هآرتس: الولايات المتحدة والدول العربية تضغط لتنفيذ المرحلة الثانية، وتضيق الخناق على نتنياهو

هآرتس 7/12/2025، ليزا روزوفسكي: الولايات المتحدة والدول العربية تضغط لتنفيذ المرحلة الثانية، وتضيق الخناق على نتنياهو
الزيارة السياسية الاولى للمستشار الالماني فريدريك مارتس في القدس هي اشارة مهمة من ناحية اكبر اصدقاء اسرائيل في اوروبا على العودة الى روتين الحياة الطبيعي. حتى بعد حرب فيها قتلت اسرائيل عشرات آلاف الفلسطينيين ودمرت اجزاء كبيرة في قطاع غزة وتواصل الاحتفاظ باكثر من نصف مساحته، فان العلاقات الدبلوماسية بقيت قوية. مارتس الذي التقى امس مع الرئيس اسحق هرتسوغ سيزور اليوم “يد واسم” وسيلتقي مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث ان الرسالة التي نقلتها حكومة المانيا قبل الزيارة هي ان ستين سنة منذ اقامة العلاقات بين الدولتين ستواصل الاستناد الى الثقة المتبادلة.
المستشار ياتي الى البلاد بعد بضعة اسابيع من الغاء الحظر الجزئي على تزويد السلاح الالماني لاسرائيل. زيارته من شانها ان تمهد الطريق للبلاد ايضا بالنسبة لزعماء اوروبيين آخرين، الذين سيكون بعضهم مسرور بمصافحة نتنياهو، رغم كونه يخضع لامر اعتقال من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. ولكن في غضون ذلك، العودة الى الحياة الطبيعية هي محدودة الضمان. قبل اقلاع مارتس الى الشرق الاوسط اوضح المتحدث باسم الحكومة في برلين بان المانيا تواصل ادانتها بشدة لعنف المستوطنين في الضفة، ورفض فكرة الضم وتاييد حل الدولتين. يمكن الافتراض ان موضوع حل الدولتين – أو على الاقل اعطاء دور للسلطة الفلسطينية في ادارة الحياة في غزة – سيطرح ايضا في محادثات مارتس ونتنياهو حول الحفاظ على وقف اطلاق النار في القطاع.
غداة زيارة مارتس سيصل الى اسرائيل ايضا السفير الامريكي في الامم المتحدة مايك وولتش، الذي بدأ طريقه في ادارة ترامب كمستشار للامن القومي. هو ايضا، مثل مارتس، سيمر في البداية في الاردن – الدولة التي تشبه مصر وتعتبر من قبل الغرب شريكة حاسمة في الحفاظ على وقف اطلاق النار في غزة والاستقرار الهش في كل المنطقة. وولتش سيلتقي في الاردن مع الملك عبد الله ووزير الخارجية ايمن الصفدي وممثلين عن منظمات انسانية. في اسرائيل يتوقع ان يلتقي مع نتنياهو، هرتسوغ ومندوب الامم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط رميز الكابروف. وولتش سيتجول في الشمال وفي الجنوب وسيزور معبر كرم ابو سالم ومركز التنسيق العسكري – المدني في كريات غات. الاهداف المعلنة للزيارة هي الدفع قدما بخطة ترامب للمرحلة الثانية، وعلى المستوى العملي واليومي متابعة تزويد المساعدات الانسانية للقطاع.
في الاردن يتوقع بلا شك ان يسمع وولتش من ممثلي المنظمات الانسانية وممثلي النظام بانه يجب على اسرائيل ان تستانف ادخال المساعدات الانسانية الى قطاع غزة عبر معبر اللنبي، التي توقفت بعد ان قام سائق شاحنة، نقل هذه المساعدات، بقتل جنديين اسرائيليين في نهاية شهر ايلول الماضي.
اضافة الى ذلك يتوقع ان يسمع السفير ان اسرائيل تقيد بدرجة كبيرة ادخال المساعدات الى غزة بطرق اخرى، مثلا، يرفضون في اسرائيل فتح معابر اخرى على طول الحدود مع القطاع اضافة الى معبر كرم ابو سالم وزيكيم، ولا يسمحون بادخال الخيام مع هياكل حديدية سميكة التي تعتبر مواد ثنائية الاستخدام. هذه الادعاءات من المفروض ان يطرحها وولتش على نتنياهو، الذي لن يستطيع تجاهلها عندما يتم طرحها من قبل ممثل امريكي رفيع المستوى نسبيا.
قضايا اخرى، التي لا يستطيع نتنياهو تجاهلها، هي فتح معبر رفح في الاتجاهين، أي العودة المحتملة للغزيين الى القطاع. في يوم الاربعاء الماضي اعلنت اسرائيل استعدادها لفتح المعبر لخروج السكان من القطاع فقط بواسطة اعلان شبه هامشي لمنسق اعمال الحكومة في المناطق. في مصر غضبوا من القرار المخالف لخطة ترامب، التي جاء فيها بشكل صريح بان المعبر سيفتح في الاتجاهين، وغضبوا ايضا من طريقة الاعلان.
في نهاية الاسبوع تبين انهم في مصر لا ينوون الجلوس مكتوفي الايدي والاكتفاء بتصريحات ضعيفة من قبل شخصيات مجهولة: القاهرة جندت الدول العربية والاسلامية السبعة التي ايدت خطة ترامب للقطاع في اللقاء التاريخي في الامم المتحدة في ايلول الماضي، من اجل الخروج باعلان شديد مشترك يرفض “كل محاولة لطرد فلسطينيين من ارضهم”. البيان يدعي ان هذا بالضبط هو النية التي تقف وراء البيان الاسرائيلي – نقل سكان غزة بشكل قسري الى مصر.
لا يوجد في هذه الاثناء للاتحاد الاوروبي، الذي من شان قوة من قبله ان تشرف على تشغيل المعبر في الطرف الغزي عن طريق السلطة الفلسطينية، موقف حاسم بخصوص الشروط لفتح المعبر. دبلوماسيون اوروبيون، أو بعضهم على الاقل، يعرفون ان فتح المعبر هو افضل من بقائه مغلق، حتى لو سمح في المرحلة الاولى بخروج المرضى والمصابين من اجل العلاج خارج القطاع. ورغم ذلك فان دول عربية واسلامية اوضحت بأنها لن تتنازل. المعبر سيفتح فقط اذا تراجعت اسرائيل وسمحت بعودة الغزيين الى القطاع.
حسب دبلوماسي اوروبي فان محادثات في هذا الشان تجري الان في القاهرة، وقوة “ايوبام” ستساعد في تشغيل المعبر في كل حالة سيتفق عليها بين الطرفين. اذا كان تصميم نتنياهو على عدم السماح بالدخول الى غزة عبر رفح كان نزوة لاغراض سياسية داخلية فيبدو انه يجب عليه ايجاد طريقة مهذبة للنزول عن الشجرة. واذا كان خلف تصميمه هذا مبرر امني حقيقي فان المفاوضات في القاهرة ستؤدي الى حل ابداعي لهذه القضية.
في موازاة ذلك حتى في منتدى في الدوحة عقد امس سمعت اصوات تظهر درجة الضغط المستخدم على اسرائيل كي لا تفشل استمرار تطبيق خطة سلام ترامب في غزة. رئيس حكومة قطر، محمد آل ثاني، قال ان الوضع في غزة يوجد في نقطة “حاسمة”، وان ما يحدث الان ليس وقف كامل لاطلاق النار بل “فقط توقف” (للحرب). حسب اقواله فانه من اجل استكمال وقف اطلاق النار فانه يجب على اسرائيل الانسحاب من القطاع بشكل كامل، في غزة يجب ان يسود الاستقرار، ويجب على السكان ان يكونوا قادرين على الخروج من القطاع والعودة اليه. آل ثاني اكد على ان الشروط الثلاثة غير مطبقة. وزير خارجية تركيا، هاكان فيدان، قال في مقابلة مع “رويترز”، التي اجريت على هامش المنتدى، بانه من اجل ان تستطيع حماس ان تتجرد من سلاحها فانه يجب اقامة في البداية ادارة مدنية فلسطينية في غزة، وقوة شرطية مرت بعملية غربلة يجب ان تدخل الى القطاع.
تركيا وقطر، برسائل مندمجة ببعضها، تقلبان رأسا على عقب ترتيب الامور التي ترغب فيها اسرائيل. في القدس يطالبون كشرط لانسحاب اسرائيل بنزع سلاح حماس اولا. قطر تدعي ان انسحاب اسرائيل وفتح الامكانية امام الغزيين للعودة الى القطاع هو شرط اولي اساسي من اجل القول ان وقف اطلاق النار يتم تطبيقه. وحقيقة ان انسحاب اسرائيل بشكل كامل في الوضع الحالي، الذي سيؤدي الى سيطرة ثانية لحماس على كل مساحة القطاع، تحظى بتجاهل سهل من جانب آل ثاني. ايضا في تركيا يوضحون انه من اجل البدء في نزع سلاح حماس فانه يجب ان يتم ادخال الى القطاع رجال شرطة من قبل السلطة الفلسطينية – وهي نقطة ضعف اسرائيلية، حيث ان نتنياهو وبصورة صريحة يحاول تاجيل دخول السلطة كعامل سيادي الى القطاع بقدر الامكان.
ينضم الاتحاد الاوروبي ايضا الى طلب تركيا. ووفقا لتقارير عربية فقد تم تدريب مئات ضباط الشرطة الفلسطينيين بالفعل في مصر في بداية السنة، ويبدو أن آلاف غيرهم في مراحل مختلفة من التدريب في مصر والاردن، بل ان الاتحاد الاوروبي مستعد لتدريب ضباط شرطة اضافيين. وحسب دبلوماسي عربي فقد تم تنسيق هذا التدريب مع مكتب التنسيق الامني الامريكي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية “يو.اس.اس.سي” (في عهد ادارة جو بايدن)، ومن خلاله – تم التنسيق مع اسرائيل. وفقا لهذا الدبلوماسي فقد شاركت اسرائيل في الفحص الامني لضباط الشرطة. يبدو ان كل ذلك يتماشى تماما مع الرؤية التي قدمها وزير الخارجية التركي – ادخال ضباط الشرطة الفلسطينية الى القطاع كشرط مسبق لاستبدال حماس ونزع سلاحها.
من غير المؤكد ان هذه الخطوات ستساهم بالفعل في تفكيك حماس. يصعب تصور ان المنظمة التي رسخت سلطتها في هذه الاثناء في نصف قطاع غزة ستخلي مكانها لقوة من قبل السلطة، ويصعب ايضا تصور دخول هذه القوة في معارك ضارية مع هذه المنظمة الارهابية. ولكن هذه خطة تتيح ظاهريا احراز تقدم في خطة ترامب: وضع “قوة شرطة فلسطينية مدربة حديثا” الى جانب قوة الاستقرار الدولية هو جزء من خطة الرئيس المكونة من عشرين نقطة.
يبدو ان حدود القطاع التي يمكن لنتنياهو المناورة فيها تضيق. فالدول العربية والدول الاوروبية والولايات المتحدة تحثه على البدء في تنفيذ المرحلة الثانية في خطة ترامب. هذا التنفيذ سيؤدي بالتاكيد الى عودة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة بدون توفير في هذه الاثناء رد على سيطرة حماس على الارض، ومن هنا يلوح حل الدولتين في الافق. نتنياهو معروف بقدرته على النجاح الفائق بواسطة مصائد مستحيلة، ولكن بينما يحاول الهرب من المحاكمة ويعد بتوقيع اتفاقات سلام بالتعاون مع ترامب فانه يصعب تصور كيف يمكنه تجاوز بنود الخطة التي وقع عليها الرئيس الامريكي بدون السقوط في الهاوية.



