هآرتس” صيف 1967. الكاتب عاموس كنان، الذي شارك هو أيضاً كجندي في القتال في المنطقة، وصف ما يحدث في وقته الحقيقي: “في وقت الظهيرة، وصلت الجرافة الأولى. لقد دمرت بيوتاً على ما فيها من أغراض. بعد ذلك ظهرت مجموعة من اللاجئين الذين ظنوا خطأً أن بإمكانهم العودة. لقد ساروا أربعة أيام في الطرق – مسنين، وأمهات مع أطفالهن، وأولاداً. لقد قالوا إنه تم طردهم من كل مكان، وليس معهم طعام أو ماء”.
وقالت عضو الكيبوتس زئيف (زافن) بلوخ، في مذكراتها عن الطرد: ” أناس يحاولون أن يحملوا أغراضهم القليلة معهم، وأطفال يبكون، وبالغون ومسنيو يسيرون في صف طويل على مهل على طول الشارع… هذه المشاهد ذكرتني وذكرت العديدين من بين جنود الاحتياط في ذلك الوقت بأيام أخرى غير بعيدة، والتي شوهدت فيها عائلات يهودية بهذه الصورة تماماً وهي تسير في أوروبا المحتلة. كان من الصعب تجنب المقارنة، وانفطرت قلوبنا لدى رؤية هذه المشاهد.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى