هآرتس: الحرب انتهت، الانتخابات في الأفق، ونتنياهو يتفرغ لتفكيك لجنة التحقيق
هآرتس 2/11/2025، يونتان ليس: الحرب انتهت، الانتخابات في الأفق، ونتنياهو يتفرغ لتفكيك لجنة التحقيق
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيتعين عليه في القريب مواجهة المهمة التي اجل الانشغال بها مرة تلو اخرى في السنتين الاخيرتين: تشكيل لجنة تحقيق في اخفاقات 7 اكتوبر، التي تشكيلتها وصلاحياتها لن يتم رفضها من قبل محكمة العدل العليا. الحجة الرئيسية التي استخدمها نتنياهو حتى الان لم تعد الان ذات صلة: بضغط من الادارة الامريكية فان الحرب، كما يبدو، انتهت، على الاقل بصيغتها الموسعة. ضباط الجيش الاسرائيلي، مثلما كبار قادة المستوى السياسي، يمكنهم الان التفرغ للاجابة على السؤال المهم: ايضا الحملة الانتخابية التي تقترب من شانها ان تدفع الحكومة لتشكيل لجنة بنفسه من اجل ان لا يترك هذه المهمة للحكومة القادمة. اذا قام خصومه بتشكيلها فان قدرته على التاثير على تشكيلتها وصلاحياتها ستتبدد.
نتنياهو منع تشكيل اللجنة حتى الان لاسباب رئيسية. الاول هو رغبته في كسب الوقت في محاولة لتحسين صورته وتاجيل الانشغال باخفاقات حكومته. الثاني هو جهوده للعثور على طريقة للتاثير على تشكيلة اللجنة والصلاحيات التي ستعطى لها من اجل تقليص الخطر لاستخلاص استنتاجات شخصية ضده. هو لم يخف تطلعه الى تاجيل تشكيل اللجنة والتاثير على طابعها، وقد برر ذلك بالحاجة الى الحصول على ثقة الجمهور الواسعة – رغم ان عدد من الاستطلاعات اظهر ان الجمهور الواسع يؤيد تشكيل لجنة التحقيق الرسمية. الخوف الرئيسي في محيط نتنياهو هو ان رئيس المحكمة العليا، اسحق عميت، الذي يشكل السجاد الاحمر بالنسبة لاعضاء الائتلاف سيكون هو الذي سيعين اعضاء اللجنة.
مرة تلو اخرى اخرجوا في الليكود ارانب وفحصوا امكانية القيام بخطوات تحول اللجنة الى اكثر راحة بالنسبة اليهم. في البداية فكروا بتشكيل لجنة تحقيق حكومية، التي سيعين اعضاؤها من قبل الحكومة، بعد ذلك فحصت مبادرة للرئيس عميت على قبول موافقة نائبه المحافظ نوعام سولبرغ على اسماء الاعضاء فيها. خطوتان اخريان تم فحصهما، استهدفتا منع اعضاء اللجنة من بلورة توصيات شخصية ضد من يجدوا انهم مسؤولين عن الفشل، وكذلك ايضا امكانية منع الحكومة القادمة من حل اللجنة التي عينها نتنياهو لصالح هيئة متشددة اكثر مع صلاحيات اوسع.
في هذه الاثناء يدفع عضو حزب نتنياهو، عضو الكنيست اريئيل كلنر، قدما بمبادرة لتشكيل “لجنة تحقيق رسمية مساواتية”. الحديث يدور عن جسم هجين فيه سيكون للجنة في الواقع صلاحيات كلجنة رسمية، لكن الاعضاء فيها سيتم تعيينهم من قبل المستوى السياسي، بواسطة اعضاء الكنيست. “الخيار الافضل حسب رأيي، كان وما زال لجنة لديها صلاحيات اللجنة الرسمية، التي سيتم تعيينها بموافقة واسعة من قبل ممثلي الجمهور من الائتلاف والمعارضة، والتي ستعطي مكانة خاصة للعائلات الثكلى، التي ستقلب كل حجر وستوجه لكل هيئة كل الاسئلة”، كتب كلنر في منشور في شبكة اكس في ايلول الماضي. وحسب قوله فان “هذه اللجنة ستحصل على ثقة الجمهور وستتمكن من الاصلاح حقا”.
الاقتراح يحيد صلاحية المحكمة العليا في اختيار اعضاء اللجنة. حسب الخطة فان ثلاثة اعضاء سيعينون من قبل الائتلاف وثلاثة من قبل المعارضة. هذه اللجنة ستضم عضوين “مع اهلية” ليتم تعيينهما كاعضاء في المحكمة العليا، وعضوين من رجال الامن الكبار المتقاعدين ومدراء لجهازين كبيرين. ستة اعضاء من اللجنة سيتم انتخابهم كممثلين اضافيين من اوساط العائلات الثكلى وعائلات المخطوفين. مؤخرا التقى كلنر مع عائلات ثكلى، التي هي اعضاء في منتدى “القانون والعدالة”، وهو تنظيم يعارض تشكيل لجنة التحقيق الرسمية ويدعو الى ان يتم فحص ايضا مسؤولية جهاز القضاء عن اخفاقات 7 اكتوبر. المعارضة سبق واوضحت انها ستعارض هذه المبادرة، ومن غير الواضح حتى الان اذا كان سيحاول نتنياهو الدفع بها قدما وتحويلها الى آلية تحقق في اخفاقات النظام والجيش الاسرائيلي.
في الاسابيع الاولى بعد المذبحة، تابعت وسائل الاعلام بشكل مستمر رفض نتنياهو لاستخدام كلمة “مسؤولية” أو وصف دوره في فشل المستوى السياسي والامني في تشخيص واحباط الهجوم. وعندما سئل في المؤتمر الصحفي الاول الذي عقده بعد المذبحة في نهاية تشرين الاول راوغ وقال: “بعد الحرب يجب على الجميع اعطاء اجابات على اسئلة قاسية، بما في ذلك أنا نفسي. كان هنا فشل فظيع وسيتم فحصه حتى النهاية. مهمتي هي انقاذ الدولة”.
بعد بضع ساعات من ذلك، في نفس المساء، القى المسؤولية عن نفسه عندما هاجم في تغريدة رئيس الشباك رونين بار ورئيس أمان في حينه اهارون حليفة. “خلافا للادعاءات الكاذبة فانه لم يتم اعطاء في أي وقت أو في أي مرحلة تحذير لرئيس الحكومة نتنياهو بشان نوايا شن حرب من قبل حماس. بالعكس، جميع رجال الامن بما في ذلك رئيس أمان ورئيس الشباك قدروا ان حماس مردوعة ووجهتها هي نحو التسوية. هذا هو التقدير الذي قدم مرة تلو الاخرى لرئيس الحكومة والكابنت من جميع اجهزة الامن واجهزة الاستخبارات، بما في ذلك حتى اندلاع الحرب”، كتب في تغريدة تم حذفها بعد فترة قصيرة. ولكن نتنياهو نفسه لم يضع حتى الان هذه الادعاءات امام طاقم غير منحاز من اجل فحصها.
رئيس الحكومة يحتقر وسائل الاعلام الاسرائيلية. اثناء فترة الحرب قلل من عقد المؤامرات الصحفية ولم يسمح للمراسلين بطرح الاسئلة عليه. في احد المؤامرات الصحفية النادرة، بعد ثلاثة اشهر على بدء الحرب، سئل عن الحاجة الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية، واوضح بانه لن يسمح بذلك في حينه. “التحقيقات والفحوصات يجب القيام بها بعد انتهاء الحرب، وبالتاكيد ليس في ذروتها”، قال في حينه. “انا لا اريد ان ينشغل الضباط والقادة والسياسيين في البحث عن محامين. أنا اعتقد أن هذا خطأ، يجب الانشغال فقط بشيء واحد وهو الانتصار في الحرب. الحكومة هي التي ستقرر في ذلك عندما سيحين الوقت وليس الخاضعين لها”. هذا التصريح الذي كرره نتنياهو في مناسبات مختلفة تجاهل حقيقة ان الجيش الاسرائيلي، مثل مراقب الدولة، لم يتبن “التوصية” ولم ينتظر انتهاء الحرب من اجل القيام بتحقيقات في هذا الشأن.
في الجلسة التي بادرت المعارضة لعقدها بحضور جميع اعضاء الكنيست في 6 آذار قال نتنياهو انه لا يوجد للجمهور ثقة بلجنة سيعين اعضاؤها من قبل المحكمة العليا. “من المهم والضروري التحقيق بشكل معمق في كل ما حدث في 7 اكتوبر، وفيما سبق ذلك”، قال في حينه نتنياهو واضاف. “لكن هذا التحقيق يجب ان يحصل على ثقة الشعب او ثقة الاغلبية الساحقة من الشعب. لذلك، نحن نطالب بتشكيل لجنة تحقيق موضوعية، متزنة وغير منحازة، وليس لجنة تحقيق التي استنتاجاتها اصبحت معروفة مسبقا”.
رئيس الدولة اسحق هرتسوغ حاول في شهر نيسان اقناع رئيس الحكومة بالموافقة على خطة متساهلة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية. حسب هذه الخطة رئيس المحكمة العليا عميت سيقوم بتعيين اعضاء اللجنة بالتشاور مع النائب المحافظ نوعام سولبرغ. في مقابلة مع “هآرتس” في حينه وصف هرتسوغ الاقتراح، توسيع اعضاء اللجنة من ثلاثة الى سبعة اعضاء الذين سياتون من مجالات مختلفة. “ليس عبثا جلست مع رئيس المحكمة العليا اسحق عميت وتوصلت معه الى اتفاق بانه اذا تقرر تشكيل اللجنة فانه سيتشاور مع نائبه نوعام سولبرغ، الذي لديه رؤية قانونية مختلفة”، قال هرتسوغ. “هذه هي الخطوة الصحيحة من ناحية ثقة الجمهور. مع وجود نية حسن يمكن تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحصل على ثقة الجمهور”. ولكنهم في محيط نتنياهو رفضوا في حينه الخطة.
بعد شهر على ذلك، بضغط من المحكمة العليا وعلى خلفية التماسات قدمت بهذا الشان، اضطرت الحكومة الى اجراء نقاش حول الدفع قدما بتشكيل لجنة التحقيق. ولم يكن من المفاجيء ان الوزراء قرروا عدم تشكيل أي لجنة في حينه. في القرار الذي بلورته الحكومة في نهاية النقاش عبرت للمرة الاولى عن الاستعداد المبدئي لتشكيل لجنة تحقيق رسمية – اذا تم تعيين الاعضاء فيها بشكل مختلف عما ينص عليه القانون. قرار الحكومة، الذي استهدف بالاساس ارضاء القضاة الذين كانوا يناقشون التماسات حول هذا الشأن، ينص على انه ازاء قرار الكابنت المصادقة على توسيع القتال في قطاع غزة في تلك الفترة، فانه “لم تنضج الظروف الان لتشكيل لجنة للتحقيق في احداث 7 تشرين الاول 2023 وما قبله”.
الحكومة كتبت في قرارها انه من المتوقع ان تعمل “في اسرع وقت” على بلورة مشروع قانون لتشكيل لجنة تحقيق حكومية، “في موعد سيتم تحديده”. وكتب ايضا ان “تشكيلة اعضاء اللجنة ستعكس آراء مختلفة بين الجمهور، وهكذا ستحصل اللجنة على ثقة واسعة من الجمهور”. في ذلك المساء، في 5 ايار، نشر نتنياهو فيلم فيديو تطرق فيه الى اللجنة التي سيتم تشكيلها. وحسب قوله: “نحن قلنا من البداية أننا سنفعل ذلك بعد انتهاء الحرب. نحن عشية دخول قوي الى غزة. هذه توصية هيئة الاركان العامة للجيش وليست توصيتي. هذه توصيتهم وبحق. بالمناسبة، أنا اوصي بنفس الشيء”.
الدليل على المماطلة المتعمدة التي يقوم بها نتنياهو يمكن ان نجده ايضا في الصورة التي يدفع بها قدما بتشريع في الكنيست. حزب الليكود طرح احتمالية الدفع قدما بمشروع قانوني بحسبه تقوم الكنيست بتعيين ستة اعضاء اللجنة في تشرين الثاني الماضي. بعد مرور سنة هذا الاقتراح لم يوضع حتى الان على طاولة الكنيست ولم يتم طرحه للتصويت عليه. الآن سيطرح للنقاش في اللجنة الوزارية للتشريع اقتراح لتشكيل لجنة رسمية، الذي تدفع به قدما عضوة الكنيست افرات رايتن من حزب العمل. المبادرة، مثل سابقاتها من قبل المعارضة، تطالب بتشكيل لجنة تحقيق بالصيغة الدارجة، التي ستفحص “كل الوقائع والعوامل التي سبقت وادت الى الهجوم المفاجيء والقاتل على دولة اسرائيل”. ومن المرجح ان لا يدخل هذا الاقتراح الى كتاب قوانين دولة اسرائيل.



