ترجمات عبرية

هآرتس: المستشفى في بيت لاهيا “صُفي”: في قطاع غزة ينتظرون الغذاء، الدواء وآلية إدارة مدنية

هآرتس 29/10/2024، تسفي برئيلالمستشفى في بيت لاهيا “صُفي”: في قطاع غزة ينتظرون الغذاء، الدواء وآلية إدارة مدنية

مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا أصبح في الاسبوع الماضي ساحة للقتال، ليس للمرة الاولى. في كانون الاول الماضي اقتحم الجيش الاسرائيلي المستشفى، وهو من اكبر المستشفيات في القطاع، واعتقل فيه مئات من اعضاء حماس. الآن مثلما في السابق اعلن الجيش الاسرائيلي عن استكمال سيطرته على المستشفى. وصف المعارك (كما جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي وتقارير بعض الضباط) يتحدث مرة اخرى عن قتل عشرات المخربين ووضع اليد على وسائل قتالية بكميات كبيرة – التي تدل على استئناف تركز حماس في شمال القطاع. ولكن هذه التقارير، مثل افلام الفيديو التي وثقت اثناء اقتحام المستشفى، تركز على عرض الأدلة المُدينة ولا تتحدث عن المس الانساني القاسي بالطاقم الطبي والمرضى والمعدات الطبية.

المراسلون في القطاع تم منعهم من الوصول الى المستشفى، لكن شهود عيان قالوا إن نشاطات الجيش الاسرائيلي في المستشفى ومحيطه بعيدة جدا عن اعتبارها “عملية جراحية”. في احد التقارير جاء أن مرضى تم اعتقالهم في الأسرة وتم تكبيلهم ونقلهم الى امكان غير معروفة؛ معدات طبية حيوية تم تدميرها؛ سيارات اسعاف تمت مهاجمتها؛ طواقم طبية تم اعتقالها؛ نساء محسوبات على الطاقم الطبي تم حبسهن في الغرف بدون طعام لساعات طويلة. حسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة فانه في المستشفى بقي طبيب واحد (مدير المستشفى حسام أبو صفية، الذي قتل ابنه في هجوم الجيش الاسرائيلي) وممرضة وعامل نظافة. 

أبو صفية ووزارة الصحة اسمعوا أمس دعوات يائسة وجهت لكل من لديه معرفة طبية – جراحين وحتى ممرضين وممرضات – من اجل المجيء الى المستشفى لمعالجة الذين ما زالوا يوجدون فيه ومعالجة المرضى والجرحى الذين لم يتمكنوا من الوصول ولا يسمح لهم بتلقي معالجة بديلة. المستشفى المدمر يضاف الى سلسلة طويلة من المواقع في عمق السكان الذين تضرروا. حسب وزارة الصحة الفلسطينية فان عدد القتلى في القطاع منذ بداية الحرب يفوق 43 ألف شخص، بينهم  96 شخص قتلوا في اليومين الاخيرين.

في شمال القطاع يبدو أن اسرائيل تطبق “خطة الجنرالات” – التي تعني الطرد القسري لعشرات آلاف السكان الى خارج المنطقة الشمالية من اجل اعطاء الجيش الاسرائيلي يد حرة في الحرب ضد اعادة تمركز حماس – والوضع في جنوب القطاع وفي الوسط ليس افضل بكثير. السكان يتحدثون عن نقص كبير في المواد الغذائية الاساسية، بعد تقليص دراماتيكي في عدد الشاحنات المسموح بدخولها الى القطاع، وعن أن المواد التي يتم ادخالها الى القطاع تصل في وضع فاسد، التي احيانا تعرض صحتهم للخطر.

اسعار المواد الغذائية قفزت عشرات النسب المئوية مؤخرا، البنوك والصرافات الآلية لا تعمل، معظم السكان يعتمدون على المساعدة المالية القليلة التي يحصلون عليها من “الاونروا” ومن منظمات اغاثة اخرى. ممثل منظمة الاغاثة النرويجية، الذي اجرى مقابلة أمس مع “سكان نيوز”، قال إن التقارير عن ادخال الغذاء بشكل منظم الى قطاع غزة هي قصص مختلقة، وأن الجوع هو أمر واقع لدى معظم سكان القطاع، في الشمال وفي الجنوب. كل ذلك في الوقت الذي فيه الشتاء على الباب ومعه الامراض التي يتوقع أن تزداد وتتطور الى اوبئة اذا لم يتم علاجها في الوقت المناسب. هذا ازاء الظروف الصحية المخيفة، وغياب البنى التحتية للمياه والمجاري والنقص الشديد في الدواء والطواقم الطبية التي يمكنها تقديم حتى العلاج الوقائي الاولي. 

لا يوجد لاسرائيل في هذه الاثناء أي خطة منظمة لعلاج ممنهج يحل قضية ادخال المساعدات الانسانية، أو مواجهة الوضع الصحي الصعب في القطاع. مصدر اسرائيلي يعالج موضوع المساعدات قال للصحيفة بأنه في ظل غياب سياسة حكومية فانه لا توجد امكانية لتخطيط خطوات للمستقبل، “ليس في الوقت الحالي وليس على المدى البعيد. اذا كانت اسرائيل تنوي البقاء في القطاع لفترة طويلة فانه مطلوب منها اقامة آليات منظمة واعداد طواقم وتخصيص قوة بشرية عسكرية، وبالاساس تخصيص ميزانيات مناسبة، كي تستطيع مواجهة احتياجات السكان”. وحسب اقوال هذا المصدر لا شيء من كل ذلك يحدث.

في محادثات رئيس الشباك رونين بار مع رئيس المخابرات المصرية الجديد محمود رشاد قبل عشرة ايام تقريبا، التي تم فيها مناقشة اقتراح صفقة تبادل “صغيرة”، تحدثا ايضا عن اقتراحات لاعادة فتح معبر رفح؛ لكن حتى الآن لم يتم التوصل الى اتفاق على خطة يمكن أن تحل مشكلة توفير الغذاء والدواء للقطاع.

وسائل اعلام عربية نشرت في هذا الاسبوع أن احد الاقتراحات يتحدث عن تشغيل المعبر في الجانب الغزي من قبل جهات فلسطينية توافق عليها اسرائيل، التي ستعمل باشراف الامم المتحدة، حيث في “غلاف المعبر” يتم وضع قوات اسرائيلية تؤمن نشاطه وتمنع حماس من السيطرة عليه. من غير الواضح من هي هذه “الجهات الفلسطينية”، وماذا ستكون صلاحية ممثلي الامم المتحدة، وهل ستوافق الامم المتحدة أصلا على ارسال ممثلين مطلوب منهم العمل حسب توجيهات اسرائيل. يبدو أن هذا الاقتراح يحاول محاكاة الاتفاق الذي تم وضعه في “اتفاق المعابر” من العام 2005. حسب هذا الاتفاق السلطة الفلسطينية هي التي ادارت المعبر بتوجيه مهني من قبل ممثلي الاتحاد الاوروبي في حين أن اسرائيل “اشرفت من بعيد” على نشاطات المعبر وامسكت بيدها صلاحية منع دخول اشخاص أو بضائع، طبقا لمعايير أمنية. 

حتى لو تم تبني الاقتراح الحالي فانه ستبقى على حالها قضية التخزين وتوزيع المساعدات وتأمين قوافل المساعدات ومنع سيطرة اعضاء حماس عليها واقامة نقاط توزيع في المدن وفي الاحياء. خاصة قضية التعاون مع منظمات مساعدة محلية، بالاساس مع “الاونروا”، التي صادق الكنيست أمس على تشريع يحظر بالفعل التعاون معها. 

حسب تقارير نشرت في الفترة الاخيرة في اسرائيل فان تأمين القوافل وتوزيع الشحنات كان يمكن أن ينتقل الى مسؤولية شركة النقل “جي.دي.سي” المسجلة في امريكا والتي يديرها الاسرائيلي موتي كهانا. الكشف الذي قام به غور مجيدو في “ذي ماركر” اظهر أن أي اتفاق لم يوقع مع الشركة. وحسب الجيش الاسرائيلي فانه “لم يتم الحصول على أي توجيه من المستوى السياسي حول هذه المسألة”.

“في ظل غياب مقاولي حماية اجانب وبدون تعاون متفق عليه مع منظمات الاغاثة، فان الجيش هو الذي سيتحمل مسؤولية نقل الغذاء والدواء وتخزينها وتوزيعها وتمويل كل هذه العملية، الامر الذي يتعلق بمليارات الشواقل التي ستخرج من خزينة الدولة”، قال مصدر اسرائيلي للصحيفة. “لكن ايضا حول ذلك لم يتم التوصل حتى الآن الى اتفاق، ولا توجد ايضا أي خطة عمل”.

مصدر اسرائيلي آخر مطلع على المجال قال إن “الجيش الاسرائيلي يمكنه تنفيذ المهمة اذا حصل على الأمر. المشكلة الحقيقية لا تكمن في تخصيص القوة البشرية. اذا كانت هذه المهمة فان الجيش الاسرائيلي سينقل قوات من النشاطات القتالية التي هي في اصلا آخذة في التقلص في القطاع، من اجل ادارة الشؤون المدنية. المشكلة تكمن في نظرة الجمهور، وهذه المشكلة ستنفجر في وجه الحكومة والقيادة العسكرية عندما سيقتل الجندي الاول في عملية حماية قافلة الغذاء أو في نقطة توزيع الخبز على المدنيين. أنا لا أحسد الضابط الذي سيضطر الى أن يبلغ عائلة الجندي القتيل عن الظروف التي قتل فيها”.

الجسم الوحيد الذي يمكنه، اذا وافق، تولي المسؤولية المدنية، ولا يكون مرتبط بحماس، هم آلاف الموظفين المسجلين في كادر القوة البشرية للسلطة الفلسطينية. من غير الواضح كم بقي منهم على قيد الحياة، لكن حتى لو وافقت السلطة على استئناف نشاطهم وفرضت مرة اخرى سيادتها في غزة، فان هذه الموافقة ستكون مرهونة باستعداد اسرائيل لازالة السور الحديدي الذي وضعه نتنياهو كحاجز امام نشاط السلطة في غزة. حسب رأيه، في كل ما يتعلق بدعم الارهاب فانه لا يوجد فرق بين السلطة الفلسطينية وحماس. 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى