ترجمات عبرية

هآرتس : التوتر الأمني مرشح للانتهاء .. وحسابات إسرائيلية خاسرة مع النووي الإيراني

عاموس هرئيل

هآرتس 2022-04-30 – بقلم: عاموس هرئيل

التكتيك الدقيق هو الاستراتيجية الحالية. اذا نجحت اسرائيل في مواصلة توجيهها بحذر للوضع في الحرم حتى نهاية رمضان؛ واذا مرت بسلام ايضا ايام الذكرى والاستقلال في الاسبوع القادم، فهناك احتمال معقول في أن التصعيد الذي بدأ قبل اكثر من شهر بعملية في بئر السبع سيخبو ببطء. المستوى السياسي والقيادة الامنية العليا والقيادة العليا في الشرطة، جميعهم يبذلون جهودا كبيرة في تثبيت الوضع، لكن الحرم ما زال يحوي في طياته امكانية كامنة لاستخدام ضغط سيؤدي الى انفجار اوسع، مثلما تشير الردود على صور رجال الشرطة الذين اقتحموا المسجد الاقصى في الاسبوع الماضي.
هذه كانت تكفي من اجل أن تنجم عنها موجة ادانات في الدول العربية وزيادة حدة التوتر السياسي مع الأردن واعطاء المنظمات الفلسطينية ذريعة لاطلاق الصواريخ من القطاع ومن جنوب لبنان. حادثة عنيفة اخرى في الفترة القادمة، اليوم هو يوم الجمعة الاخير في شهر رمضان ويوم القدس الايراني ايضا، حادثة اخرى يمكن أن ترجح الكفة نحو التصعيد. في جهاز الأمن لديهم انطباع الآن وبصورة اشد بأن أساس العملية التي امتدت طوال الشهر الاخير هو مبادرة من “حماس”. يوجه صلاح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، جزءا كبيرا من النشاطات، تشجيع العنف في مساجد الحرم حيث يتم هناك تجميع الزجاجات الحارقة وقطع الخشب والحجارة من اجل التصادم مع الشرطة، مرورا بمبادرات لتنفيذ عمليات في الضفة الغربية وانتهاء باطلاق الصواريخ على الجليل.
يتمثل حذر اسرائيل ايضا برفع القدم عن الدواسة الهجومية في الضفة. اهتم الجيش الاسرائيلي في الحقيقة بأن يسوّق للجمهور في البلاد عمليات الاعتقال التي قام بها في منطقة جنين ردا على موجة العمليات، لكن هذه تم تقليصها بشكل كبير قبل اسبوعين تقريبا، سواء خوفا من اشعال المنطقة أو لأن معظم المطلوبين الذين ظهروا في قوائم الشاباك تم اعتقالهم. في عملية منفردة في جنين في هذا الاسبوع قتل شاب فلسطيني عمره 18 سنة في تبادل لاطلاق النار مع جنود. أمس تقرر بشكل استثنائي استدعاء ست كتائب احتياط في الاسابيع القادمة في عملية طوارئ للقيام بعمل تنفيذي. الكتائب يمكن أن تحل محل وحدات نظامية استدعيت الى خط التماس والضفة وقطاع غزة في اعقاب التصعيد.
يريد رئيس الاركان، افيف كوخافي اعادة الجيش النظامي الى التدريب. شوش تعزيز القوات الكثيف الذي بدأ قبل شهر تقريبا بشكل كبير خطط التدريب السنوية للجيش الاسرائيلي. بعد اسبوع سيبدأ “شهر الحرب” الذي فيه سيتدرب جزء كبير من الجيش على سيناريو حرب متعددة الساحات والتي تستمر بضعة اسابيع. قبل سنة بالضبط، في شهر ايار الماضي شهر الحرب هذا اوقف لصالح حرب صغيرة حقيقية وهي عملية “حارس الاسوار” في قطاع غزة، واشتعال عنيف في المدن المختلطة داخل الخط الاخضر. تأمل القيادة العامة أن الظروف ستمكنه من الاستعداد للمستقبل، دون أن يتم وقفه مرة اخرى بسبب الحاضر.
في المناطق هناك لغم آخر ينتظر التفكيك وهو قضية المدرسة الدينية في بؤرة حومش الاستيطانية. بعد قتل يهودا ديمنتمن في كانون الاول الماضي وافق وزير الدفاع، بني غانتس، لعشرات المستوطنين على المكوث في المكان مدة ثلاثين يوم حداد. ولكن وجودهم في مكان غير قانوني (مخالف ايضا لقانون الانفصال الذي في اطاره تم اخلاء اربع مستوطنات في شمال السامرة في 2005). ايضا كوخافي يتذمر بسبب تخصيص قوات غير مبررة لحماية البؤرة الاستيطانية وبسبب خطر حدوث عمليات في المكان. في المقابل، الاخلاء القريب سيخلق صعوبة كبيرة لرئيس الحكومة أمام المعارضة من اليمين وايضا داخل حزبه يمينا. يفضل بينيت أن لا يكون اصدقاؤه في الحكومة تطهريين ويؤجلون حل المشكلة الى موعد آخر، لكن اذا تدحرجت المشكلة الى التماس للمحكمة العليا فمن المرجح أن القضاة سيأمرون الدولة باخلاء المستوطنين من المكان.

جبهة الرفض
في شهر كانون الاول الماضي زار البلاد جايك ساليبان، مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي. في مقابلات مع قنوات التلفزيون الاسرائيلية حدد ساليبان الجدول الزمني المرغوب من ناحية الادارة الاميركية للتوقيع على اتفاق نووي جديد بين ايران والدول العظمى. خلال بضعة اسابيع، قال، سنعرف هل يمكن التوصل الى اتفاق جديد. جهات امريكية رفيعة اخرى بثت تفاؤلا حتى لو كان حذر جدا حول احتمالية التوقيع.
مرت اكثر من اربعة اشهر وصورة المفاوضات فقط تعقدت. ولكن العقبة الرئيسية تتعلق بالرفض الاميركي الظاهر لاخراج حرس الثورة الايراني من سريان العقوبات.  بذلت اسرائيل في هذا الشأن جهودا كبيرة للاقناع. لم تعلن الادارة الاميركية رسميا عن موقفها، لكن الاشارات واضحة بما فيه الكفاية. تتخذ المؤسسة الامنية الاميركية بشكل خاص الآن موقفا اكثر هجومية بخصوص تدخل ايران في عمليات ارهابية والتآمر في ارجاء الشرق الاوسط. وزارة الخارجية في المقابل، تنهمك اكثر في التوصل الى اتفاق. في البنتاغون وفي هيئة الاركان المشتركة يؤكدون على تحفظات اخرى من الاتفاق الذي يلوح في الافق: الخوف من أن مدة سريانه لن تمدد الى ما بعد العام 2031، طبيعة الرقابة على المنشآت النووية الايرانية ومستقبل الملفات المفتوحة، ثلاثة تحقيقات تقوم بها وكالة الطاقة النووية الدولية بخصوص الادعاءات بخروقات ايرانية سابقة للاتفاق.
تركز المنظومة الاميركية الآن معظم اهتمامها على القضية الدولية الملحة اكثر وهي الحرب في اوكرانيا. في تشرين الثاني (ستجري انتخابات المنتصف للكونغرس)، اهتمام الإدارة سينتقل في الاشهر القادمة وبصورة طبيعية الى ما يجري في الجبهة الداخلية. ايضا ايران تبدو متحمسة اقل للتوقيع السريع على اتفاق. الحرب رفعت أسعار النفط في العالم وبذلك خففت على الوضع الاقتصادي في ايران. على خلفية هذه التغييرات قدر بينيت مؤخرا احتمالية التوقيع على الاتفاق في الفترة القريبة القادمة بـ 50: 50. هناك شخصيات رفيعة اخرى تعتقد أن احتمالية التوقيع ما زالت عالية، لكن الحقيقة هي أن لا أحد يعرف بشكل مؤكد.
تسمح  الظروف الجديدة لايران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستوى مرتفع. غانتس قال في بداية الشهر لسفراء اجانب بأن طهران توجد على بعد شهر تقريبا من انتاج كمية كافية من اليورانيوم المخصب لإنتاج قنبلة واحدة اذا أرادت ذلك (مطلوب منها حسب التقديرات اكثر من سنة اخرى لاستكمال ملاءمة القنبلة مع رأس حربي متفجر لصاروخ بالستي). ربما أنه بدون اتفاق وتمديد الفترة المؤقتة فان معالجة المشروع الدولي النووي ينتقل الى مرحلة المراوحة في المكان.
لكن عدم التوقيع على الاتفاق لا يعكس بالضرورة انباء جيدة لاسرائيل. أولاً، مجرد الفائدة أو الضرر الكامن في الاتفاق هما امران مختلف عليهما وتنوع الآراء في المستوى السياسي والامني واسع جداً. ثانياً، اسرائيل ليس لديها حقاً خطة بديلة. الاستعداد لهجوم عسكري اوقف لسنوات وتم استئنافه مؤخراً، بالطبع الهجوم نفسه هو امر مختلف عليه. استمرار الوضع المؤقت سيلزم إسرائيل بخطوات سياسية معقدة، بدءاً بمحاولة تنسيق المواقف مع الأميركيين وانتهاء بتعزيز العلاقات مع دول الخليج على أمل إحياء الجبهة الدبلوماسية ضد ايران. السؤال هو من الذي لديه اصلا اهتمام بالقدس في الوقت الذي فيه البيت السياسي يحترق والحكومة ترتكز الى ارجل دجاجة.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى