ترجمات عبرية

هآرتس: بعد استهدافهم في الانتخابات، يخشى اللاجئون السوريون مصيرهم في تركيا

هآرتس ٢٩-٥-٢٠٢٣، بقلم هاجر شيزاف: بعد استهدافهم في الانتخابات، يخشى اللاجئون السوريون مصيرهم في تركيا

في دكان في السوق السورية في حي الفاتح في إسطنبول وقف صالح، وهو سوري عمره 28 سنة، وقد وشم على ذراعه تاريخ 23/8/2013، وهو التاريخ الأخير الذي رأى فيه عائلته قبل نحو عشر سنوات. كان هذا بعد يومين على هجوم السلاح الكيميائي الذي نفذه الجيش السوري في منطقة الغوطة. قوات الأمم المتحدة أخلته من هناك إلى منطقة على الحدود مع تركيا، ومن هناك اجتاز الحدود بمساعدة أحد المهربين.

“أفكر الآن إلى أين سأذهب؛ إلى ليبيا، مصر، السودان، هذه هي الخيارات أمامي”، قال بحزن في المحادثة التي جرت في الدكان في إسطنبول. وحسب قوله، ربما خرج السودان من الصورة عند اندلاع الحرب هناك في الشهر الماضي. “الكراهية تجاه السوريين في تركيا قبل الانتخابات كانت أمراً لم أشهده من قبل. في السنوات الخمس التي كنت فيها هنا لم أشعر بهذا الشعور”، قال بيأس. “قبل الانتخابات، قام الزبائن الذين دخلوا إلى الدكان بشتمنا واكتشفوا أنه سوري. قالوا لي بأنهم يكرهوننا. تعلمت لغتهم وعرفت مجتمعهم، والآن هذا ما يحدث”.

صالح (وهو اسم مستعار) واحد من بين الـ 3.6 مليون لاجئ سوري الذين يعيشون في تركيا، هذا حسب معطيات رسمية للحكومة في أنقرة. الانتخابات أول أمس أظهرت صورة لأشد المشاعر المناوئة للسوريين في تركيا، التي أصبحت تزداد، بالأساس حول حملة مرشح المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، الذي وعد بطرد اللاجئين إذا تم انتخابه، وحتى إنه وضع في المدينة لافتات كتب عليها هذا الوعد الانتخابي.

“نحن عالقون في الوسط. هو أيضاً يريد طردنا، واردوغان أيضاً”، قال صالح. وحسب قوله، فإنه عقب حملة كليتشدار أوغلو شعر بأن الرئيس رجب طيب أردوغان أيضاً قد انجر إلى هذا الخطاب المناوئ لسوريا. “كان تحت الضغط في هذه المسألة. ربما تهدأ الأمور الآن”، عبر عن أمله. عندما وصل إلى تركيا قبل عشر سنوات، كان وزنه 40 كغم، بعد أن تعرض للتعذيب في سجن لنظام الأسد. هو يتصفح الصور التي ما زالت في هاتفه المحمول، التي تظهر آثار التعذيب على جسده. بعد وصوله إلى تركيا، باعت العائلة البيت بمبلغ 2000 دولار كي تدفع للمهرب الذي هرّب شقيقه. والدته وشقيقته وأولادها ما زالوا يعيشون في ضواحي دمشق، وهو يرسل لهم الأموال كل شهر. “إذا حدث لي أي شيء فسيموتون جوعاً”، قال.

تركيا هي الدولة التي يعد فيها اللاجئون السوريون المجموعة الأكثر. تضاءلت مكانتهم في الدولة خلال السنين. بشكل عام، كل سوري يريد اللجوء إلى تركيا تعطى له إقامة مؤقتة تقيده بالمكوث في المحافظة التي سجل فيها. ولتتنقل بين المحافظات التي فيها اللاجئون حسب القانون، مطلوب منك الحصول على تصريح خاص. في شباط 2022 أعلنت وزارة الخارجية في تركيا بأنها ستوقف استقبال اللاجئين في 16 محافظة، منها إسطنبول وأنقرة وأزمير. مطلوب من اللاجئين السوريين التسجيل في الحي السكني الذي يعيشون فيه، وفي الشهر الماضي أبلغتهم السلطات بأن النسبة الأقصى للأجانب في كل حي ستكون 20 في المئة.

في الاستطلاع الذي نشرته وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في 2021 أشير إلى توقع “انخفاض واضح” في استقبال اللاجئين في المجتمع التركي. ووجد أيضاً بأن نحو 60 في المئة من المستطلعين اعتبروا اللاجئين السوريين إحدى المشكلات الأكثر أهمية في تركيا. هذه المشاعر واضحة في أوساط الأغلبية الساحقة للأتراك الذين أجريت معه مقابلات مؤخراً. في يوم الانتخابات، الأحد الماضي، وخارج الصناديق في حي الفاتح، لم توافق جيران (24 سنة) على ذكر اسم الشخص الذي تنوي التصويت له.

عندما سئلت عن القضية التي تقلقها أكثر من الانتخابات، قالت: “خفض عدد اللاجئين، لا سيما هنا. هنا عدد أقل من الأتراك مقارنة باللاجئين. عندما تكونين في الخارج وترين أن عدد اللاجئين أكبر من عدد أبناء شعبك، تشعرين بأمان أقل”. والمستطلعون الذين عبروا عن رأي معتدل أكثر قالوا بأنهم يعتقدون أنه يجب تغيير السياسة القائمة. كثيرون منهم أشاروا إلى أن “هناك عدم ملاءمة في الثقافة بين الأتراك والسوريين”.

“لو فاز كليتشدار أوغلو لحزمت أغراضي ورحلت من هنا”، قال إياد (26 سنة)، وهو صاحب محل للنارجيل في الحي. “هذا أفضل من أن تكون تحت رحمة أحد”. وصل إياد إلى تركيا قبل عشر سنوات تقريباً، لكن في السنة والنصف الأخيرين استصدر وثائق رسمية. وقد اضطر إلى التسجيل في محافظة مرسين في جنوب تركيا لأن السلطات لم تسمح له بالتسجيل في إسطنبول. قبل ثلاثة أشهر، أوقفه أحد رجال الشرطة في الشارع وطلب منه إبراز وثائقه. وعندما اكتشف أنه في إسطنبول بدون تصريح مكوث تم اعتقاله ليومين، وبعد ذلك تم نقله إلى مرسين. “حتى قبل تمكن رجال الشرطة من العودة إلى إسطنبول كنت أسافر في الحافلة في طريق العودة إلى هنا”، قال وضحك.

حسب أقوال إياد، فإن الأمور بالنسبة بدأت تتدهور في إسطنبول في 2019 إزاء اللاجئين عندما تم انتخاب أكرم إمام أوغلو، رجل المعارضة، رئيساً لبلدية إسطنبول. منذ إطلاقه لحملته كانت تفوح رائحة ضد اللاجئين. “ليس فقط في إسطنبول، في تركيا أيضاً مناطق يعد فيها اللاجئون أكثر من السكان. لا توجد دولة في العالم توافق على ذلك. ولا يجب عليها الموافقة على ذلك”، قال إمام أوغلو في مقابلة قبل انتخابه. يعتقد إياد أن الشرطة في إسطنبول شددت منذ ذلك الحين الوسائل التي تتبعها ضد اللاجئين السوريين وبدأت في مضايقتهم لفترات متقاربة أكثر.

مؤخراً أضيفت أيضاً صدمة أخرى إلى قائمة الصدمات الجماعية للاجئين السوريين. عرض إياد في هاتفه فيلماً يظهر شهادة للاجئ سوري وهو يتحدث عن تعذيبه على يد قوات حرس الحدود في بلاده عندما حاول اجتياز الحدود بشكل غير منظم. حسب جمعية “هيومن رايتس ووتش” فإن رجال الشرطة ضربوا وعذبوا ثمانية سوريين وتسببوا بموت شاب وطفل. بعد يومين على ذلك، أطلقت قوات حرس الحدود التركية النار وقتلت سورياً عمره 59 سنة.

في حملته الانتخابية، قال كليتشدار أوغلو بأن هناك 10 ملايين لاجئ يعيشون في تركيا. وعقب أقواله أصدرت سلطة الهجرة في تركيا في الأسبوع الماضي إعلاناً أوضحت فيه بأن العدد الرسمي لـ “الأجانب” في الدولة (من بينهم أبناء شعوب أخرى غير السوريين) هو 4.9 مليون. في ذاك اليوم، أعلن اردوغان بأن تركيا تنشئ بنية تحتية من للسماح للسوريين بالعودة إلى بلادهم طواعية. وأضاف بأنهم بدأوا في بناء بيوت في شمال سوريا يمكن أن تخدم مليون لاجئ. وحسب الموقع المؤيد لاردوغان “ديلي صباح”، فإن نحو 554 ألف لاجئ سوري عادوا إلى سوريا.

ياسر (28 سنة)، وهو من دمشق وتزوج تركية وأنجب ولداً، يعتقد أن الأتراك لا يريدون وبحق مغادرة السوريين. وقال: “هم يكسبون من وجودنا هنا. قبل عشر سنوات، كانت المنطقة كلها مهملة هنا، والآن تضاعفت أجرة المحل المستأجر بثلاثة أضعاف”. رغم زواجه، لم يقدم طلباً للحصول على الجنسية التركية رغم أن ابنه حصل على الجنسية. “هم بحاجة إلينا. نعمل ونبيع ونشتري”. قال.

في المقابل، أحمد، الذي يعمل في محل لبيع الراحة، أقل تفاؤلاً. “جئت إلى هنا لأنني لو بقيت في سوريا لكان أمامي خياران، إما حمل السلاح في خدمة الأسد أو في خدمة المتمردين”، قال. وحسب قوله، فإن عائلته حتى الآن التي تعيش في دمشق تعاني نقصاً كبيراً في الكهرباء والمياه. وهو أيضاً مثل جميع اللاجئين الذين تحدثنا معهم، قال بأنه يرسل الأموال لعائلته كل شهر. “أمس، بعد الانتخابات، تلقى صديق لي مكالمة من صاحب الشقة، وقال بأنه سيرفع أجرة الشقة بأربعة آلاف ليرة لأن اردوغان انتخب، وهو يأمل باختفاء اللاجئين السوريين من هنا”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى