ترجمات عبرية

هآرتس: الولايات المتحدة تخطط “غزة الجديدة” والجيش الإسرائيلي مطالب بان يعالج تلك القديمة

هآرتس 14/11/2025، ينيف كوفوفيتشالولايات المتحدة تخطط “غزة الجديدة” والجيش الإسرائيلي مطالب بان يعالج تلك القديمة

هذا الأسبوع وبعد حوالي شهر على توقيع اتفاق الهدنة في غزة تفاجأوا في جهاز الامن من تسلم طلب من واشنطن الذي صادق عليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، للسماح ببدء بناء “غزة الجديدة”. القصد هو إعادة اعمار مدن في المنطقة التي توجد تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، شرق الخط الأصفر الذي انسحب اليه الجيش عند دخول الاتفاق الى حيز التنفيذ. المرحلة الأولى في خطة غزة الجديدة ستكون إعادة اعمار رفح، المدينة التي دمرها الجيش اثناء الحرب. في المرحلة الثانية سيعاد بناء المزيد من المدن شرق الخط الأصفر وحتى في شمال القطاع. بعد ان يتم ترميم كل المنطقة بواسطة شركات من دول الوساطة سينسحب منها الجيش الإسرائيلي، والخط الأصفر من شانه ان يقسم القطاع الى “غزة الجديدة” في الشرق، و”غزة القديمة” في الغرب – هناك يوجد 2 مليون مواطن تحت سيطرة حماس التي تواصل التعزز وترسيخ حكمها الذي لا ينازعها احد عليه. “سور برلين غزة”، هكذا اعتبر مصدر امني هدف الخط الحدودي الذي كان من شانه ان يكون مؤقت.

لا يوجد للخطة جدول زمني، هي ستستمر لسنوات، ومع ذلك الولايات المتحدة تضغط من اجل التقدم. ولكن في جهاز الامن يقلقون اكثر من مشاكل جوهرية. الأولى هي ان المستوى السياسي لا يشركهم في الثورات التي تخطط لها أمريكا في غزة. والثانية هي انه يبدو ان الولايات المتحدة الجيش الإسرائيلي ليواجه وحده “غزة القديمة” التي تعج بالإرهاب بدون قدرة على العمل فيها عسكريا – فقط إنسانيا. قوة الاستقرار الدولية التي من شانها ان تدير “غزة الجديدة”، مسؤولة كما يبدو أيضا عن القديمة – لكن حماس لن تسمح لها بالحكم بدون تعاون. أيضا دول الوساطة لا تظهر أي استعداد للحكم في “غزة القديمة”. مصر تحاول ان تنقل المسؤولية للسلطة الفلسطينية أو فتح. المستوى السياسي يرفض ذلك، لكن المستوى الأمني يفضل ان تكون الحال هكذا اذا إسرائيل تحملت المسؤولية الكاملة عن المنطقة.

جهات رفيعة في جهاز الامن قالت انه ازداد لديها عدم اليقين فيما يتعلق بالخطط الامريكية المستقبلية في غزة، التي حصلت كما يبدو على موافقة الحكومة بمحادثات سرية بدون اشراك المستوى الأمني. هذه الجهات قالت ان رؤساء المنظومة الأمنية يصمتون خوفا من ان يصبحوا هدف للسياسيين. وحسب اقوال احدها هم أصلا لم يطلب منهم ابداء موقفهم بشان تداعيات العمليات بعيدة المدى التي تخطط لها الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا في غزة. “لقد فقدنا القدرة على التاثير واسماع صوتنا”، تقول الجهة وتضيف. “تحدث امام انظارنا عمليات استراتيجية في غزة توجد لها تداعيات على مستقبل الدولة بدون ان يكون لإسرائيل، خاصة لجهاز الامن، تاثير على ذلك”. مصدر امني اخر قال ان موقف رئيس الأركان ورئيس الشباك اصبح لا أهمية له، وهما مطلوب منهما تنفيذ طبقا للمستوى السياسي خطوات استراتيجية كبيرة، بدون مناقشة الاضرار الأمنية التي يمكن ان تحدث.

ان نقل الغزيين من “غزة القديمة” الى “غزة الجديدة” سيكون تحت رقابة يمكن أن تضمن ان رجال حماس لن يحكموا أيضا في المناطق الجديدة. ولكن في الجيش الإسرائيلي يشككون بشكل كبير في إمكانية منع ذلك كليا. مصادر امنية مطلعة على النقاشات في “غزة الجديدة” قالت انه يبدو ان دول الوساطة ما زالت تختلف حول مسالة من سينفذ الاعمال في المنطقة، وكل طرف يحاول ان يدفع قدما بشركاته من اجل ان تكسب من إعادة اعمار القطاع. هذا الخلاف يؤثر على قدرة الجيش الإسرائيلي على ملاءمة الرقابة الأمنية مع الجهات المدنية في المنطقة، لكن جهاز الامن يقلق اقل من هذه المشكلة لانه يريد ان ينفصل عن غزة وعن إعادة اعمارها. ما يقلقه اكثر هو التجاهل في هذه النقاشات لـ “غزة القديمة”.

حسب جهات استخبارية فان “غزة القديمة”، وهي مخيمات الوسط والمناطق الإنسانية التي وصل اليها السكان في الحرب، محكومة تماما من قبل حماس. جهات رفيعة في جهاز الامن قالت انه الان لا توجد أي جهة تستطيع الاحتجاج على مكانة هذا التنظيم الإرهابي على الأرض. في الجيش الإسرائيلي اعتقدوا انه سيدخل الى المنطقة عشرات آلاف الجنود الأجانب من دول مختلفة، بقوة متعددة الجنسيات، التي من شانها ان تحمي الاتفاقات، وتقوم بنزع سلاح حماس، وازاحتها عن السلطة والمس ببناها التحتية العسكرية. ولكن الان يقولون في الجيش بان أي قوة اجنبية، يتوقع ان تدخل الى القطاع، لا تنوي الدخول الى “غزة القديمة”. الولايات المتحدة والدول التي ترسل قواتها تربط دخولها بوضع الجنود في “غزة الجديدة” أو في المنطقة التي توجد تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي. لا توجد قوة دولية توافق على التعامل مع تجريد حماس من سلاحها.

“لا احد مستعد ان يتولى  المسؤولية عن “غزة القديمة”، وهذا يبقينا مع مشكلة سيكون من الصعب جدا علاجها”، قال مصدر رفيع سابق في جهاز الامن يشارك في الخطط لاعادة اعمار غزة. في جهاز الامن يشعرون بالإحباط لانه لا توجد نقاشات في هذا الموضوع، وكل التوجيهات بشان غزة تصل اليهم من شخصيات رفيعة أمريكية متجاهلة المستوى السياسي الإسرائيلي. “نتنياهو يبث طوال الوقت بان أمريكا ستدرك بان ما يريدونه غير ممكن، وبدلا من التشاجر معهم من الأفضل تركهم يتعلمون لوحدهم بان غزة ليست أفغانستان أو العراق وان الاتفاق سينهار”، قال مصدر امني مطلع على التفاصيل. “لكن اذا انهار الاتفاق، حيث كان في غزة 20 الف جندي من قوات اجنبية، فلن نعود الى الوضع الذي كان قبل الاتفاق. سنكون في وضع جديد الذي من شانه ان يكون سيء جدا”.

في محادثات مع الولايات المتحدة حاولت جهات رفيعة في جهاز الامن ان تفهم من سيتحمل المسؤولية عن “غزة القديمة” التي يوجد فيها الان كل سكان القطاع. من سيدخل الى هناك الطعام والمساعدات؟ للمفاجأة، أجاب الامريكيون بوضوح “إسرائيل هي المسؤولة”. لقد وعدوا بانهم سيساعدون إسرائيل بقدر استطاعتهم في ادخال المساعدات، ضمن أمور أخرى، بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات دولية. ولكن إسرائيل ستكون المسؤولة عن ان المساعدات ستواصل الوصول الى غزة التي توجد تحت سيطرة حماس – في الوقت الذي لا يوجد فيه قوات دولية قادرة على مراقبة ان المساعدات لا تصل الى هذه المنظمة الإرهابية.

في جهاز الامن حذروا المستوى السياسي من ان إسرائيل من شانها ان تكون ملزمة تجاه سكان غزة دون ان تستطيع الاشراف على ان المساعدات لا تنتقل الى حماس. هم أيضا طرحوا مخاوف من انه في حالات وجود ازمة إنسانية، اوبئة او مذبحة تقوم بها حماس ضد معارضيها، لن تستطيع إسرائيل الرد بشكل ناجع. حتى الان لم يرد عليهم المستوى السياسي. رئيس الحكومة ووزير الدفاع يبثان تعاطف. ولكن حسب اقوال مصدر رفيع سابق في جهاز الامن فان “هذا ظاهريا. لا احد يعود ومعه إجابات. الجميع يدركون انه ليست لدينا سيطرة على الأرض، والجميع ينجرون الى مشكلة سترافقنا لسنوات وستحول نصف غزة الى منطقة حرام”.

“هناك احباط كبير جدا وادراك بانه لا يوجد وبحق ما يمكن فعله”، قال ضابط يخدم في القوات المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة. “كل اللقاءات مع الأمريكيين لا تنتهي حقا بتفاهمات أو قرارات واضحة على الأرض. في كل اللقاءات في كريات غات لا يمكن ملء اربع صفحات في كراسة. هذه أجواء دافئة. كل شيء تقرر في الأعلى، أيضا هناك يلقون علينا ذلك كتعليمات. ليس كنتيجة لمناقشات عميقة تفحص التداعيات الاستراتيجية على غزة وعلى امننا”.

الصفقة المخفية

في أوساط كبار الشخصيات في جهاز الامن، الذين تحدثوا مع الصحيفة، يوجد شعور بان أمريكا قررت الركض سريعا، وربما سريعا جدا. هذا الشعور تعزز منذ الأيام الأولى بعد التوقيع على الاتفاق عندما طلب من كبار قادة الجهاز حضور احاطات رجال الإدارة الامريكية والجيش الأمريكي. هناك سمعوا عن خطط اعدت مسبقا بدون إمكانية لطرح رأيهم.

قبل أربعة أيام من اطلاق سراح المخطوفين وزيارة ترامب في إسرائيل عقدت جلسة بمشاركة رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورؤساء أجهزة الامن وضباط كبار اخرين. دخل الى الغرفة أيضا جارد كوشنر وستيف ويتكوف وايفنكا ترامب، ومن حضر هذا اللقاء قال انه لم يكن هناك شك في مسالة من يقود النقاش. عندما اشعل كوشنر جهاز عرضه شعر رجال الامن بان امامهم ترتيبات عمل تم اعدادها حتى قبل ان يتم التوصل الى تفاهمات شرم الشيخ، وقبل ان يسمع صوتهم. كوشنر أوضح بانه حتى قدوم ترامب يجب اظهار تقدم على الأرض.

في اليوم التالي، في اللقاء في مقر وزارة الدفاع، تبين ان الادميرال براد كوفر، قائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، جاء أيضا مع ترتيبات عمل. لقد امر الجيش الإسرائيلي بانشاء الية مشتركة في كريات غات والعمل فورا على ادخال المساعدات الى غزة. هو لم يقل كلمة عن مستقبل القطاع وعن المواضيع التي تقلق جهاز الامن في البلاد – تجريد حماس من سلاحها وإمكانية إقامة حكم بديل. الفهم الذي ساد في الغرفة كان انه يجب التركيز على إعادة المخطوفين، وإسرائيل ستبدأ في ادخال المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة وستسمح بانتقال السكان. زيارة ترامب كانت على الأبواب، والامريكيين أرادوا ان يرفقوها بصور لشاحنات طعام تدخل الى غزة. عندما حاولوا في جهاز الامن الحصول على إجابات من نظرائهم، المح الضباط الامريكيون بانهم هم أيضا لا يعرفون كل شيء، ولكنهم ينفذون تعليمات الإدارة.

ما هي الخطة؟

بعد تشكيل طواقم العمل المشتركة عقدت عدة لقاءات بين كبار ضباط جهاز الامن ونظرائهم الأمريكيين. في هذه المرحلة فهموا ان الخط الاصفر لا يشير فقط الى المنطقة الموجودة تحت السيطرة الأمنية للجيش الإسرائيلي، بل هو جزء من خطة اكبر. حسب الخطة التي طرحت في تلك اللقاءات فان الولايات المتحدة ومصر وتركيا وقطر تطالب بتحويل الخط الأصفر الى منطقة فاصلة. وقد خطط لتقام فيه في البداية 16 نقطة توزيع ومناطق لوجستية كبيرة، التي ستدخل اليها المساعدات الى غزة بصورة مراقبة بدون ان تتولى حماس سيطرة فيها.

الخطة الكاملة غير معروفة للجيش الإسرائيلي، وفي هذه الاثناء جهاز الامن يطالب بان لا يتواجد الجيش في المنطقة التي يعيش فيها مدنيون فلسطينيون. وفي الجيش الإسرائيلي يعارضون كل إمكانية يطلب فيها منهم الاهتمام باحتياجات المواطنين في غزة. اذا قبلت معارضتهم فسيتعين على القوات الانسحاب نحو الشرق باتجاه الحدود مع إسرائيل وتقليص المنطقة الفاصلة مثلما هي اليوم.

ضابط كبير في المنظومة القتالية في غزة قال للصحيفة بان عدم معرفة كبار قادة جهاز الامن بكامل الخطط للولايات المتحدة ودول الوساطة في غزة يسبب تشويش على الأرض. “رئيس الأركان يطلب منهم قتل المخربين، ومباشرة يصله مكالمة يطلب فيها منه تخفيض اللهب الذي ستحدثه اقوال رئيس الأركان”، قال الضابط.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى