هآرتس: الغاء المحاكمة سيكون فقط صفارة البداية للانقضاض النهائي على الديمقراطية

هآرتس 19/10/2025، الوف بن: الغاء المحاكمة سيكون فقط صفارة البداية للانقضاض النهائي على الديمقراطية
لنفترض ان المتهم بنيامين نتنياهو سينجح في مؤامرة الغاء محاكمته الجنائية، وأنه سيمهد لنفسه طريق للهرب من الجلوس على كرسي المتهمين، ومن التهديد الذي يحلق فوق حريته. وماذا بعد؟ هل اسرائيل ببساطة ستستيقظ على يوم قديم وستعود الى الفترة التي كانت قبل التحقيق وقبل تقديم لائحة الاتهامات، والانقلاب النظامي وحرب 7 اكتوبر، التي تعتبر الآن فترة التألق والازدهار، والهدوء والاخوة مقارنة مع فوضى العقد الاخير؟ هل نتنياهو سيتخلى عن الدهاء والقسوة ويمد يد متصالحة لخصومه، في حين يجلس الشعب تحت كرمته وتينته وقد توقفت آلة السم، ومكانها يسود سلام مهذب؟.
الاجابة بالطبع سلبية. فاذا تملص نتنياهو من المحاكمة وحطم ما بقي من استقلالية منظومة انفاذ القانون، فانه فقط سيبدأ في الاستمتاع. عندها ستسمع صافرة البداية للانقضاض الشامل والنهائي على المؤسسات الديمقراطية في اسرائيل. المقدمة شاهدناها اثناء زيارة ترامب في الكنيست. الدخول سمح به للمقربين والمؤيدين، عبادة الشخصية ظهرت في كل كلمة، والمعارضة في الواقع سمح لها بالتحدث، لكن فقط من اجل التعبير عن دعم سياسة الحكومة والتصادم مع منتقديها. مثل مجلس الشعب في الصين: 2980 نائب في البرلمان ورأي واحد ووحيد، رأي تشي جينبينغ، مثل “الوحدة” التي دعا اليها نتنياهو في خطاباته الاخيرة.
نتنياهو كان يريد ان يشبه كل جهاز القضاء قائمة الليكود، وأن يتنافس اعضاء الكنيست فيما بينهم في الثناء على الزعيم. ولكن هذه فقط هي البداية. يمكن تخيل أنه يحسد ترامب، الذي يقدم خصومه للمحاكمة ويستخدم الجيش لمهمات شرطية في المدن “الزرقاء” التي تصوت للحزب الديمقراطي، ويدمج السياسة والدبلوماسية بالمحسوبية ويربح المليارات. أو أنه يحسد رجب طيب اردوغان الذي ادخل الى السجن خصمه السياسي اكرم ايمامولو، وتم الرد على ذلك بلامبالاة دولية لان ذلك من “الشؤون الداخلية” لتركيا. لا يصعب تخمين من هم الشهود الاوائل في حملة انتقام نتنياهو: شهادات رؤساء الشباك السابقين رونين بار ويورام كوهين. وسلوك شرطة اسرائيل والاصوات الصادرة عن بيبي ومؤيديه في وسائل الاعلام توضح ان حركة الاحتجاج وقادتها سيواجهون خطر حقيقي يتمثل بالتحقيق والاتهام والسجن لفترة طويلة. ما الامر؟ سيسال عميت سيغل. ايضا اريئيل شارون قام باعتقال معارضي الانفصال عن غزة. الآن دوركم، توقفوا عن التذمر.
في المرحلة القادمة سيعين نتنياهو لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في كارثة 7 اكتوبر، وهدفها سيتم تحديده من البداية، القاء التهمة على حركة الاحتجاج على الانقلاب النظامي، وخاصة على الطيارين الذين هددوا بوقف التطوع للاحتياط، وحسب رأي نتنياهو ومؤيديه هم بذلك اضروا بقدرة الجيش وشجعوا يحيى السنوار على الهجوم. نتنياهو ومحيطه يؤمنون بمفهوم “الخيانة من الداخل”، التي سمحت بحدوث المذبحة في الغلاف. اذا حصلوا على دعم رسمي على صورة تقرير لجنة تحقيق فيمكن الاعلان بان حركة الاحتجاج هي تنظيم ارهابي. ماذا تريدون؟ سيتساءل سيغل. نتنياهو فقط يجسد ارث اسحق رابين الذي اخرج الى خارج القانون حركة كهانا. لقد مرت سنوات على ذلك وورثة كهانا وصلوا الى الحكم. اصبروا.
نتنياهو في نهاية المطاف لم يوقف للحظة الانقلاب النظامي، وواصل الدفع به قدما بدون تباطؤ حتى اثناء الحرب. وقف اطلاق النار واعادة المخطوفين ستمكنه من تسريع تحويل اسرائيل الى ديكتاتورية، والمعسكر الخصم متعب ومنقسم. ووراء نتنياهو يقف ترامب الذي هدد في هذا الاسبوع الناخبين في الارجنتين بأنهم اذا قاموا باسقاط صديقه خافيير ميلي، فلينسوا المساعدات الامريكية لانقاذ الاقتصاد المنهار في دولتهم. يمكن تخيل كيف سيحاول نتنياهو تجنيد ترامب لصالحه في الحملة الانتخابية القادمة. ولكن قبل أي شيء آخر نتنياهو يحاول التهرب من محاكمته، هذا هو الحجر الاول في الانقلاب. لذلك فانه محظور على الاحتجاج التوقف، حتى بعد اعادة المخطوفين.