ترجمات عبرية

هآرتس: بعد مرور 56 عامًا على حرب الأيام الستة أعيد مفتاح الحرم القدسي إلى صاحبه

هآرتس 17-5-2023، بقلم نير حسون: بعد مرور 56 عامًا على حرب الأيام الستة أعيد مفتاح الحرم القدسي إلى صاحبه

في 7 حزيران 1967 كان يئير براك (24 سنة) أحد المظليين الذين دخلوا باحات الحرم الأحد الماضي قبل أربعة أيام على إحياء “يوم توحيد القدس الـ 56”. يدخل الحرم للمرة الثانية منذ الحرب. ومثل الزوار اليهود الآخرين، دخل من باب المغاربة، لكنه خلافاً لهم، لم يتجول في منطقة الحرم ولم يصلّ. ذهب من الباب مباشرة بمرافقة موظف الأوقاف الإسلامية ومراسلين إلى مكتب الشيخ عزام الخطيب، المدير العام للأوقاف الإسلامية. في المكتب المصنوع من الخشب والذي علقت فيه صورة الملك حسين والملك عبد الله، جرى احتفال قصير أعاد فيه براك لعزام الخطيب مفتاحاً كبيراً كان يستخدم لإغلاق باب المغاربة، الذي هو غنيمة أخذها في يوم احتلال الحرم. الخطيب شكر براك على تسليمه المفتاح، وقال إن المفتاح عاد لأصحابه الشرعيين.

“في العام 1967 كنت في الكتيبة التي دخلت إلى شرقي القدس. مشيت في طريق الآلام، ودخلت إلى هنا ووصلت إلى باب المغاربة. رأيت هذا المفتاح معلقاً على الجهة اليسرى. أنزلته، في الواقع سرقته”، قال براك للشيخ عزام الخطيب والشيخ عمر الكسواني، مدير المسجد الأقصى. “تقدمت من الباب ووضعت المفتاح في الثقب وأدرته وأغلقت الباب، وفتحت “القفل”، فتحت الباب ونزلت إلى أسفل. بقي هذا المفتاح لدي حتى الآن. هممت بإعادته أكثر من مرة، لأنه ليس لي، بل للأوقاف. وقبل شهر قررت فعل ذلك”.

تم تغيير باب المغاربة بعد أن فحص براك القفل قبل 56 سنة، ومفتاح الحديد الكبير لم يعد بالإمكان استخدامه لإغلاقه. ولكن هناك أهمية رمزية كبيرة في صراع القوة الذي تطور حول هذا الباب بين الأوقاف الأردنية والفلسطينية منذ العام 1967. بالنسبة لبراك، فإن إعادة المفتاح ترمز إلى أن على إسرائيل إعادة كل ما أخذته في حرب الأيام الستة.

كان المفتاح واحداً من ثلاث غنائم أخذها براك (“سرقها” حسب تعبيره) في حرب الأيام الستة. الأشياء الأخرى هي بندقية كاربين لجندي أردني قتل في البلدة القديمة، ومنفضة سجائر لشركة الطيران الوطنية السورية التي وجدها في فندق بشرقي القدس.

حرب الأيام الستة بدأت بأيام مملة من الانتظار في قواعد تجمع لواء المظليين. “الجميع صرخوا بأنهم يريدون العودة إلى البيت”، قال. “في نهاية المطاف، احضرونا إلى بيارة مهملة قرب “جفعات برنر” وقالوا لنا بأن الحرب ستبدأ في صباح الغد، وعلينا الهبوط في مدينة العريش بسيناء. ربطوا لنا المظلات والمعدات. ولكن في هذه الأثناء فرقة إسرائيل “طال” وصلت إلى هناك، ولم يعودوا بحاجة إلينا. عندها قلنا بأن الأردنيين يطلقون النار على القدس وسنذهب إلى المدينة. سافرنا في كل الطرق المتعرجة، وأنزلونا في بيت هكيرم”.

في اليوم التالي، دخلت وحدة براك إلى المعارك في الشيخ جراح، وقتل اثنان من أصدقائه بنار القناصة الذين في الحي. وتم نقل الفصيل من هناك إلى جبل الزيتون.

“دخلت إلى فندق الإنتركونتننتال. وكما أذكر، كل الطاولات كانت معدة لتقديم وجبة. بدأت أنزل إلى أسفل (إلى البلدة القديمة)، وفجأة، وجدت نفسي وحدي ولم أعرف أين ذهبت حظيرتي. دخلت من باب الأسباط، لم أكن بين الأوائل. القناصة أطلقوا النار عليّ من أحد الأزقة. ولكن كما ترى، ما زلت على قيد الحياة هنا. توجهت نحو اليسار ودخلت إلى الحرم. شاهدت قبة الصخرة وأدركت ما أراه. بعد ذلك قرر الذهاب إلى حائط المبكى”، قال. “وصلت إلى الباب التالي، وتبين أنه باب المغاربة. هناك شاهدت المفتاح معلقاً. لم أعرف لماذا قررت أخذه. ذهبت إلى حائط المبكى، وفي غضون ربع ساعة وصل الحاخام غورن مع حاشيته”.

استمر براك في القول: “لم يكن لي أي ارتباط أو أي صلة بحجارة حائط المبكى. شاهدت الناس يدخلون أوراقاً إلى الداخل وسألتهم عن ذلك. أجابوني: هذه طلبات من الله. كان هذا غريباً عليّ، لأنه لم يكن من حياتي. فأنا عضو في كيبوتس”.

بعد ذلك بساعات، شارك في المعركة الأخيرة في البلدة القديمة عندما قاد قائد الكتيبة عوزي عيلام قوة من أجل تطهير سطح أحد المباني الذي كان يتمترس فوقه ستة جنود أردنيين وقاموا بقنص جنود الجيش الإسرائيلي. قُتل في هذه المعركة الجندي يهودا فايس. أخذ براك بندقية الكاربين من فوق جثة أحد الجنود الأردنيين. تم نقل فصيله من القدس إلى الشمال قبل المشاركة في المعارك في هضبة الجولان. ودفن الكاربين تحت شجرة أمام مدخل قرية الشجرة. كنت متفائلاً بالعودة سالماً من المعركة”، قال. ولكن الحرب انتهت قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى هضبة الجولان. أعيد الفصيل إلى القدس للمشاركة في احتفالات انتهاء الحرب. وهناك في أحد الفنادق، وجد منفضة السجائر. بعد أسبوع على انتهاء الحرب، عاد إلى قرية الشجرة وأخرج البندقية ونقلها إلى “الكيبوتس”. ومنذ ذلك الحين وهي برعاية رعاة الأبقار في “الكيبوتس”. أخذ معه المنفضة والمفتاح. بعد ذلك، تحطمت المنفضة ورماها وبقي المفتاح. “ذات مرة، عرضت المفتاح على عدد من المتطوعين وقلت إنه لباب قرب حائط المبكى [حائط البراق]. قال لي أحد المتطوعين بأنه سيجند جماعته وسيدفعون لي عشرة آلاف دولار مقابله. ولكني لم أوافق. بين حين وآخر عرضته على عدة أشخاص، لكن ليس أكثر من ذلك”.

بعد ست سنوات على الحرب تم تجنيد براك مرة أخرى لحرب يوم الغفران في هذه المرة. كان لواؤه في الجبهة هذه المرة، وكان هو أحد الجنود الذين اجتازوا قناة السويس في عملية العبور التي غيرت وجه الحرب. حتى قبل الحرب، ترك “الكيبوتس” وعمل في التعليم وثم محرراً صحافياً فرجل علاقات عامة. وفي السنوات الأخيرة، بدأ في التحقيق ونشر أبحاث عن اقتصاد إسرائيل. بقي المفتاح في بيته، وعرف عنه عدد من أبناء العائلة والأصدقاء.

في الوقت الذي كان فيه المفتاح موجوداً في منزل براك، تحول باب المغاربة إلى مكان رمزي للصراع على السيطرة على الحرم. المفتاح الذي أخذه براك لم يكن الوحيد للباب كما يبدو. ففي تلك الفترة، أخذ الجيش مفاتيح أخرى كانت تستخدم لأبواب الحرم، ومنها باب المغاربة. بعد عشرة أيام على الاحتلال، جاء وزير الدفاع موشيه ديان إلى الحرم والتقى مع رجال الأوقاف. في تلك الفترة، أملى ديان على إبقاء الوضع الراهن في الحرم. الحرم مكان عبادة للمسلمين ومكان زيارة لغير المسلمين. عادت الأوقاف الإسلامية لتسيطر على باحات الحرم. وحسب بحث للدكتور امنون رامون، من معهد القدس لأبحاث السياسات، في نهاية اللقاء، قام دافيد برحي، وهو أحد مساعدي ديان وأحد الأشخاص المهمين في تشكيل شبكة العلاقات بين إسرائيل والأوقاف في تلك الفترة، بإعادة مفاتيح بوابات الحرم للشاويش حسنين، رئيس الحراس في الأوقاف. ولكن تلك المفاتيح لم تبق لديهم فترة طويلة.

بعد بضعة أسابيع، عُقدت عدة جلسات للجنة الوزارية لشؤون القدس، وتركزت على الوضع الراهن. الوزراء ناقشوا، ضمن أمور أخرى، حق اليهود في زيارة المساجد وملابس الزوار. “كان يجب التأثير قليلاً على فتياتنا كي لا يذهبن إلى هناك بملابس “البنطالات”، لأنه يمس جداً بمشاعرهم “، قال الوزير مناحيم بيغن. “لا سيما عندما تكون الفتاة جميلة”، أضاف. وأول من تحدى الوضع الراهن هو الحاخام العسكري الأول شلومو غورن، الذي كان على قناعة بوجوب تقريب الخلاص عن طريق أفعال دراماتيكية في الحرم. قام غورن وأعضاء الحاخامية العسكرية باحتلال مبنى داخل الحرم قرب باب المغاربة، واستخدموا الباب للخروج من المبنى والدخول إليه. في آب 1967 صلى الحاخام غورن صلاة جماعية هناك بمناسبة التاسع من آب العبري. وخطط لصلاة أخرى بعد ثلاثة أيام من ذلك بمناسبة سبت برشات نحامو. نيته أقلقت الحكومة والوزراء. دافيد بن غوريون، رئيس الحكومة السابق، توجه لديان وقال له: “عمل الحاخام غورن الغريب، الذي يعتقد كما يبدو بأن الله يختبئ في مسجد عمر، وذهب للصلاة في مكان مقدس للمسلمين وإعطاء أعدائنا ذريعة أننا ندنس المقدسات. من يريد هذا التطاول؟”.

الأوقاف الإسلامية، التي قلقت أيضاً من الحاخام غورن، أغلقت بخطوة استباقية باب المغاربة بالمفتاح الذي كان لديها. أدرك موشيه ديان أن هذا الأمر سيحسم مصير الوضع الراهن الذي ولد للتو. وقد أمر رئيس الأركان إسحق رابين بإصدار أمر للحاخام غورن من أجل التراجع عن نيته وإخلاء المبنى. وأرسل مساعده برحي إلى مكاتب الأوقاف لأخذ المفتاح. المفاتيح، كما كتب الجنرال شلومو غازيت في كتابه “العصا والجزرة”، تم تسليمها “مع احتجاج”. “فتح الباب، ووضع بجانبه رجال من الشرطة العسكرية. بقي الباب منذ ذلك الحين مفتوحاً وبإشراف من الجيش الإسرائيلي”، كتب غازيت.

بعد ذلك، انتقلت السيطرة على الباب من الجيش إلى الشرطة، التي تضع على الباب قوة بشكل دائم. باب المغاربة أصبح الوحيد الذي يسمح بدخول غير المسلمين منه إلى باحات الحرم. في العام 2000 تم إغلاق الباب عقب زيارة اريئيل شارون المشهورة للحرم واندلاع الانتفاضة الثانية. بقي الباب مغلقاً ثلاث سنوات لم يدخل إلى الحرم في أثنائها أي زوار غير المسلمين. في العام 2003 فتحت إسرائيل الباب رغم أنف الأوقاف الإسلامية، ومنذ ذلك الحين، يستخدم كرمز لاحتلال إسرائيل للحرم في نظر المسلمين.

عندما تندلع بين حين وآخر مواجهات في المسجد الأقصى القبلي الذي يوجد قرب الباب، تقوم الشرطة بإعداد القوات على جسر باب المغاربة وتقتحم من خلاله من النقطة التي تعتبر رمزاً للتصعيد في الأحداث داخل القدس، التي تزيد احتمالات امتداد العنف إلى أماكن أخرى.

“في مرحلة معينة، بدأ هذا الأمر يضايقني لأنني أحتفظ بالمفتاح”، قال براك. “في الأساس، امتعضت مما يحدث في “يوم القدس”. وعندها قررت أن أعيده في السنة الخمسين، أي 2017. ولكن هذا لم يحدث، حاولت إيجاد طريقة لإعادته، ولم أجد. وصلت البندقية إلى هدفها، والمنفضة كسرت، ولم يبق سوى المفتاح. زوجتي تشهد على أنني قلت إنه يجب عليّ إعادته”.

في السنتين الأوليين بعد الحرب، ذهب براك إلى القدس للمشاركة في إحياء ذكرى قتلى الكتيبة. “جئت لأنني جزء من هذا الأمر. ولكن بعد مرتين توقفت عن القدوم، لأنني رأيت الاتجاه الذي يسيرون فيه. الأمر أصبح سياسياً”. قبل سنتين، شارك براك في احتجاج رجال الاحتياط من الكتيبة 71 ضد نية الجيش و”الكيرن كييمت” توسيع النصب التذكاري لتخليد ذكرى أصدقائهم الذين قتلوا. النصب التذكاري موجود في الشيخ جراح، أحد مراكز الاحتكاك في المدينة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. حسب الخطط، قد يصبح النصب التذكاري الصغير منشأة كبيرة تشمل مسرحاً فيه 300 مقعد لاستضافة احتفالات الذكرى. هذا رغم أن موقع التخليد الأساسي للمظليين في القدس غير بعيد من هنا، في تلة الذخيرة. “لا نحتاج إلى ذلك”، قال براك. “من يرد التذكر فليأت ويتذكر. نحن لا نحتاج أي مبنى ضخم كي نتذكر، تكفي ورقة على الطاولة. هذا مشروع سياسي، كما هو “يوم القدس”. لا يجب أكثر من الوقوف قرب نصب تذكاري صغير وتذكر الأصدقاء”.

فرصة إعادة المفتاح ظهرت قبل شهر ونصف، عندما اطلع براك على مقال نشر في “هآرتس” عن الوضع القائم في الحرم، وطلب المساعدة لإجراء اتصال مع رجال الأوقاف. وعندما سئل عما إذا كان فكر بإعادة المفتاح للجيش أو للشرطة، قال: “ليس بأي شكل من الأشكال. هذا ليس لهم. هذا مسروق”. وواصل بصوت عال: “هذا مسروق مثلما سرقت كل الضفة. كانت الحرب ضد الجيش الأردني، والفلسطينيون لم يكونوا طرفاً فيها، بل ضحيتها”.

“هذا يمثل عبادة أصنام”، قال براك عن أحداث “يوم القدس” و”مسيرة الأعلام”. “هذا بعيد عني. هذه ليست ثقافتي. هناك فجوة كبيرة بين السبب الذي وصلنا من أجله إلى هناك، وبين السبب الذي يتحدثون عنه. جئنا لإنقاذ الحياة ولم نأت لاحتلال أرض إسرائيل. ألبسوه هذا الموضوع بعد ذلك. لم نفكر قط بمفاهيم أرض إسرائيل الكاملة. آمل أن يكون هذا العمل الرمزي إشارة لإعادة المناطق إلى أصحابها. المناطق لا تعود لنا، والمفتاح كذلك”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى