ترجمات عبرية

هآرتس: بعد تصاعد العمليات في الضفة الجيش الإسرائيلي يوجه رسالة إلى الحكومة المقبلة

هآرتس28-11-2022، بقلم عاموس هرئيل: بعد تصاعد العمليات في الضفة الجيش الإسرائيلي يوجه رسالة إلى الحكومة المقبلة 

في ظل الاضطرابات السياسية التي أحاطت بتشكيل الائتلاف، اختار الجيش الإسرائيلي أمس أن يرسل رسالة للحكومة القادمة. تقدير الموقف المقتبس في هذه الأثناء بتوسع في وسائل الإعلام، يقول بأن الوضع في الضفة الغربية يحتدم. فقد ضعفت سيطرة السلطة الفلسطينية على الأرض، ويتم الشعور بميل ثابت من التصاعد في حجم العمليات الإرهابية، منذ بدأت الموجة الحالية في آذار الماضي. القيادة العليا غير متفائلة، وهناك خوف من تصعيد آخر. وبناء على ذلك، فالرسالة هي: يجب الحذر، الوضع حساس. وما قيل بالإشارة في وسائل الإعلام، بالتأكيد سيقال بشكل واضح أكثر في غرف الاجتماعات بعد أداء الحكومة لليمين.

هذه صورة معروفة جيداً لدى رئيس الأركان افيف كوخافي، ولوريثه هرتسي هليفي، الذي سيتولى منصبه بعد شهر ونصف تقريباً. حجم العمليات هو الأعلى منذ موجة عمليات الطعن والدهس في شتاء 2015 – 2016، وعدد القتلى في هذه السنة، لا سيما في الطرف الفلسطيني، يحطم رقماً قياسياً منذ نحو عقد. السلطة الفلسطينية تجد صعوبة في السيطرة، لا سيما في شمال الضفة، وقيادتها تعد نفسها للمعركة على وراثة الزعيم العجوز محمود عباس. التنسيق الأمني مع إسرائيل ما زال يعمل بشكل جيد، لا سيما في الأماكن التي فيها للسلطة مصلحة مس بنشاطات أعدائها من الداخل، حماس والجهاد الإسلامي. في المقابل، يتم الشعور بزيادة أعمال الإرهاب والعنف لليهود في الضفة. لا يدور الحديث فقط عن عمليات “جباية الثمن”، التي تم فيها إحراق وتخريب ممتلكات فلسطينية بعد عملية دموية، بل أيضاً يخرج من داخل حدود الخط الأخضر سكان من مستوطنات قديمة من أجل رشق الحجارة على السيارات الفلسطينية في شوارع الضفة.

كل ذلك يخلق واقعاً حساساً، يندمج مع الخطوات السياسية التي ترفع في إسرائيل حكومة ستعطى فيها للمرة الأولى مكانة قوية لأحزاب اليمين المتطرف. رغم عملية العبوة الصعبة داخل القدس في الأسبوع الماضي، التي قُتل فيها إسرائيليان، فإن الخوف الفوري في الجيش ليس من العمليات الانتحارية، بل الخطر أن ما حدث في السابق بمساعدة الحجارة أو موجة السكاكين في 2015 ينتقل الآن إلى استخدام كثيف للسلاح الناري. السلطات الإسرائيلية، بما في ذلك الجيش، غفت طوال سنوات إزاء موجة تهريب السلاح الذي وصل جزء كبير منه من الأردن. وسهولة الحصول على البنادق والمسدسات تملي نتائج قاتلة في الضفة وحتى في القرى العربية في إسرائيل أيضاً.

شبه الانتفاضة الحالية، التي لا أحد يسميها باسمها حتى الآن، تظهر وكأنها موجودة هنا لتبقى. لا يجب أن تتطور إلى حجم موجة العمليات الانتحارية، بل يكفي أن سيستمر الإرهاب بالوتيرة الحالية من أجل أن يبقي في الضفة وفي خط التماس جزءاً كبيراً من القوات النظامية للجيش الإسرائيلي، والمس بالتدريبات واستعدادات الحرب بشكل شديد. حدث هذا في وقت سابق في هذه السنة، إضافة إلى استدعاء غير مخطط له لعشرات كتائب الاحتياط للخدمة.

يتوقع أن تنتقل معظم كتائب الاحتياط في التشكيلة القتالية في السنة القادمة إلى الضفة الغربية، خلافاً لنوايا معلنة لهيئة الأركان تخفيف العبء الأمني المستمر على رجال الاحتياط، وهذا واقع ستكون له آثار معنوية واجتماعية واقتصادية. المواجهة المستمرة تستنزف وتسلب الاهتمام والموارد من الجيش كما حدث في الانتفاضة الأولى، وستبرز الخلافات السياسية والأيديولوجية إلى السطح. كل هذه الأمور، إلى جانب خطر تفكك السلطة الفلسطينية وتطور الفوضى في الضفة، تحتاج إلى إدارة حساسة ودقيقة وحذرة في استخدام القوة، وهذا ما كان يريده الجيش. ثمة شك بأن هذا هو ما كان سيحصل عليه ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من أصدقائهما.

فضيحة

أعطيت إشارات أولية على ما سيأتي فيما بعد بأحداث نهاية الأسبوع الماضي في الخليل. جندي من “جفعاتي” تم توثيقه وهو يضرب ناشطاً من اليسار بشكل مبرح. صديقه يشرح للكاميرا بأن سيكون هذا هو الواقع الجديد الآن عندما يتسلم بن غفير الحكم. “أنا من أقرر القانون هنا”، قال. رد الجيش بتوقيف الجنديين، وهذه عقوبة ضبابية بدرجة معينة لمن لا يشغلون وظائف قيادية. أرسل رئيس الأركان، أفيف كوخافي، رسالة مفصلة للجنود، وقال فيها كل الأمور الصحيحة التي يجب أن تقال في مثل هذه الظروف. نأسف بأنها لم تنشر قبل فترة طويلة، بعد أحداث مشابهة، التي تم فيها ضرب نشطاء من اليسار وفلسطينيين.

بخصوص رئيس الأركان، من المثير إذا يكون الآن نادماً على إدخاله رأسه في هذا المرجل الساخن. بنيامين نتنياهو، الذي ستعود هذه الفضيحة إلى إدارته بعد فترة قصيرة، تجنب بشكل غير مفاجئ أي تطرق للأفلام القادمة من الخليل. نجله العزيز في المقابل، عاد وهاجم كوخافي للمرة الثانية خلال بضعة أيام. بطريقته المعروفة، التي سبق وكلفته دعاوى تشهير رفعت ضده، فإن يئير نتنياهو غرد مجدداً داعياً فيها كوخافي إلى أن يدس “الرسالة المخزية والقيم الرسمية المحطمة عميقاً في مؤخرته”. وزير الدفاع المكلف، يوآف غالنت، الذي بتجمع مدهش للظروف وبتحول فجائي إلى أمل كبير لمن يدعون إلى الاستقرار في الجيش، يحافظ على الصمت. ليس هذا هو الوقت المناسب للتعثر بتصريح رسمي زائد وتعريض تعيينه المأمول للخطر.

هيئة الأركان العامة تدعو، كما قلنا، إلى الحذر. الجنود، الذين ثلثهم تقريبا صوتوا في الانتخابات الأخيرة لأحزاب اليمين المتطرفة و”شاس” الأصولي، أصبحوا الآن يحللون هم أنفسهم الواقع الجديد على الأرض. إحساسهم، وأحاسيس جزء كبير من الجمهور، هي اليوم مع جنود “جفعاتي” المتورطين، بالضبط مثلما مع اليئور ازاريا في 2016، أو مع الذي اشتهر بأنه “دافيد من الناحل”، قبله بسنتين (هي أحداث حدثت في مساحة بضعة كيلومترات في قلب الخليل).

من ذلك كله، ما الذي يفهمه القادة في المستويات المتوسطة في الضفة الذين هم في رتب بين قائد فصيل وقائد فرقة؟ حاول كوخافي، بصورة جديرة بالتقدير، إغلاق أبواب الإسطبل في نهاية الأسبوع. وعليه الآن أن يعيد العد من أجل التأكد من عدد الخيول التي بقيت في الإسطبل. إدارة التوتر اليومي في “المناطق” [الضفة الغربية] سترافق نهاية ولايته، وبصورة أشد بداية ولاية وريثه، هرتسي هليفي.

اليسار سيصوت بالأرجل

ستكون للواقع السياسي الذي يلوح في الأفق تداعيات أيضاً على طبيعة التجند في الجيش الإسرائيلي، خصوصاً إذا نجحت النية الحريدية في إلغاء خطط للتجنيد الجزئي لطلاب المدارس الدينية بشكل نهائي، وإذا ظهرت في الكابنت الجديد مجموعة كبيرة من الوزراء الذين لم يخدموا في الجيش قط، أو اكتفوا بخدمة مريحة وقصيرة، لهم ولأبناء عائلاتهم. بعد نتائج الانتخابات على الفور انتشرت في المعسكر المناوئ لنتنياهو ردود تدعو إلى الهجرة من البلاد. هذا رد متطرف يحتاج إلى تغيير كامل في الحياة، وهذا بالنسبة للأغلبية الساحقة من الأشخاص هو أمر غير قابل للتطبيق.

في المقابل، تشجيع الابن الجندي في هذه السنة على اختيار مسار عسكري قليل الخطر، بالأساس إذا استمر التوتر في “المناطق”، يظهر كسيناريو واقعي أكثر بكثير. توقفتُ كلياً عن إحصاء عدد الأشخاص الذين سمعت منهم مثل هذه الأقوال منذ الانتخابات. كانوا في معظمهم من خريجي الخدمة القتالية الكاملة، وكانت لهم أحياناً خدمة ممتازة.

هذه ليست ظواهر جديدة بالطبع، فاليسار بدأ يصوت بالأرجل ويقلص خدمته الفعلية القتالية العادية منذ الثمانينيات، حول الخلافات على حرب لبنان الأولى والانتفاضة الأولى. واشتدت هذه التوجهات في نهاية الانتفاضة الثانية، في منتصف العقد الأول لسنوات الألفين. كان جزء كبير منها مرتبطاً باعتبارات اجتماعية – اقتصادية (مثل الأفضليات التي سيحصل عليها من الخدمة في الوحدة 8200 في الحياة المدنية) وليس في السياسة. هذه التوجهات الآن يمكن أن تعود بشكل أقوى وستلتقي مع قيادة عملياتية على مستوى قادة الكتائب والألوية، الذين جاء عدد كبير منهم (الثلث على الأقل) من “الصهيونية الدينية”.

ما زالت هناك عوامل جذب تعمل بالاتجاه المعاكس أيضاً، لتي تشجع على الخدمة القتالية، مثل المدارس التمهيدية قبل الخدمة العسكرية، وسنة الخدمة لخريجي حركات الشبيبة، والحماسة الطبيعية لأبناء 18 لوحدات خدمة فيها بعدٌ من النشاطات والمخاطرة وحتى المغامرة. ولكن اتجاه الأمور على المدى البعيد، واضح، ويجدر بقيادة الجيش أن تكون على علم بذلك.

في الوقت نفسه، يتوقع حدوث عملية أخرى، من احتكاك متزايد بين قوائم الائتلاف الجديدة والقيادة الأمنية في الجيش والشرطة و”الشاباك”، بصورة تذكر بما يمكن أن يحدث كما يبدو حتى قبل ذلك في المحاكم وفي النيابة العامة. قد يحدث هذا أسرع مما هو متوقع؛ فقد يضطر موظفون أو ضباط أو شخصيات رفيعة إلى أن تسأل نفسها عن حدود الامتثال لتعليمات الحكومة المنتخبة بصورة قانونية وإلى أي درجة يوافقون على الامتثال لها. في هذه العملية، مثلما في أي دولة أخرى مرت بذلك، سيكون هناك أشخاص سيصدمون ويمتثلون، وسيكون هناك من سيعيدون اكتشاف عمودهم الفقري. جميعهم لن يبقوا في مناصبهم لسنتين أخريين.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى