هآرتس: الحالمون بتصفية قيادة الحوثيين ينسون ان لهم مخزون آخر من البنى التحتية ومن المسؤولين

هآرتس – تسفي برئيل – 1/9/2025 الحالمون بتصفية قيادة الحوثيين ينسون ان لهم مخزون آخر من البنى التحتية ومن المسؤولين
احمد غالب الرهوي، رئيس حكومة نظام الحوثيين في صنعاء، الذي قتل في هجوم الجيش الاسرائيلي في يوم الخميس، لم يتوقع على الاطلاق بان يصبح رئيس حكومة. هذا الشخص الباهت، الذي ليست له صلاحيات ومهمته الادارية الوحيدة التي تسلمها هي مدير عام محافظة، التي توجد الآن تحت سيطرة حكومة اليمن المعترف بها، والذي تم تعيينه في منصبه في آب 2024 كشخص من كرتون، كان يجب عليه تمثيل التزام زعيم الحوثيين عبد المالك الحوثي باجراء “اصلاحات عميقة” في بنية النظام. الرهوي، الذي حل محل عبد العزيز بن حبتور، وهو رئيس حكومة آخر شغل منصبه بدون صلاحيات وقدرة تنفيذية – تم عرضه في الواجهة كدمية مثل الوزراء الآخرين الـ 19.
القوة الحقيقية للنظام توجد في يد احمد حامد، رئيس مكتب المجلس السياسي الاعلى. هو المدير الفعلي للدولة ويخضع للتعليمات المباشرة لعبد المالك، الزعيم “الخفي” الذي يظهر امام الجمهور فقط من خلال الافلام التي يبثها. اذا حكمنا على الامور حسب ردود جهات رفيعة في النظام الحوثي، التي وجهت انتقادات شديدة في السنة الماضية وعبرت عن خيبة الامل من التعيين الذي ظهر كمناورة سياسية لحرف الانظار واستهدفت تخفيف انتقاد الجمهور للنظام، فيمكن التقدير بان عدد كبير منهم راضين عن قتل من اعتبر بالنسبة لهم شخص زائد وغير مناسب.
البنية التحتية للنظام الحوثي، الذي يسيطر على 35 في المئة من اراضي الدولة التي يعيش فيها اكثر من 60 في المئة من سكان اليمن، لا تستند الى الحكومة، بل الى مجموعة منظمة وقوية من المقربين وابناء العائلة. هؤلاء تم تعيينهم كحكام للمحافظات، حيث في كل مكاتب الحكومة تم تعيين ممثلين شخصيين لـ “زعيم الثورة”، كما يتم وصف الحوثي. مهمتهم هي الاشراف على نشاطات الحكام والتاكد من انه فقط المخلصين للنظام هم الذين يتم تعيينهم في الوظائف الرفيعة في كل المستويات. بالفعل هم الذين يتخذون القرارات المهمة ويحددون توزيع الميزانية ويديرون جهاز القضاء، الضرائب، الخدمات، ويرسلون التقارير مباشرة الى المجلس السياسي.
على هذه الخلفية فان قتل معظم وزراء الحكومة الحوثية في يوم الخميس الماضي هو في الحقيقة ضربة غير متوقعة، تغذي منتقدي الحوثي، لكنها لا تفرغ احتياطي الشخصيات السياسية، التي خلال ايام ستشغل المناصب الفارغة. نقطة ضعف الجهاز الحاكم الواسع هذا ليس نقص الوزراء، بل هي تكمن في المركزية المطلقة لعبد المالك، الذي يعتبر نفسه مثل الزعيم الاعلى في ايران. نظريا، قتل الزعيم، الذي لا يشاهد علنا وينتقل من مكان خفي الى آخر، يمكن ان يحدث انعطافة وربما حتى يمكن ان يحطم منظومة السيطرة العسكرية – العائلية. في المقابل، يفضل ان نذكر بانه هو نفسه احتل القيادة العسكرية للتنظيم في 2004، بعد موت شقيقه حسين بدر الدين، وفي 2010 ورث والده بدر الدين الحوثي، كزعيم عسكري وروحي للتنظيم العائلي. أي ان ذهاب زعماء من الساحة لا يتركها بدون قيادة.
يوجد لعبد المالك ايضا خصوم في العائلة، يطمحون بمنصب القيادة، بينهم ابناء عمه علي حسين الحوثي، الذي يترأس جهاز مخابرات (شخصي) ويدير سجون منفصلة عن سجون الدولة؛ محمد علي الحوثي، من كبار قادة جهاز الامن الحوثي؛ مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الاعلى، الذي يتولى منصب القائد الاعلى للقوات المسلحة ويوجد فوق رئيس الاركان. من هنا، الافتراض الذي يقول بان قتل عبد المالك سينهي نظام الحوثي في اليمن يمكن ان يصطدم بنتيجة معاكسة – التنظيم سينتقل الى يد وريث الزعيم، أو يتشكل تنظيم مواز أو عدة تنظيمات ستتنافس فيما بينها على السيطرة.
حلم تدمير الزعامة الحوثية كان محط انظار الرئيس الامريكي دونالد ترامب. في شهر آذار الماضي وعد ترامب قيادة الحوثيين بـ “التدمير الشامل” الذي سياتي في اعقاب الهجمات الكثيفة على قواعدهم. خطة “التدمير الشامل” كان يمكن ان تمتد لـ 8 – 10 اشهر، كما اقترح قائد المنطقة الوسطى، الجنرال مايك كوريلا. حوالي 1100 طلعة جوية نفذها سلاح الجو الامريكي في شهر واحد، الى ان اصبح هناك خوف من حدوث نقص في الذخيرة في الجيش الامريكي. خلال ذلك فقدت الولايات المتحدة طائرتين قتاليتين وسبع مسيرات، وتكلفة الهجوم في شهر كانت اكثر من مليار دولار.
في نهاية المطاف، بدلا من عشرة اشهر، ترامب خصص شهر واحد للهجوم. في شهر ايار اعلن عن “انجاز سياسي”، عندما اعلن عن وقف لاطلاق النار الذي تم التوصل اليه بين الولايات المتحدة والحوثيين. “نحن قمنا بضربهم بقوة، لكن كانت لديهم قدرة كبيرة على الصمود امام العقاب. يمكن انه كان هناك الكثير جدا من الشجاعة. هم وعدونا بانهم لن يهاجموا السفن ونحن نحترم ذلك”، وعد ترامب. “كلمة الحوثيين هي كلمة موثوقة”. ومثلما تقول الاغنية، فقط ترامب نسي تفصيل مهم، وهو ان الحوثيين تعهدوا بعدم اطلاق النار على السفن الامريكية، في حين ان السفن الاسرائيلية استمرت في ان تكون “هدف مشروع” بالموافقة الهادئة للرئيس، الذي لم يربط الاتفاق بوقف النار المطلق والشامل. منذ ذلك الحين بقيت اسرائيل لوحدها امام الحوثيين. الادارة الامريكية انتقلت الى موقف المراقب، المريح والبعيد بدون تدخل، والصواريخ المتقطعة واصلت انطلاقها على اسرائيل.
في شهر حزيران، في ذروة الحرب بين اسرائيل وايران، كان هناك من اعتقدوا انه سنحت فرصة اخرى لمهاجمة الحوثيين، وحتى هزيمتهم، بسبب ضعف ايران وتوقع ان طهران ستتوقف عن تزويد الحوثيين بالاحتياجات العسكرية. هذه العملية كانت تحتاج مشاركة برية واسعة لجيش اليمن، لكن مفهوم “جيش اليمن” هو وصف مبالغ فيه لاطار فارغ، مفكك، منقسم، ليست له ميزانية ويوجد لديه نقص في القوة البشرية. الجنود في جيش اليمن لا يحصلون على رواتب كاملة منذ ثلاثة اشهر، وكثيرون منهم هم جنود اشباح، تم تسجيلهم في كادر القوة البشرية، لكنهم “يذهبون الى بيوتهم”. الاكثر خطورة من ذلك هو ان هذا الجيش فيه الولاء القبلي والسياسي يخلق مجموعات قتالية شبه مستقلة، تنشغل بمواجهات متبادلة وتجد صعوبة في التعاون.
قسم من هذا الجيش يعتمد على قوات مخلصة لـ “المجلس الانتقالي” بقيادة عيدروس الزبيدي، السياسي – العسكري اليمني الذي يسعى الى احياء اليمن الجنوبي كدولة مستقلة مثلما كانت قبل الاتحاد في 1990. هو يحصل على الدعم والتمويل والسلاح من دولة الامارات. هذا مقابل الجيش الوطني الذي يعتمد على دعم السعودية، التي تمطح الى اقامة دولة يمن موحدة. بين هذين الجسمين العسكريين يوجد جسم عسكري آخر، سيطر على محافظة حضرموت الغنية بالنفط، ويسيطر على عدد من الموانيء المهمة ويقيم فيها نوع من الحكم الذاتي غير الخاضع للحكومة.
ايضا لو تجاهلنا صراع القوى الداخلية، فان العلاقة بين جيش اليمن وجيش الحوثيين بعيدة عن الوعد بـ “النصر المطلق” للجيش الوطني. حسب تقديرات مختلفة فان جيش اليمن يعد 40 – 100 مقاتل، في حين ان جيش الحوثيين يعد 350 – 400 ألف جندي (مقابل 40 الف مقاتل كانوا مسجلين كجنود لحماس، و50 – 100 الف كجنود لحزب الله).
ادارة هذه الحسابات لا يوجد لها في هذه الاثناء أي اهمية، لانه ليس جيش اليمن أو أي جيش آخر يخطط لاحتلال مناطق سيطرة الحوثيين.
السعودية ودولة الامارات، التي انطلقت في 2015 الى حملة لاجتثاث النظام الحوثي، سفكت الكثير من دماء اليمنيين ودماء مرتزقة من افريقيا وامريكا الجنوبية. ولكن بعد سبع سنوات من الحرب توصلوا الى اتفاق لوقف اطلاق النار وتخلوا عن التحالف الدولي الذي اقامته امريكا في البحر الاحمر من اجل محاربة الحوثيين. في المقابل، الحوثيين يواصلون تطوير تطلعهم لاحتلال كل اجزاء اليمن الاخرى. ولكن ايضا توجد لهم قيود عسكرية. فهم يستخدمون الاطلاق ضد اسرائيل وتهديد حرية الملاحة في البحر الاحمر كرافعة من اجل التوصل الى اتفاق يعطيهم مكاسب سياسية مهمة، تشمل اقامة نظام جديد في اليمن، الحوثيون سيحصلون فيه على نصيب رئيسي في الحكم وفي ميزانية الدولة ومداخيل النفط. حتى ذلك الحين يمكن توقع ان يواصل الحوثيين ادارة المواجهة امام اسرائيل بالحجم الذي نراه حتى الآن. ما زال لديهم مخزون غير قليل من الصواريخ البالستية والمسيرات، بعضها من انتاج محلي وبعضها يتم استيراده بطرق ملتوية من ايران والصين. وحسب تقارير في الفترة الاخيرة، من روسيا ايضا.