ترجمات عبرية

هآرتس: السعودية لا تهتم والتطبيع مع إسرائيل يعتمد على الثمن الذي ستدفعه الولايات المتحدة

هآرتس 9-5-2023، بقلم تسفي برئيل: السعودية لا تهتم والتطبيع مع إسرائيل يعتمد على الثمن الذي ستدفعه الولايات المتحدة

زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان للسعودية لم تثمر الكثير من البشرى لإسرائيل، التي هي في الأصل لم يكن من المخطط أن تكون ضمن زيارته. في الحقيقة، أجرى سوليفان محادثة عبر الإنترنت مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، قبل السفر إلى الرياض. واثنان من مستشاريه الكبار، بيرت ماكغورك وعاموس هوكشتاين، جاءا أمس إلى إسرائيل لإطلاع نظرائهم هنا على آخر المستجدات. ولكن وفقاً لمصادر إسرائيلية، لا حاجة لحبس الأنفاس بمناسبة التوقيع على اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية. “التطبيع، إذا تم، لن يكون أمراً قائماً بحد ذاته، بل سيكون جزءاً من نسيج علاقات استراتيجية يطمح الرئيس الأمريكي، بايدن، لإقامته في الشرق الأوسط والذي حصل على دفعة عقب اتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وتدخل الصين في الخطوات السياسية في الشرق الأوسط”، قالت المصادر.

لنسيج العلاقات هذا وصف ساحر، “هندسة إقليمية أمنية”، وضمن ذلك تعاون أمني بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، دول الخليج والأردن والعراق ومصر وإسرائيل، وبين هذه الدول فيما بينها. تم شمل هذه الفكرة أيضاً في قانون ميزانية الجيش للعام 2023 والذي قدم في 2022، وفي تعليمات الرئيس جو بايدن لوزير الدفاع لويد أوستن، بأن يصوغ استراتيجية مفصلة ترسم على الخارطة تهديد الصواريخ الإيرانية وطرق مواجهتها.

قبل سنة من ذلك، قررت الإدارة الأمريكية ضم إسرائيل إلى قيادة المنطقة الوسطى الأمريكية بدلاً من قيادة أوروبا، وهي خطوة تسمح للجيش الأمريكي بإجراء مناورات مشتركة مع إسرائيل ودول عربية في المناطق ذات الصلة، وفتح قناة اتصال بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية المشاركة في هذه العملية.

في السنة نفسها، أقيم إطار مدني للتعاون الإقليمي بعنوان “12 يو.تو”، شاركت فيه إلى جانب إسرائيل، الإمارات والولايات المتحدة والهند، والهدف إيجاد إطار لتبادل المعلومات والاستثمار في مجالات مدنية مثل الزراعة والطاقة، وبنظرة متعمدة أيضاً، التعاون الأمني إضافة إلى المشتريات الأمنية والمناورات المشتركة.

جهات رفيعة في الإدارة الأمريكية أوضحت في مقابلات بأن الهدف النهائي لـ “الهندسة الاستراتيجية” هو تعزيز قدرة دول المنطقة على بناء منظومات دفاعية وردع لا تحتاج إلى تدخل عسكري من الولايات المتحدة، وتمكن من سحب القوات الأمريكية من جميع هذه الدول والمواقع في المنطقة التي هي فيها الآن. هذا لا يستهدف القول بأن الولايات المتحدة لن تتدخل في حالة حدوث نزاع إقليمي جوهري، بل القصد هو زيادة القدرة المحلية لتقليص الإمكانية الكامنة لاشتعال نزاعات كبيرة.

إن دمج القوات الإسرائيلية مع القوات في دول عربية، خاصة القوات في دول الخليج، هو أمر حيوي للولايات المتحدة لتجسيد هذه الاستراتيجية. ولكن توجد صعوبات رئيسية هنا. فرغم التقارب بين إسرائيل والسعودية، لا يوجد بينهما اتفاق سلام. والأهم من ذلك، هو أن السعودية تحسّن التعاون مع الصين، الأمر الذي أثمر الاتفاق بين السعودية وإيران في آذار الماضي برعاية الصين ووساطتها.

في الوقت نفسه، لم تكن الهند، الشريكة المهمة في الاستراتيجية الإقليمية للولايات المتحدة، ملزمة بالتعاون العسكري مع الدول العربية، وعلاقاتها مع إيران وروسيا توضح بأنها تفضل الحفاظ على جميع الخيارات مفتوحة. قبل نحو أسبوع على زيارة سوليفان إلى الرياض التي التقى فيها مع مستشار الأمن القومي للإمارات طحنون بن زايد آل نهيان، ومع نظيره في الهند اغيت دوبال، قام الأخير بزيارة طهران والتقى هناك مع نظيره علي شمخاني والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، لمناقشة التعاون التجاري بين الدولتين بمبلغ نحو 2.5 مليار دولار.

إيران طلبت من الهند استخدام منظومة تجارة تعتمد على الريال الإيراني والروبية الهندية من أجل تجاوز العقوبات الأمريكية على صفقات بالدولار. ويبدو أن الهند تنوي الموافقة على ذلك. إضافة إلى ذلك، للهند وإيران مصالح مشتركة في تحويل ميناء تشابهار في إيران، الذي استثمرت الهند في تطويره، إلى مفترق طرق تجارية تربط غرب آسيا مع الصين. شبكة العلاقات بين الهند وإيران، إلى جانب توسع نفوذ الصين، ستحول الهند إلى دولة حيوية بالنسبة للولايات المتحدة من أجل إقامة سور الصد أمام الصين وإيران.

على خلفية تقدير الإدارة الأمريكية بأن شبكة العلاقات الإقليمية القائمة – شبكة العلاقات بين الهند وإيران، وبين السعودية والهند وباكستان، ومؤخراً أيضاً بين السعودية وإيران – هي جزء من الواقع الجديد في الشرق الأوسط. وطموحات الولايات المتحدة هي على الأقل الحفاظ على قوة ومكانة الولايات المتحدة كدولة عظمى مؤثرة، هذا عن طريق شراكات استراتيجية موازية مثل التعاون العسكري والمدني بين بعض دول المنطقة، التي تشمل إسرائيل أيضاً. لا يمكن أن توقع واشنطن الحصرية عندما يزداد طمس الحدود بين الدول التي تؤيد أمريكا والدول المناهضة لها.

الدولة الرئيسية لتطبيق الهندسة الجديدة هي السعودية. ولكن مكانة السعودية الآن تختلف عن مكانتها قبل سنة ونصف، وهكذا أيضاً إسرائيل. تتحول السعودية من دولة معزولة من قبل الولايات المتحدة إلى دولة يغازلها الجميع، والتي أجبرت الرئيس الأمريكي على زيارتها والالتقاء مع من اعتبره زعيماً مقيتاً، ولي العهد محمد بن سلمان، كي يطلب منه زيادة إنتاج النفط السعودي في محاولة لتقليص النقص الذي حدث بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

محمد بن سلمان في الحقيقة ضرب قبضته بقبضة بايدن، لكن النفط لم يخرج من ذلك. التوتر بين الزعيمين لم يتبدد، بل تعاظم. تطمح السعودية حتى الآن إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. ولكن من موقع جديد في هذه المرة؛ كدولة يمكنها أيضاً إملاء الشروط، وليس الخضوع لها. أدركت الرياض بأن إسرائيل السابقة، التي كان يمكن أن تؤثر على الأمريكيين لمساعدتها على إعادة التأهيل، لم تعد موجودة الآن. بن سلمان، الذي يجد صعوبة في الاقتناع بأن رئيس الحكومة في إسرائيل لم يتم استدعاؤه حتى الآن لزيارة البيت الأبيض، يمكنه إقامة علاقات ودية مع بايدن. عملياً، مكانة نتنياهو الآن تشبه مكانة محمد بن سلمان لدى الأمريكيين بدون التأثير الإقليمي الذي يتمتع به الزعيم السعودي حالياً.

على هذه الخلفية، يبدو أن ثمن التطبيع بين إسرائيل والسعودية الآن سيمر بإعادة النظر وسيأخذ في الحسبان المصالح الأمريكية، والثمن الذي ستكون مستعدة لدفعه للرياض، المصادقة على إقامة مفاعلات نووية وصفقات شراء طائرات قتالية متقدمة، والاعتماد على بن سلمان كـ “وصي” في المنطقة، على الأقل كما كان في فترة الرئيس السابق دونالد ترامب وأسلافه. السعودية غير مستعجلة. فهي ليست دولة واقعة تحت الضغط أو تخشى من فقدان نفوذها الإقليمي.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى