هآرتس: المسّ بأوضاع الاسرى الفلسطينيين اختبار بن غفير القادم
 هآرتس 2023-01-05، بقلم: عاموس هرئيل: المسّ بأوضاع الاسرى الفلسطينيين اختبار بن غفير القادم
كان وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، مصمماً على تنفيذ وعده الانتخابي، زيارة الحرم عند تسلمه منصبه. لم يكن لدى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ورؤساء جهاز الأمن أي سبب للتحمس للزيارة، سواء من حيث مكانها أو توقيتها. خطط نتنياهو لزيارة سياسية أولى في ولايته الجديدة إلى الإمارات، في حين تخوفت الأجهزة الاستخبارية من أن زيارة بن غفير بصفته الجديدة لهذا الموقع الحساس ستشعل الساحة الفلسطينية.
 نوقشت هذه الأمور في الاتصالات التي أجراها نتنياهو مع أصحاب الشأن. في هذه الأثناء في الشبكات الاجتماعية هاجم سياسيون ومراسلون من اليسار بن غفير لأنه لا يفي بوعوده. وجد بن غفير نفسه مكبلا، وواصل الضغط على نتنياهو، وفي نهاية المطاف عثر على حل. سيقول الوزير للمراسلين، إنه ينوي زيارة الحرم في الأسابيع القريبة القادمة وفي غضون ذلك سيستعد لتبكير الزيارة بتغطية إعلامية متدنية، وأنه سيجريها في صباح اليوم التالي، وهذا ما حدث. قام بن غفير بزيارة الحرم تحت حراسة مشددة، لكن الفلسطينيين لم يتمكنوا من إعداد استقبال صاخب له، ومرت الزيارة بهدوء نسبي. بالإجمال، مكث الوزير في الحرم 13 دقيقة دون أن يؤدي الصلاة.
في مكتب رئيس الحكومة، اهتموا بالتوضيح لوسائل الإعلام بأن بن غفير ليس الوزير الأول الذي يقوم بزيارة الحرم (جلعاد أردان فعل ذلك من قبل)؛ ويلتزم نتنياهو بالحفاظ على الوضع الراهن في الحرم دون أي تغيير؛ وأي ادعاء حول تغيير الوضع هو ادعاء لا أساس له من الصحة. قبل الانتخابات تحدث بن غفير بشكل مختلف، ووعد بالعمل على تغيير الوضع الراهن في الحرم. من المهم لنتنياهو أن يوضح بأنه هو صاحب القول الفصل.
مع ذلك، تعكس زيارة بن غفير في الحرم تغييرا في الوضع، على الأقل في علاقات القوة داخل الائتلاف. كانت هناك فترات اهتم فيها نتنياهو بأن يفرض انضباطا اكبر على وزراء الحكومة وإفشال أفكار لاستفزازات كهذه. الآن، يبدو أنه لم يعد قادرا على إملاء موقف كاسح للحكومة، حسب رغبته. فقد اضطر إلى الموافقة على طلبات شركائه، ومنهم من رفض التقاط صورة معه في الحملة الانتخابية الأخيرة. عضو الكنيست من المعارضة، أفيغدور ليبرمان (إسرائيل بيتنا)، وصف الوضع بالصورة اللاذعة التي تميزه. بن غفير، كما قال ليبرمان، هو ببساطة لا يحسب أي حساب لنتنياهو. في غضون ذلك، تبين أن زيارة نتنياهو إلى الإمارات تأجلت «لأسباب فنية».
من المرجح أن هذه لن تكون المرة الأخيرة التي سيتحدى فيها رئيس «قوة يهودية»، وهو أحد اتباع الحاخام مائير كهانا، الحكومة من اليمين. ربما تقترب قضية الحرم من نهايتها إذا لم يخرج الفلسطينيون عن أطوارهم. ولكن بن غفير ملزم بإحداث استفزاز أكبر؛ وعده الانتخابي هو المس بشكل شديد بشروط السجناء الأمنيين. إذا حاول تحقيق هذا الوعد فعليا فمن المرجح أن يقف أمام إضراب جماعي عن الطعام، يمكن أن يؤثر بصورة سيئة على الوضع في «المناطق».
رغم التخوفات فإنه لم يسجل رد فلسطيني عنيف فوري على زيارة الوزير في الحرم. أحيانا تستغرق مثل هذه الأمور وقتا إلى حين حدوث تسخين اكبر. وقد اكثروا، أول من أمس، من مقارنة الزيارة الحالية مع زيارة رئيس المعارضة أرئيل شارون (الليكود) في الحرم في أيلول 2000. الزيارة نفسها ووجهت بمقاومة قليلة، لكن في اليوم التالي اندلعت أعمال العنف في صلاة يوم الجمعة في الحرم. قتلت الشرطة في القدس سبعة متظاهرين، وبذلك أعطيت الإشارة لبدء الانتفاضة الثانية.
تتركز التخوفات في هذه المرة على اتجاهين محتملين، إطلاق الصواريخ من قطاع غزة أو تنفيذ عمليات «لذئاب منفردة» في الضفة الغربية وداخل حدود الخط الأخضر. في الوقت الذي انتقدت فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية والأردن ومصر ودول عربية أخرى الزيارة أو عبرت عن تخوفها من هذه الزيارة، فإنه يبدو أن «حماس» تكتفي بإدانة خفيفة نسبيا. ربما أن الرد يعكس تنوعا واسعا نسبيا من الاعتبارات. فكل يوم يعمل في إسرائيل، بتصاريح، 17 ألف عامل من القطاع. ربما أنه من المريح لـ»حماس» مواصلة ذلك، في حين أنها تواصل إشعال الضفة تحت ارجل إسرائيل والسلطة الفلسطينية، دون البدء بمواجهة عسكرية جديدة أمام الجيش الإسرائيلي في غزة.
نشر، أول من أمس، عن إطلاق صاروخ من غزة سقط كما يبدو داخل حدود القطاع. يمكن أن يشكل هذا الأمر امتحانا هو الأول من نوعه للحكومة، التي تطاول اكثر الوزراء فيها على الحكومة السابقة وقاموا بوصفها بأنها ضعيفة أمام «حماس». هل سيتصرفون بالضرورة بشكل مختلف؟ في هذه الأثناء، تضج الشبكات الاجتماعية في «المناطق» وتعد بالانتقام. في الجيش، يخافون من موجة محاولة تنفيذ عمليات من قبل أفراد، حيث سيكون المحفز في هذه المرة هو زيارة الحرم.
بصيرة إيلي كوهين
بعد أسبوع تقريبا على أداء حكومة نتنياهو السادسة لليمين، يبدو أن الأمور تحدث بوتيرة كبيرة. هذه ليست فقط القرارات الجديدة والتي تثير الجدل التي يتم نشرها كل صباح. بدأت الصراعات القانونية بكامل كثافتها. الخلاف حول تعيين آرييه درعي في منصب وزير، رغم إدانته السابقة، وصل على الفور إلى المحكمة العليا. المواجهة بين الحكومة والنيابة العامة والمحكمة العليا بدأت حتى قبل أن تتمكن مقدمات النشرات الإخبارية من ذكر الوزراء الجدد.
في موازاة استفزاز بن غفير، أيضا وزير الخارجية الجديد، إيلي كوهين، تمكن من لفت الانتباه إليه. تعيين كوهين في هذا المنصب الرفيع بالتناوب مع إسرائيل كاتس، اعتبر مفاجأة كبيرة، ونسب بالأساس إلى قربه وإخلاصه لعائلة نتنياهو. ولكن منذ خطاب تسلمه لهذا المنصب، قام الوزير الجديد بإلقاء قنبلة. فقد قال، إن إسرائيل يجب عليها التحدث بصورة اقل علنية عن الحرب في أوكرانيا. سارع كوهين إلى بدء منصبه بمحادثات هاتفية منفصلة مع وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا. وقد تلقى على الفور انتقادا من مصدر غير متوقع، من كان من المعتاد ذات يوم تسميته أحد الأصدقاء الجيدين لإسرائيل في الكونغرس، السيناتور الجمهوري المخضرم، لندزي غراهام. كتب هذا السيناتور بأن أقوال الوزير مقلقة. وأضاف، إن نظام فلاديمير بوتين ينفذ جرائم حرب. والحفاظ على الهدوء إزاء مثل هذا السلوك لا يعتبر فكرة جيدة.
هل وصل كوهين إلى هذا التبصر المفاجئ بنفسه؟ إذا كان الأمر هكذا فإن هذه الأقوال تعكس قلة التجربة وغياب الحكمة، حتى أنها اكثر خطورة مما كان يمكن توقعه مسبقا. وإلا فإن التفسير ربما يكون مقلقا اكثر؛ أن كوهين يعكس مواقف نتنياهو، الذي في السابق لم يخف حبه وقربه من الرئيس الروسي. إذا طلب رئيس الحكومة أن يتم هنا إعطاء إشارات بصورة غير مباشرة عن حدوث تغيير سياسي إسرائيلي فيبدو أنه قد أخذ توجها غير صحيح. الرد على ذلك من واشنطن يمكن أن يكون اكثر شدة من الرد على الزيارة الطائشة وعديمة المسؤولية لبن غفير في الحرم.
 
 


