هآرتس: الجمهور لم يعد يعارض الإعدام، ووسائل الاعلام متعاونة

هآرتس 18/12/2025، يوسي كلاين: الجمهور لم يعد يعارض الإعدام، ووسائل الاعلام متعاونة
هذا الأسبوع امتدت هوامش الموت الى استراليا. في عناقنا الجماعي للدب رسخنا الادعاء المعادي للسامية، ان اليهود هم أولا وقبل أي شيء آخر يهود، ثم بعد ذلك هم مواطنون مخلصون للبلاد التي يعيشون فيها. ان خطر الموت يوحد كل اليهود في العالم من اجلنا. لقد اصبحنا آكلي موت، والبعض يعتقدون ان هذا مديح. لدينا مبررات من هنا وحتى القدس، ولكن في نهاية المطاف سنكون مشابهين للالمان الذين قتلوا اجدادنا.
نحن هكذا قريبون.
في الـ اس.اس (قوات الامن الخاصة النازية) علقوا على بدلاتهم شعار الجمجمة، اما نحن فنعلق شعار حبل المشنقة. الصورة مختلفة ولكن المعنى واحد: نحن آكلي موت، ونتفاخر بذلك. لقد سمعت أصوات تكسير العظام عندما نقلت القناة 14 انباء الوفيات في فيضانات غزة. لقد تحول الإعدام من ضرورية عملياتية الى روتين. ما زال التعامل معه صعب بعض الشيء بالنسبة لنا. ان استخدام مصطلح “الإبادة” بدلا من الإعدام يخفف هذه الصعوبة. الإعدام ينتقل الى عالم مبيدات الصراصير.
الخاطفون في خط 300 لم “تتم تصفيتهم”. لقد تم اعدامهم.
اليوم مشكوك فيه اذا كانوا سينشرون تقريرهم النهائي. ومشكوك فيه اذا كان احد سيسمع بالامر، واذا سمع فمشكوك فيه اذا كان سيتحمس له. بعد النشر في صحيفة حداشوت خشيت الحكومة من الضغط الشعبي وشكلت لجنة للتحقيق في الامر. عندما قتل الجندي اليئور ازاريا إرهابي مصاب الحكومة لم تخف لان اغلبية الشعب طالبت باغلاق القضية. وعندما قتل الجندي افيعاد فريجة المواطن يوفال كستلمان قبل سنتين لم يعد الشعب يهتم، وتم تأجيل محاكمته والجمهور نسي الامر.
الإعدام في المناطق هو اليوم حدث لا يوجد فيه اهتمام جماهيري. روتين. الجمهور يعرف ويصمت وينسى. هو لا يرى انه لا يوجد مراسل لشؤون المناطق في قنوات التلفزيون، وشؤون المناطق يتم أحيانا الإبلاغ عنها واحيانا لا. اذا وجد نير دبوري نفسه الان في وضع الخط 300 فهل كان سينشر عن ذلك أم لا؟ من المؤكد أن لا.
من المرجح ان دبوري اليوم سيعرف ما لم يعرفه العاملون في “حداشوت” في حينه وهو ان الجمهور لا يهتم بمعرفة الحقيقة. لو كان مراسلو حداشوت اكثر نضجا وادراكا للراي العام لكانوا اخفوا صورة اليكس ليبيك. ولما كانوا تساءلوا اذا كان نشر عملية الإعدام هو صحيح، الا اذا حصلت على استحسان القراء.
القراء لم يحبوا ذلك، لكن المراسلين في حينه كانوا فخورين بالنجاح المهني. الآن هم كانوا سيدركون ان الجمهور غير شريك في السرور، الذي من ناحيته لا يوجد أي فرق بين تكسير جمجمة اثنين من الخاطفين في خط 300 بالحجارة وبين قتل 100 طفل بصاروخ من طائرة. اليوم القتل بدون محاكمة هو امر مشروع. ليس قتل واحد او اثنين، بل مئات وآلاف. في الحرب كل شيء مباح، وهي لن تنتهي أبدا. قتل فلسطيني هو بمثابة كلب قام بعض انسان. والذي لا يجب النشر عنه.
المراسلون أصحاب الخبرة يدركون ان غياب التغطية الإعلامية يعزز الثقة ويخفف وطأة تانيب الضمير (الجيش يعرف ما يفعله!). كم مرة قتلنا فيها مسؤولين كبار بدون ان يسال مراسل واحد: ما الهدف؟ هل هو الانتقام، او جزء من خطة محكمة أو مجرد فرصة تم استغلالها؟.
عندما لا يسال الجمهور فان المراسلين لا يبحثون عن أجوبة.
الجمهور لا يعارض الإعدام، لكن شريطة عدم إبلاغه عنها. وسائل الاعلام تتلاءم مع شروطه لانها تكسب الرزق من خلال ملاءمة مضمونها مع المزاج العام. لقد ادركت ان إسرائيل 1984 وخط 300 ليست هي نفس إسرائيل بعد 7 أكتوبر. لقد اصبح القتل ضرورة عملية للانتقام. يريد الجمهور ان يعرف انهم يقتلون، لكنه يطالب بعد إبلاغه بالتفاصيل. لن تجذب احتفالات مقصلة بن غفير في ميدان رابين جمهور واسع. ان مقصلة بن غفير هي قمة الوحشية.
الوحشية هي أيضا تجاهل أي عامل انساني. ووفقا لنظرية المراحل ليشعياهو لايفوفيتش فقد اكملنا بالفعل “مرحلة الحيونة قبيل لحظة من نهاية الصهيونية”. ان دعم تاييد مليون شخص (حسب الاستطلاعات) لنتنياهو رغم المعرفة التامة بهذا الشخص وعن ماذا هو مسؤول، هو حيونة قطيع. اما المليون الذين يعارضون نتنياهو فهم يعيشون في ياس كبير لانهم لايعرفون ماذا يفعلون. والخوف يكمن في ان الحيونة هي امر متاصل فينا الى درجة انها ستبقى حتى بعد رحيل نتنياهو.



