هآرتس: الجنرالات يعلّمون إسرائيل الديمقراطية !
بشكل بطيء وثابت سيطر الوجه العسكري على أجندة الاحتجاج. لا يوجد أي يوم بدون رسائل احتجاج تحمل شعارا عسكريا. أول من أمس كان هؤلاء هم خريجي غولاني وايغوز، رجال حرب السايبر ومنظومة العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية. لن يخدموا في دولة ديكتاتورية. انضموا للطيارين وعملاء “الشاباك” و”الموساد” وخريجي وحدات مختارة اخرى. كتب سامي بيرتس في “هآرتس”، أول من أمس، أنه يؤدي التحية لهم. هم حقا يستحقون الاحترام. كل شخص مستعد للنضال ضد خطر الديكتاتورية يستحق هذه التحية.
تبدأ المشكلة عندما يسيطر خريجو الجيش، لا يوجد في إسرائيل وبحق خريجو جيش، الفتيان القدامى يخدمون الى الأبد – يسيطرون على الخطاب. هذا ليس ذنبهم، بل ذنب القطيع، والمحتجين والمتظاهرين والمراسلين، الذين يرسخون مكانهم في الاحتجاج ويظهرون التعاطف معهم اكثر من أي قطاع آخر. حمل اليسار الصهيوني دائما اسم الجيش، اكثر من اليمين، من أجل إثبات وطنيته. كان دائما لديه الخوف من أن السياسة ستخترق الجيش، وأنه سيتحول الى جيش سياسي – هو سياسي من اليوم الأول – والآن ظهر خطر معاكس وهو أن سياسة (الاحتجاج) ستكون عسكرية. يحدث هذا أمام أنظارنا.
لكن ليس فقط الأشخاص والقطاعات الذين يقودون الاحتجاج، بل أيضاً لغته. روحية وتبجح الجيش الصبياني. أحدهم سبق أن سمى ذلك “الانتفاضة الأولى لإسرائيل”، دون أن تكون لديه أي فكرة عن ماهية الانتفاضة. تحدث آخر عن الحرب حتى الموت، والجميع يتحدثون عن الانتصار بكل ثمن، كأننا كنا في معركة نورماندي. الخطة التي يتم التحدث عنها كثيرا، الى جانب خطة الرئيس، هي “خطة ديسكن” من انتاج ديمقراطي آخر معروف وهو يوفال ديسكن، الذي ترأس جهاز “الشاباك” السري وغير الديمقراطي في إسرائيل. صحيح، في هذا الاحتجاج يمكن لرئيس “الشاباك” السابق أن يصبح مرشدا، ورئيس “الموساد” أن يصبح منظرا للديمقراطيين، وخريجي وحدات الموت أن يصبحوا أبطالاً لليسار، وجواسيس السايبر أن يصبحوا من يحملون راية الديمقراطية. إن مكان المثقفين والمفكرين ومن يدافعون عن حقوق الإنسان والأخلاق والضمير، احتله مسلحون في الاحتياط. هؤلاء سيعلمون إسرائيل الديمقراطية.
من الجيد أنهم انضموا لأنه يوجد لهم وزن كبير في المجتمع، أكثر مما يستحقونه. وانضمامهم للاحتجاج الى جانب انضمام رجال الهايتيك ورجال الاقتصاد هو الذي “غير اللعبة”. من المسموح تأدية التحية لهم، لكن لا يمكن عدم التساؤل: هل هؤلاء هم المرشدون للديمقراطية؟ أين تعلموا الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ في حوارة أم في جباليا؟ في الغرفة رقم 4 في المسكوبية أم من ذكريات قبية؟