ترجمات عبرية

هآرتس: الديمقراطية تهديد وجودي لإسرائيل

هآرتس 2023-03-24، بقلم: جدعون ليفي: الديمقراطية.. تهديد وجودي لإسرائيل

التهديد الأكبر الذي يواجه إسرائيل هو التهديد الديمقراطي. لا يوجد خطر على النظام في إسرائيل مثل تحوله ديمقراطياً. لا يوجد أي مجتمع يعارض الديمقراطية مثل المجتمع الإسرائيلي. يوجد عدد غير قليل من الأنظمة، التي تعارض الديمقراطية، لكن لا يوجد مجتمع حرب. في إسرائيل الشعب، صاحب السيادة، يعارض الديمقراطية. لذلك فإن النضال الحالي الذي يتفاخر بكونه فوق ديمقراطي هو حدث مقنع. هو يستهدف الحفاظ على التشبه بالديمقراطية. بالنسبة لمعظم الإسرائيليين فإن الديمقراطية الحقيقية تعني تدمير إسرائيل. هم على حق. ديمقراطية حقيقية ستؤدي إلى نهاية التفوق اليهودي الذي يسمونه صهيونية، ونهاية لدولة يسمونها يهودية وديمقراطية. لذلك فإن التهديد بالديمقراطية هو التهديد الوجودي الذي يتوحد حوله كل الإسرائيليين اليهود: إذا اتبعت هنا ديمقراطية في دولة كل مواطنيها فستحل النهاية على الديمقراطية الوهمية.

لذلك فإن قادة الاحتجاج يحرصون على الامتناع عن أي مس حقيقي بالديمقراطية؛ كي لا ينهار المشهد العبثي كبرج من الورق. ليس بسبب العنصرية أو كراهية العرب هم لا يريدون أعلام فلسطين ومتظاهرين عربا، فهم طيبون في نهاية المطاف، بل فقط من منطلق الإدراك بأن إثارة مسألة الفصل العنصري ستجعل نضالهم أمرا سخيفا.

عندما نذكر في أُذن الإسرائيليين الليبراليين والمحافظين، على حد سواء، الدولة الديمقراطية الوحيدة والتي فيها كل شخص له صوت واحد والجميع فيها متساوون، وهذا هو حجر الأساس لكل ديمقراطية، فإن الرد الفوري والمعادي يكون: “ما علاقة ذلك؟”. بعدها سيقولون “هذا لم ينجح في أي مكان”؛ وفي النهاية سيقولون، “هذا تدمير لإسرائيل”، ليس أقل من ذلك. لا توجد أي دولة تحوّلها إلى ديمقراطية يساوي في نظر سكانها تدميرها. ليس هناك أي نضال من أجل الديمقراطية يتجاهل بالكامل استبدادية الدولة في الساحة الخلفية.

عند كتابة هذه السطور سمعت في الفضاء أصوات المتظاهرين أمام متحف “ارض إسرائيل” يهتفون “ديمقراطية، ديمقراطية”. الادعاء ضعيف، يجب رفع الصوت، أيها الأصدقاء. وحتى لو تحققت كل طلباتكم التي لا يوجد اكثر عدالة منها فإن إسرائيل لن تتحول إلى ديمقراطية.

عندما يهتفون “ديمقراطية” بصوت أجش وبصورة تبعث على الشفقة، في حين أنه على بعد مسافة نصف ساعة في السيارة من مكان التظاهرة يختطف الجنود أشخاصا مدنيين من السرير في كل ليلة بدون أمر قضائي، وتخضع قرية كاملة لحظر التجول لأنها وقعت ضحية مذابح، وآلاف الأشخاص في الاعتقال بدون محاكمة، والأولاد يموتون كإجراء روتيني، فإنه لا يمكن قبول النفاق.

إن الأكثر فظاعة في بنود خطة ياريف ليفين هو الحلم الديمقراطي مقارنة مع نظام الاحتلال. حتى لو انتخب مركز “الليكود” وحده جميع قضاة المحكمة العليا، وتم انتخاب قاض لكل لواء فستكون المحكمة الجديدة منارة للعدالة العالمية مقابل المحاكم العسكرية. وكيف يمكن تجاهل المحاكم العسكرية عندما نناضل من اجل جهاز القضاء في إسرائيل؟ أليست جزءا من جهاز القضاء؟ هل هي فيلق من الأجانب؟ أليس منها ينبت الكثير من قضاة إسرائيل؟ أم أننا سنعود إلى كذبة وقت الطوارئ والأمر المؤقت؟.

واصلوا التظاهر بقوة، افعلوا كل شيء من اجل إسقاط الحكومة السيئة هذه، لكن لا تحملوا اسم الديمقراطية عبثا، أنتم لا تحاربون من اجل الديمقراطية، أنتم تحاربون من اجل حكومة افضل في نظركم. هذا مهم، هذا مشروع وهو يستحق التقدير. ولكن لو كنتم ديمقراطيين لكنتم ناضلتم من اجل دولة ديمقراطية، وإسرائيل ليست كذلك، وأنتم أيضا لستم هكذا. أنتم تناضلون ضد حكومة فظيعة، يجب النضال ضدها لأنها تدمر الأنسجة بسرعة كبيرة. هي تدمر حياتنا الجيدة، واقتصادنا المزدهر، والعلوم، والثقافة، وجهاز القضاء، وأيضا الجيش الأكثر تطوراً في العالم. يا للعار، يا للعار، يا للعار. يجب النضال ضدها. من أجل الديمقراطية ناضلوا عندما يكون لكم الوقت الكافي لذلك.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى