ترجمات عبرية

هآرتس: انتشار البؤر في الضفة وقتل الفلسطينيين على ايدي المستوطنين يخدمان الغاية ذاتها

هآرتس – هاجر شيزاف – 14/8/2025 انتشار البؤر في الضفة وقتل الفلسطينيين على ايدي ميليشيات المستوطنين يخدمان الغاية ذاتها

في الضفة الغربية تجري في هذه الأيام حرب حقيقية، تديرها مليشيات مستوطنين، من بينها جنود في الاحتياط والجيش النظامي، ضد الفلسطينيين. يوجد لها عدة جبهات: الأولى هي على شكل طرد تجمعات الرعاة التي هي الخلية الأضعف في المجتمع الفلسطيني. عدد سكانها قليل وهي تعتمد على الرعي في المناطق المفتوحة، لذلك من السهل افقارها وعزلها. هذه التجمعات يتم طردها بوتيرة سريعة منذ بداية الحرب. الجبهة الثانية، التي وجدت التعبير في ازدياد الحالات التي قتل لها فلسطينيون في المواجهات مع المستوطنين في الفترة الأخيرة، موجهة للقرى الكبيرة والماهولة اكثر بالسكان. المستوطنون يقومون في اطارها بإقامة بؤر استيطانية على أراضي القرى الزراعية، ويتجولون في المنطقة ويفتعلون الاحتكاك مع السكان أو يعملون على توسيع البؤر عن طريق شق الطرق وإقامة بؤر فرعية، التي تقضم الأراضي بشكل متزايد.

سكان القرى الفلسطينية الذي يحاولون الدفاع عن أراضيهم يجدون انفسهم في معادلة، هم بالضرورة الطرف الخاسر فيها: ليس فقط ان المستوطنين مسلحين بالسلاح الذي زودهم به الجيش أو وزارة الامن الوطني، بل ان التجربة تظهر ان استخدام هذا السلاح بشكل دائم يجد له التبرير لدى السلطات الإسرائيلية، سواء ان الفلسطيني الذي اطلقت النار عليه رشق الحجارة أو انه وجد في المنطقة بدون أن يشارك (مثل عودة الهذالين، الذي اطلق مستوطن النار عليه وقتله قبل أسبوعين في أم الخير). وحقيقة ان هذه الحالات تبدأ على الاغلب بالسيطرة العنيفة على أراضي الفلسطينيين يتم الرد عليها على الاغلب بتجاهل السلطات.

في السنتين الأخيرتين يبدو ان ازدياد حالات قتل الفلسطينيين على يد المستوطنين يوجد في علاقة عكسية مع الاهتمام العام والجهد الذي تستثمره المؤسسات، الجيش، الشرطة والشباك، لحل لغز هذه الظاهرة. على سبيل المثال في الشهر الماضي قتل فلسطينيان في هجمات للمستوطنين قرب قرية سنجل. احدهما، سيف الله مسلط، مواطن امريكي جاء الى الضفة الغربية لزيارة عائلته. هذه الحقيقة، وحقيقة انه حسب وزارة الصحة الفلسطينيين ضرب حتى الموت، حصلت على اهتمام جماهيري اكبر بقليل من العادة. ورغم ذلك لم يعتقل أي مشتبه فيهم بقتله.

في 2 آب اطلق مستوطن النار وقتل معين اصفر، احد سكان عقربة. أيضا هنا لم يتم تقديم أي احد للمحاكمة. وعن قتل عودة الهذالين لا حاجة لاطالة الحديث. ماذا بخصوص ما حدث امس في دوما عندما اطلق جندي كان في إجازة، الذي كان يساعد في اعمال المستوطنين،  النار وقتل ثمين دوابشة (35 سنة)؟ اذا حكمنا على الأمور حسب بيان الجيش الذي فيه سمي الفلسطينيون الذين رشقوا الحجارة على المستوطنين “مخربين”، يبدو ان مصير هذا الملف حسم حتى قبل فتح ملف تحقيق.

القاريء الإسرائيلي مطلع على عمليات القتل هذه، اذا اطلع أيضا، في مراحلها الأخيرة، مع انها في معظم الحالات لا تمثل الا نهاية القصة. وقد اثبتت زيارة في منطقة سنجل في الأسبوع الذي قتل فيه فلسطينيان في المنطقة ذلك. انا قمت بزيارة قرية أخرى على سفح الجبل حيث قتل مسلط ومحمد شلبي اسمها جلجلية. ولدهشتي اكتشفت ان المستوطنين يهاجمون سكان المنطقة بشكل دائم منذ أسابيع بعد ان قاموا بالاستيلاء على هذا الجبل. قتل الفلسطينيان كان تتويج للاستيلاء المتعنت على الأراضي الزراعية في عدد من قرى المنطقة. احد السكان قال ان المستوطنين هاجموا أولاده وهم يلعبون بجانب المنزل ورموا عليهم شيء حارق احرق جلودهم. حتى من يتابع ما يحدث في المنطقة لم يدرك ذلك. الحقيقة هي انه من المستحيل ببساطة رصد كل اعمال العنف القومي المتطرف والاستيلاء العنيف على أراضي الفلسطينيين من قبل المستوطنين.

النقطة التي نقف فيها الان تطرح سؤال هل ما زال يوجد فائدة للقول بان أجهزة انفاذ القانون العسكرية او الشرطية في الضفة توجد في الواقع وليس فقط نظريا. امس نشر في “هآرتس” ان قائد لواء شاي في الشرطة، موشيه لنتشي، زار مع الوزير ايتمار بن غفير بؤرة استيطانية غير قانونية بمرافقة شخصية بارزة في مشروع السيطرة على الأراضي في الضفة، اليشع ييرد. وهو ناشط يميني متطرف اعتقل في السابق بتهمة التورط في قتل احد سكان قرية برقة (تم اطلاق سراحه بعد خمسة أيام).

في الفترة الأخيرة كشفت في “آي 24 نيوز” محادثات بين افيشاي معلم، الذي كان منذ فترة قصيرة قائد الوحدة الخاصة في لواء شاي والان هو متهم باعطاء الرشوة والتحايل وخيانة الأمانة وسوء استخدام قوة وظيفته. المحادثات كشفت واقع مخيف لحالة قتل فلسطيني وتثير شبح قتل فلسطيني آخر، رشيد سيدا، الذي قتل باطلاق النار عليه اثناء اعمال الشغب في جت في آب 2024. حسب المنشورات فان ضابطة أبلغت معلم بان عشرات المستوطنين الملثمين يتوجهون نحو القرية، وحتى انها دعته لارسال الى هناك قوة مع تحذير شديد عن نشاطات تخريبية. ولكنه لم يرد. أيضا في حالة سيدا فان لا احد تم تقديمه للمحاكمة. 

الفشل الكامل للواء شاي في حل لغز الملفات غير كاف، بل هناك إخفاقات أخرى يمكن الإشارة اليها. في الضفة الغربية تسببت وحشية جنود الوحدات الخاصة والمسؤولون عن الامن الجاري والجنود النظاميين الذين هم من سكان البؤر الاستيطانية والمتورطين هم انفسهم بقتل الفلسطينيين، بجدل حاد بين الشرطة العسكرية الإسرائيلية والشرطة حول من يحق له التحقيق مع الجنود الذين نفذوا جرائم ضد الفلسطينيين. هؤلاء الجنود يحملون سلاح الجيش الإسرائيلي، وكثيرا ما يستخدمون صلاحيتهم كجنود ضد الفلسطينيين، حتى لو انهم لم يكونوا في ذلك الوقت في مهمة عسكرية كلفهم بها قادتهم.

هناك حقيقة معروفة وهي ان احد أساليب المستوطنين هو افتعال الاحتكاك مع الفلسطينيين عن طريق إقامة البؤر الاستيطانية. عمليا، على الأقل حتى فترة قصيرة كان في الجيش اشخاص اعتبروا التوسع الوحشي للبؤر الاستيطانية مشكلة، لان مجرد وجودها يخلق مجال للاحتكاك والعنف. واذا كان هناك الان أيضا في الجيش من يعتقدون ذلك فان أصواتهم ضعيفة اكثر مما كانت في السابق. جولة قصيرة على الأرض تكشف ان بؤر استيطانية غطت الضفة الغربية وهي موجودة على كل تلة وفي كل زاوية. من يسمح بذلك هو من بين اشخاص اخرين الوزير سموتريتش الذي عطل تماما الإدارة المدنية، التي هي في الأصل غير متحمسة لاخلاء اليهود من البؤر الاستيطانية. سموتريتش كالعادة في محاولة للحصول على أصوات مصوتين من اليمين العميق يتفاخر بحقيقة انه قاد الى وقف تام تقريبا لانفاذ القانون ضد إقامة البؤر الاستيطانية. هكذا فان البيانات التي حصلت عليها الحركة من اجل حرية المعلومات تظهر عمق الفجوة في انفاذ القانون مقابل البناء غير القانوني ضد الفلسطينيين. هكذا فانه من حزيران 2024 وحتى منتصف أيار 2025 تم انفاذ القانون في 8.7 في المئة من أوامر الهدم التي صدرت ضد المستوطنين مقابل 70 في المئة من الأوامر التي صدرت ضد الفلسطينيين.

جميع هذه الاحداث تظهر ان توسيع البؤر الاستيطانية وقتل الفلسطينيين هما نفس الشيء. هذه أداة يستخدمها المستوطنون في نفس الوقت لدفع الفلسطينيين الى جيوب، وبعد ذلك طردهم من الضفة الغربية. الجيش والشرطة هم في افضل الحالات أداة لعب في ملعب المستوطنين، وفي أسوأ الحالات التي أصبحت تتكرر هم شركاء حقيقيون في تنفيذ الخطة.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى