ترجمات عبرية

هآرتس: الحكومة هُزمت، الدولة كسِبت!

هآرتس – تسفي برئيل – 9/6/2022

كان من الممتع قراءة التفسيرات القانونية حول المستقبل المتوقع للمستوطنين، الذين من الشهر القادم لن يسري عليهم القانون الاسرائيلي. للحظة كان حتى هناك من حلم بأنه فجأة ستتم رؤية الواقع كما يجب. مساواة امام القانون بين المستوطنين والفلسطينيين. ولن تكون هناك منظومتان قضائيتان ولن يكون ابرتهايد، بل مجرد احتلال وحشي يخرق القانون الدولي.
هذا السرور زائد، ايضاً القانون القائم الذي يسمح لشرطة اسرائيل بالعمل في المناطق وتقديم المستوطنين الذين يضرون بالفلسطينيين للمحاكمة، لم يتم استخدامه بشكل كبير. تنكيل المستوطنين بالفلسطينيين وسرقة الاراضي وإقامة بؤر استيطانية غير قانونية، كل ذلك غير خاضع للقانون لأنه لا يوجد من يطبقه. أي مستوطن ايضاً لن يتم تقديمه من الآن للمحاكمة في محكمة فلسطينية أو سيتم اعتقاله من قبل رجال شرطة فلسطينيين. ومثلما عرفت اسرائيل كيف تلوي قوانينها وأنظمتها من أجل أن تلائم نزوات المستوطنين، فإن المشرعين المبدعين فيها سيعرفون كيفية الالتفاف على العائق القانوني الجديد.
الأمر الأكثر اثارة للصدمة هو الدهشة من هجوم اليمين الحقيقي على اليمين الخائن، والاستغراب الصادم من تصويت أحزاب الوسط – يسار لصالح تمديد سريان انظمة الطوارئ. أين الضمير؟ أين المبادئ؟، وجهوا الاتهام لبعضهم البعض. وكأن كل المبادئ السامية هي الهادي لهم منذ سنوات، وتحطمت مرة واحدة بهزة أرضية. وكأنه كشفت فجأة الحقيقة الفظيعة التي أخفيت طوال الوقت تحت هذه المبادئ، والآن قدمت نفسها بتفاخر واعلنت «فقط ليس بيبي مقابل فقط ليس بينيت، ليس أكثر من ذلك»، يا للمفاجأة.
مع ذلك، هذا تجديد. ربما أن هذه كانت من المرات القليلة التي لم ينجح فيها المستوطنون في تمرير قانون استهدف خدمتهم. ليس مجرد قانون، بل قانون منحهم الأساس القانوني الكاذب للعيش في ارض اسرائيل الكاملة. صحيح أن هذه القاعدة مشكوك فيها لأنها تستند الى انظمة طوارئ، التي في جوهرها يجب أن تكون مؤقتة، لكن بمجرد تمديدها التلقائي فقد حصلت على مكانة قانون اساس، وبالأساس خلقت الوهم بأن كل شيء يتم بصورة قانونية.
الآن انهار الوضع القانوني، الذي كان في البداية غير قانوني حسب القانون الدولي، وتبين أن الاعمدة التي تم وضعها تحت المستوطنات كانت هشة. كان يكفي صوتان لانهيارها. التجديد الأهم هو أن المستوطنين يعرفون أنه لم يعد لهم يمين صلب يمكنه الدفاع عن مكانتهم. لذلك، يجب عليهم شكر بنيامين نتنياهو، الذي بيديه قسم التيار اليميني الى تيارين، كل واحد على حدة غير قادر على الوفاء من اجل المستوطنين بالوعد الإلهي. والأكثر خطورة هو أنه أول من أمس بالذات، الوسط – يسار هو الذي وقف الى جانبهم.
لقد أعطى إسقاط القانون للعرب درساً مهماً. غير مهم لمن يصوتون، للائتلاف أو المعارضة. في المسائل القومية يمكنهم الاعتماد على «كتلة بيبي» كي تؤدي العمل من أجلهم، شريطة أن يواصلوا دعم الحكومة. هذه هي الحكومة الأكثر أماناً للعرب، حكومة في الواقع لا تستطيع إجازة قوانين اقتصادية أو اجتماعية، ولكنها ايضاً لن تتجرأ على إعادة فحص قدرتها على إصدار قوانين قومية أو عرقية طالما أنها تقف أمام ميزان رعب شديد للكتلة، التي قررت أن تُفشل أي تشريع يبادر اليه الائتلاف.
يمكن التخمين ماذا كان سيحدث لو لم يقف نتنياهو على رأس الليكود، بل كان يترأسه شخص ايديولوجي، يميني حقيقي، الذي تُعتبر مكانة الاستيطان والمستوطنين مهمة بالنسبة له. في هذا الوضع القانون كان سيمر بأغلبية كبيرة. ليس هذا فقط، بل كان سيُفشل كل «كوابح المقاطعة» للعرب، وربما حتى يلزمهم بالانسحاب من الائتلاف.
الآن يتبين أن إبقاء نتنياهو في المعارضة وبقاء الحكومة هو ضرورة أيديولوجية وليس فقط مصلحة سياسية. هذه تتعلق بكون اسرائيل دولة قانون، واعتبار السيطرة على المناطق احتلال يخضع للقانون الدولي وزيادة قوة الأقلية العربية.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى