ترجمات عبرية

هآرتس: ايران قد تجني ربحا سياسيا من الهجوم في قطر الذي يضعضع مكانة الولايات المتحدة

هآرتس 12/9/2025، تسفي برئيلايران قد تجني ربحا سياسيا من الهجوم في قطر الذي يضعضع مكانة الولايات المتحدة

في يوم الثلاثاء، عندما شوهدت طائرات سلاح الجو على رادارات القاعدة الامريكية في قطر، في طريقها لمهاجمة فيلا خليل الحية في الدوحة، وتصفية قادة حماس، عقد في القاهرة لقاء مهم مر قليلا تحت الرادار الإقليمي والدولي. وقد شارك في اللقاء وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، والأمين العام للوكالة الدولية للطاقة النووية، رفائيل غروسي، وقد عقد برعاية وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي. لقد وقع هناك اتفاق من شانه ان يمهد الطريق لاستئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وايران، وان يبعد عن ايران العقوبات، وربما ان يدفع قدما باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران.

حسب هذا الاتفاق الذي ما زالت تفاصيله سرية، ستسمح ايران باستئناف عمل المراقبين في كل المنشآت النووية، بما في ذلك التي تضررت بسبب القصف الإسرائيلي والامريكي (الذي أدى الى وقف الرقابة). استئناف الرقابة هو واحد من الشروط الثلاثة التي وضعتها الدول الثلاثة، المانيا، بريطانيا وفرنسا، امام ايران كاساس للموافقة على تأجيل تفعيل فرض العقوبات لنصف سنة. الشرطان الآخران هما تقديم تقرير كامل عن الـ 404 كغم من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، واستئناف المفاوضات حول اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة.

غروسي أوضح بان الاتفاق الجديد سيضمن “اجراء رقابة جديدة اكثر شفافية”. وحول تفاصيل تطبيقه سيتعين على الطرفين مناقشة ذلك. فيما يتعلق بالقانون الإيراني الذي تم سنه بسرعة بعد الهجوم، الذي يحظر التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، المتهمة بنقل معلومات لإسرائيل، أوضح عراقجي بان الاتفاق الجديد تم طبقا للقانون، ويسمح برقابة خاضعة للمصادقة التي أعطيت من المجلس الإيراني للامن القومي. ولكن الجدول الزمني يلح ولا يبقي هامش مفتوح للنقاشات: دول أوروبا بدأت في تفعيل آلية فرض العقوبات. في شهر آب الماضي توجهت هذه الدول الى الأمين العام للأمم المتحدة وطلبت تفعيل هذه الآلية، والموعد الأخير الذي سيكون بالإمكان تطبيقه حسب الاتفاق النووي الأصلي هو 18 تشرين الأول، الا اذا تم الاتفاق على تمديده.

مرة أخرى يطرح سؤال هل ايران تريد فقط كسب المزيد من الوقت والتسويف في المفاوضات حول الرقابة وان تحصل على مزيد من التمديد قبل فرض العقوبات عليها. في هذه الاثناء طهران تحاول لف نفسها بحزام امان، روسي وصيني، الذي سيضمن لها ان تكون العقوبات إشارة ميتة بسبب التعاون مع حلفائها. ولكن حتى لو كانت ايران تنوي بجدية ان تفتح من جديد قناة دبلوماسية مع إدارة ترامب، فقد بقيت امامها عقبات لم يتم حتى الآن إيجاد حل لها: ايران تصمم على حقها في تخصيب اليورانيوم في أراضيها، وتطالب بضمانات أمريكية بأن لا تتم مهاجمتها طالما أن العملية الدبلوماسية مستمرة. هذه الطلبات رفضها ترامب. وبعد انتهاء موعد الإنذار النهائي الذي وضعه امام القيادة في ايران، شن هجوم على المنشآت النووية.

لكن بعد الهجوم الإسرائيلي في قطر، الذي حسب الرد الغاضب لترامب تم خلافا لموقفه، فان الدرس الإيراني هو انه حتى لو وافق الرئيس الأمريكي على ضمان ان لا تتم مهاجمة ايران، فان هذا الوعد سيتبين انه بدون اسنان من غير تعهد إسرائيلي مشابه. هذا ليس فقط استنتاج ايران، بل هو أيضا استنتاج جميع دول المنطقة. عندما تطلب ايران ضمانات أمريكية فان افتراضها الاستراتيجي هي وجيرانها العرب يستند الى الرؤية التي تقول بان الولايات المتحدة هي الدولة العظمى الوحيدة التي يمكنها ضمان امن المنطقة، ومنع حرب والدفاع عن حلفائها. هذه الرؤية موجودة في أساس الشراكة التي فيها دول الخليج “تدفع” مقابل امنها بواسطة المشتريات العسكرية الامريكية واستثمارات بتريليونات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي ووقوف سياسي موحد الى جانب “الغرب”، الذي يشمل منع المنافسة من روسيا والصين؛ اعتبار ايران تهديد إقليمي ودولي؛ رأي موحد حول تعريف الإرهاب والتوقيع على اتفاقات سلام وتطبيع مع إسرائيل كجزء من اتفاقات إبراهيم التي هي ثمرة حلم الرئيس ترامب.

في ولاية ترامب الأولى كان من يؤيدون هذه الرؤية يطمحون الى إقامة حلف دفاع إقليمي، امريكي – عربي، الذي كان يمكن لإسرائيل ان تكون شريكة فيه. لذلك، أيضا ايران اعادت حساب مسارها الاستراتيجي. لقد اعتمدت ايران على روسيا والصين، اللتان وقعت معهما على اتفاقات تعاون بعيدة المدى، التي وعدت ولم تنفذ، باستثمار مئات مليارات الدولارات. في نفس الوقت بدأت ايران في تقرير سياسة “صفر مشكلات مع الجيران العرب”. استئناف العلاقات الدبلوماسية مع دولة الامارات في 2022، بعد سنة من ذلك مع السعودية، الى جانب علاقات وثيقة ومستقرة مع قطر، شريكتها في اكبر حقل للغاز في العالم في الخليج الفارسي. كل ذلك استند الى افتراض ان نفوذ هذه الدول لدى واشنطن قد يكون مثابة درع حماية لإيران من الهجمات الامريكية والإسرائيلية.

في اطار هذه السياسة جندت ايران عدد من جيرانها، من بينها سلطنة عمان، قطر ودولة الامارات، ومن وراء الكواليس السعودية أيضا، كوسيطة بينها وبين الولايات المتحدة في الاتفاق النووي. هكذا فانها اوجدت منظومة من الدول العربية “ذات المصالح”، التي حتى لو لم تكن حليفة حقيقية الا أنها شكلت أداة ضغط يمكن ان توازن تاثير إسرائيل على واشنطن في القضية النووية. لذلك، ليس صدفة ان دولة عربية، مصر، وليس النمسا أو إيطاليا، هي التي تم “اختيارها” لتستضيف في هذا الأسبوع التوقيع على اتفاق استئناف الرقابة في المنشآت النووية.

جهود ايران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، التي قطعت في 1979 بسبب التوقيع على اتفاق كامب ديفيد، مستمرة منذ ثلاث سنوات ولكن بدون نجاح كبير. مصر غير مستعجلة لاعطاء ايران الشرعية العربية، والحساب التاريخي لها مع ايران هو أطول ومؤلم اكثر من الحساب بين السعودية وايران، وبالتاكيد الحساب بين ايران والامارات. بشكل عام مصر هي “دولة بطيئة”، التي لا تسارع الى استئناف العلاقات مع دول تعتبرها معادية. لقد كانت آخر دولة استأنفت العلاقات مع تركيا. وكانت الأخيرة التي تبنت قطر بعد حصار طويل، ولم تفتح بعد قلبها لسوريا في ظل نظام الشرع.

أيضا العلاقات مع ايران جرت بـ “وتيرة مصرية”. ولكن في السنة الماضية حدثت انعطافة تمثلت بالزيارة المغطاة إعلاميا التي قام بها عراقجي في القاهرة في بداية شهر حزيران، قبل عشرة أيام على بدء الهجوم الأمريكي – الإسرائيلي في ايران. في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزراء خارجية ايران ومصر في نهاية اللقاء قال عراقجي: “لم تعد هناك عقبات بين الدولتين. العلاقات الدبلوماسية بيننا ممكنة الآن اكثر من أي وقت مضى. الثقة المتبادلة بين مصر وايران لم تكن قائمة من قبل”. من المبكر تحديد هل ومتى ستستأنف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. ولكن بتوطيد العلاقات بينهما توجد رسالة واضحة للولايات المتحدة وإسرائيل: الرؤية الاستراتيجية التقليدية التي بحسبها محور عربي مؤيد لامريكا هو بالضرورة محور مناهض لإيران، تقتضي إعادة الفحص.

الهجوم الإسرائيلي في قطر يمكن ان يدفع قدما بهذه الاستراتيجية عدة خطوات للامام وأن يمنح ايران مكسب سياسي لم تكن تتوقعه. في الطريق هي يمكنها ان تضعضع نسيج العلاقات بين الولايات المتحدة ودول المنطقة. بالنسبة لهذه الدول فان إسرائيل تعاملت مع قطر فقط، وهي الدولة التي تعتبر بالنسبة للولايات المتحدة حليفة كبيرة ليست عضوة في الناتو، وكأنها ايران أو سوريا أو لبنان – “منطقة نيران” حرة يمكن مهاجمتها في أي وقت وبأي ذريعة. رد السعودية، التي حاكمها محمد بن سلمان ابلغ قطر بانه سيضع تحت تصرفها كل قدرات المملكة للدفاع عنها؛ وزيارة التضامن السريعة لحاكم أبو ظبي، محمد بن زايد، في قطر، الى جانب التلميح التهديدي على مستقبل اتفاق السلام مع إسرائيل؛ المحادثة الداعمة بين الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع حاكم قطر – كل ذلك يخلق، على الأقل تصريحيا، تحالف تضامني، عربي – إيراني. ايران تعتبر داخليا عضو متساوي في المكانة، لانها لم تعد الدولة الوحيدة التي تتعرض للهجوم في المنطقة.

“شراكة المصير” هذه لا تهدد بإقامة تحالف عسكري أو تحالف استراتيجي بين الدول العربية وايران. مع ذلك، هي تشير الى شرخ يتوسع في مكانة الولايات المتحدة في المنطقة. اذا كانت الدولة العظمى في العالم غير قادرة على ضمان سلامة حلفائها وتوفير المقابل السياسي لـ “خدماتها واستثماراتها”، فربما سيتعين عليها رسم استراتيجية دفاع جديدة. استراتيجية في افضل الحالات ستطلب من ترامب تبني على الفور سياسة ناجعة تضمن وقف التهديد الإسرائيلي، وفي أسوأ الحالات هي يمكنها اعتبار إسرائيل دولة معادية تهدد الامن القومي لكل دولة في المنطقة، وعندها سيتم استبدال المحور المناويء لإيران بمحور مناويء لإسرائيل.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى