ترجمات عبرية

هآرتس : المحكمة العليا توافق على الترحيل الجماعي للفلسطينيين

عميره هاس

هآرتس 6/5/2022 – بقلم: عميره هاس 

بدءاً من هذا الصباح، ستكون الإدارة المدنية والجيش الإسرائيلي وحرس الحدود والشرطة مخولين لإرسال العشرات، وإذا اقتضى الأمر أكثر، من الجنود ورجال الشرطة لاقتحام ثماني قرى في مسافر يطا التي تقع جنوب شرقي الضفة. هم مخولون ويحملون بنادق كي يحملوا مئات من سكان هذه القرى، شيوخاً وشباباً ونساء وأطفالاً رضعاً. هذا الطرد سيكون ممهوراً بخاتم مبجل للمحكمة العليا.

ستكون لدى مقاولي الإدارة المدنية، بمرافقة مفتشين من الموظفين العامين والجنود، حرية تدمير كل كوخ هنا وحظيرة هناك، بل وتدمير عشرات المباني السكنية والحظائر دفعة واحدة، بما في ذلك مغر سكنية حفرت قبل بضع سنوات على قيام دولة إسرائيل، وكل ذلك طبقاً لقرار القاضي دافيد مينتس، والقاضي إسحق عميت، والقاضي عوفر غروسكوفيف، رفض التماس سكان مسافر يطا ضد طردهم بشكل دائم وهدم قراهم لصالح إجراء تدريبات منظمة للجيش الإسرائيلي في المنطقة.

نشر القرار في موقع المحكمة العليا في يوم الذكرى وعشية عيد الاستقلال، في الوقت الذي كان فيه اليهود يحتفلون بدولة إسرائيل، والفلسطينيون يبكون على فقدان وطنهم وطردهم وتحويل غالبيتهم إلى لاجئين. لم يتمكن قضاة المحكمة العليا من الحصول على توقيت أفضل لنشر هذا القرار، الذي يسوغ الطرد ويشجع ويسمح بمحو نمط حياة فلسطيني نموذجي تشكل وتطور منذ مئة سنة. هذا النمط يتميز بالعلاقات المتبادلة والاعتماد العائلي، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، بين القرى فيما بينها وبين مدينة المحافظة. محو ثماني قرى من بين 14 قرية سيدمر كل النسيج التاريخي – الجغرافي.

وفق النقاش التاريخي – الجغرافي، هل عبر القضاة عن موقفهم القاطع بأن إسرائيل في جوهرها وطابعها نتاج للكولونيالية – الاستيطانية، بالتأكيد نعم. لأن جوهر الكولونيالية الاستيطانية هو سيطرة مهاجرين على منطقة يعيش فيها سكان أصليون وطردهم منها (في أصعب الحالات تمت إبادة شعب) والتنكر لجذورهم في المكان وإبعادهم عن النظام السياسي الجديد الذي وجد فيها. في هذا النظام السياسي الذي لا يوجد فيه أي صوت أو ذكر للسكان الأصليين، فإنه مسموح للحاكم الجديد التقرير بأن منطقة معينة من البلاد ضرورية لجيشه أو مستوطنيه أو كلاهما معاً. هكذا، فإن تحويل منطقة مسافر يطا إلى منطقة التدريب 918 هو أيضاً حلقة واقعية في عملية تحدث في كل البلاد بين البحر والنهر منذ مئة سنة تقريباً، وهي مثال أيضاً على استمرارية هذه السياسة.

رفض القضاة شهادات السكان باستخفاف، الخطية وغير الخطية والموثقة بوثائق الدلائل المادية الموجودة على الأرض، بخصوص علاقتهم بالمكان في الماضي والحاضر. وإن رفضهم الذاكرة العائلية – التاريخية للسكان الأصليين هو جزء من النظام السياسي الكولونيالي الذي يعدّ فيه صوتهم وماضيهم غير مهمين. تبنى القضاة بحماسة موقف الدولة في أن سكان مسافر يطا اقتحموا المنطقة بعد الإعلان عنها كمنطقة تدريبات عسكرية في 1980. وأريد القول بأنه وحسب أقوال النيابة العامة للدولة والمحكمة العليا، فإن مجموعة سكانية من المزارعين والرعاة الذين يمارسون نمط حياة بسيطاً جداً، تآمرت لإفشال إعداد هذه المنطقة لتدريبات الجيش الإسرائيلي وقامت باقتحامها بدون حسن نية، واختارت العيش عمداً بدون مياه وكهرباء ورخص بناء وطرق معبدة.

فضل القضاة تجاهل الطبيعة القضائية، التدريجية والطبيعية، التي نشأت فيها قرى فلسطينية خلال مئات السنين. عندما ازداد عدد السكان والقطعان، ابتعد سكان القرية إلى مناطق رعي أخرى ومصادر مياه أخرى، وقاموا بتوسيع الأراضي التي فلحوها داخل منطقة كان متفقاً ومعروفاً بأنها تحت تصرفهم. استخدموا المغر للسكن. ومع مرور الوقت، ازداد عدد الأشخاص الذين سكنوا في الامتدادات التي وجدت، وعند ازدياد العدد تغيرت الاحتياجات وأضيفت مبان سكنية وحظائر ومبان عامة وطرق رابطة. في المقابل، تحولت قرية المنشأ إلى بلدة أو مدينة.

بعد العام 1967 عملت إسرائيل بصورة محسوبة وبقصد على وقف هذه العملية في مناطق الضفة الغربية أيضاً. الإعلان عن مناطق تدريبات عسكرية كان أحد وسائل تحقيق هذا الهدف. إقامة المستوطنات وسيطرتها على الموارد الأرضية والمائية كانت وسيلة أخرى مؤكدة. اختارت المحكمة العليا أيضاً التساذج والاستخفاف بمعنى الوثيقة التي قدمتها لها جمعية حقوق المواطن، توصية لأريئيل شارون كوزير للزراعة في تموز 1981 ورئيس اللجنة الوزارية للاستيطان، كي يقوم القادة العسكريون بتوسيع منطقة التدريب في مسافر يطا من أجل “منع تمدد عرب الجبل القرويين الموجودين على سفح الجبل باتجاه الصحراء… والحفاظ على هذه المناطق في أيدينا”.

ممثلو الملتمسين، المحامي شلومو ليكر، ومحاميا جمعية حقوق المواطن دان يكير وروني بيلي، استندوا إلى البند 49 من ميثاق جنيف: “النقل القسري للسكان المحميين (سكان المنطقة المحتلة)، أفراداً أو جماعات، وكذلك طرد المحميين من المنطقة المحتلة إلى منطقة للدولة المحتلة أو إلى أراضي أي دولة أخرى، سواء كانت محتلة أو غير محتلة، هو أمر محظور مهما كان الدافع. رفع القضاة ادعاءات مقدمي الالتماس في أنه يجب على المحكمة أن تحترم هذا البند، وحتى إن القاضي مينتس قال إن البند 49 هو قاعدة اتفاقية (مكملة)، أي هي نتائج لمواثيق وافقت عليها الدول فيما بينها وليست إجراء ملزماً للمحكمة الداخلية في كل دولة. محامون مثل ميخائيل سفارد ونتاع عمار شيف (الذين رفض طلبهم لضم مجلس مسافر يطا كصديق للمحكمة) سبق وأشاروا أمس إلى أن ادعاء مينتس لا أساس له. وحسب صياغة سفارد، فإن “الحديث يدور على الأقل عن خطأ قانوني أساسي مدعاة للحرج”.

الالتماسات الأصلية التي قدمها ليكر ومحامو الجمعية في 2000 قدمت في أعقاب طرد جماعي نفذته قوات الجيش في تشرين الثاني 1999 وحملة هدم لمبان سكنية وحظائر وآبار مياه ومغر سكنية. هذا الطرد لـ 700 شخص تقريباً نفذ عندما كان رئيس الحكومة ووزير الدفاع هو إيهود باراك، عضو حزب العمل، وعندما كانت إسرائيل وم.ت.ف تتفاوضان في إطار ما تم عرضه في العالم كعملية سلمية. التناقض بين “مسيرة سلام” وبين طرد جماعي لم يهز المجتمع الإسرائيلي.

المحكمة العليا كالعادة فوتت الفرصة لإجبار الدولة على التصرف حسب القانون الدولي، واتخاذ قرار قيمي ضد الطرد. وقد اكتفت بأمر مؤقت مكن من عودة المطرودين، لكن ليس إعادة ترميم المباني التي دمرت وبناء مبان جديدة طبقاً لتكاثر السكان الطبيعي. في الوقت نفسه، كان من المريح للمحكمة العليا أن الدولة نفسها طلبت مراراً طوال أكثر من عقد تأجيل ردها على الالتماس، ولن تضطر هذه المحكمة إلى البت.

في تلك السنوات، أسمع الاتحاد الأوروبي موقفاً واضحاً ضد تهديد الاقتلاع. في هذه الأثناء، ازدادت البؤر الاستيطانية غير القانونية في المنطقة واتسعت مساحات المستوطنات وتطورت وسائل الإدارة المدنية والمستوطنات في منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم. ورسمياً، رغم أن الطرد الذي سوغته المحكمة العليا ما زال مناقضاً لموقف الاتحاد الأوروبي وموقف أجزاء من الإدارة الديمقراطية الأمريكية أيضاً، فإن قضاة المحكمة العليا يعرفون جيداً أن إسرائيل لا تخاطر بفرض عقوبات عليها بسبب هذا القرار. هم يعرفون أن الطرد بمصادقة منهم لـ 1200 – 1800 فلسطيني من بيوتهم لا يشكل خدشاً لأي قيمة مهيمنة في إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى