هآرتس: الولايات المتحدة تشترط نقل السلاح بتوسيع المساعدة للقطاع
هآرتس 16/10/2024، عاموس هرئيل: الولايات المتحدة تشترط نقل السلاح بتوسيع المساعدة للقطاع
في بداية الاسبوع اصدرت نائبة الرئيس الامريكي، كمالا هاريس، بيان ادانة استثنائي. المرشحة الديمقراطية للرئاسة اقتبست تقرير للامم المتحدة الذي بحسبه لم تدخل أي ارسالية للمواد الغذائية الى شمال القطاع منذ اسبوعين وأكثر. اسرائيل، قالت هاريس، يجب عليها العمل بسرعة لضمان ادخال المساعدات المدنية للمحتاجين في المنطقة واحترام قواعد القانون الدولي. بعد التوبيخ الامريكي اجتمع ممثلو جهاز الامن مع ممثلي الولايات المتحدة والامم المتحدة لابلاغهم بأن الجيش الاسرائيلي سيسمح بحركة شاحنات المساعدات الى المنطقة، حيث بدأت هناك في الاسبوع الماضي عملية هجوم جديدة للفرقة 162.
يبدو أن الادارة الامريكية لم تقتنع كليا. في هذه الاثناء اعلن وزير الخارجية الامريكي، انطوني بلينكن، ووزير الدفاع الامريكي، لويد اوستن، بأنه اذا لم تتوقف اسرائيل خلال ثلاثين يوم عن التشويش على نقل المساعدات الانسانية الامريكية الى القطاع فان الادارة الامريكية ستمنع ارسال السلاح الى اسرائيل. الولايات المتحدة الآن تعيق ومنذ أيار الماضي ارسال قنابل بوزن طن لسلاح الجو الاسرائيلي على خلفية تجاهل اسرائيل لمعارضة واشنطن لدخول الجيش الاسرائيلي الى رفح. حتى الهجوم صباح أمس امتنع الجيش الاسرائيلي لبضعة ايام عن مهاجمة الضاحية الجنوبية، ايضا هذا بسبب معارضة امريكية. المساعدات الدفاعية الامريكية لاسرائيل، حيث في الخلفية هناك خوف من تدهور جديد امام ايران، تأتي مع ملصق الثمن: تنسيق وثيق اكثر، وبدون ذلك التهديد بفرض عقوبات.
العملية العسكرية تتركز على مدخل مخيم جباليا للاجئين، وفي هذه الاثناء لا تحصل على الاهتمام الكبير في ظل الاحداث في لبنان والتهديدات الايرانية. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي يصدر كل يوم بيانات عن قتل عشرات المخربين في المعارك. ولأن هذه البيانات تعتمد على تقارير القوات في الميدان فانه تصعب معرفة بوضوح كم هو عدد المصابين الذين كانوا من المسلحين وكم هو عدد المواطنين الفلسطينيين الذين لم ينجحوا في الخروج من المنطقة التي يعمل فيها الجيش.
الهدف العلني للعملية في جباليا هو ضرب البنى التحتية الارهابية المتجددة لحماس، في المنطقة التي امتنع الجيش الاسرائيلي عن القيام بنشاطات ناجعة مستمرة فيها منذ كانون الاول الماضي. ولكن الجيش توجد له اعتبارات اخرى وراء الكواليس. كجزء من الضغط على حماس، وذريعة حماية السكان المدنيين، فان الجيش يطلب من سكان جباليا التوجه نحو الجنوب. ولكن حتى الآن الاستجابة قليلة. في شمال القطاع بقيت بيوت كثيرة قائمة، حتى لو أنها تعرضت لضرر كبير بسبب الهجمات الاسرائيلية. هذه بيوت حجرية، وبالنسبة للفلسطينيين هي افضل بكثير من العيش كنازخين في مخيمات ارتجالية ومكتظة في منطقة المواصي في الشاطيء الجنوبي في القطاع. حماس ايضا تحاول منع المواطنين من الهرب.
في الخلفية يتدفق سيل كبير من الانباء عن نوايا سياسية خفية. احزاب اليمين المتطرف تشارك في اتخاذ القرارات وتستعين بضباط احتياط في مقر القيادة والفرق. هذا يتساوق مع “خطة الجنرالات” لغيورا آيلاند وضباط آخرين في الاحتياط. الهدف السامي لهذه الخطة هو دفع مئات آلاف الفلسطينيين من شمال القطاع الى جنوب وادي غزة في الوسط، الذي ما زالوا يوجدون فيه. يتم طرح افكار مثل اطلاق نار متعمد من بين السكان، وحتى عمليات تجويع. هي لم تحصل على مصادقة رسمية من سلسلة القيادة في الجيش الاسرائيلي، لكن مجرد الانشغال فيها والمشاركة السياسية لاحزاب وجهات اعلامية يمينية، تتغلغل الى الاسفل.
يصعب الشك بأن الصعوبات امام ادخال المساعدات الانسانية، الى أن رفعت هاريس صوتها، لم تنبع فقط من التعقيدات البيروقراطية أو من الاستعداد لعمليات في ذكرى 7 اكتوبر. على الارض وفي مقرات القيادة هناك من يعتبرون هذه القوافل مساعدة للعدو، وبالذات يناسبهم أن شاحنات الغذاء لا تصل في الوقت الى اهدافها. ثلاثة جنود من الاحتياط يخدمون في القطاع، الذين تحدثوا في هذا الاسبوع بشكل منفصل مع مراسل “هآرتس” بار بيلغ، قالوا له إنه تولد لديهم الانطباع بأن “خطة الجنرالات” يتم تطبيقها بالفعل على الارض، حتى لو كانت قيادة هيئة الاركان وقيادة المنطقة الجنوبية لم تتبناها بشكل رسمي. “القادة يقولون بشكل علني إن خطة ايلاند يتم تطبيقها من قبل الجيش”، قال جندي في الفرقة 162. جندي في فرقة الاحتياط 252 التي تنتشر في ممر نتساريم قال “الهدف هو اعطاء موعد نهائي للسكان الذين يعيشون شمال منطقة نتساريم كي ينتقلوا الى جنوب القطاع. بعد هذا الموعد فان كل من سيكون في الشمال سيعتبر عدو وسيتم قتله. هذا لا يتفق مع أي معيار من معايير القانون الدولي. اشخاص جلسوا وكتبوا شيء مرتب مع رسومات وفكرة عملية، التي في نهايتها سيطلقون النار على من لا يوافق على الاخلاء. مجرد وجود هذه الفكرة يعتبر أمر غير معقول”.
ضابط كبير في هيئة الاركان قال أمس ردا على سؤال لـ “هآرتس”: “نحن فقط نحصل على الأوامر من رئيس الاركان، ونرسلها الى قادة الفرق. كثيرون توجد لهم مواقف مختلفة وهذا جيد. ولكن هذا لا يملي الخطط العملياتية. لا يوجد هنا أي تجويع للسكان من اجل الاخلاء. ما الامر؟”. وحسب قوله فانه “في الايام الاخيرة اتخذ الجيش خطوات استثنائية لادخال قوافل الشاحنات الى منطقة جباليا رغم المعارك. لم يتغير الكثير في روتين المساعدات الانسانية”، قال واضاف. “القرارات والتخطيط يتم اتخاذه فقط حسب تخطيط عملياتي”.
بخصوص الـ 101 مخطوف لا يوجد أي شك لدى جهات رفيعة في هيئة الاركان بأن “رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اتخذ قرار دعا الى التخلي عن المخطوفين، الذين في معظمهم كما يبدو ما زالوا على قيد الحياة، ويوجدون في انفاق غزة. ليس هو أو قيادة حماس يناقشون الآن خطة عملية لصفقة تبادل. ايال حولتا، رئيس مجلس الامن القومي السابق، قال في هذا الاسبوع للقناة 13 بأن “نتنياهو يعرف أنه في الموازنة بين تدمير حماس واعادة المخطوفين هو يفضل تدمير حماس. يمكن قول كل شيء، والجمهور سيسمع كل شيء، ووسائل الاعلام ستردد – لكن الواقع سيبقى على حاله. الامر الوحيد الذي لا يتغير هو أن المخطوفين يوجدون في غزة ويموتون واحد تلو الآخر”.
في اسبوع احتفالات ذكرى 7 اكتوبر في هذا الاسبوع تبين أن الوزيرة ميري ريغف تخطط لاحتفال زائد في الذكرى السنوية حسب التقويم العبري – عائلات المخطوفين عرفت حقيقة معينة. ممثلوها تمت دعوتهم للظهور في وسائل الاعلام وفي الاحتفالات كي يصرخوا صرخة اعزاءهم الذين تم التخلي عنهم. الآن الامور تعود رويدا رويدا الى المسار المخطط له. في الوقت الذي ينشغل فيه كما يبدو في امور مشتعلة أكثر، فان نتنياهو يزيح عن نفسه مسألة المخطوفين مثلما يطرد ذبابة مزعجة. مؤيدون ومساعدوه في وسائل الاعلام سينقضون على كل ابن عائلة يتجرأ على الاحتجاج على هذا الاهمال.
الانتقال من النشوة الى الواقع
إن ضربة المسيرة القاتلة لقاعدة المجندين الجدد في لواء غولاني، واطلاق الصواريخ بشكل مستمر على شمال البلاد (بدرجة أقل نحو الوسط)، استقبلت في هذا الاسبوع بمفاجأة معينة في وسائل الاعلام وفي اوساط الجمهور. في اجواء النشوة التي سادت هنا بعد سلسلة النجاحات الاستخبارية والعملياتية ضد حزب الله كان يمكن التفكير بالخطأ أنه قد انتهت قصة حرب لبنان الثانية. المنظمة الشيعية تلقت سلسلة لكمات مفاجئة وكبيرة، حيث حزب الله يرفرف مذبوح على الارض وأن كل ما بقي هو املاء شروط الاستسلام.
الواقع على الارض بعيد عن ذلك. الجيش الاسرائيلي يتقدم في جنوب لبنان تقريبا حسب الخطط الاصلية. القوات تقوم بتمشيط المنشآت القتالية لحزب الله في المناطق المعقدة والقرى قرب الحدود. وحتى الآن تواجه مقاومة قليلة جدا. ولكن في هذه الاثناء حزب الله لا يظهر مظاهر الاستسلام. ربما يمكن ايجاد في صفوفه توجه تعافي معين حتى لو كان محدود. تظهر هناك محاولة لتنفيذ خطة نيران منظمة اكثر وتركز على الشمال، حتى البلدات التي توجد جنوب حيفا. في جنوب لبنان انسحبت معظم قوات حزب الله الى الخلف، الى جنوب نهر الليطاني، لكن بعضها ما زال ينتشر شمال النهر بانتظار عمليات هجومية اخرى للجيش الاسرائيلي.
في حزب الله يحاولون اعادة للعمل الوحدات المتقدمة التي اصيبت وقتل قادتها. ورغم الضربة الشديدة لترسانة الصواريخ والقذائف متوسطة المدى وبعيدة المدى، في الجيش الاسرائيلي يؤكدون بأن أكثر من نصفها تم تدميره، إلا أنه بقي لديه ما يكفي من الصواريخ لالحاق اضرار حقيقية باسرائيل. النظام في ايران يبذل جهود كبيرة لاستئناف تهريب السلاح الى لبنان وسوريا، رغم الضربة التي تلقتها شبكات التهريب. كل ذلك يضاف الى تهديد الصواريخ البالستية من ايران، الذي يمكن أن يعود في القريب الى حياتنا كضيف شرف يظهر للمرة الثالثة في هذه الحرب.
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية نشرت أمس بأن اسرائيل تقف امام ازمة متطورة من النقص في صواريخ الاعتراض. هذا هو سبب قرار الادارة الامريكية نشر هنا وبسرعة بطاريات اعتراض الصواريخ من نوع تائد التي ستكمل المنظومات الاسرائيلية – حيتس ومقلاع داود والقبة الحديدية. الشعار القديم لرؤساء الحكومات، أن المساعدات الامريكية تهدف الى مساعدة اسرائيل للدفاع عن نفسها بقوتها الذاتية، يبدو أنه اجوف اكثر من أي وقت مضى.
“التسليح الاسرائيلي هو موضوع جدي”، قالت الدبلوماسية دانا سترول للصحيفة البريطانية، وهي شخصية رفيعة سابقة في البنتاغون والآن هي باحثة في معهد واشنطن لابحاث الشرق الاوسط. “اذا ردت ايران على هجوم اسرائيل وحزب الله انضم فان منظومات الدفاع الجوية الاسرائيلية ستكون متوترة. ايضا الولايات المتحدة لن تستطيع مواصلة تزويد السلاح لاوكرانيا واسرائيل بنفس الوتيرة. نحن نقترب من انعطافة”.
المدير العام للصناعات الجوية بوعز ليفي قال للصحيفة البريطانية إن خطوط انتاج صواريخ حيتس تعمل سبعة ايام على مدى 24 ساعة، لكن انتاج صاروخ جديد “ليس مسألة أيام”. ليس سرا أنه يجب الآن ملء مخازن السلاح، اضاف.
في زيارة قصيرة في جنوب لبنان في بداية الاسبوع كان بالامكان الانفعال من مستوى الالتزام بالمهمة والثقة المهنية للقوات. ايضا وحدات الاحتياط العادية تعمل الآن على الارض وتصطدم مع مسلحين من حزب الله وتدمر وسائل قتالية. المحاولة التي تراكمت في سنة القتال في غزة والمناوشات على طول الحدود الشمالية زادت كفاءة القادة والجنود. ولكن حجم قوات الجيش الاسرائيلي صغير بالمقارنة مع المهمات الملقاة عليه، ومثله ايضا منظومات الدفاع الجوية، ايضا الوحدات النظامية ووحدات الاحتياط متوترة جدا.
الجيش الاسرائيلي يكشف الآن بالتدريج معسكرات حزب الله ومخازن السلاح والانفاق ومنشآت القيادة والمكوث تحت الارض. حزب الله بدأ في الاستعداد بهذه الصورة كجزء من دروس حرب لبنان الثانية في 2006. في حين أنه في 2018 عندما اعضاء قوة الرضوان عادوا الى من خمس سنوات من القتال الى جانب نظام الاسد في الحرب الاهلية الدموية في سوريا، انتشر عدد كبير منهم في جنوب لبنان ووسعوا الاستعدادات للهجوم على طول الحدود.
عدد من المواقع العسكرية يتم كشفها قرب موقع اليونفيل، وتثبت عدم جدوى نشاطها، والاكاذيب المتفق عليها التي استند اليها تطبيق قرار مجلس الامن رقم 1701 (القرار ساعد رغم ذلك على الهدوء النسبي خلال 17 سنة؛ لكن الثمن يتبين الآن). قادة قوة الامم المتحدة في لبنان فضلوا عدم التفتيش في الاماكن التي كان يمكن أن تعرض حياتهم وحياة جنودهم للخطر. “الشخص مطلوب منه بذل الجهد بشكل دائم كي يرى ما يوجد تحت أنفه”، كتب جورج اورويل. الكاتب البريطاني لم يصادف في حياته رجال يونفيل، الذين لم يكلفوا انفسهم عناء العمل.
توجد للجيش الاسرائيلي نافذة فرص مقلصة جدا ترتبط بالشتاء في نهاية السنة وربما بالضغوط الدولية. رغم أن المنظومة الدولية لم تثبت أنها ناجعة في العمليات في قطاع غزة. يتطور هنا، تقريبا كالعادة، سباق ضد الزمن لاستكمال مهمات كثيرة بقدر الامكان. التوجه في قيادة المنطقة الشمالية هو وضع جدول اعمال صارم نسبيا والعمل على انهاء الحرب في المدى المنظور. هناك شك اذا كان هذا سيكون مقبول على سكان المستوطنات التي تم اخلاءها، الذين اصبحوا يدركون الآن حجم المشروع الذي بناه حزب الله وراء الحدود. المطالبة من هناك، وايضا من المنظومة السياسية، ستكون مواصلة التقدم شمالا. عندما حاول قائد المنطقة الشمالية أوري غوردن التلميح بأنه خلال بضعة اسابيع يمكن البدء في اعادة السكان الى بيوتهم، واجهته ردود قاسية من رؤساء المجالس المحلية على الحدود.
“نحن نواصل تدمير البنى التحتية لحزب الله، التي توجد على بعد بضعة كيلومترات من الحدود”، قال ضابط كبير في هيئة الاركان في هذا الاسبوع. “هذه خطوة مهمة في الطريق لخلق الظروف المناسبة لاعادة سكان الشمال. المس بمنظومة القيادة والسيطرة ومنظومة النيران والقدرات الهجومية لحزب الله على خط التماس تساعدنا في ذلك. ولكن نحن بحاجة الى تطبيق هذا الواقع من اجل أن يبقى ساري المفعول حتى بعد الحرب، وهذا يحتاج الى استخدام القوة ايضا بعد ذلك”.
في هذه الاثناء يبدو أن هذا حلم بعيد. قيادة حزب الله الجديدة التي تستند الى الذين بقوا على قيد الحياة بعد هجمات اسرائيل السابقة، ستضطر الى التشاور مع اسيادها في ايران. يصعب استبعاد امكانية تفضيل شن حرب استنزاف بدعم من ايران، مع الازعاج الدائم للجبهة الداخلية الاسرائيلية. من غير المؤكد أن خيار حرب الاستنزاف سيء بالنسبة لنتنياهو، الذي معظم اهتمامه ينصب على بقائه في الحكم وخارج السجن.



