ترجمات عبرية

هآرتس –  بايدن يعترف بقتل الشعب الارمني في  توقيت سياسي مريح حيال ضعف تركيا

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 25/4/2021

” على مدى سنوات فحصوا في واشنطن الاعتراف بابادة الشعب الارمني على خلفية المس بالعلاقات مع تركيا. والتوقيت الحالي يسمح لأنقرة الاكتفاء برد بلاغي “.

       إن الاستخدام الصريح الذي استخدمه جو بايدن – الرئيس الامريكي الاول الذي اعترف بابادة الشعب الارمني – لكلمة “جينوسايد” في خطابه في احتفال احياء الذكرى السنوية الـ 106 لبداية مذبحة الشعب الارمني على أيدي النظام العثماني، وصل متأخر جدا لكنه وصل. لذلك، هو يستحق الثناء الدولي. الآن حان الوقت الى أن تنفض اسرائيل عنها قيود تركيا لعدم اعترافها بكارثة الارمن. وأن تتوقف عن استخدام مفهوم “المأساة الارمنية” وكأنها نزلت من السماء وتتبنى الصيغة الواضحة والدقيقة لبايدن.

       لقد حظي الارمن بالاعتراف بأنهم عانوا من اعمال وحشية فظيعة، ومن التعذيب والطرد والتجويع المتعمد ومن كل الفظائع التي رافقت قرار طرد الارمن من تركيا. ولكن مفهوم ابادة شعب، حسب التعريف الذي وضعته الامم المتحدة في العام 1948، تم حرمانهم منه. ايضا الدول التي اعترفت بابادة الشعب الارمني لم تنجح في الوصول الى اعتراف دولي شامل، في الوقت الذي فيه الامم المتحدة سعت دائما الى التهرب من الاعتراف بابادة الشعب الارمني بشكل صريح، بذريعة أنها لا تتطرق الى احداث حدثت قبل تأسيسها، رغم أن المذبحة استخدمتها الامم المتحدة كمثال على الجرائم ضد الانسانية عند تبني الميثاق ضد ابادة شعب. ايضا التقرير الذي تم تقديمه للامم المتحدة في 1985، المعروف باسم تقرير “فيتاكر” والذي تضمن استنتاج بحسبه القتل المنهجي الذي قامت به السلطات العثمانية ضد الشعب الارمني يستجيب للمعايير بشأن ابادة شعب، لم يغير الموقف. تقديم التقرير تم تسجيله والمصادقة عليه.

       في العقود الاخيرة عملت تركيا بصورة حثيثة وصارمة ضد أي نية دولية أو أي دولة منفردة للاعتراف بابادة الشعب الارمني. وقد فعلت ذلك من خلال التهديدات والعقوبات. وحسب تقارير مختلفة، من خلال دفع مليون دولار للاخوان المسلمين في مصر مقابل احراق الارشيف القديم في القاهرة، الذي انشيء في فترة احتلال نابليون وفيه توجد وثائق متعلقة بقتل الارمن والتي كان يمكن استخدامها كدليل ادانة. تركيا حسب باحثين اتراك ايضا ازالت من الارشيفات العثمانية التي توجد بحوزتها كل وثيقة كانت تتضمن شهادات عن القتل، وحتى أنها “قامت بتحديث كتالوج المتحف العثماني من اجل اخفاء عملية اخفاء الوثائق.

       وبصفتها وريثة الامبراطورية العثمانية، كان يمكن لتركيا الادعاء بأن المذبحة حدثت حقا، لكنها لا يمكن أن تكون مسؤولة عن اعمال نفذت على أيدي الحكم العثماني. ولكن في سنوات المذبحة والطرد التي بدأت في العام 1915، ايضا مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، مصطفى كمال اتاتورك، الذي كان قائد كبير في الجيش التركي، كانت توجد لديه معلومات عن الفظائع التي يرتكبها الجيش.

       حسب السيرة الذاتية الشاملة التي كتبها عنه المؤرخ أندرو مانغو، فانه عندما اظهر الجيش الالماني أمامه صدمة من سلوك الجيش التركي، أجاب اتاتورك: “جئت الى هنا من اجل فهم موقف الجيش الالماني تجاه تركيا وليس لمناقشة الموضوع الارمني”. اتاتورك ورث موقفه غير المبالي ايضا لمن جاء بعده، وهذا كان ايضا هو الموقف الذي رافق سياسة تركيا الخارجية حتى الآن. اردوغان ذهب بعيدا الى الامام عندما عبر عن الحزن على المعاناة التي وقعت على العائلات الارمنية. ولكنه لم يعتذر، وواصل التمسك بموقف يقول إن هناك ارمن واتراك قتلوا في الحرب. ولكن لم تكن هناك مذبحة متعمدة.

       في العام 2009 تناقشت تركيا مع حكومة ارمينيا ووقعت على ثلاثة بروتوكولات، حددت، ضمن امور اخرى، انظمة التحقيق التاريخية في المذبحة، لكن تركيا طلبت أن تغير ارمينيا دستورها بحيث يتم شطب البند الذي ينص على أنها ستبذل كل ما في استطاعتها من اجل الحصول على اعتراف وادانة لابادة الشعب الارمني. البرلمان الارمني رفض المصادقة على التغيير الذي طلبته تركيا، وشهر العسل المؤقت الذي أثار الأمل بأن النزاع أوشك على الحل، سرعان ما انتهى.

       انكار ابادة الشعب الارمني تطور ليصبح أساس وطني سياسي وسياساتي، بحسبه الدولة التي تؤيد تركيا ومعنية بعلاقات جيدة معها، لا يمكنها الاعتراف بابادة الشعب الارمني. ولكن تركيا ادركت أن هذا الموقف يمكن أن يفصلها عن عدد كبير من الدول وأن يضعها على مسار تصادم مع الدول الغربية، خاصة مع الولايات المتحدة. ولكنها نجحت في اقناع عدد من الدول، من بينها امريكا واسرائيل، بأن نتائج الاعتراف ستكون كارثية.

       هكذا، المعضلة الاساسية التي وجهت الادارات الامريكية كانت كالتالي: هل الاعتراف بابادة شعب تساوي المس الشديد بالعلاقات مع تركيا، وامكانية أن تترك تركيا الناتو وأن تصبح حليفة لروسيا. الثمن السياسي للاعتراف ظهر دائما باهظا جدا. واعتراف بايدن بابادة الشعب يأتي في فترة سياسية مريحة نسبيا، فيها نظام العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة يوجد في الحضيض، والاتحاد الاوروبي يهدد بفرض عقوبات عليها، ايضا علاقاتها مع روسيا متوترة. في المقابل، الازمة التي تغرق فيها تركيا تلزمها بتعزيز علاقاتها مع مستثمرين محتملين، الكثيرين منهم في الولايات المتحدة.

       على هذه الخلفية، يبدو في هذه الاثناء أن رد تركيا معتدل جدا، وسيتم التعبير عنه بخطاب حاد ومصقول مع حدود واضحة. تركيا لا تهدد بوقف العلاقات مثلما فعلت مع فرنسا قبل عقد، ولا يمكنها أن تفرض عقوبات على امريكا مثلما هددت الفاتيكان عندما اعترف الباب بابادة الشعب الارمني. ولا يمكنها التهديد بالانسحاب من الكتلة الغربية. ورد وزير الخارجية التركي، مبلوط تشاوشاولو، على تصريح بايدن يوضح قرار تركيا الذي تم اتخاذه بعد مشاورات حثيثة اجراها اردوغان مع مستشاريه. “من الواضح أنه لا يوجد لاقوال بايدن أي اساس بحثي أو قانوني، وهي غير مدعومة ببينات… هي ستفتح جرح عميق سيضر بالثقة والصداقة المتبادلة. نحن نطلب من الرئيس بايدن اصلاح هذا الخطأ الشديد”، قال وزير الخارجية الذي يعرف جيدا أنه لا توجد أي ثقة أو صداقة بين انقرة وواشنطن. وهكذا لا يوجد حقا ما سيتضرر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى