ترجمات عبرية

هآرتس: الوضع في الحرم: عبث قانوني وقضائي

هآرتس 2022-05-25، بقلم: نير حسون

توجد قرارات محكمة الصلح في ما يتعلق بشروط إطلاق سراح من المعتقل، على الأغلب، في أسفل سلم أولويات قرارات الجهاز القضائي.
يمكن التقدير بثقة أنه منذ قيام الدولة لم يكن هناك قرار كهذا، الذي أثار عاصفة كبيرة جدا، مثل قرار القاضي تسيون سهراي، أول من أمس.
فقد قام القاضي بإلغاء إبعاد ثلاثة يهود عن الحرم، الذين ركعوا وقرؤوا “اسمع يا إسرائيل” في الحرم.
وقد ردت على هذا القرار خلال ساعتين الحكومة الأردنية ورئيس السلطة الفلسطينية والمتحدث بلسان حماس ورئيس حكومة إسرائيل، هذه قائمة جزئية فقط. صباح أمس كان هذا هو العنوان الرئيس في جميع الصحف الفلسطينية.
في نظر أمناء جبل الهيكل فإن القرار هو انتصار كبير واختراق آخر للوضع الراهن في الحرم، الذي يمنع صلاة اليهود في المكان.
بالنسبة للفلسطينيين هذا دليل دامغ على المؤامرة الإسرائيلية لإبعاد المسلمين عن الحرم من أجل تحويله إلى مكان لصلاة وعبادة اليهود.
بالنسبة لحماس هذه فرصة ذهبية لتكرار الإنجاز الذي حققته في السنة الماضية حول خلق ربط بين قطاع غزة وشرق القدس.
بالنسبة لائتلاف بينيت الهش فإن قرار الحكم هذا هو وجع رأس آخر. وبالنسبة للشرطة فإن الحديث يدور عن تهديد جوهري قبل يوم القدس الذي سيصادف في الأسبوع القادم.
صباح أمس ساد الشعور بتأثير القرار في الحرم. فالشرطي الذي استقبل الحجاج اليهود وجد نفسه في ضائقة أثناء الإحاطة التي قدمها على باب المغاربة.
حتى أول من أمس شملت الإحاطة تحذيرا صريحا من إجراء الصلاة.
صباح أمس تلعثم الشرطي واختلط عليه الأمر وطلب مساعدة من زميله. “محظور علينا القيام بأي شيء يترك… بالطبع… كيف يسمون هذا؟”، “محظور علينا أي شيء يخرق النظام العام”، أوضح الشرطي الثاني.
على الحرم نفسه استمر التشوش. ركع على الأقل ثلاثة زوار في حين أن رجال الشرطة غضوا النظر. ولكن واحدا آخر فعل ذلك في المكان الذي كما يبدو كان مكشوفا من قبل المسلمين، تم توقيفه وأبعد عن الحرم.
في موازاة ذلك، في الزاوية الجنوبية الشرقية المخفية، مرة أخرى سمح رجال الشرطة لليهود بالصلاة بهدوء مثلما اعتادوا على ذلك منذ سنة تقريبا.
أمس كان يتوقع أن تتوجه الشرطة للمحكمة المركزية في محاولة لإلغاء قرار الحكم الذي صدر من أجل أن يعيد إليها إمكانية إبعاد المصلين.
حتى قبل قرار القاضي سهراي امتلأت الشبكات الاجتماعية بدعوات أمناء الهيكل لمؤيديهم من أجل الوصول إلى جبل الهيكل في يوم الأحد القادم، يوم القدس.
الشبكات الاجتماعية العربية امتلأت بدعوات للقدوم من أجل “حماية المسجد الأقصى” من الغزاة.
صب القرار الزيت على النار والطرفان يستخدمان ذلك من أجل حث المؤيدين لهم على القدوم إلى الحرم.
في هذا الوضع تصعب رؤية كيف لن نجد أنفسنا عالقين مرة أخرى في مواجهة عنيفة في الحرم، مثلما حدث تقريبا في كل صباح في شهر رمضان الماضي، هذا حتى قبل المواجهات التي يمكن أن تنشب حول مسيرة الأعلام التي ستجرى في اليوم نفسه بعد الظهر.
الوضع الراهن في الحرم هو في أساسه منظومة من القواعد غير المكتوبة، التي تتصادم مع القانون الجاف.
هذا الوضع وجد وتم الحفاظ عليه من قبل المستوى السياسي منذ العام 1967 لأنه هو الخيار الوحيد لتجنب سفك الدماء طالما لا يوجد هناك حل دائم.
الصياغة الأكثر بساطة له هي ما اضطر رئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، إلى قوله، بضغط من أميركا، في 2015 بعد جولة عنف في الحرم: “جبل الهيكل هو مكان عبادة للمسلمين ومكان زيارة لغير المسلمين”.
ولكن تصريح رئيس الحكومة لا يعتبر قانونا، لذلك يمكن بالتأكيد تفهم لماذا القاضي سهراي رفض الادعاء بأن الركوع وقراءة “اسمع يا إسرائيل” في مكان مقدس هو مخالفة جنائية. الوضع في الحرم خلق وبحق عبثا قانونيا وقضائيا.
مع ذلك، الوضع يبدو غير معقول وغير منطقي فقط بسبب نجاح حملة اليمين التي فصلت الحرم عن سياقه. فالمكان يستخدم كمسجد منذ 400 سنة وهو البؤرة الدينية، الوطنية والرمزية، للمسلمين وللفلسطينيين بشكل خاص.
ومثلما أن صلاة اليهود في كنيسة القيامة أو صلاة المسلمين في حائط المبكى لن يتم النظر إليها برضا، فإنه أيضا هكذا هي صلاة اليهود في المسجد الأقصى.
الحرم غير مغروس في فراغ. فهو يوجد في شرق القدس بين الحي الإسلامي وسلوان. في شرق القدس وفي الضفة الغربية هناك أمور عبثية قانونية أكبر بما لا يقاس من منع الصلاة. فالملايين يعيشون تحت حكم عسكري دون حقوق، و40 في المئة من سكان القدس الذين ليسوا من مواطني الدولة، على سبيل المثال.
إذا اعدنا الحرم إلى مكانه، داخل مجمل الاحتلال والصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، فعندها سنعيد عبثية حظر قراءة “اسمع يا إسرائيل” إلى أبعادها الحقيقية. مع كل الاحترام لحق العبادة لحفنة من اليهود في الحرم، إلا أنها لا تفوق حق ملايين الفلسطينيين بالحرية والمساواة ولا تستحق سفك الدماء من أجلها.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى