ترجمات عبرية

هآرتس: النكبة الثانية أو الدولة الواحدة

هآرتس 28-5-2023، بقلم جدعون ليفي: النكبة الثانية أو الدولة الواحدة

أحد الإنجازات الكبيرة الذي يمكن لنتنياهو تسجيله على اسمه هو إزالة حل الدولتين عن الطاولة. إضافة إلى ذلك، نجح نتنياهو في سنوات ولايته في إنزال القضية الفلسطينية كلها عن جدول الأعمال. ففي البلاد وأيضاً في الخارج لم يعودوا يهتمون بها، باستثناء ضريبة كلامية ليس أكثر. اليمين يرى في ذلك إنجازاً كبيراً. وأرى أن هذا الأمر يجب أن يعتبر تطوراً كارثياً، وتجاهله كارثياً أكثر.

نتنياهو لا يبقي لنا على المدى البعيد إلا حلين اثنين لا ثالث لهما، إما نكبة ثانية أو دولة ديمقراطية واحدة بين البحر والنهر. أي حل آخر لن يكون قابلاً للتطبيق، وليس أكثر من وهم مثل سابقيه، وهْم استهدف إعطاء فترة أخرى من أجل تعميق الاحتلال، ليس لأن هناك الكثير من أجل تعميقه، بل لأن الاحتلال عميق بما يكفي وراسخ وقوي وغير قابل للتراجع عنه. ولكن إذا كان يمكن ترسيخه أكثر، لمزيد الثقة، فلم لا. وإقصاء القضية عن جدول الأعمال سيمكن من الإعلان بشكل رسمي عن موت حل الدولتين، بعد عشرات السنين من موته الفعلي.

أراد نتنياهو قمع التحدث عن حل الدولتين، وقد نجح في ذلك بشكل كبير. هذا ليس غريباً، لأن جميع الأطراف تعرف بأنه لم يتم اقتراح أي حل عميق أساسي منذ أن دخل المستوطنون إلى فندق “بارك” في الخليل. لا يوجد في الأصل بين النهر والبحر أي مكان حقيقي لدولتين قوميتين مع كل خصائص الدول المستقلة وبما في ذلك الجيش. على الأكثر يوجد مكان لدولة إقليمية يهودية قوية ومقابلها دولة فلسطينية دمية، في أفضل الحالات. يجب تقدير من يواصلون النضال من أجل حل الدولتين في أحلامهم وسجلاتهم وجداولهم وخرائطهم، لكن أي قاعدة بيانات لن تغير الحقيقة بأن الدولة الفلسطينية الحقيقية لن تقام هنا، وبدون ذلك لا يمكن أن يكون هنا حل لدولتين.

بسبب قتل هذا الحل، وضع نتنياهو أمامنا حلين آخرين لا ثالث لهما. الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين، وضمنهم نتنياهو نفسه، تثق باستمرارية الأبرتهايد إلى الأبد. يبدو أن هذا السيناريو يعتبر في الوقت الحالي الأكثر معقولية. ولكن تعزز اليمين المتطرف في إسرائيل وروح نضال الفلسطينيين التي لم تخفت بالكامل، لن يسمحا لهذا الوضع بالاستمرار إلى أبد الآبدين.

الأبرتهايد حل مؤقت، ربما يكون بعيد المدى. فقد مر أكثر من خمسين سنة وربما سيستمر لخمسين سنة أخرى، لكن ستأتي نهايته. ولكن كيف؟ هناك سيناريوهان فقط لا ثالث لهما: الأول، المفضل لدى اليمين المتطرف، وللأسف ربما تقريباً على جميع الإسرائيليين، هو نكبة 2. انتهت جميع الخيارات ووقفت إسرائيل في مواجهة خيارات صعبة، وهي دولة واحدة ديمقراطية للشعبين وطرد الفلسطينيين من أجل الحفاظ على الدولة اليهودية، فأي إسرائيلي يهودي سيفضل الطريقة الثانية. وبما أن حل الدولتين غير وارد فلا خيار آخر.

من الجيد أن حل الدولتين أزيل عن الأجندة؛ لأن استمرار الانشغال العقيم به تسبب بالضرر. ها هو حل جاهز على الرف وفي الوقت المناسب سيتم تطبيقه فعلياً. هكذا قام العالم بتعزية نفسه، وهكذا قام اليسار والوسط في إسرائيل بتعزية نفسيهما، وبذلك تجاهلوا مئات آلاف المستوطنين العنيفين والأقوياء سياسياً الذين تسببوا بالضربة القاتلة لهذا الحل. في ضفة خالية من اليهود ربما كان سيكون لذلك احتمالية ضعيفة، لكن الأمر ليس هكذا في جزء من البلاد الذي أسياده المستوطنون. في هذه الأثناء فإن الخمسة ملايين فلسطيني الموجودين بين النهر والبحر سيبقون هنا ولن يذهبوا إلى أي مكان.

سيأتي ذلك اليوم حتى لو بدا بعيداً جداً، وسيتم توجيه المسدس للرأس: نكبة 2، وضمن ذلك طرد عرب إسرائيل، أو دولة ديمقراطية واحدة مع رئيس حكومة فلسطيني أو وزير دفاع فلسطيني، جيش مشترك، علمان، نشيدان وطنيان ولغتان. لأنه لا يوجد أي حل آخر. فما الذي ستختارونه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى