هآرتس: العنف والصمت نزلا معا على العالم، لماذا صمتوا في المانيا؟ في غزة؟ ولماذا يصمتون عندنا؟

هآرتس – يوسي كلاين – 24/7/2025 العنف والصمت نزلا معا على العالم، لماذا صمتوا في المانيا؟ في غزة؟ ولماذا يصمتون عندنا؟
النازيون يعودون. ليس اليسار هو الذي اعادهم، بل بنيامين نتنياهو وعميت سيغل. نتنياهو قال ان حماس هم “النازيون الجدد”، وسيغل قارن بين التدمير في غزة والتدمير في درزدن. هل هذا استخفاف بالكارثة؟ الكارثة هي امر مثير للغضب؟ محظور مقارنتها مع أي شيء آخر؟ ومسموح طالما أن النازي هو الموجود في الطرف الثاني. حماس اثبتت انه يمكن العمل كنازيين حتى بدون نظرية العرق. في 7 اكتوبر حماس كانت نازية تماما.
هناك جرائم حرب نازية وجرائم حرب عادية. الجريمة النازية متميزة، أما جرائم الحرب فلا. لم تكن هناك جرائم نازية اخرى، لكن كانت هناك جرائم. اطفال ونساء تم تهجيرهم من مكان الى آخر حتى بعد هذه الجرائم. العقاب الجماعي والطرد الجماعي لم يختفيان. نحن نفعل ذلك رغم ان اسرائيل وقعت على ميثاق يحظر ذلك. هل ارتكبنا في غزة جرائم حرب؟.
الجواب هو الصمت، لا تأكيد ولا نفي.
هم يخفون الامور عنا، لا يتحدثون معنا ولا توجد بيانات. يعترفون أن هناك جوع ولكنهم ينفون التجويع. يوافقون على ان الاطفال الرضع يموتون، لكنهم لا يعرفون العدد ولماذا. كل العالم يعرف ونحن فقط الذين لا نعرف. يخفون فقط ما يخجلون منه. واذا عرفنا انه توجد جرائم حرب فماذا سنفعل؟ لا شيء. من يعترف بجريمة الحرب فهو بذلك يلقي التهمة على اولادنا الابطال، جنودنا الابطال.
الاخفاء هو اعتراف بالتهمة.
ألم نقل بأنه لا يوجد لدينا ما نخفيه. لم نجلب ادعاءات جديدة. الانظمة الظلامية دائما تقوم بالاخفاء. دخان المحارق في معسكر دخاو وصل الى المدينة المجاورة. صدى الانفجارات في غزة يسمع في اسدود. لا يمكننا القول بأننا لا نعرف. ايضا العالم يعرف. كيف سيرد؟ هل سيجبرنا على زيارة الانقاض؟ هل سيلزمنا بارسال الطلاب كي يتعلموا بأن هذا لن يتكرر؟.
عندنا يخافون من رد العالم، لكن ليس من ردنا، ليس من غضب الجمهور أو من المظاهرات التي يشارك فيها 400 ألف شخص. هم يعولون على الصمت. الصمت على جرائم الحرب في غزة. الصمت على ضرب عضو كنيست. الصمت على مذابح المستوطنين وخلع ملابس المتظاهرين على يد رجال الشرطة. عندنا هؤلاء مجرد “اشخاص ينفسون عن الغضب”. الغضب يؤدي الى العنف، في الشارع، في المدارس وفي غزة. العنف يتفشى، من الحكومة الى الكنيست، ومنها الى الجيش ومن هناك الى الشرطة والشارع.
العنف يولد الصمت.
العنف والصمت نزلا معا على العالم. لماذا صمتوا في المانيا؟ في غزة؟ في الاتحاد السوفييتي سابقا؟ لماذا يصمتون عندنا؟ لأن العنف مخيف، العنف يؤدي الى الصمت. هل تشاهد انهم يضربون عضو كنيست؟ اصمت. يضربون متظاهر في الشارع؟ لا ترد. ما شأنك به؟ سيقومون باستدعائك للتحقيق، سيخلعون ملابسك، ستقضي ليلة في السجن.
هل العنف يساعد؟ في الاستوديوهات لم يقرروا بعد. لا يعرفون هناك اذا كانت جرائم الحرب هي سبب للتفاخر أو العار. هل الاطفال القتلى يحققون نسبة مشاهدة عالية أم لا. واذا كانت الصور القاسية تعتبر معلومات أو وشاية، هل يجب علينا الثناء على الترانسفير أو ادانته. محظور المقارنة، لكن مسموح فعل ذلك.
الترانسفير سمح به وتمت شرعنته. وقد تم تهويده في موازاة العملية التي اصبح فيها نتنياهو مئير كهانا. “الترانسفير لا يجب ان يكون كلمة قاسية، احيانا السلام الحقيقي جاء فقط عندما غادر احد الاطراف”، كتب وزير في الحكومة (بعد ذلك قام بشطب ما كتب). عاموس عوز فكر بطريقة اخرى: “هذه فكرة مستحيلة لاننا لن نسمح لكم… حتى لو اضطررنا الى تقسيم الدولة والجيش، حتى اذا اضطررنا الى الاستلقاء تحت اطارات الشاحنات”. اسرائيل عوز ليست اسرائيل نتنياهو. لا أحد سيستلقي تحت اطارات الشاحنات، ولا أحد سيحتج على الاطفال الرضع الذين يموتون، رغم أنه لا يخطر بالبال ان جندي في الاحتياط، أب لاولاد، سيكون لامبال بالاطفال الرضع الذين يموتون. الاطفال الرضع الموتى هم اطفال رضع موتى، سواء في بئيري أو في غزة.
ايضا في فيتنام، الشاعرة دنيس ليبراتوف كتبت عنهم: “… مرة اخرى، مرة اخرى، طفل رضيع تلو آخر، تم نسيان اسماءهم، جنسهم غير معروف، يحترقون في اللهب، لكنهم لا يختفون – لا يختفون مثل رؤيته، بل يستمرون، مثل الرماد على العالم، او يعيشون – مع التنهدات، أو يتعفنون في المستشفيات، ثلاثة على سرير واحد، لذلك، جاءت رؤيتي القوية، الواضحة والمداعبة، رؤيتي الشاعرية التي اعطيت لي، ستجعلني اغنية تم طمسها، توجد طبقة سميكة من المياه الزرقاء على عيوني، عيوني الداخلية”، ترجمة ريكي تارون.