ترجمات عبرية

هآرتس: الدولة تسير نحو الهاوية لماذا لا نشاهد ملايين المواطنين في الشوارع؟

هآرتس 3/7/2024، ليئا عنبل – دور: الدولة تسير نحو الهاوية لماذا لا نشاهد ملايين المواطنين في الشوارع؟

الكرب في اوساط المواطنين الذين يخشون على مصير الدولة ومصير المخطوفين والجنود، آخذ في التفاقم. يطرح سؤال اذا كان الامر هكذا فلماذا لا يهبون كرجل واحد في سرب كبير نحو الشوارع؟ لماذا اغلبية الناس يحزنون على القتلى ويعودون الى اعمالهم؟ حيث أن الوضع بالاجمال هو وضع مخيف الى درجة كبيرة جدا، المخطوفون يموتون في الاسر، الجنود هم ضحايا عبثيين، تدمير وقتل جماعي يحدث في غزة، وفوق رأسنا يحلق تهديد الحرب الاقليمية كثيرة الدمار، لجنة تحقيق تقول إن نتنياهو عرض أمن الدولة للخطر، وأن الحكم الفاشي هو الذي يدير الدولة. لو أننا كنا دولة طبيعية لكان هذا الوضع الفظيع سيجعلنا نجلس في داخل الرماد ونمرغ انفسنا فيه، ونعذب انفسنا بكل الوسائل، ونخرج بكامل القوة بالملايين الى الشوارع، وإلا فستنزل علينا كارثة فظيعة ونفقد كل الانجازات. في هذه المرة الكارثة لن تنزل علينا بسبب القوزاق أو هتلر، بل نحن الذين سنتسبب بها لأنفسنا.

لماذا لا نرى ملايين الاشخاص وهم يتألمون ويغضبون ويصرخون ويرتجفون بصوت مرتفع في الشوارع؟ هل هم لا يشعرون بالتماهي العميق مع الفكرة التي توجد في لب الاحتجاج – اعادة المخطوفين واجراء الانتخابات الآن واسقاط الحكومة الفاسدة والحقيرة والخطيرة على روحهم وحياتهم؟ هل لا يشعرون بأنه وقعت ضد المخطوفين جريمة كبيرة؟ هل هم لا يعتقدون أن اسرائيل توجد الآن في حالة طواريء؟ وأنها تقف على شفا الهاوية؟.

هل لا يدركون أننا أصبحنا مجتمع حديث، مجتمع يحب الاستهلاك والاستجمام، ينقصه البعد الانساني والمعنى؟ بُعد لا يوجد فيه احتجاج حقيقي أو نضال وجودي، مجتمع غير قادر على مواجهة أي تفكير عميق؟ ربما ببساطة لا يوجد لدينا الوقت أو “العقل”. مع ذلك، الاطفال، العمل، البيت، القلق على الجنود؛ بل بالعكس، الدافع من اجل وقف بسبب ذلك سفك الدماء أين هو؟ وأين التوق الى هدف وتعزيز القيم الانسانية الاساسية مع الضمانات المتبادلة وحكم افضل وديمقراطي؟ لأن كل شيء هنا يوجد الآن على كفة الميزان. 

في السابق ساد التقارب بين القلوب، الشعور بالتضامن مع القبيلة ورعايتها، 400 ألف شخص شاركوا في المظاهرة التي نظمتها حركة “السلام الآن” ضد حرب لبنان الاولى في اعقاب المذبحة في صبرا وشاتيلا. احتجاج الكوتج اخرج الى الشوارع 300 ألف شخص، ومثل ذلك الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي. ولكن الآن مصير الدولة محل اختبار وعدد المتظاهرين لا يناسب الوضع الخطير.

هل الحرب المستمرة جعلتنا لا نبالي بالحياة والموت؟ هل اصبحنا مستسلمين أو مصابين باللامبالاة والتعب والكسل؟ اشخاص يبعدون عن وعيهم الشكوك والنقد الذاتي؟ أي نوع من البشر نحن نختار لنكون؟ انسان آلي؟ نشطاء واشخاص يعملون، لكن ليس لديهم روح حية حقيقية ورغبة في الاندماج والنضال؟ ربما نحن نغرق في صدمة أو أنه تملكنا الشعور باليأس وأنه لن يكون لنشاطنا أي تأثير على ما يحدث في الدولة؟. استطلاع اتحاد الطلاب يظهر أن 35 في المئة من الشباب في اسرائيل (20 – 34 سنة) يؤمنون بأنه ليست لديهم القدرة على التأثير على سياسة الحكومة التي في معظمهم لا يؤيدونها. و65 في المئة منهم قالوا بأنهم لا يؤمنون بطريقة السياسة والاحزاب السياسية، “رغم جهودنا لا يتغير أي شيء منذ فترة طويلة”. حسب رأيهم الجولات الانتخابية تتكرر ولكن كل شيء بقي على حاله وسيبقى هكذا في المستقبل؛ حتى أن المواطن يشعر بأنه لا يوجد له تأثير ويفقد الثقة باسلوب الحكم والسياسيين. الرسالة من الاستطلاع هي رسالة احباط عميق: لا يوجد من نؤمن به، لا يوجد من نثق به. السياسة هي موضوع قذر وضحل.

نحن نعيش منذ فترة طويلة في ظل نظام مستبد وظاهرة الغباء الجماعي وعبادة الحكام ومحو صورة الانسان، هكذا تقل في نظر المواطنين احتمالية التغير، و”التنفس” و”المعارضة”. مزاج فاشي مع الاكراه وغسل الادمغة، يعرض المحتجين ورؤساءهم بشكل مشوه. حيث يتم اخراج اقوالهم عن سياقها بواسطة العنف البلاغي، الاستهزاء والاستخفاف ونشر الاكاذيب والشائعات. يسمونهم “فوضويون”، “كابلانيون” و”متعاونون مع حماس”، مع ملاحقة شرطية.

الكثير من المواطنين يخافون ويريدون فقط الاندماج، وأن يكونوا غير مرئيين، وأن يتم اعتبارهم طبيعيين بكل ثمن. وما يعتبر طبيعي الآن هو الفاشية مع “سننتصر معا” و”النصر المطلق”، الذي يعزز القطيعة من خلال محو الفرد وفرديته. البرت موريا وصف في كتابه بعنوان “المتطابقون” كيف أن اللامبالاة المتفشية في المجتمع مع عدم النضوج وغياب الاحاسيس والتعاطف، تؤدي الى كارثة فظيعة. وهو يطالب بأن نتحمل المسؤولية والقيام بانتقاد لاذع. هل نحن نستطيع فعل ذلك قبل حلول النهاية؟ حزن القدرية الذي يميز بين الاماكن التي انتهى فيها التاريخ فعليا وبين شواهد قبور الماضي التي تتلاشى بالتدريج، يسود في اوساط الكثيرين منا. هل يمكننا أن نخرج بقوة وشجاعة خارجه قبل حلول الكارثة.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى