هآرتس: الولايات المتحدة وفرنسا تحاولان انقاذ لبنان من الوحل، والتحدي المركزي هو اقتصادي

هآرتس – ليزا روزوفسكي – 21/12/2025 الولايات المتحدة وفرنسا تحاولان انقاذ لبنان من الوحل، والتحدي المركزي هو اقتصادي
انصب تركيز اللقاء الذي عقد اول امس الخميس بين شخصيات رفيعة فرنسية وامريكية وسعودية، بمشاركة قائد الجيش اللبناني الجنرال رودلف هيكل على موضوعين رئيسيين: الأموال وفحص الحقائق. الشخصيات الرفيعة التقت في باريس وناقشت عقد مؤتمر لتجنيد دعم مالي للجيش اللبناني. الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون وعد في الواقع في نهاية آب الماضي بعقد المؤتمر حتى نهاية السنة، الى جانب مؤتمر آخر لتجنيد الأموال لاعادة اعمار لبنان، لكن هذا لم يحدث. وذلك ضمن أمور أخرى، بسبب الشكوك الموجودة في باريس، وبالاساس في الرياض، فيما يتعلق بقدرة لبنان على اضعاف حزب الله ونزع سلاحه.
الآن تم تحديد موعد مبدئي للمؤتمر، استهدف تعزيز الجيش اللبناني – في شهر شباط، والمبعوثون الخاصون للبنان من قبل فرنسا، وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان والمبعوث الأمريكي مورغن اورتيغوس والمبعوث السعودي يزيد بن فرحان، اصدروا بيان مشترك بهذا الشأن. ولكن وراء الكواليس الشكوك كثيرة. هذا المؤتمر هو مبادرة فرنسية – سعودية، والدولتان يجب عليهما عقده – بما في ذلك تعهد بالمساعدات المالية. الامريكيون يعتبرون انفسهم داعمين بصورة رمزية فقط، وحقيقة انه لم يتم تحديد بعد تاريخ أو مكان المؤتمر يثير لدى الأمريكيين الشكوك بخصوص القدرة على إخراجه الى حيز التنفيذ. مع ذلك، الفرنسيين والسعوديين سبق واثبتوا في هذه السنة بانه حتى عندما يؤجلون مبادرة مشتركة، مثل مؤتمر الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فانهم ينجحون في نهاية المطاف في إخراجها الى حيز التنفيذ.
الحرب بين حزب الله وإسرائيل أدت الى دمار كامل أو جزئي لمئة الف بيت في لبنان وبنى تحتية كثيرة. في شهر آذار قدر البنك الدولي تكلفة الترميم الشامل بـ 11 مليار دولار. فرنسا سبق واستضافت مؤتمر جند الأموال لصالح لبنان في تشرين الأول 2024، في ذروة الحرب مع إسرائيل. الصحيفة اللبنانية بالفرنسية “لوريان لوجور” نشرت بان حجم التجنيد بلغ مليار دولار تقريبا. هذا المبلغ المرتفع هو بعيد عن ان يوفر الاحتياجات.
موضوع الأموال كان احد المواضيع الرئيسية أيضا في لقاء الهيئة الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، إسرائيل، لبنان وقوة اليونفيل) في الناقورة قبل أسبوعين. امس تم عقد لقاء آخر الناقورة بمشاركة ممثلين دبلوماسيين من إسرائيل ولبنان، الى جانب رجال الجيش. من الجانب اللبناني شارك فيه سيمون كرم، المحامي والدبلوماسي المخضرم، الذي عمل في التسعينيات كسفير للبنان في أمريكا. من الجانب الإسرائيلي شارك رئيس قسم السياسة الخارجية في هيئة الامن القومي يوسي درزنين، الذي انضم الى نائبه اوري رزنيك. في اللقاء شارك أيضا المبعوث الأمريكي اورتيغوس. مكتب رئيس الحكومة قال في نهاية اللقاء بانه “في هذا اللقاء تمت مناقشة طرق الدفع قدما بمشاريع اقتصادية من اجل تجسيد المصالح المتبادلة من اجل إزالة تهديد حزب الله وضمان أمن مستقر للسكان على جانبي الحدود”. وجاء أيضا بانه في هذا اللقاء تواصل النقاش حول نزع سلاح حزب الله على يد الجيش اللبناني.
مصادر تم ابلاغها جزئيا عن تفاصيل اللقاء السابق قالت انه تمت مناقشة فيه أيضا الفصل بين “المال السيء”، الذي مصدره ايران وبين “المال الجيد”، الذي مصدره كما يبدو دول الخليج. في الخلفية يوجد تصريح السفير الأمريكي في تركيا ومن عمل حتى فترة متأخرة أيضا كمبعوث خاص في لبنان توم باراك، الذي قال في آب بان السعودية وقطر مستعدتان للاستثمار في “منطقة اقتصادية”، التي ستقام في جنوب لبنان. هدف إقامة هذه المنطقة هو طرح بديل لكسب الرزق لرجال حزب الله ومؤيديه بعد نزع سلاحه. مصدر رسمي في المنطقة قال للصحيفة بان باراك واورتيغوس جديان بخصوص الخطة، وقد قاما بمناقشتها سواء مع إسرائيل أو لبنان.
في بيانات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعد اللقاءين تحدث عن تعاون اقتصادي محتمل في المستقبل مع لبنان. ولكن وقف الهجمات هو شرط ضروري لتحقيق خطة “المنطقة الاقتصادية”، ومن اجل ذلك فان إسرائيل بحاجة الى التركيز بشكل كبير على عملية نزع سلاح حزب الله. لذلك، من المحتمل أن تكون محاولة لوضع العربة امام الحصان.
إضافة الى ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفاربو، تطرق الى الحاجة الى “توثيق أساسي” لنشاطات الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله – وهو الموضوع الثاني الذي تمت مناقشته في باريس. ومثل مواضيع أخرى كثيرة في الشرق الأوسط فان النقاش هنا هو حول الحقائق. في فرنسا يشعرون ان الالية لم توفر حتى الان متابعة واضحة وموضوعية كافية بعد نشاطات الجيش اللبناني ضد البنى التحتية لحزب الله. ان عدم الوضوح هذا يمكن إسرائيل من التقليل من نجاعة الجيش اللبناني وتبرير استمرار الهجمات في جنوب لبنان.
موقف فرنسا والولايات المتحدة بخصوص الوضع في لبنان مشابه. فالدولتان تحاولان إيجاد توازن بين تشجيع حكومة لبنان على نزع سلاح حزب الله وبين الحفاظ على القوة السياسية لرئيس الدولة جوزيف عون، وفي غضون ذلك هناك تخوف من ان استمرار هجمات إسرائيل ووجود الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان سيضران بمصداقية حكومة لبنان. الولايات المتحدة، مثل فرنسا، غير معنية بتصعيد في لبنان. مع ذلك، يظهر الامريكيون تفهم اكبر لسياسة إسرائيل.
السفير الأمريكي في لبنان ميشيل عيسى، قال مؤخرا ان إسرائيل تفصل بين الاتصالات الدبلوماسية مع لبنان وبين محاربة حزب الله. في فرنسا، في المقابل، يخشون من ان يحاول نتنياهو استغلال الفيتو الأمريكي لترامب على نشاطات إسرائيل التي من شانها ان تعرض للخطر النظام في سوريا من اجل الحصول منه على مصادقة على عملية أوسع ضد حزب الله، وهو خوف يرتكز في الأساس على سياسة “السلام بواسطة القوة”، التي اتبعتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر.



