ترجمات عبرية

هآرتس: الجوع يستشري وحتى لو وصلت المساعدات الى غزة ليس واضحا من سيوزعها

هآرتس 14/3/2024، تسفي برئيل: الجوع يستشري وحتى لو وصلت المساعدات الى غزة ليس واضحا من سيوزعها

في يوم الثلاثاء الماضي انطلقت سفينة “اوبن ارمز” من قبرص الى قطاع غزة وعلى متنها 200 طن من المواد الغذائية والادوية. الحمولة التي كانت تحملها اجتازت فحوصا دقيقة في ميناء لارنكا، لكن البشرى التي يمكن أن تجلبها معها الى مئات آلاف سكان غزة ما زالت بعيدة عن التنفيذ. القصد هو انزال الحمولة في البحر ونقلها بواسطة قوارب صغيرة الى شاطيء غزة. لكن من غير الواضح من سينزل الحمولة وأين سيتم تخزينها ومن سيوزعها ومن سيحميها. حتى تصريح الرئيس الامريكي عن نية اقامة محطة مؤقتة، ستنتظر شهرين على الاقل الى أن تصل اجزاءها ويتم تركيبها وتتحول الى رصيف يكون بالامكان انزال الحمولات عليه.

في غضون ذلك لا يوجد للادارة الامريكية أي حلول للصعوبات اللوجستية والتشغيلية المعقدة التي سترافق عملية النقل، هذا في الوقت الذي فيه الامم المتحدة تعتبر الوضع في القطاع “جوع شديد” وقضية المساعدات الانسانية تتطور وتصل الى ازمة استراتيجية. الرئيس الامريكي اوضح بأن اقدام جنود الجيش الامريكي لن تطأ ارض غزة. لكن رغم تصريحاته إلا أن أحد ما يجب عليه ربط المحطة بالشاطيء وحماية طواقم الهندسة الامريكيين، وبالاساس تسلم المساعدات وتوزيعها على المحتاجين.

بدلا من ذلك فان الادارة الامريكية تبحث عن شركات خاصة يمكنها تنفيذ المشروع، بالاساس الحصول على تمويل كاف لتشغيله. احدى الشركات هي شركة “فوغ بو” التي هي بملكية رجال مخابرات امريكيين سابقين. رئيسها هو سام ماندي، وهو جنرال سابق في المارينز وكان مسؤول عن القوات في الشرق الاوسط، ونائبه ميك مالروي، رجل سابق في الـ سي.آي.ايه ومستشار لوزير الدفاع. هذه الشركة عملت في السابق بنشاطات مشابهة في ارجاء العالم، والآن بدأت تبحث عن مصادر تمويل في دول عربية مثل اتحاد الامارات وفي دول اوروبية ايضا، وهي تنوي تاسيس صندوق خاص لتجنيد التبرعات. التمويل هو شرط اساسي لتشغيل مشروع المساعدات للقطاع لأن الادارة لا يمكنها فعل ذلك، بالاحرى بدون مناقصة يجب أن تتنافس فيها شركات، اذا وجدت مثل هذه الشركات.

لكن حتى لو تم حل موضوع التمويل فان الصعوبات التي تنتظر المشروع لن تختفي. أي شركة تعمل في نقل المساعدات ستكون بحاجة الى حماية فضاء المحطة والمخازن التي سترسل اليها المساعدات في المرحلة الاولى. حسب معرفتنا اسرائيل وافقت على توفير دائرة الحماية الخارجية الموجودة في محيط المحطة، بصورة تمنع المدنيين والمجموعات المسلحة (اعضاء حماس أو تنظيمات اخرى) من الوصول اليها والانقضاض على الشحنات. لكن حتى الآن غير معروف من الذي سيكون مسؤول عن المساعدات في الطريق من المحطة الى المخازن ومنها الى السكان.

مصدر اسرائيلي مطلع قال للصحيفة بأن النية هي القاء هذه المهمة على قوات فلسطينية محلية غير مسلحة. ولكنه اضاف “حتى الآن لم يتم حل قضية توفير الحماية وكيف سيتم منع احداث تشبه الحادثة قبل اسبوعين التي قتل فيها 113 شخص عندما اندفع الناس الى قافلة المساعدات”.

احدى الطرق التي يتم فحصها هي أن تلقى المسؤولية على الشركة الفلسطينية الخاصة “بديكو غزة”، التي عملت في بناء المنطقة الصناعية في غزة. يبدو أن لديها المعرفة والقدرة المطلوبة لتخزين البضائع وتوزيعها. “يمكن أنه في نهاية المطاف لن يكون أي مناص وجنود الجيش الاسرائيلي سيضطرون الى حماية وتوزيع المساعدات من المحطة وحتى مراكز التوزيع في المدن”، قال هذا المصدر الاسرائيلي. ولكن أي حل لوجستي سيتم التوصل اليه سيحتاج الى الانتظار حتى يتم استكمال بناء المحطة المؤقتة. وهي فترة زمنية غير متاحة لسكان غزة التي يحتضرون بسبب الجوع. حسب تقارير مخيفة عن وضع الجوع والوضع الصحي في غزة فان السكان بدأوا في ذبح الكلاب والقطط لتوفير الطعام لأبناء عائلاتهم.

في 9 آذار نشر نيكولاس كريستوف، وهو كاتب المقالات الاكبر في “نيويورك تايمز”، نشر مراسلة محمد الشنطي، وهو من سكان غزة، الذي حتى اندلاع الحرب كان طالب طب في جامعة رودس في جنوب افريقيا، مع زميلة له في الجامعة. في هذه المراسلات المثيرة للقشعريرة، بين 11 تشرين الاول و29 شباط، حيث انقطع التواصل معه، قال “إن الأرز الذي عشنا عليه في الاشهر الاربعة الاخيرة اختفي كليا من الاسواق. أنا وزوجتي قررنا أن نأكل وجبة واحدة كل يومين من اجل ابقاء اولادنا على قيد الحياة بقدر الاستطاعة. ما بقي لنا هو الحصيرة. نحن بدأنا نطحنها من اجل خبزها وأكلها. وعندما بدأنا نأكل خبز الحصير فان البراز اصبح فيه دم”.

في يوم الثلاثاء الماضي وللمرة الاولى بعد ثلاثة اسابيع دخلت شاحنة مساعدات تابعة للامم المتحدة الى شمال القطاع، وقد كان فيها مواد غذائية بكمية يمكن أن تكفي لـ 25 الف شخص من السكان هناك لفترة قصيرة. وهي كمية صغيرة نسبيا مقارنة مع الاحتياجات الكبيرة للقطاع. مع ذلك، حتى الآن من غير الواضح كم يمكن استمرار الترتيب الذي فيه الشاحنات الى شمال القطاع يمكنها استخدام الطريق العسكرية القريبة من الجدار الفاصل بين غزة واسرائيل.

في نفس الوقت تراكمت كميات كبيرة من شاحنات المساعدات على معبر رفح في الطرف المصري، وهي تنتظر في الدور في الفحص كي تدخل الى القطاع. في مصر نفسها يزداد ضغط الجمهور لفتح المعبر وادخال المساعدات بشكل حر دون مراقبتها وفحصها من قبل الطرف الاسرائيلي. في يوم الثلاثاء رفضت وزارة الخارجية المصرية للمرة الثانية طلب اعضاء مجموعة شخصيات ونشطاء اجتماعيين الالتقاء معهم من اجل مناقشة اعطاء تصاريح دخول لمتطوعين مصريين، من بينهم اطباء واعضاء في منظمات اغاثة الى داخل القطاع.

بمساعدة النشر في الشبكات الاجتماعية نجح اعضاء المجموعة، على رأسهم الدكتورة منى المينا وهي رئيسة نقابة الاطباء السابقة، نجحوا في الحصول على توقيع آلاف المتطوعين، من بينهم الكثير من الاطباء الذين يريدون الانضمام للطواقم الطبية في القطاع. وزارة الخارجية المصرية لم تعط أي تفسير لتأجيل الالتقاء مع المجموعة. وحتى الآن الحكومة هناك تحذر من أن لا تخرق التفاهمات مع اسرائيل ومع الادارة الامريكية فيما يتعلق بدخول شاحنات المساعدات والمهنيين الذين يريدون تقديم المساعدة.

التحكم في وتيرة نقل المساعدات من رفح الى غزة هو اداة ضغط اساسية ما زالت مصر يمكنها استخدامه على حماس، لكن من غير الواضح الى أي درجة هذا الضغط يمكن أن يكون ناجع، لا سيما عندما تكون مصر تخضع لتفاهمات مع الولايات المتحدة واسرائيل. انباء يسربها النظام المصري لوسائل الاعلام تقول بأنه حتى الآن توجد احتمالية لحدوث انعطافة في المفاوضات حول صفقة التبادل، وأن مصر مرة اخرى قامت بدعوة بعثة من حماس الى القاهرة، لكن الشخصية الرفيعة في حماس، موسى أبو مرزوق، قال إنه لا يعرف عن الدعوة.

حسب تقرير آخر فان الادارة الامريكية تفحص وقف قصير انساني لاطلاق النار يهدف الى نقل المساعدة الطبية والدواء للمخطوفين الاسرائيليين في القطاع، لكن في هذا التقرير جاء أن حماس تشترط وقف اطلاق النار بادخال المعدات الطبية والدواء الى مستشفيات القطاع. ومن غير الواضح اذا كانت اسرائيل ستوافق على هدنة انسانية كهذه. الخوف هو من أن هدنة انسانية قصيرة ستؤدي في افضل الحالات الى “صيانة افضل للمخطوفين”، حسب تعبير مسؤول اسرائيلي، “لكنها لن تدفع قدما بالتوصل الى اتفاق كامل”.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى