ترجمات عبرية

هآرتس – بايدن يهدد أردوغان بـ”إبادة شعب”.. وإسرائيل: هل يعرف التاريخ إبادة أخرى !

هآرتس  –   بقلم  تسفي برئيل –   26/4/2021

قبل اتخاذ خطوات يمكن أن تؤثر على علاقة الولايات المتحدة مع دول أخرى، يفصح زعيم هذه الدولة جو بايدن عن نواياه. وهذا ما حدث في الأسبوع الماضي عندما تحدث مع فلادمير بوتين ليوضح له نية فرض عقوبات على روسيا بسبب تدخلها في الانتخابات الأمريكية في العام 2020. وهذا ما فعله الجمعة الماضي مع الرئيس التركي أردوغان.

بايدن أبلغ أردوغان بنية استخدام مصطلح “إبادة شعب” لوصف المذبحة التي نفذت ضد الأرمن والتي بدأت في 1915. تملص جميع الرؤساء الأمريكيين من هذه الهوة التاريخية باستثناء مرة واحدة عندما استخدم هذا المصطلح رونالد ريغان في 1981. وقد فضلوا عدم إغضاب أردوغان، فقد استخدم الرؤساء الأمريكيون كلمات شديدة مثل العمل الوحشي، القتل، التعذيب. ولكنهم لم يستخدموا مصطلح “إبادة شعب”، المصطلح الذي وضعه الباحث اليهودي البولندي، رفائيل ليمكين في 1944. وبعد أربع سنوات على ذلك، حصل هذا المصطلح في الأمم المتحدة على مكانة “جريمة مستقلة”.

في العام 2019 صادق الكونغرس الأمريكي على بيان اعتبر فيه المذبحة ضد الأرمن إبادة شعب، لكن الرئيس ترامب امتنع عن تبنيه بذريعة أنه قد يمس بعلاقة الولايات المتحدة مع تركيا. الرئيس براك أوباما تعهد في حملته الانتخابية بالاعتراف بإبادة الأرمن ولكنه تهرب في اللحظة الأخيرة. وفي الذكرى المئوية لمذبحة الأرمن في العام 2015 لم يستخدم هذا المصطلح. وقبل ثلاث سنوات، اعتذر مستشاروه عن الخطأ واعتقدوا أن هذا كان خطأ فادحاً.

انتظر أردوغان محادثة بايدن الهاتفية أكثر من ثلاثة أشهر، والتي جرت قبل يوم من إحياء الذكرى السنوية الـ 106 للمذبحة. لم يتأخر الرد في المجيء. أردوغان الذي عرف نية بايدن قبل تلك المحادثة، حيث سبق أن تحدث عنها موقع “بلومبرغ” في بداية الأسبوع الماضي، سارع إلى التوضيح بأن “تركيا ستستمر في الدفاع عن الحقيقة ضد الكذب الذي يسمى مذبحة الأرمن، وضد الذين يؤيدون التشهير لأسباب سياسية”. وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، في مقابلة أجريت معه: “إذا كانت الولايات المتحدة تريد الإساءة للعلاقات بينها وبين تركيا، فهذا هو قرارها”. هذه ردود معتدلة نسبياً مقارنة مع الردود التي أسمعها أردوغان للبابا حين قرر في العام 2015 بأنها إبادة الشعب الأولى التي نفذت في القرن العشرين، ومقارنة أيضاً بالعقوبات التي فرضها أردوغان على فرنسا وشملت منع هبوط الطائرات الفرنسية ورسو السفن الفرنسية في تركيا بسبب قرار البرلمان الفرنسي اعتبار مذبحة الأمن إبادة شعب.

هدد أردوغان في السابق بأن الاعتراف بإبادة الشعب الأرمني قد يؤدي إلى طرد نحو 25 ألف شخص من السكان الأرمن من تركيا. هؤلاء هم الذين هاجروا بصورة غير قانونية إلى تركيا بحثاً عن مصدر للرزق، ومكانتهم غير قانونية. الحديث – وفق موقف تركيا الرسمي- لا يدور عن إبادة شعب، بل عن قتل أتراك وأرمن أثناء الحرب. في المتحف العسكري في إسطنبول، الذي خصصت أحد غرفه لأحداث تلك السنين، تظهر صور لجنود أتراك -حسب الشرح- تم تعذيبهم وقتلهم من قبل الأرمن. وذبح الأرمن غير مذكور.

في العام 2009 وافق أردوغان على إجراء حوار مع حكومة أرمينيا، واتُّفق على تشكيل لجنة بحث تتكون من مؤرخين لتحديد ظروف قتل الأرمن. كان يبدو في حينه أن القضية ستنتهي بالنجاح قريباً، ولكن أردوغان طلب من الرئيس الأرمني تغيير بند في الدستور ينص على أن أرمينيا ستبذل جهوداً كبيرة للحصول على اعتراف بإبادة الشعب، ورفض البرلمان الأرمني هذا الطلب.

القصة مختلفة أمام بايدن. العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة في أدنى الدرجات من تاريخها. بايدن، في حملته الانتخابية، اعتبر أردوغان مستبداً وديكتاتوراً. وقال إنه -خلافاً لترامب- “يعرف كيف سيتعامل مع أردوغان”. يعارض بايدن تدخل تركيا في سوريا وشراء الصواريخ المضادة للطائرات من طراز “اس 400” من روسيا. وعندما قرر وضع قضية حقوق الإنسان على رأس سلم الأولويات، قام بفتح جبهة ساخنة مع تركيا. الاعتبارات التي وجهت الدعم الذي منحه ترامب لأردوغان فقدت جزءاً من وزنها. والخوف من أن تترك تركيا الناتو وتنتقل إلى الكتلة الروسية، أقل إقناعاً مقابل التوتر الذي تطور بين روسيا وتركيا حول الجبهة السورية، وحرب ناغورنو قره باغ، وأوكرانيا. لا يمكن لتركيا التهديد بفرض عقوبات على الولايات المتحدة في الوقت الذي تسعى فيه وراء مستثمرين أمريكيين كي ينقذوها من أزمتها الاقتصادية الشديدة الغارقة فيها. إذا كان أردوغان قد استفاد في عهد ترامب من الشرخ الذي بين الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض، فهو الآن يدرك بأن التحالف الأوروبي – الأمريكي عاد إلى أيامه السعيدة، وهذا ليس في صالحه.

مثلما في كل ذكرى سنوية لكارثة الأرمن، فإن رفض إسرائيل للاعتراف بإبادة الشعب الأرمني يثير الاستغراب. إذا كانت إسرائيل في السابق تمسكت، مثل الولايات المتحدة، بضرورة الحفاظ على علاقة جيدة مع تركيا وعدم إغضاب أردوغان، فإنها ذريعة لم تعد سارية المفعول، خصوصاً في العقد الأخير، على الأقل منذ قضية سفينة “مرمرة”. كما يبدو، لن تعترف إسرائيل، سواء مع أردوغان أو بدونه، بأي إبادة شعب أو كارثة حلت بشعب آخر. هذه مسألة تتعلق بالملكية الحصرية على هذا المفهوم وعلى معناه. فقد كانت الكارثة واحدة في التاريخ، ولكنها ليست للأرمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى