هآرتس: بعد مرور سنة على الحرب، اسرائيل قدمت لحظة نادرة من العقلانية وضبط النفس

هآرتس 27/10/2024، جدعون ليفي: بعد مرور سنة على الحرب، اسرائيل قدمت لحظة نادرة من العقلانية وضبط النفس
هاكم الأنباء الجيدة، من اجل التغيير: اسرائيل تصرفت أمس بعقلانية وبضبط نفس يستحق الثناء. قرار الاكتفاء بهجوم محسوب في ايران، قليل الضحايا وفارغ من الغطرسة، هو القرار العقلاني الاول لاسرائيل خلال السنة الماضية. يجب الثناء على متخذي هذا القرار في الحكومة وفي الجيش، ايضا هذا أمر نادر جدا. عندما سينتهي السبت، هذه الاقوال كتبت قبل ذلك، سيخرج اليمين المتطرف بغضب شديد ضد القرار. الامنيون فعلوا ذلك أمس في الاستوديوهات، تعطشهم للدماء لم يجد له متنفس كامل، هذا دليل آخر على حكمة القرار.
اذا كان أحد ما زال يحتاج الى دليل على أن الحكمة اللحظية نزلت على اسرائيل فيمكن كالعادة الاعتماد على رئيس المعارضة، يئير لبيد. فقد سارع الى الوقوف بشكل غبي ضد القرار. هو أراد المزيد من الدماء. “قرار عدم مهاجمة اهداف استراتيجية واقتصادية في ايران كان قرارا خاطئا”، قال رجل الاستراتيجية وهو يتجاوز ليس للمرة الاولى بنيامين نتنياهو من اليمين. عندما يصل الامر الى تأجيج الحرب، مرة اخرى اثبت لبيد أنه لا يوجد أي فرق بينه وبين اليمين المتطرف، وأنه لا توجد أي معارضة للحرب في اسرائيل. لذلك، لا توجد حاجة اليه، لأنه يوجد لدينا ايتمار بن غفير.
اذا لم تقم اسرائيل بتخريب هذا القرار، واذا اظهرت ايران ضبط نفس مشابه، نكون وفرنا أمس على انفسنا كارثة اخرى، ربما اصعب من أي كارثة سابقة. حرب بين اسرائيل وايران لم تندلع. حتى الادارة الامريكية العاجزة نجحت، للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب، في التأثير على مجرى الحرب. بعد مرور سنة وفرت فيها الولايات المتحدة كل رغبات واحتياجات اسرائيل دون ربط ذلك بأي شيء؛ سنة لم تستجب فيها اسرائيل حتى لأي واحدة من نصائح وتحذيرات وتوسل الدولة العظمى.
خلافا لجميع الاحتمالات والسابقات فان نتنياهو استمع للرئيس الامريكي. جو بايدن كان يفضل عدم مهاجمة اسرائيل على الاطلاق، بالتأكيد ليس عشية الانتخابات. ولكن هجوم محدود الادارة الامريكية يمكنها التعايش معه، وربما ايضا بفضله تم منع كارثة.
كل ذلك يبدو جيد جدا الى درجة يصعب تصديقها. ربما أنه الى أن ترى هذه السطور النور ستنقلب الصورة. أنا أتذكر حادثة واحدة فيها نتنياهو كان جديرا بالثناء لأنه وافق بحكمة على خطة الامم المتحدة لحل مشكلة طالبي اللجوء – عندما جاء الصباح انقلب القرار بضغط من العنصريين وكارثي الاجانب في معسكره. يجب الأمل بأنه في هذه المرة سيتمسك بالانضباط رغم الانتقادات.
يمكن التساؤل حول هدف الهجوم أمس، باستثناء التوق الى ارضاء، لو بشكل جزئي، طالبي الثأر بسبب هجوم ايران. كان يمكن العيش بسهولة ايضا بدون الهجوم، لكن عندما يكون الضرر الذي لحق باسرائيل صغير جدا فمن الافضل عدم سؤال ذلك. اسرائيل اظهرت لايران ما عرفته ايران منذ فترة طويلة، وهو أنه لاسرائيل تفوق عسكري مطلق في المنطقة، وأن الكرة الآن في ملعب ايران. اذا انتصر هناك ايضا صوت المنطق فعندها سنكون قد نجونا من الكارثة، على الاقل حتى الآن.
هناك أمر لم يتم حله أمس. الحرب في غزة وفي لبنان تستمر بكامل القوة، بدون أي دليل على خفوتها. ايران ما زالت حتى الآن عدو صعب، ووكلاءها ايضا. الحل لذلك لن يكون في أي يوم عسكريا. الدماء يستمر سفكها في كل الاطراف بدون أي جدوى، ومعه المعاناة والرعب الذي لا يوصف للمخطوفين وابناء عائلاتهم، والمخلين في اسرائيل ومعهم 3 ملايين شخص في غزة وفي لبنان، الذين يتيهون هنا وهناك بدون حاضر أو مستقبل. نهاية المعاناة في غزة حتى لا تلوح في الأفق. لا يوجد فيها أي يوم بدون عشرات القتلى وجرائم حرب ترتكبها اسرائيل، والمزيد من الاطفال القتلى والمعاقين والايتام والمذعورين.
لكن من بين كل هذا اليأس ظهرت أمس ومضة ضئيلة من الأمل. اسرائيل تصرفت بمنطقية وبضبط للنفس. صحيح أنه يمكن الثقة بأنها ستعود الى سابق عهدها، لكن في هذه الايام حتى بصيص ضئيل من الأمل هو حدث مهم تقريبا.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook