ترجمات عبرية

هآرتس: بدون خطة اسرائيلية حماس ستعود لتحكم في غزة

 هآرتس – تسفي برئيل – 2/7/2023 بدون خطة اسرائيلية حماس ستعود لتحكم في غزة

“البشرى” والتي تقول أنه قريباً جدا سينتقل الجيش الاسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من الحرب، والتي فيها ستنسحب معظم قواته من القطاع ونشاطاته ضد حماس ستنفذ بطريقة الاقتحامات، بالتأكيد تقلق جداً سكان القطاع ومنظمات الإغاثة والولايات المتحدة. “توقعوا سيناريو في غرة واقع يشبه ما كان في العرق عندما كانت تحت سيطرة القوات المتحدة” قال لـ “هآرتس” دبلوماسي أوروبي يعرف عن قرب نشاطات منظمات الإغاثة في القطاع، “بالأحرى عندما لن يكون في غزة المزيد من القوات سوى قوات حماس التي ستشرف على الأمن الداخلي، وعلى النظام العام وعلى ثروات المواطنين” أضاف.

أمثلة على ذلك كثيرة. في شهر نيسان مثلاً سرق من بنك فلسطين حوالي 120 مليون دولار والتي كانت مودعة في خزائن فولاذية في فروع البنك في حي الرمال. السارقون عملوا مثلما في فيلم جريمة مبتذل. تفجير قوي ادى إلى حريق في الفرع الرئيسي، مئات الأوراق النقدية من الدولارات والشواكل طارت في الهواء، وفوراً بعد ذلك دخل عشرات المسلحين إلى مبنى البنك وجمعوا الملايين التي كانت مودعة فيه، هذا لم يكن هو عملية السطو الوحيدة في هذا الشهر، عملية سطو أخرى حققت للمقتحمين حوالي 36 مليون دولار اخرى.

وثيقة داخلية وصلت لأيدي الـ “فايننشل تايمز”، تحدثت عن ان حوالي 7 مليون دولار سرقت أيضاً من الصرافات الآلية بأيدي سارقين مسلحين دخلوا إلى داخل مبنى البنك واقتلعوا الصرافات الآلية وأفرغوها مما في داخليا. من قيادة البنك وهو البنك الأكبر في القطاع سارعوا لتهجئة الناس وقالوا أن البنك لن ينهار بسبب هذا السطو، وأنه في فروعه في الضفة هنالك عدة مليارات من الدولارات مودعة هناك، ولكن سكان غزة لم يهدئهم هذا البيان، لأنه حتى من كان يمكنه أن يصل للصرافات الآلية المنفردة التي تبقت في القطاع -حسب التقدير يوجد الآن فقط 7 صرافات آلية عاملة في غزة -يجد أن الصفوف الطويلة والاكتظاظ حول فروع البنوك حولت عملية سحب الأموال الأمر غير ممكن. 

مواطنون قالوا بأنهم اضطروا لرشوة مسلحين فقط من أجل أن يستطيعوا الحصول على مكان في الدور للصراف الآلي أو أن يحظوا على حراسة بعد أن نجحوا في سحب المال. كمية الأوراق النقدية آخذة في النفاد، وليس فقط بسبب عملية السطو، اسرائيل لا تسمح بإدخال شواكل إلى القطاع خوفاً من انتقالها لأيدي حماس؛ الصرافون في الواقع يحتفظون بدولارات وبدنانير أردنية، ولكنهم يجدون عمولات ضخمة عن كل عملية ويقومون بعمليات خصم تبلغ 20-30 في المئة من الراتب الذي يدفعونه لموظفينهم نقداً، وهؤلاء يعتبرون محظوظين لأنهم يتلقون راتبا ما.

النقص في الأموال النقدية، والصعوبة الكبيرة في تنفيذ تحويلات بنكية بين فروع البنوك في الضفة إلى القطاع، هي فقط جزء من المشكلة الاقتصادية الضخمة في قطاع غزة. والتنيجة هي أنه في الشهور الاخيرة بدأ بالازدهار اقتصاد موازي، والذي فيه عصابات إجرامية محلية (وليس فقط رجال حمال) تدير الأسواق وتجبي رسوم حماية وتسيطر على مخازن تخزين الأغذية وعلى باقي المنتجات، “تنظم” كميات الطعام التي ستباع وتحدد الأسعار. وكل هذا بتهديد السلاح الموجود بوفرة.

في الشبكات الاجتماعية يتحدث المواطنون عن حروب بين العصابات على السيطرة على الأحياء وعلى الشوارع، إضافة إلى العنف الشديدة وأيضاً أعما القتل بسبب كيس دقيق أو رزمة مساعدة، نجح أحد الأشخاص بالحصول عليها وحاول نقلها إلى بيته أو خيمته، هذه حرب حقيقية، وتشارك فيها عصابات مناطقية والتي كانت موجودة حتى قبل الحرب. لقد انضم اليها مئات السجناء الجنائيين التي أطلقت حماس سراحهم مع بداية الحرب خوفاً أن تقوم حماس بقصف السجون. هذه الظاهرة معروفة جيداً لكل من تابع التطورات في العراق، فوراً بعد أن احتلتها قوات الائتلاف في 2003. قبل وقت قصير من الحرب أطلق صدام سراح حوالي 30 الف سجين جنائي وأمني وهؤلاء أسسوا عصابات شوارع، والجيش الأمريكي لم ينجح بالسيطرة عليها. 

بعد وقت قصير من ذلك ظهرت أيضاً العبوات الجانبية وإطلاق النار من كمائن وتفجير سيارات ملغمة ومباني عامة، وهجما كبيرة ضد الجيش الأمريكي، في غزة ظهرت العلامات القاتلة “للواقع العراقي” بصيغة من شأنها أن تكون أكثر عنفاً.

في غزة مفهوم “مساعدة إنسانية” هو موضوع مضلل، كميات ضخمة من السلع التي وصلت من الخارج، حسب التقديرات حوالي 6 آلاف طن موضوعة في مخازن منذ 9 حزيران ولا توزع نظراً لأنه لا يوجد أي تنظيم أو جسم متفق عليه مستعد لتوزيعها، وذلك خوفاً على حياة رجاله. برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي من شأن أعضائه أن يشغلوا خطوط التوزيع للشحنات التي تأتي عبر الرصيف المؤقت الذي بناه الأمريكان، أعلن أنه “يوقف مؤقتاً” التوزيع بعد أن أصيب بالضرر مخزنان له من الصواريخ. منذ يوم الأربعاء الماضي يحاول ممثلون اسرائيليون وأمريكيون والذين يديرون معاً “سلطة إدارة القوافل” – وهو جسم أقيم بشكل خاص من أجل فحص سبل آمنة لتوزيع المساعدة الانسانية، والذي يقع في قاعدة عسكرية بالقرب من أشكلون، إيجاد حل ما يمكن على الأقل توزيع الطعام والأدوية.

حتى شهر آذار عملت في غزة “لجان شعبية” من متطوعين مسلحين رافقوا القوافل، وحاولوا حماية مراكز التوزيع، ولكن بعد أن قتلوا حوالي 70 من رجالها أعلنت عن وقف عمليات المرافقة والحراسة. إحدى سكان غزة والتي هربت من شمال القطاع إلى رفح، ومن هناك انتقلت إلى منطقة المواصي، قالت لشبكة “الجزيرة” أن “بقاءنا مرهون الآن بالمساعدة المتبادلة ما بين السكان”، ولكن أيضاً للمساعدة المتبادلة هذه، يوجد حدود، السكان يتحدثون عن نزاعات عنيفة تندلع بسبب خلافات حول مكان الخيمة أو بسبب سلوك غير منضبط للأطفال، وأحياناً بسبب الحسد، نظراً لأن أحدهم نجح في الحصول على رزمة طعام” كما يقول أحد السكان الذي تحدثت معه شبكة “العربية”.

أمام هذا الواقع والذي فيه منظمات الجريمة وخلايا الإرهاب لحماس والتي انتقلت إلى حرب عصابات على صيغة العراق وسوريا -يسيطرون على 2 وربع مليون مواطن يعيشون في ضائقة مخيفة من الجوع والتوتر وبدون أفق، لا يوجد لاسرائيل استراتيجية أو خطة عمل. في أحسن الأحوال سوف تضطر للتعاون مع عصابات عائلية مسلحة، وفي الواقع ستعود حماس لإدارة البنية التحتية للقطاع.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى