ترجمات عبرية

هآرتس: بدأ القتال من أجل تل أبيب في الخليل

هآرتس28-11-2022م، افنر غفرياهو: بدأ القتال من أجل تل أبيب في الخليل

ليس قائد لواء الخليل أو الجندي الذي قام بالضرب هما من يصيبانا بالصدمة، بل ما يمكّنهم من ذلك. بسبب ذلك أخطأ كل من عنات كام (“هآرتس”، 25/11) وجدعون ليفي (“هآرتس”، 28/11) عندما وجها سهام النقد نحو المستويات الميدانية. الاعتداء على نشطاء اليسار الجمعة الماضي، هو ثمرة متعفنة واحدة في غابة كاملة جذورها مسممة. بناء على ذلك، لا يجب الآن الانشغال بالجنود أو بحزب “قوة يهودية”، بل بواقعة “الاحتلال” التي تشكل الوعي (وعي التفوق).

 منذ نصف قرن تقريباً وهذه الأمور تتبلور في أزقة الخليل. ليس عبثاً أن حدث هناك هذا الاعتداء الذي تم توثيقه. الخليل نقطة الصفر لنظام التفوق اليهودي العنصري، وعاصمة الفصل العنصري بالشكل الإسرائيلي. على الرغم من، وربما لهذا السبب، تجنب كثيرون المجيء الى المدينة ولمس الدمل الملتهب منذ سنوات. ربما سعوا لرسم خط وهمي بين الديمقراطيين والآخرين المحتلين، ورفضوا قبول الحقيقة المؤكدة، وهي أن ما يبدأ في الخليل يصل في النهاية إلى تل أبيب.

للأسف، الكثير من أعضاء معسكرنا يؤمنون بأن “المعركة على البيت”، على الديمقراطية الإسرائيلية، يجب إدارتها في الحدود المعروفة للدولة وبصورة منفصلة عن مناهضة الاحتلال. أسبابهم كثيرة وذرائعهم مختلفة: اعتبارات استراتيجية، شروط قديمة، التوق الصادق لتغيير النظام القائم وربما أجهزة الدفاع والكسل البسيط. وربما لم يساعد هذا في السابق ولن يساعد في المستقبل. النتيجة الحتمية للامتناع عن معالجة الساحة الخلفية هي امتداد الأعشاب الضارة.

زيادة قوة ايتمار بن غفير، من الخليل إلى طاولة الحكومة، ترتكز على سحق الآخر بالمعنى المطلق. يعلمنا التاريخ أن الكهانيين وأمثالهم يرون الآخر أنه “كل من ليس مثلهم”.

لهذا السبب، فإن الشرعية السياسية التي أعطيت لهم، حتى قبل فترة طويلة من امتداد اليد الحالية لبنيامين نتنياهو، مدمرة جداً. تم تمهيد طريقهم إلى وزارات الحكومة عندما خضعت حكومات إسرائيل على أجيالها بصمت لطلباتهم، وعندما مر العنف ضد الفلسطينيين بهدوء، حتى أصبح هو الوسيلة الثابتة في آلية السيطرة على الأرض وعلى الناس.

هم الآن يريدون تجسيد حلمهم على كل البلاد، أي الانتقال من الخليل إلى القدس، ومن القدس إلى النقب، ومن النقب الى المدن المختلطة. ولا ينوون التوقف في الزاوية التي تربط يافا مع تل أبيب. من أجل مكافحة هذا الحلم، علينا فهمه كما هو، ولا مكان مناسباً لفعل ذلك أكثر من الخليل، التي هي ليست فقط مستوطنة، بل نموذج أيضاً. إسرائيل مصغرة، التي تجسد نظام التفوق بصورته الأكثر نقاء: مكان تنفصل فيه القوانين و”تتعقم” فيه الشوارع الرئيسية من الفلسطينيين. مدينة مسلحة من الرأس وحتى أخمص القدم وتضج بالعنف.

   النضال على حاضر إسرائيل ومستقبلها يجب القيام به بصورة ملاصقة للواقع وليس منفصلة عنه، وطريق تنفيذه تمر بعكس التجاهل والانكشاف الدائم على الواقع. من ينكشف بنفسه قد يكشف ذلك للآخرين. لذلك، يجب الوصول مادياً، بأجسادنا، إلى الخليل ومناطق الأبرتهايد المختلفة، من أجل رؤية المناطق التي تنمو فيها الغفيرية، والظروف التي سمحت بذلك.

النضال على البيت لا يمكن أن يدار من شوارع تل أبيب فقط، ولا يمكن القيام به ما دمنا نتجاهل العنف الروتيني ضد الفلسطينيين المحرومين من الحقوق، وبدون الاعتراف بأن العنف لم يبدأ الجمعة الماضي ولن ينتهي بتوضيح الإجراءات، وبدون النضال المشترك ضد إغلاق الـ 1500 محل تجاري وتحويل مركز تجاري يضج بالحياة إلى مدينة أشباح حزينة؛ وبدون الاستيعاب بأنه رغم اتساعها، إلا أن شوارع الأبرتهايد تشق لنا جميعاً طريقاً باتجاه واحد.

  تصعب المبالغة في أهمية هذه اللحظة. النضال الذي استمر لسنوات كثيرة لليمين في إسرائيل من أجل تحطيم كل إمكانية كامنة لمستقبل إيجابي، يصل إلى ذروته. منظومة القضاء وحراس عتبة آخرين يتم إضعافهم أكثر من أي وقت مضى. ونضال مدني يدمج بين شوارع الخليل وميادين تل أبيب ربما يمكنه أن يضع حداً لذلك ويقدم رداً عليه. من قال “لقد حان وقت بن غفير” وكأنه رن جميع أجراس الإنذار والتحذير. حان الوقت للنزول إلى الميدان وإلى أعماق الأمور. ولا وقت آخر لنا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى