هآرتس: المدعية العسكرية العامة اعتبرت ممثلة للنخب

هآرتس 3/11/2025، يغيل ليفي: المدعية العسكرية العامة اعتبرت ممثلة للنخب
المدعية العسكرية اضرت بثقة الإسرائيليين بجهاز القضاء العسكري، ولكن قضية الثقة هي قضية معقدة. احداث “سديه تيمان” ليست فقط حدثا جنائيا أو عمليا، بل هو أيضا حدثا اجتماعيا. وهو جزء من الصراع الذي يجري منذ حوالي عشرين سنة على هوية الجيش.
مجموعتان تتحديان هوية الجيش مثلما شكل تاريخيا على يد مجموعات القوة في الطبقة المتوسطة العلمانية: المجموعة الحريدية الوطنية ومقاتلو الياقات الزرقاء، التي يبرز فيها شرقيون تقليديون. عامل رئيسي في هذه الهوية التي يتم تحديها هو خضوع الجيش للقانون الدولي وسلوكه طبقا للقانون. اقوال رئيس الأركان غادي ايزنكوت في قضية اليئور ازاريا هي حدث مؤسس في هذا الصراع، “اذا كان هناك شخص يريد روحية العصابة فليكن ذلك”، وهي من التعابير التي التصقت بالهوية التاريخية.
المدعية العسكرية العامة اعتبرت مركز قوة مؤسسي، يدافع عن الهوية التاريخية للجيش. كممثلة للقضاء الدولي، أو على الأقل بالتفسير المحلي المرن له، كانت المدعية العسكرية العنوان للاتهام من قبل من يتحدون اسهامها في اضعاف قدرة القتال لدى الجيش. نحن نتذكر اقوال وزير التعليم نفتالي بينيت “جنودنا يخافون من المدعي العسكري اكثر من خوفهم من يحيى السنوار”. هذا الانتقاد تردد أيضا في حرب غزة رغم الشرعنة السخية التي منحتها النيابة لسلسلة من جرائم الحرب.
لذلك فان احداث سديه تيمان عكست التصعيد في انتفاض جنود الياقات الزرقاء، هذه المرة على شاكلة القوة 100، التي اتهم جنودها بالمس بطفل غزي. من وجهة نظرهم هم ومؤيدوهم فان النيابة العامة حاولت تحطيم قواعد اللعب التي تشكلت في الحرب. حسب هذه القواعد فان روح العصابة تحولت الى روح شبه رسمية للجيش، الذي جنوده لم يعودوا يخافون من النيابة العسكرية ويحاربون بكل القوة ضد الغزيين. هذا الالتزام بالقانون الدولي اعتبر جزء من “التصور” الذي انهار في 7 أكتوبر. من هذا الانهيار نشأ جيش جديد يحارب بدون خوف. وهذا المخلوق الجديد تهدده الآن النيابة العسكرية.
لقد ترافق ذلك مع احباط مقاتلي أصحاب الياقات الزرقاء الذين يعكسون الهامشية الاجتماعية لهم، المندمجة بالهامشية العسكرية، باعتباره يوجد في اسفل التسلسل الهرمي القتالي، وبالتاكيد في مواجهة الجيش ذي التقنية العالية الذي كان ينظر اليه باعتباره المنتصر الانيق للحرب.
لقد تحطم الرصيف الاجتماعي الذي بناه الجيش في المجال العام، حيث استعان الجنود بسياسيين يمينيين واصبحوا منذ قضية ازاريا صوت الجنود أصحاب الياقات الزرقاء. واذا اعتمدنا على تفسير الباحثة صوفيا سلمون فان نضال القوة 100 وانصارها، مثلما كان نضال انصار ازاريا في السابق، هو تعبير عن صوت الجنود “العاديين” الذين يعتبرون انفسهم ممثلين للشعب، لكنهم يتحدون ضد الجماعة القوية التي تضايقهم. وحسب تصور البعض، نقلا عن زوجة احد المتهمين، فقد “اختار الله هؤلاء المقاتلين لتحقيق شيء ما اعظم منا بكثير”.
الجيش يتجاهل صراعات الهوية داخل صفوفه، وفي افضل الحالات يعتبرها مخالفة انضباطية (مثل مواجهة شارة المسيح) وعليه الآن علاجها من جذورها. يتم الطلب من النيابة العامة العسكرية – لا سيما بالقدر الذي ستلزم به مستقبلا بمقاضاة الجنود على جرائم ارتكبوها اثناء الحرب – ان تكون على دراية بوجود صراعات الهوية. ويجب ان يترجم هذا الوعي الى اعتماد معيار صارم اكثر في التعامل المهني والنزيه مع الجرائم قيد التحقيق. كل ذلك ينبع من جهد، كاد ان يضيع منذ البداية، لكسب ثقة مجتمعية واسعة لعمل النيابة العامة. ان التسريب والتستر في الوقت الحالي تمثل انتهاك لهذه الثقة وتزيد من تاجيج حرب الهوية.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



