ترجمات عبرية

هآرتس: الفضائح التي تساعد الحكومة على حرف الانظار عن الوضع الإسرائيلي المزري

هآرتس 3/7/2024، عاموس هرئيل: الفضائح التي تساعد الحكومة على حرف الانظار عن الوضع الإسرائيلي المزري

صحيفة “نيويورك تايمز” لم تكشف في هذه المرة للقراء أي شيء لم يعرف عنه قراء الصحف في اسرائيل قبل بضعة اسابيع. حتى أمس كتب في العنوان الرئيسي في صحيفة “هآرتس” عن الفجوات بين موقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالنت والقيادة العليا في الجيش الاسرائيلي. ليس سرا أن الجيش يعمل على الانتقال الى مرحلة جديدة للقتال في غزة، ومحاولة جديدة للتوصل الى وقف لاطلاق النار مع حماس (في موازاة صفقة لتحرير المخطوفين)، والتركيز على الحدود الشمالية، على أمل ان يكون بالامكان التوصل الى اتفاق سياسي يوقف نيران حزب الله ويسمح بعودة الاسرائيليين الى بيوتهم. في الخلفية يوجد وبحق قلق معروف، حول اقتصاد التسليح. 

الصحيفة الامريكية اقتبست ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي يقلقون من وضع التسليح المخصص للقتال في قطاع غزة، لذلك فانهم يؤيدون وقف اطلاق النار هناك، حتى بثمن ابقاء حماس في الحكم. ولكن الخوف الحقيقي لا يتعلق بالقطاع، هناك تفوق الجيش الاسرائيلي الآن واضح بشكل كامل، بل يتعلق باندلاع حرب شاملة ضد حزب الله. الحرب في الشمال ستقتضي عدد اكبر من القنابل الدقيقة لسلاح الجو، اضافة الى القذائف للدبابات والمدفعية. وقف اطلاق النار في قطاع غزة يمكن أن يحول مسار التسليح في حالة وجود سيناريو الحرب المستقبلية في لبنان، وربما يتيح الفرصة لاعادة المخطوفين من يد حماس في الجنوب. 

نتنياهو انقض على هذا النشر كمن وجد غنيمة كبيرة. مرت بصعوبة بضع ساعات ومكتب رئيس الحكومة قام بنشر فيلم. “أنا لا أعرف هذه الجهات المجهولة”، قال نتنياهو. “لكن من اجل التوضيح بشكل قاطع، هذا لن يحدث، نحن لن نخضع لرياح الهزيمة، سواء في “نيويورك تايمز” أو في أي مكان آخر. نحن سننهي الحرب فقط بعد تحقيق كل اهدافها، بما في ذلك تصفية حماس وتحرير المخطوفين”.

كالعادة في هذه الحرب الطويلة فانه تقريبا كل تصريح لنتنياهو هدف الى تحقيق اهداف معينة، الى جانب ما يعلن عنه بشكل صريح. الاعتبار الاول هو توفير الدفع بالغيبة: مرة اخرى هناك جهات غامضة، هذه المرة ترتدي الزي العسكري، تقف بينه وبين تحقيق النصر المطلق الذي وعد به. هذا اضافة الى الادارة الامريكية التي منذ اللحظة التي بدأت فيها في تأخير ارساليات السلاح لاسرائيل، تتعرض للاتهام من قبل نتنياهو (في جهاز الامن يؤكدون على أن هذه الافلام التي نشرها رئيس الحكومة بخصوص ذلك هي العامل الرئيسي في أن الولايات المتحدة ما زالت تقوم بتأخير جزء من ارساليات السلاح رغم جهود غالنت).

ربما أن الاعتبار الثاني يتعلق بالمفاوضات حول المخطوفين. مؤخرا يتم نشر مرة اخرى تقارير عن الجهود الامريكية المركزة التي تفرض على حماس التوصل الى الصفقة، على الاقل منذ كانون الثاني الماضي فانه يوجد نموذج ثابت فيه في كل مرة يظهر فيها بصيص أمل واحتمالية لانعطافة، فان رئيس الحكومة يهتم بالتوضيح علنا أنه لن يتنازل في أي يوم عن ابادة حماس. أمس انضم اليه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي اختار هذا التوقيت كي يقول بأنه لن يندهش “اذا فجأة، بعد اشهر من الرفض، سيرد يحيى السنوار بالايجاب على الاقتراح ويقول بأنه يوافق على الصفقة لأنه مذعور ويدرك بأننا قريبين من النصر”. 

مؤخرا يمكن ملاحظة نموذج آخر لنتنياهو وشركائه في الائتلاف من اليمين المتطرف. هذا هو اسلوب اثارة الرعب العلني، يجدر الانتباه الى احداث الايام الاخيرة. في يوم الاثنين ثارت عاصفة كبيرة بشكل متعمد حول قرار الشباك اطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء في غزة من المعتقل واعادته الى القطاع. رئيس الحكومة والوزراء تنافسوا فيما بينهم في اصدار ادانات شديدة، ووزير الامن الوطني هاجم الشباك الذي اضطر الى التشاجر ايضا مع مصلحة السجون (التي يقف خلفها بالطبع الوزير). وسائل الاعلام انشغلت بذلك طوال اليوم. 

صباح أمس ثار سموتريتش ضد قرار مد خط للكهرباء من اسرائيل الى القطاع من اجل تشغيل منشأة تحلية المياه التي يمكن أن تنقذ حياة آلاف الفلسطينيين، ويعفي اسرائيل من تورط قانوني آخر في الساحة الدولية. “نحن سقطنا على الرأس بالضبط”، غرد الوزير الذي طلب من نتنياهو “وقف هذا الغباء”. مرة اخرى سموتريتش هو آخر من يعلم عن سياسة الحكومة، وأول من يشتكي. في الظهيرة، كما قلنا، تم كشف القصة في “نيويورك تايمز”.

ما الذي تحققه هذه الفضائح الآنية التي سيتم نسيانها في الغد، عند الانتقال الى العاصفة القادمة؟ ببساطة هي توفر حرف الانظار وتساعد الحكومة على حرف انتباه الجمهور عن الوضع المزري لدينا: حرف الانظار عن الشباب الصغار الذين يسقطون كل يوم في الحرب التي تبتعد عن تحقيق الاهداف الاصلية لها؛ تقريبا أنه بعد تسعة اشهر على مذبحة اكتوبر فان الحكومة تجد صعوبة في تحقيق حلول في الحد الادنى لصالح المخلين من بلدات الغلاف ومن منطقة الحدود مع لبنان؛ الكارثة الاقتصادية التي نسير نحوها بخطى كبيرة؛ ربما فوق كل ذلك حقيقة أن الائتلاف يصمم على اجازة قوانين تضمن تهرب الحريديين من مير الخدمة في الجيش.

في اليومين الاخيرين قتل ثلاثة جنود في الاحتياط في الضفة وفي القطاع. بانفجار عبوة ناسفة كبيرة تحت سيارة عسكرية مدرعة في مخيم نور شمس للاجئين قتل الرقيب احتياط يهودا غيتو (22 سنة) من برديس حنا – كركور، وهو سائق في لواء منشه. في حادثة اخرى في وسط القطاع قتل الرائد (احتياط) نداف الحنان نولر (30 سنة) من القدس والرائد (احتياط) ايال افنئون من اللواء 8 في سلاح المشاة. افنئون الذي كان عمره 25 سنة عند قتله تم دفنه في مسقط رأسه في مدينة هود هشارون. آلاف ساروا في جنازته. كثيرون منهم انتظروا وهم يحملون الاعلام على جانبي الشارع المؤدي الى مقبرة المدينة. اصدقاؤه تحدثوا عن شاب بذل الجهد الكبير للاستعداد للخدمة العسكرية وتطوع في الكوماندو البحري، وبعد أن اضطر الى الاستقالة من الوحدة في اعقاب مشكلة صحية صمم على العودة الى الخدمة كضابط مقاتل في لواء الناحل. هذه كانت فترة الاحتياط الثالثة له منذ اندلاع الحرب، التي فيها اجتاز ايضا دورة لقادة الفصائل.

في وضعه الصحي، افنئون لم يكن يجب أن يخدم في وحدة قتالية، لكن عالم القيم الذي تربى عليه قاده الى هناك. أي مسافة بينه وبين من يتخذون الآن القرارات التي يمكن أن تنتج عنها حياة وموت جنود. في المقبرة العسكرية تم دفن ايال افنئون قرب ابن المدينة الرقيب رون افريمي، الضابط في وحدة يهلوم، الذي قتل في حادثة في وسط القطاع. عندما قتل افريمي في كانون الثاني الماضي كان شقيق ايال، اوفير، أحد الذين قاموا بتأبينه في الجنازة. 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى