ترجمات عبرية

هآرتس – التعديل لم يحل ضائقة العمال الفلسطينيين

هآرتس- ذي ماركر – بقلم  ميراف ارلوزوروف – 21/12/2021

” عامل البناء الفلسطيني الذي يعمل في اسرائيل يكسب اكثر من الحاصل على اللقب الثاني في الكيمياء في مناطق السلطة، الامر الذي يفسر صناعة الاتجار بتصاريح العمل في اسرائيل، التي كما يبدو ينتج عنها اكثر من مليار شيكل من الاموال السوداء في السنة. والتصحيح الذي جرى مؤخرا كان يمكن أن يحسن وضع العمال الفلسطينيين، لكنه لم ينجح حتى الآن في استئصال هذه الظاهرة  “.

احد الابحاث الذي يفتخر به يهوشع انغرست، الحاصل على جائزة نوبل للاقتصاد في هذه السنة، هو البحث الذي اجراه حول اقتصاد العمل الفلسطيني. انغرست، الاقتصادي الواعد في الجامعة العبرية، لاحظ التناقض الذي يوجد في سوق العمل الفلسطينية. شخص يعمل في القصارة والبناء في اسرائيل يكسب اكثر من الحاصل على اللقب الثاني في الكيمياء في المناطق. النتيجة هي فائدة سلبية للتعليم، أي أنه غير مجدي للفلسطينيين الاستثمار في التعليم لأن هذا يضرهم فقط.

الواقع الذي وصفه انغرست في بداية التسعينيات لم يتغير. متوسط الاجور في السلطة الفلسطينية الآن هو 2500 شيكل في الشهر، هذا في الاشهر التي تدفع فيها السلطة كامل الرواتب لموظفيها (في السنوات الاخيرة بسبب مقاطعة الضرائب التي فرضتها حكومة نتنياهو على السلطة، في جزء كبير منها دفعت السلطة 75 في المئة فقط من الراتب الشهري). في المقابل، الاجر المتوسط للعمال الفلسطينيين الذين يعملون في اعمال يدوية في اسرائيل هو 5500 – 6000 شيكل في الشهر، بما في ذلك الوظائف الجزئية. اصحاب المهن الجيدة من بينهم يجتازون نسبة 10 آلاف شيكل في الشهر.

من غير الواضح اذا كان هذا الواقع المشوه، الذي فيه يفضل أن تكون عامل قصارة على أن تكون طبيب، يشجع على الارهاب ضد اسرائيل ويضر الهدوء الامني. على أي حال، من الواضح أنه يؤدي الى تدهور الاقتصاد الفلسطيني وتوقف تطور الشعب الفلسطيني عند مستوى عمال البناء. ومن الواضح ايضا لماذا طموح الفلسطينيين هو العمل في اسرائيل، ولماذا هم مستعدون لفعل كل شيء، بما في ذلك اجبار انفسهم على دفع العمولات غير القانونية، من اجل الحصول على تصاريح العمل في اسرائيل. اسرائيل تعرف ذلك وهي تفعل القليل جدا من اجل منعه.

محاولة لتصحيح الظلم

تقريبا 110 آلاف عامل فلسطيني يدخلون كل يوم للعمل في اسرائيل بتصاريح. جميعهم تمت المصادقة عليهم من قبل الشباك والشرطة، خلافا للماكثين غير القانونيين الذين لا يمكنهم الحصول على تصاريح عمل في اسرائيل. الاغلبية الساحقة منهم، 80 ألف، يأتون للعمل في فرع البناء، والباقون يعملون في الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات. في السنة الماضية اجرت الدولة تعديل واسع النطاق في تشغيل عمال البناء الفلسطينيين في محاولة لتصحيح الظلم الفظيع الذي ساد لعشرات السنين، الذي يتمثل بتقييد العامل الفلسطيني بالمشغل الاسرائيلي. فعليا، معنى التقييد هو ابقاء العامل الفلسطيني في مكانة الملك، الذي يستطيع المشغل الاسرائيلي أن يفعل به كل ما يريد. 

حتى بداية السنة الحالية فان تصريح تشغيل العامل الفلسطيني كان يعود للمشغل الاسرائيلي. المشغل حصل من سلطة السكان على تصريح لتشغيل عمال فلسطينيين، بما في ذلك قائمة بأسماء العمال، وهؤلاء العمال يمكنهم العمل فقط عند المشغل الذين هم مسجلون لديه دون تمكنهم من العمل عند مشغل آخر. المعنى هو اعتماد مطلق للعامل الفلسطيني على المشغل ومدخل للاستغلال وخرق القانون. 

هذا اوجد أمر آخر وهو صناعة “الاتجار بالتصاريح”. مشغلون اسرائيليون اكتشفوا أن حقهم في تشغيل عمال يساوي اموال كثيرة بالنسبة للفلسطينيين. وقد بدأوا يستغلون ذلك. بدأوا يطلبون المزيد من الحصص من سلطة السكان وتاجروا بالعمال الزائدين الذين تم اعطاءهم لهم، قاموا بنقلهم لمشغل آخر مقابل المال. عمليا، حسب التقديرات هناك عدد غير قليل من المشغلين الاسرائيليين الوهميين، مقاولين للبناء حصلوا على تصاريح للعمال وعمليا هم باعوا هذه التصاريح. البيع يتم من خلال وسطاء وسماسرة يربطون بين العامل الفلسطيني والمشغل الرسمي والمشغل الفعلي. 

حتى لو كان انفاذ للقانون، إلا أنه لا يتم الشعور به

ابحاث اجراها كل من الباحث حاجي ايتكس، الذي كان يعمل في السابق في بنك اسرائيل، والباحثة أفق عدنان، التي كانت باحثة في جامعة نيويورك في أبو ظبي، ومنظمة العمل الدولية، قدرت بأن الثمن الشهري لهذا التصريح هو 2 – 3 آلاف شيكل، الذي يساوي تقريبا ثلث اجرة العامل الفلسطيني. حسب التقديرات، على الاقل ثلث الثمن هو مكسب لصالح البائع، حيث أن المبلغ المتبقي يمثل نفقات حقيقية. 

بالاجمال يبدو أن ثلث العمال الفلسطينيين اشتروا التصاريح من سمسار في صناعة، حسب التقديرات، نتج عنها 1.2 مليار شيكل، وادخلت ارباح بمبلغ 430 مليون شيكل. في جمعية “خط للعامل”، التي تدافع عن حقوق العمال الفلسطينيين، يقدرون أن 80 في المئة من الارباح تبقى في اسرائيل، و20 في المئة ذهبت الى جيوب السماسرة الفلسطينيين. 

كل هذه الاموال هي بالطبع اموال سوداء، الامر الذي كان يمكن أن يحول الاتجار بالتصاريح الى أمر سري. ولكن الامر لم يكن هكذا. ففي بحث اجراه ايتكس وعدنان تم تصوير بسطات تنشر عن نفسها في وسط رام الله بأنها تتوسط لشراء تصاريح العمل في اسرائيل، وهناك ايضا حسابات علنية في الفيس بوك. السلطة الفلسطينية يجب عليها تطبيق القانون في هذا الموضوع، لكن اذا كان هناك تطبيق للقانون فانه لا يتم الشعور به. 

هذا جيد. الوضع في اسرائيل ليس افضل. رغم أن الحديث يدور عن مئات ملايين الشواقل من الاموال السوداء، التي كما يبدو ايضا تغذي جزء من النشاطات العربية المخالفة للقانون في اسرائيل، فان سلطة الضرائب لا تهتم ولا يعنيها الامر. ايضا الدولة لم تفعل أي شيء تقريبا لاستئصال هذه الظاهرة من جذورها رغم الالتماسات التي قدمت للمحكمة العليا من جمعية “خط للعامل” وتقارير مراقب الدولة. هذا الى حين نجح في السنة الماضية منسق اعمال الحكومة في المناطق، الجنرال غسان عليان، في اجراء التعديل. 

بعد عشرات السنين تم اخيرا قطع التقييد. تصريح العمل في اسرائيل يتم اعطاءه للعامل نفسه دون علاقة بالمشغل. يوجد لكل عامل ستين يوم من اجل ايجاد مشغل اسرائيلي له، وهناك حتى موقع في الانترنت يمكن أن يساعد المشغلين الاسرائيليين والعمال الفلسطينيين في ايجاد علاقة بينهما دون وسطاء. حتى أنهم في مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق يقومون بالابلاغ عن شكاوى لمشغلين اسرائيليين بأن هناك عمال يتجرأون على الاستقالة من العمل. لقد جاءت ايام المسيح.

لكن هذه الظاهرة لم تنته كليا. ففي بحث اجراه ايتكس وعدنان اظهر أن الاتجار غير القانوني بتصاريح العمل لم يتوقف رغم أن العمال الفلسطينيين لم يعودوا بحاجة الى وسيط بينهم وبين المشغل الاسرائيلي معين. جزء من التفسيرات لذلك هي امراض الطفولة – الموقع الذي يربط بين العمال الفلسطينيين والمشغلين يعمل فقط لبضعة اشهر، وعدد من الفلسطينيين لا يعرفون بعد عن وجوده وما شابه. جزء آخر ينبع من أن التقييد تم الغاءه في هذه الاثناء فقط في فرع البناء، في حين أنه في الزراعة والصناعة والسياحة بقي على حاله. وجزء من التفسيرات اكثر اقلاقا.

في “خط العامل” يقولون إن الفلسطينيين يستمرون في دفع بدل وساطة من اجل الحق في أن يتم شملهم في نصيب من هم مسموح لهم العمل في اسرائيل، الذي يتم تخصيصه من قبل منسق اعمال الحكومة في المناطق حسب معايير غير شفافة. اضافة الى ذلك التصريح هو للعمل بوظيفة كاملة، في حين أن عدد كبير من المشغلين الاسرائيليين يفضلون تشغيل العمال الفلسطينيين على اساس يومي، الامر الذي يخلق مرة اخرى مصلحة في الاتجار بالتصاريح غير القانونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى