ترجمات عبرية

هآرتس: ايران تعمل على حفظ نفوذها في المنطقة رغم الازمات الداخلية

هآرتس – تسفي برئيل – 14/8/2025 ايران تعمل على حفظ نفوذها في المنطقة رغم الازمات الداخلية

علي لاريجاني، الذي تم تعيينه قبل أسبوع في منصب الأمين العام لمجلس الامن القومي في ايران، يوجد له ملف عمل مليء وجدول زمني مكتظ يلزم ايران باتخاذ قرارات استراتيجية في الفترة القريبة القادمة. ظهوره السياسي الأول في المنصب الجديد اختار ان يكون في هذا الأسبوع في العراق وفي لبنان. وهي الزيارات التي نجح فيها في اثارة من جديد الخوف فيما يتعلق بنوايا ايران.

بالأساس لاريجاني وقع على “اتفاق تعاون امني”، هدفه الرسمي هو محاربة الإرهاب وحماية الحدود. ولكن عمليا، هذه الزيارة استهدفت “تقويم” النظام في العراق بقيادة محمد شياع السوداني، وضمان عدم سماح العراق باستخدام أراضيه ومجاله الجوي لشن هجمات ضد ايران. حسب المحللين العراقيين، ايران غير راضية عن نية الحكومة العراقية نزع سلاح المليشيات الموالية لإيران واخضاعها للجيش، وهي تعتزم التاثير على مشروع القانون المتعلق بهذا الامر، المطروح على طاولة البرلمان منذ اشهر.

هل تنوي ايران بعث الحياة مجددا في “حلقة النار” التي تحطمت في معظمها في اعقاب الحرب؟ يبدو انه في هذه المرحلة هي تعمل على “اظهار حضورها” والاعلان بانه رغم طردها من سوريا ومن لبنان الا ان دورها لم ينته، وانه ما زال يمكنها التاثير، وحتى تهديد استقرار الدول التي بقيت فيها اذرعها المضروبة. اذا كانت ايران حتى الان تستطيع لي ذراع النظام في العراق، الشريك التجاري الأهم الذي يزودها أيضا باحتياجاتها من المياه والغاز والكهرباء، فانه في لبنان ووجه لاريجاني بالواقع الجديد.

الرئيس اللبناني جوزيف عون لم يكن بامكانه ان يكون واضح اكثر عندما قال للضيف بان “أي مجموعة في لبنان لن تكون مخولة بحمل السلاح أو الاعتماد على الدعم من الخارج (توفيره)… وان الصداقة التي نبحث عنها مع ايران يجب ان تكون مع كل لبنان وليس مع طائفة أو مركب واحد فقط”. السؤال المهم هو هل ايران ستساعد الحكومة اللبنانية على نزع سلاح حزب الله، وأن تأمره بتغيير سياسته، أو انها ستشجعه على مواصلة التمسك بالخط المتشدد الذي يقول بان نزع السلاح “خط احمر”، وانه سيتعامل مع قرار الحكومة اللبنانية حول هذه المسألة وكأنه “غير موجود” حسب تعبير سكرتير عام الحزب نعيم القاسم. مشكوك فيه اذا كانت لقيادة لبنان وهم فيما يتعلق بنوايا ايران، لانه عندما يعلن لاريجاني ان ايران لا تنوي التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية وفي نفس الوقت يقول بان أي دولة لا يمكنها “إعطاء تعليمات” للبنان، فهو بذلك يملي على حزب الله الموقف الذي يجب عليه التمسك به.

الزيارة في العراق وفي لبنان غير منفصلة عن القضية الأكثر أهمية، وربما الهامة جدا، التي يجب على لاريجاني علاجها بشكل مستعجل، التي تتعلق بتهديد ثلاث دول أوروبية، بريطانيا، فرنسا وألمانيا،  باستخدام بند إعادة العقوبات، الذي يعني إعادة فرض العقوبات الدولية التي تم رفعها عن ايران عند التوقيع على الاتفاق النووي الأصلي ي 2025. الرسالة التي أرسلها أمس وزراء خارجية هذه الدول الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أعلنت فيها عن نيتها تفعيل هذا البند اذا لم ترجع ايران الى طاولة المفاوضات وتقوم بخطوات مهمة تدل على نيتها إعادة مشروعها النووي الى الاطار الذي تم تحديده في الاتفاق الأصلي.

هذه الخطوة جاءت بعد انتهاء المحادثات التي اجراها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع ممثلي الدول الثلاثة في إسطنبول بدون أي نتائج حقيقية، والمفاوضات مع الولايات المتحدة عالقة عميقا في التجميد. الموعد النهائي لتفعيل بند العقوبات هو 18 تشرين الأول. ولكن الدول الأوروبية ما زالت تسمح لإيران بـ “فحص موقفها” حتى 29 آب. واذا قررت استئناف المفاوضات فان هذه الدول ستكون مستعدة لتمديد موعد انتهاء الصلاحية لبضعة أسابيع.

هذه ليست معضلة لإيران فقط. فامام التهديد الأوروبي ايران تعرض تهديدها الخاص الذي يقول بان تفعيل بند إعادة فرض العقوبات يمكن ان يستدعي انسحاب ايران من ميثاق منع انتشار السلاح النووي، وعلى طاولة البرلمان في طهران يوجد مشروع قانون بهذه الروحية وينتظر المصادقة عليه. ولكن هذا التهديد مزدوج، الانسحاب من الميثاق الذي تفسيره العملي هو رفض كامل لقدرة الرقابة الدولية على المشروع النووي، يمكن ان يعطي إسرائيل وامريكا يد حرة لاستخدام القوة العسكرية ضد ايران حتى لو امتنعت عن القيام بنشاطات تدل على نيتها تطوير السلاح النووي.

يبدو ان هناك “يد حرة” أيضا الان، كما اثبتت الحرب ضد ايران في شهر حزيران. ولكن منذ ترسخ نوع من الاتفاق بين إسرائيل والولايات المتحدة، السماح بوجود قناة دبلوماسية كي تحاول لعب دورها، وخلال ذلك مواصلة التلويح بسوط التهديد العسكري ضد ايران بدون الضرب به. 

لقد كان لتهديد ايران سابقة واحدة فقط، كوريا الشمالية، التي في 1993 أعلنت عن نيتها الانسحاب من الميثاق، لكن في اليوم الأخير قبل دخول الانسحاب الى حيز التنفيذ، تراجعت عن قرارها. مع ذلك، بعد عقد تقريبا، في 2003، أعلنت انه “لم يعد باستطاعتها التقيد بالميثاق، وهكذا انتهت عضويتها”. رغم ذلك، روسيا والصين، حلفاء ايران، تواصل إقامة علاقات وثيقة مع كوريا الشمالية. من هنا فان ايران يمكنها الافتراض بانه اذا انسحبت هي أيضا من الميثاق فان دعم روسيا والصين لها سيستمر. لكن ايران، مثل كل دول العالم، لا يمكنها التقدير الآن ماذا ستكون طبيعة العلاقات بين واشنطن وموسكو. أيضا لا يمكنها الاعتماد على الدعم غير المحدود لها من قبل الصين لفترة طويلة.

في ايران بدأت عملية إعادة تنظيم في القيادة العسكرية، مثل استئناف نشاطات مجلس الامن القومي وتعيين لاريجاني كرئيس له، إضافة الى سلسلة تعيينات جديدة في قمة القيادة العسكرية. في المقابل، على الصعيد الاقتصادي ما زال يصعب إيجاد أي علامات تدل على نية التخطيط والبدء بإصلاحات حقيقية. النظام يمكنه ان يكون راض من ان الحرب لم تحدث العصيان المدني ولم تشعل المظاهرت الكبيرة التي تطلب باقصاء القيادة، وان التضامن الوطني وتجند الجمهور الوطني خلق غلاف دفاعي جماهيري حوله. 

لكن بعد انتهاء الحرب تطور توقع يقول بان النظام “سيعوض الجمهور على الإخلاص وسيبدأ بزخم لتغيير البنية الاقتصادية، لكن كل ما نجح الرئيس بزشكيان في فعله حتى الان هو اصلاح معدل دفع المساعدات للمحتاجين بواسطة كوبونات ممغنطة. تعيين السيد علي مدني – زاده في شهر حزيران في منصب وزير الاقتصاد ربما يشير الى السياسة الاقتصادية التي يسعى اليها الرئيس. مدني – زاده، الحائز على القاب من جامعة ستانفورد وجامعة شيكاغو، يعتبر شخص مؤهل ماليا واداريا، يسعى الى الدفع قدما بسياسة السوق الحرة في الدولة وتحويل التصدير الى رافعة مركزية لنمو الاقتصاد. ولكن في الخطة الاقتصادية التي نشرها عشية تعيينه يبدو انه يعرف جيدا ثقل الضغط السياسي، وهو يمتنع عن الدعوة لإجراءات إصلاحات بعيدة المدى. وحتى انه اقترح الاستعداد لسيناريو فيه المفاوضات مع الغرب ستفشل، ولن يتم رفع العقوبات، وايران ستضطر الى مواصلة سياسة الترشيد التي تتبعها. لا توجد هنا أي بشرى لمواطني ايران.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى