ترجمات عبرية

هآرتس: الولايات المتحدة تعمل على توحيد أجزاء سوريا وترى في إسرائيل عائقا في الطريق الى الهدف

هآرتس – تسفي برئيل – 24/7/2025 الولايات المتحدة تعمل على توحيد أجزاء سوريا وترى في إسرائيل عائقا في الطريق الى الهدف

لقد كان هناك لتوم براك، السفير الامريكي في تركيا والذي يعمل ايضا كمبعوث خاص لسوريا ولبنان، تشخيص اصيل، حتى لو كان غريبا، يدل على الفروقات العميقة بين اسرائيل والولايات المتحدة، وليس فقط بالنسبة لسوريا. في مقابلة مع وكالة “إي.بي” المح الى ان اسرائيل كانت تفضل سوريا مفككة ومقسمة على ان تكون دولة موحدة تسيطر على اراضيها. “الدول القومية، لا سيما الدول القومية العربية، تعتبر بالنسبة لاسرائيل عدوة. ولكن في سوريا انا اعتقد ان جميع الاقليات هي حكيمة بما فيه الكفاية كي تقول: من الافضل لنا ان نكون معا تحت سلطة مركزية”، قال براك.

مشكوك فيه ان الدروز، العلويين والاكراد، كانوا سيوقعون على مقولة براك الجيوسياسية، لكنها تشرح بشكل جيد لماذا هذه الفروقات في الرؤى اثارت الرد الغاضب للبيت الابيض والادارة الامريكية ضد التدخل العسكري الاسرائيلي في الاحداث الدموية في السويداء، خاصة بخصوص قصف المباني الحكومية في سوريا التي من بينها هيئة الاركان والمباني في محيط القصر الرئاسي.

حسب براك فان هذا التدخل لم يتم تنسيقه مع الادارة الامريكية، وقد “خلق فصل جديد معقد جدا، وفي توقيت سيء جدا”. انا اتساءل اذا كان يمكن حسب رأيه أن يكون توقيت آخر عندما كانت عصابات المسلحين التابعة لوزارة الداخلية يذبحون الدروز، واذا كان يمكن استخلاص مثل هذا الاستنتاج الشامل حول النهج الاستراتيجي الشامل تجاه سوريا.

اين الاستراتيجية

مشكوك فيه اذا كان يوجد لاسرائيل استراتيجية واضحة بخصوص مستقبل سوريا. سياستها تراوحت في فترة قصيرة بين اعتبار الرئيس السوري احمد الشرع، الارهابي الجهادي الذي يرتدي البدلة، قبل الاحداث في السويداء، وبين اجراء حوار مباشر والتوصل الى تفاهمات ملموسة، التي تحطمت في اعقاب المواجهات في السويداء وتم استبدالها بالتهديدات والهجمات المباشرة. بعد ذلك مرة اخرى تم استئناف المفاوضات حول ترتيبات امنية مع الشرع.

مقابل اسرائيل يوجد للولايات المتحدة استراتيجية متبلورة تتطلع الى اقامة دولة سورية موحدة مع سلطة مركزية تسيطر على كل ارجاء الدولة، لكنها تجد صعوبة في تطبيقها. هكذا هي تجد نفسها تتحرك بين القول بان النظام يجب عليه دفع ثمن الاعمال الفظيعة في السويداء وبين ما توصل اليه براك، وهو أن “الحكومة السورية، التي بدأت رحلتها للتو والتي لا تملك الا موارد قليلة للتعامل مع القضايا الكثيرة التي ظهرت على طريق توحيد المجتمع المنقسم، تعاملت معها بالطريقة الافضل”.

الطريقة الافضل للشرع لا تكفي لموازنة منظومة الاواني المستطرقة، التي في داخلها تعمل الان الولايات المتحدة في سوريا بهدف اقامة دولة موحدة. هذه منظومة يتم تفعيلها على ايدي اقليتان رئيسيتان، الاكراد والدروز، مقابل الاقلية العلوية، وهي ايضا تمتلك السلاح الذي ما زال يحظى بمكانة “السلاح المرخص”. 

هذه الاقليات تطالب بالحكم الذاتي أو على الاقل الاعتراف بمكانتها الخاصة. كل واحدة منها يوجد لها دولة رعاية، بالنسبة للدروز هذه الدولة هي اسرائيل، والاقلية الكردية ما زالت تعتمد على امريكا. كل واحدة منهما تفحص انجازات الاقلية الاخرى امام السلطات من اجل المطالبة بمقابل مشابه. قيادات هذه الاقليات، التي تمثل حجم سكان باعداد مختلفة – الدروز 700 ألف شخص، الاكراد 2 – 3 مليون شخص – وقعت على اتفاق مباديء مع الشرع، لكن هذه الاتفاقات هي حتى الآن نظرية على الورق، وتنتظر اجتياز حقل الالغام المتفجر والمكتظ بشروط وطلبات، التي تلب

تحية من الاكراد

بؤرة الجهد الامريكي موجه الآن نحو الاكراد، الذين يطلب منهم تسليم سلاحهم والانضمام بشكل كامل الى الجيش السوري الجديد. بالنسبة للولايات المتحدة فان دمج الاكراد في الجيش السوري هو عملية حيوية ليس فقط من اجل سلامة البيت السوري، بل من اجل انهاء الحرب الطويلة والدموية التي تشنها تركيا ضد القوات الكردية، التي تعتبرها منظمة ارهابية تهدد امنها الوطني.

انهاء هذه المواجهة امر مطلوب كي تستطيع الولايات المتحدة نقل الى تركيا وسوريا المسؤولية عن مواصلة الحرب ضد داعش وانسحاب القوات الامريكية من سوريا في نهاية المطاف. خلال سنوات طلب من الولايات المتحدة التوقف عن دعم الاكراد – وهو الطلب الذي تم رفضه بشكل ثابت من قبل الرئيس الامريكي السابق جو بايدن، الذي اعتبر “عدوا” لتركيا، لا سيما للرئيس رجب طيب اردوغان الذي سماه “ديكتاتور”. الدولتان الآن تريان بنفس الطريقة مستقبل سوريا والحاجة الى انهاء قضية مكانة الاكراد.

من اجل تطبيق هذه الخطوة يستخدم السفير براك الضغط الكبير على قيادة الاكراد، لا سيما قائد القوات الكردية مظلوم عابدي. حسب تقارير في وسائل الاعلام فان براك وضع للاكراد انذار نهائي، الذي بحسبه يجب عليهم خلال ثلاثة ايام استكمال الاتفاق مع النظام والاندماج في الجيش السوري. واشنطن الرسمية تنفي هذا الانذار، لكن براك نفسه قال في الاسبوع الماضي للمراسلين بانه “اذا لم يوافق الاكراد (على تطبيق الاتفاق مع النظام السوري) فلا يوافقوا. ولكن نحن لا ننوي البقاء هنا الى الابد في دور مربية الاطفال أو دور الوسيط”. وقد حذر ايضا من انه اذا لم يوافق الاكراد فان هناك “بدائل اخرى”، ولم يشرح ذلك.

الاكراد الذين يعرفون جيدا معنى هذا التهديد يظهرون في هذه الاثناء موقف غير مبالي وحتى بارد، المتحدث بلسان القوات الكردية افغار داود، قال في يوم الثلاثاء الماضي بانه “في الظروف الحالية القوات الكردية لن تسلم سلاحها، وهو الامر الذي سيأتي فقط اذا اعترف الدستور السوري بالمكانة الخاصة للاكراد”.

مفهوم “ظروف خاصة” يقصد به الاحداث في السويداء التي اوضحت للاكراد بانه يجب عليهم حمل السلاح للدفاع عن انفسهم وعن طائفتهم، هذا على خلفية عجز النظام في الدفاع عن الدروز وامام حرية عمل العصابات المستقلة، التي تحصل على رعاية النظام. بخصوص الوضع الخاص للاكراد، فان هذا مفهوم واسع يتراوح بين المطالبة بمنح مكانة مستقلة للوحدات الكردية التي ستنضم للجيش وبين تشغيلها في الدفاع عن المحافظات الكردية، وحتى الاعتراف بها كمحافظات فيها حكم ذاتي.

امام هذه الطلبات تقف تركيا مثل سور منيع. مقابل المبعوث الامريكي براك، الذي يتحدث بشكل غامض عن “البدائل”، فان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، لا يتلاعب بالاقوال. وقد قال “نحن نعتبر كل محاولة لتقسيم سوريا تهديد لامننا القومي، ونحن سنتدخل. يجب ان لا تقوم أي مجموعة بخطوات تؤدي الى تقسيم سوريا”، قال بلغة واضحة جدا.

للحظة كان يبدو ان فيدان يوجه تهديده ايضا لاسرائيل بسبب دعمها للدروز. ولكن وزارة الخارجية في تركيا سارعت الى التوضيح بان الوزير قصد الاكراد. ولكن توضيح تركيا لا يغير البنية الاساسية للقوى الموازية التي تشكلت في سوريا. 

حسب هذه التشكيلة فان الولايات المتحدة وتركيا، وفي الخلفية السعودية التي ارسلت أمس وفد كبير من المستثمرين السعوديين الى دمشق، تتبنى الشرع كزعيم لا يوجد له بديل في هذه الاثناء، في حين ان اسرائيل يجب عليها ان تتساوق مع هذه الرؤية، وبالتاكيد عدم تعريض للخطر المصالح الامريكية بخطوات عسكرية او مدنية، التي سيتم تفسيرها كتشجيع على تقسيم سوريا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى