ترجمات عبرية

هآرتس: القدس تعود إلى أيام الرعب: موجة جديدة؟

هآرتس 2022-11-25، بقلم: نير حسون: القدس تعود إلى “أيام الرعب”: موجة جديدة؟

أوشكت القدس تقريباً على نسيان نوع المشاهد التي ظهرت، صباح أول من أمس، في ساحات العملية المزدوجة التي حدثت على مدخل المدينة وفي مفترق رموت. خبراء المتفجرات يجلسون على ركبهم وهم يبحثون عن بقايا العبوات ودراجة محطمة وبقايا زجاج وحجارة تناثرت على مسافة بعيدة وازدحامات ضخمة بسبب إغلاق مدخل المدينة الرئيسي. هذا ليس لأن القدس نسيت ماذا تعني العملية. في السنوات الأخيرة وقعت في المدينة عمليات كثيرة، لكن ولا عملية منها تشبه هذه العملية، لا في الوسائل ولا في المكان ولا في المصابين.

محطة الحافلات في مدخل المدينة هي نوع من مؤسسة مقدسية، محطة مركزية مصغرة. مئات الأشخاص، معظمهم من المتدينين في الأحياء القريبة، يتجمعون هناك في كل صباح بانتظار الحافلات أو انتظار النقل بالمجان. يبدو أن من وضع العبوة عرف المكان والاكتظاظ فيه. من الأضرار في المكان يبدو أن العبوة وُضعت وراء المحطة. العبوة الثانية تم اخفاؤها في محطة الحافلات في الشارع الذي يصل بين ساحة العملية الاولى وحي رموت. الحافلة التي مرت في المحطة امتصت معظم الصدمة والشظايا ومنعت حدوث عملية اخطر بكثير. المشاهد داخل الباص، مشاهد خبراء المتفجرات الذين يرتدون البدلات البيضاء ويجمعون البقايا في داخل الحافلة المدمرة، كانت استعادة دقيقة لساحة عمليات الحافلات في الانتفاضة الثانية في بداية سنوات الالفين.

العملية المزدوجة في القدس

يأتي العنف في القدس في موجات: الانتفاضة الاولى والانتفاضة الثانية وأحداث محمد أبو خضير وانتفاضة السكاكين من العام 2015 والعملية في الحرم في 2017 وأحداث البوابات الإلكترونية وأحداث رمضان 2021 وغيرها. كل موجة وخصائصها، لكن منذ 2014 هناك نمط ثابت جدا للعمليات في المدينة، “مخرب” منفرد أو “مخربون”، لم يتم ارسالهم من قبل أي تنظيم مزودين بسكاكين، وفي اسوأ الحالات بسلاح بدائي، يهاجمون رجال الشرطة أو جنود حرس الحدود في منطقة باب العامود وباب الساهرة على طول خط التماس. على الأغلب هذه العمليات تنتهي بعدد من المصابين وقتل “المخرب”، رغم أنه كانت هناك حالات استثنائية مثل قتل المصلين في كنيس في هار نوف في 2014. لكن معظم العمليات في السنوات الأخيرة لم تكن في غربي المدينة، ولم يتم فيها استخدام عبوات، ولم تكن محكمة بشكل خاص.

كسرت العملية الأخيرة جميع القواعد. فهذه عملية تفجيرية مزدوجة في غربي المدينة، حيث تم تفجير عبوة ناسفة من بعيد بدون وجود “مخرب انتحاري”. من اجل تذكر حادثة مشابهة يجب العودة الى العام 2016، في حينه انفجرت عبوة ناسفة في حافلة خط 12 في شارع موشيه برعام في جنوب القدس، حيث اصيب 20 شخصاً.

لكن غالبية سكان القدس كبار السن تذكّرهم مشاهد العملية الاخيرة بفترة اخرى، الانتفاضة الثانية، فترة الرعب في القدس. في تلك الفترة كانت هناك قاعدة معروفة في المدينة التي بحسبها إذا سمعت ثلاث صافرات متتالية وطائرة مروحية في السماء فإن الأمر يتعلق بعملية ويجب البدء في فحص أين يوجد أبناء عائلاتكم. على الأغلب كانت تلك عملية “انتحارية” فيها الكثير من المصابين، في حافلة أو في مقهى. تلك الفترة المريرة أدت الى بناء جدار الفصل واختراق عميق من قبل “الشاباك” لأحياء شرقي القدس وقرى الضفة. كان يبدو أن قوات الأمن قامت بتحييد قدرة التنظيمات الفلسطينية على تنفيذ عمليات معقدة تحتاج الى معلومات ومواد ومختبر وشخص ناقل وقائد. العملية في صباح أول من أمس بددت هذا الوهم.

فرق مهم آخر بين العمليات التي تعودنا عليها في السنوات الاخيرة وبين عملية صباح أول من أمس يكمن في قوة تشويش الحياة في المدينة. في فترة العمليات أصبحت طواقم الشرطة والبلدية مدربة جداً على اعادة روتين الحياة. بعد التحقيق واخلاء المصابين كان يأتي طاقم تنظيف من البلدية وأحياناً خلال ساعة أو ساعتين لا يكون بالإمكان معرفة أنه وقعت عملية في المكان.

في صباح أول من أمس كان الوضع مختلفاً. فالعملية نجحت في تشويش روتين الحياة في المدينة بشكل كبير. خبراء المتفجرات استمروا في كنس وجمع البقايا المعدنية التي كانت جزءاً من العملية كما يبدو، واستمرت سيارات الاسعاف وسيارات الشرطة في السير وهي تطلق الصافرات وحلقت طائرة مروحية في السماء. وقد بدأ في الوصول الى الساحة ايضا سياسيون وفي المحيط تجمع المئات من محبي الاستطلاع القلقين. أحدهم اعتقد أنه لاحظ سائقاً فلسطينياً وصرخ “الموت للعرب”. السؤال الكبير الذي حلق فوق المدينة صباح أول من أمس هو هل الحديث يدور عن بداية فترة جديدة مع عمليات من النوع الذي فضلنا نسيانه، هل نحن على أبواب موجة جديدة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى