ترجمات عبرية

هآرتس: اليمين يقود إسرائيل إلى الدمار

هآرتس 2022-09-20، بقلم: الكسندر يعقوبسون

هل ستستطيع إسرائيل التملص من البت في معضلة دولتين أو دولة واحدة وتواصل بقدر معين الوضع الراهن؟ يعتقد عدد كبير من الأشخاص ذلك. لا يوجد حل لكل مشكلة، يقولون. الوضع غير مثالي، يعترفون، لكنه قابل للاحتمال. في الحقيقة هو أقل نزيفاً من بين الكثير من الأماكن في المنطقة، وقد سبق أن تم الإثبات بأن محاولة تغييره بشكل جذري يمكن أن تنفجر في وجه من يحاولون. خلافا لكل التحذيرات من انتفاضة غير نهائية و/أو تسونامي سياسي، فإن هذا وضع مستقر جدا. الآن، توجد للفلسطينيين درجة من الحكم الذاتي في جيوب الحكم الذاتي، دون حكم إسرائيلي مباشر مثل الذي كان قبل “أوسلو”، في حين أنه توجد لإسرائيل حرية عمل أمنية في كل أرجاء الضفة. يسلم المجتمع الدولي فعليا بالوضع، وأيضا أجزاء كبيرة من العالم العربي. من قال، إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ربما مع تعديل وتحسين، لكن دون ثورات كبيرة؟

يصعب الإقناع بأن ما كان صالحا بقدر معين لفترة زمنية طويلة حتى الآن لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، وأنه يتوقع أن يؤدي إلى كارثة. توجد نكتة معروفة تتحدث عن شخص سقط من الطابق العاشر، وعند مروره بالطابق الثالث قال لنفسه: “حتى الآن كل شيء على ما يرام”. سقوط دولة هو عملية ملموسة بدرجة أقل، من شأنها أن تستمر لفترة طويلة بهدوء نسبي. ولكن التحطم النهائي يمكن أن يكون ملموسا جدا. الوضع الذي تقيمه إسرائيل في “المناطق” معارض للمبادئ الأساسية للعالم الديمقراطي الحديث. هناك أسباب سياسية ستمكن من استمرار الوضع، فقد ساهم الفلسطينيون بسلوكهم بشكل كبير في تخفيف الضغط السياسي عن إسرائيل، ويستطيع اليمين في إسرائيل طرح الوضع الحالي على أنه أهون الشرور؛ بعد ذلك جاء “الربيع العربي” وحول إسرائيل، حتى في نظر الكثيرين الذين ينتقدونها، إلى جزيرة استقرار نسبي في منطقة متفجرة ودموية. وفي النهاية، جاء تهديد ايران ودفع جزءا كبيرا من العالم العربي إلى أحضان إسرائيل.

في هذا الوضع ما كان وما بقي غير محتمل بشكل مبدئي في نظر افضل أصدقاء إسرائيل تم تحمله من قبلهم فعليا حتى هذه اللحظة. هكذا استمر وضع وجود شعبين في قطعة ارض واحدة صغيرة، حيث سلب من أحدهما استقلاله الوطني ومواطنته في الدولة التي ترفض إعطاءه الاستقلال. لا حاجة إلى أن تكون ديمقراطيا كي تعرف أن هذا الوضع مرفوض كليا بمفاهيم العالم الحديثة.

أيضا يعرف فلاديمير بوتين أنه لا يمكن احتلال مناطق في أوكرانيا دون إعطاء سكانها المواطنة الروسية أو “الاستقلال” الشكلي (كما هو موجود في جمهوريتي الدومباس). يراهن اليمين على أنه يمكننا مواصلة هذا الوضع إلى الأبد، رغم كل تغيير سياسي محتمل في المستقبل. وفي هذه الأثناء يعمل بشكل حثيث على دفن خيار تقسيم البلاد، الذي هو الطريقة الوحيدة لإصلاح المشوه بصورة تضمن أنه ستكون أيضا دولة للشعب اليهودي. هذا رهان على وجود إسرائيل.

كما هو معروف، لا يعتبر دونالد ترامب ليبراليا طيبا، لكنه أيضا لم يكن يستطيع قبول موقف اليمين في إسرائيل من الفلسطينيين، لا استقلالا ولا مواطنة.

في بداية ولايته، اعترف ترامب بأنه لا يعنيه إذا كان الحل للنزاع هو دولة واحدة أو دولتان. وبعد أن شرح له شخص بأن دولة واحدة مع حق انتخاب عام هو نهاية إسرائيل، اقترح، على الأقل ظاهريا، دولتين، بالشروط الأكثر قرباً لمواقف اليمين في إسرائيل، التي يمكن أن تخطر بالبال. ولكن ليس بالصدفة أن بنيامين نتنياهو لم يعرض موافقته الشخصية على خطة ترامب، لا على الحكومة ولا على الكنيست أو مركز “الليكود”. لا توجد أي جهة في اليمين مستعدة للموافقة حتى على “دولة ناقصة” حسب صيغة ترامب. موافقة نتنياهو ببساطة لا يأخذها اليمين على محمل الجد.

الاعتقاد بأنه سيكون بالإمكان تخليد الوضع القائم مشروط بالافتراض بأن أي رئيس أميركي في المستقبل لن يحاول بجدية تغيير الوضع، الذي حتى ترامب أيضا آمن بأنه من الجدير تغييره. في هذه الأثناء فإن الواقع على الأرض آخذ في التطور نحو دولة واحدة. في هذه الأثناء، كما قلنا، كل شيء على ما يرام.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى