ترجمات عبرية

هآرتس: السلطة الفلسطينية تمنع الإصلاحات وتخدم بذلك إسرائيل

هآرتس 25/6/2024، تسفي برئيل: السلطة الفلسطينية تمنع الإصلاحات وتخدم بذلك إسرائيل

حتى لو كان بشكل متأخر، “هل مسموح لنا انتقاد حماس”، تساءل عنوان المقال الذي نشره الصحفي الاردني المخضرم معن البياري في موقع “العربي الجديد”. “هذا سؤال غبي”، قال. “من الواضح أنه مسموح لنا انتقاد حماس”. ولكن هذا السؤال لم يكن مفهوم ضمنا خلال اشهر الحرب الطويلة، ناهيك عن ظهوره في “العربي الجديد” بملكية قطر ومن يصوغه هو المحرر الرئيسي في الصحيفة والموقع.

البياري، الذي حصل على جوائز وهو مقرب من البلاط الحاكم في قطر، مسؤول عن عدد كبير من الاخبار الحصرية التي تم اقتباسها في وسائل الاعلام الاسرائيلية والدولية، لا سيما المفاوضات حول صفقة التبادل. عندما يتم طرح قضية انتقاد حماس فانه يعبر ليس فقط عن المزاج السائد في القيادة العليا في قطر، بل ايضا هو يعبر عن المزاج السائد في اوساط جهات فلسطينية وعربية، التي ما زالت تجد صعوبة في التعبير عن احساسها من الحرب التي شنتها حماس وجرت اليها كل المنطقة. صحيح أن البياري يمدح حماس ومقاتليها على بطولتهم وعلى طريقة ادارتهم للمعركة ضد العدو الاسرائيلي، إلا أنه في نفس الوقت يضع الاصبع على القضية الرئيسية المقلقة التي اصبحت بؤرة للنقاشات الساخنة في اوساط السياسيين والنشطاء الفلسطينيين.

“مهما كان التقدير المبرر لبطولة مقاتلي حماس والدهشة من قدرتهم في ساحة المعركة إلا أن هذا لا يعني تجاهل حقيقة أن حماس هي حركة مقاومة فقط. قدراتها الكبيرة (في الحقيقة) تمس بالعدو وتحرجه… لكنها لا تعتبر قدرات لردعه عن قصف السوق في مخيم النصيرات، وعن مهاجمة مخيم جباليا أو تدمير مستشفى الشفاء”، كتب. “مسموح لنا القول، بشكل خاص بعد الكارثة التي تعرض لها سكان غزة لثمانية اشهر، والانتقال من مرحلة القرارات البطيئة والباردة في مناقشة وقف اطلاق النار والتوصل الى مرحلة الرؤية الواسعة، التي تشمل الخيارات والنتائج مع فهم اوسع للسياسة وطرقها والفحص العميق للواقع”.

البياري لخص وقال: “باختصار، مسموح لكل شخص انتقاد ما تقوم به حماس من خلال الشعور بالمسؤولية، ومع الاخذ في الحسبان التداعيات الوطنية والاخلاقية والسياسية”. البياري يعتبر نفسه شخص جاء من الاوساط المؤيدة لحماس. من هنا تأتي الاهمية الكبيرة لما يكتبه. تشخيصه الفريد والحاد هو تعامله مع حماس على أنها “حركة مقاومة” فقط. أي أنه تنقصها رؤية سياسية شاملة تعرض على الشعب الفلسطيني حل وطني واقعي ومنطقي الى جانب استعراض القوة والقدرات العسكرية.

الولايات المتحدة واسرائيل ترفض اي سيناريو سيكون فيه لحماس دور في ادارة القطاع. وفي نفس الوقت لا يوجد لديها اي بديل فلسطيني أو عربي سيوافق على تسلم من اسرائيل عبء ادارة القطاع. ولكن هذا الموقف الذي لا يفاجيء القيادة الفلسطينية لا يوقف النضال السياسي الفلسطيني على مستقبل الجسم الذي يمثله. قضية مكانة حماس، ليس كحركة مقاومة عسكرية بل كشريكة في تشكيل القيادة السياسية الجديدة للفلسطينيين، تقف في مركز عاصفة وصراعات القوة بين جهات عامة رفيعة فلسطينية في الضفة وفي العالم وبين “الحرس القديم” في قيادة م.ت.ف برئاسة محمود عباس.

في الحقيقة هذا النقاش غير جديد، لكنه يبدو في مرحلة تسارع كبيرة بعد قول الرئيس الامريكي جو بايدن بأنه يعتبر “سلطة فلسطينية مجددة” شريك مناسب لادارة غزة، وهذه السلطة تكون قد اجريت عليها اصلاحات بنيوية وسياسية وقانونية. محمود عباس يعتبر المبادرة الامريكية تحديا لزعامته، ورغم اظهار استعداده لاجراء الاصلاحات إلا أنه يعمل بشكل حثيث ضد أي تغيير في بنية م.ت.ف، الجسم الذي يمثل الشعب الفلسطيني والذي وقع على اتفاقات اوسلو مع اسرائيل، التي استنادا اليها تمت اقامة السلطة الفلسطينية. محمود عباس اكتفى حتى الآن بتعيين رئيس حكومة جديد، محمد مصطفى، في السلطة الفلسطينية. ولكن محمود عباس حتى الآن لم يظهر القدرة على توجيه النظام الفلسطيني أو تأسيس اجهزة يمكن أن تضع المضمون لمفهوم “السلطة المجددة”.

لكن جهود المنع لمحمود عباس ووجهت من قبل نفس النشطاء والقادة الذين يسمون “الجيل الشاب”، رغم أنهم ليسوا شباب بشكل خاص، وبمبادرة جديدة تراكم التسارع. في شهر شباط الماضي خرجت المجموعة بمبادرة تهدف الى الاعداد للمؤتمر الوطني الفلسطيني الذي سيشكل الجسم التمثيلي الاعلى الذي سيقترح ويطبق الاصلاحات المطلوبة في م.ت.ف. في صفحة المبادرة كتب، ضمن امور اخرى، بأن “هذه مهمة مصيرية ومستعجلة لأن اسرائيل وحلفاءها يخططون لفرض ترتيبات امنية وادارية تضمن رقابة اسرائيل على القطاع بشكل منفصل عن الضفة الغربية، وهم يراهنون على تعاون فلسطيني وعربي لتطبيق هذه الترتيبات. لا توجد طريقة لمحاربة هذه الخطة بدون قيادة فلسطينية موحدة”.

حرب عالمية

في الصفحة البيتية توجد ايضا دعوة لكل من يؤيد هذه المبادرة للتوقيع والانضمام اليها. حسب اقوال المبادرين فان اكثر من 1200 شخص فلسطيني من مناطق السلطة وفي الشتات الفلسطيني في ارجاء العالم انضموا اليها. في بداية الشهر تم في رام الله عقد مؤتمر محلي اول للمبادرين، ومعه “اندلعت حرب عالمية”. في بيانات الرد على المؤتمر التي نشرتها اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي في م.ت.ف كتب، ضمن امور اخرى، بأنه “على خلفية الهجوم الذي يستهدف تصفية المشكلة الفلسطينية والنظام السياسي الفلسطيني فقد خرجت مجموعات مدعومة وممولة من جهات اقليمية تحت مسميات وطنية، في محاولة يائسة لتشكيل اطر (سياسية) موازية كبديل عن م.ت.ف ومؤسساتها المنتخبة والشرعية”.

كتب ايضا في البيان بأن “اللجنة التنفيذية في م.ت.ف تدين محاولة التآمر ومن يقف من وراءها ويقوم بتمويلها. م.ت.ف ومؤسساتها ستفشل أي محاولة للمس بوحدة المنظمة وحصرية تمثيلها”. منظمو المبادرة لم يخافوا. في يوم الجمعة الماضي عقد لقاء آخر في “الزوم” بهدف مواصلة الدفع قدما بالمبادرة. على مهاجمتهم ردوا بأنهم لا ينوون تدمير م.ت.ف أو ايجاد بديل لها، بل اصلاح هذه المنظمة المتكلسة التي لا تنجح في طرح بديل مناسب للحكم، ومواجهة التحديات المعقدة التي وضعتها الحرب في غزة امام الشعب الفلسطيني، وبناء قيادة جديدة في اطار المنظمة وأن يكون فيها كل الفصائل الفلسطينية، ومن بينها حماس والجهاد الاسلامي.

يبدو أيضا أن محمود عباس يؤيد دمج حماس في م.ت.ف، وهو يعرض الجهود الكبيرة التي بذلها خلال السنين للدفع قدما بالمصالحة بين فتح وحماس كدليل على تأييد دمجها. ولكن في الوقت الذي يعرض فيه عباس شروط اساسية لانضمام حماس، وقف الكفاح المسلح والانتقال الى المقاومة السياسية وتبني الاتفاقات التي وقعت عليها م.ت.ف ومن بينها اتفاق اوسلو، فان لخصومه، المبادرين بالانتظام الجديد، ما زالت لا توجد خطة عمل واطار فكري، سياسي وايديولوجي، تستند اليها م.ت.ف الجديدة.

اضافة الى ذلك، رغم النقاشات بين المبادرين وممثلي حماس واللقاءات بين ممثلي الفصائل في شهر شباط في موسكو وفي شهر نيسان في الصين، إلا أنه لم يتم بعد التوصل الى صيغة متفق عليها للتعاون السياسي والعملي. يصعب التقدير الى اين ستصل مبادرة المجموعات القيادية الجديدة. ولكن في هذه الاثناء فان صراعات القوة هذه تخدم اسرائيل، التي تعتزم بشكل علني السيطرة على غزة لفترة طويلة. ومن خلال ذلك العمل على تسريع سياسة تستهدف تدمير السلطة الفلسطينية.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى