ترجمات عبرية

هآرتس – الحملة ضد الجيش في قضية مقتل القناص تجاوزت كل الحدود والحكومة تأخرت في الرد

هآرتس – بقلم  عاموس هرئيل  – 5/9/2021

” فقط مساء أمس قال رئيس الحكومة ورئيس هيئة الاركان بالتفصيل ما كان يجب عليهما قوله على الفور، وهو أنه يوجد دعم لقادة الجيش من الاعلى. وتداعيات القضية الحالية يمكن أن تؤثر على حرية اتخاذ القرارات من قبل الحكومة في المستقبل “.

كان هناك أمر صادم عند مشاهدة المقابلات مع ابناء عائلة قناص حرس الحدود، برئيل حداريا شموئيلي، في قنوات التلفاز في ليلة يوم السبت. ليس بسبب مجرد توجيه الميكروفون للوالدين الثاكلين اثناء الحداد (هذا طابو تم تحطيمه في اسرائيل قبل ثلاثين سنة)، وليس بسبب أن موت الابن تم استغلاله لصالح موقف سياسي (هذا ما حدث في حرب يوم الغفران وفي حرب لبنان الاولى والثانية وعملية الجرف الصامد). الصعوبة نبعت من اللهجة التي استخدمها والدي شموئيلي. فقد كانت لهجة فظة تقترب من حدود العنف وسمعت تقريبا مشابهة للنغمة التحريضية التي يتبعها الآن عدد من مؤيدي رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، في الشبكات الاجتماعية وفي مجموعات الواتس اب لليكود. والدة برئيل، نيتسا شموئيلي، قالت إن رئيس الحكومة نفتالي بينيت “يشعر بالخيانة”، وقد اتهمته بـ “قتل دولة اسرائيل”، ليس اقل من ذلك. 

حسب قواعد اللعب السائدة في اسرائيل فانه من المسموح للآباء الثكالى قول أي شيء وبأي صياغة تخطر ببالهم. ولكن الاقوال لا تقال في فضاء فارغ. فالغضب من الخطأ التكتيكي الذي مكن ناشط حماس من الاقتراب من الجندي واطلاق النار على رأسه من مسافة صفر، انضم الى الاذلال الذي شعر به عدد كبير من الاشخاص ازاء صور الحادثة. هنا ولدت اسطورة حول تقييد ايدي الجنود امام حماس، رغم أنه في كل مظاهرة عنيفة على طول الحدود مع غزة يستخدم الجيش الاسرائيلي نار القناصة. ولا نريد التحدث عن وسائل تفريق المظاهرات. الغضب في الشبكات الاجتماعية تم استغلاله من اجل حملة سياسية تستهدف رأس بينيت.

لقد تم وصف رئيس الحكومة كمن انزل كارثة امنية على دولة اسرائيل، رغم أن سلفه في هذا المنصب لم يطرح خلال 12 سنة أي حل، سياسي أو عسكري، للمواجهة في غزة، بل سمح بادخال ارساليات نقدية شهرية من قطر للقطاع خلال ثلاث سنوات تقريبا. في المظاهرة التي تم تنظيمها في هذا الاسبوع في تل ابيب ردا على قتل شموئيلي، سمعت ايضا دعوات لقتل بينيت. كان يبدو أن الاجواء قد هدأت قليلا بعد نزول نتنياهو عن سدة الحكم. ولكن يتبين أننا لا نحتاج الكثير من اجل اعادة استدعاء الوحي البغيض من الماضي. 

مقارنة مع بينيت، الجيش الاسرائيلي هو هدف ثانوي. ولكن لأنه يوجد في الطريق الى الهدف الاساسي، فان الجيش ايضا تعرض لنار ثقيلة. قائد منطقة الجنوب، اليعيزر طوليدانو، جاء في يوم الجمعة الى بيت العائلة من اجل أن يعرض عليها نتائج التحقيق العسكري في الحادثة، مع قائد الفرقة وقائد اللواء. هذه هي المرة الثالثة التي يلتقي فيها طوليدانو مع ابناء عائلة شموئيلي واصدقائهم، وفي جميع هذه اللقاء تعرض لهجوم شخصي شديد، وايضا قائد اللواء اعتبر هدف. 

لقد امتنع بينيت حتى المساء عن اعطاء أي تصريح علني باستثناء جملة ضعيفة في اللقاء مع هيئة الاركان في يوم الخميس الماضي. في منتهى السبت تحدث مع رئيس الاركان، افيف كوخافي، وقال إن دعمه لقادة الجيش هو “كامل ومطلق”،حتى عندما تكون هناك “اخطاء مأساوية”. وكوخافي نفسه كتب في رسالة للقادة، التي ارسلها في هذا المساء، بأن “المجتمع الذي لا يدعم جنوده وقادته حتى عندما يخطئون، سيكتشف أنه لا يوجد من سيحارب من اجله”.

رئيس الدولة، اسحق هرتسوغ، قال في ذاك المساء في اخبار 12 بأنه يثق بالجيش الاسرائيلي ودعا الى عدم نسب دوافع غريبة للجيش. معظم الوزراء صمتوا. أول من قال امور واضحة هو وزير الدفاع، بني غانتس، الذي كان الوحيد الذي فعل ذلك حتى نهاية الاسبوع. والانطباع الذي تولد هو أنه في نظر جزء كبير من قيادة الدولة، الحادثة هو مشكلة قيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة. هل تورط القادة في الميدان؟ يجب عليهم تسوية امورهم بأنفسهم. 

لكن المشكلة هي أن ما يحدث على حدود القطاع لا يبقى هناك، بل هو يؤثر بشكل سيء ايضا على دوائر اخرى. الاحداث تضعف الهرمية ودافعية الجيش الاسرائيلي وتضر بعلاقته مع الجمهور. المقاتلون لا ينتظرون فقط أوامر فتح النار كما سيتم املاءها من قيادة هيئة الاركان. فهم يتعرضون لرسائل في الشبكات الاجتماعية، التي تتهم قادتهم بالتخلي عنهم وتدعوهم الى رفض الاوامر. هذه الاضطرابات تؤثر ايضا على عائلات الضباط التي تستخدم الضغط عليهم من اجل ترك وظائفهم التي فيها اخطار التورط مرتفعة. الجميع لن يوافقوا على أن يتعرض ابنهم طوال الوقت لما تعرض له طوليداو وضباطه مؤخرا.

من قائد المنطقة ومن قائد الفرقة، ومن قادة المنطقة الشمالية والمنطقة الوسطى، سمعت في السنوات الاخيرة مشاعر مشابهة: الاخطاء هي جزء من المهنة العسكرية، مثلما هي الحال في أي مهنة اخرى. ولكن المهنة العسكرية عندما نخطيء فيها الناس يموتوا. في الجيش يدركون ذلك بشكل جيد، ويدركون ايضا الثمن الشخصي الذي يمكن أن يدفعه الضباط، الذي يتمثل في انهاء حياتهم المهنية. هذا جزء من قواعد اللعب في المستويات العليا. الامر الذي لا يجب أن يكون جزء منها هو الحملة المتطرفة التي يتم اذكاءها من قبل السياسيين، والتي على الاغلب تكون مقرونة بتغطية اعلامية صارخة.

منذ اندلاع القضية الاخيرة، عندما اصيب شموئيلي قبل اسبوعين، كثرت المقارنة بينها وبين قضية اليئور ازاريا من العام 2016. الفرق هو أن قضية ازاريا امتدت لسنتين حول محاكمة الجندي. هنا التطورات انتهت كما يبدو عند انتهاء التحقيق العسكري. عائلة الجندي تريد وبحق خوض صراع من اجل تشكيل لجنة تحقيق خارجية من اجل فحص ظروف الحادثة. ولكن احتمالية نجاح ذلك تبدو متدنية.

الاهتمام الاعلامي سيتلاشى قريبا وسينتقل بالتأكيد الى احداث ونقاشات اخرى. ولكن حتى الآن ما زالت هناك امكانية لحدوث ضرر بعيد المدى. أولا، يتوقع الاضرار بالثقة داخل سلسلة القيادة وبين الجمهور والجيش. ثانيا، القضية الاخيرة ترسخ اكثر السلم المشوه الذي ترسخ هنا والذي يقول إن حياة الجندي أغلى من حياة المدني في اسرائيل. في السابق كان سلم الاولويات كان مقلوبا: الاسرائيليون فهموا أنه احيانا، من اجل الدفاع عن حياة المدنيين، كان الجيش مستعد لتكبد الخسائر. الآن خطأ محلي أدى الى نتيجة مأساوية، هو ذريعة للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق والاعلان عن رئيس الحكومة كخائن. 

يبدو أنه من الجيد أن الجمهور لا يسلم بموت الجندي، الذي ينبع من خطأ أو خلل. ولكن عندما تثور عاصفة شديدة فان النقاش يصل الى اماكن لا يجب أن يصل اليها على الاطلاق. هنا يمكن أن يأتي تقييد الأيدي الحقيقي. ربما في المستقبل، القيادة السياسية والعسكرية، تكون مشلولة كليا خوفا من ارتكاب خطأ والتسبب باصابة، الى درجة عدم استخدام الجيش البري، حتى في ظروف تكون فيها حاجة ملحة الى ذلك.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى