ترجمات عبرية

هآرتس: التسوية المتبلورة لنزع سلاح حزب الله لا يمكنها ان تكون مناسبة لقطاع غزة

هآرتس – تسفي برئيل – 8/7/2025 التسوية المتبلورة لنزع سلاح حزب الله لا يمكنها ان تكون مناسبة لقطاع غزة

توم باراك، السفير الامريكي في تركيا ومبعوث الرئيس الامريكي الخاص في سوريا ولبنان، اعلن أمس بأنه “راض جدا” من رد لبنان الذي حصل عليه بشأن ورقة العمل التي اقترحها على الرئيس جوزيف عون اثناء زيارته في الشهر الماضي. “حكومة لبنان قدمت ردها حول الاقتراحات، ونحن راضين منها ونشكرها عليها. نحن سنستمر في فحص بتعمق في تفاصيل هذا الرد من اجل التوصل الى اتفاق كامل”، قال في مؤتمر صحفي عقده بعد اللقاء. من غير الواضح ما الذي اعجب باراك في رد لبنان الذي في جزء منه كان غامضا. يتبين من الرد ان نزع سلاح حزب الله شمال الليطاني ليس في متناول اليد في الوقت الحالي، وأن الجدول الزمني غير ملح بشكل خاص، سواء للبنان أو امريكا. باراك سافر امس الى واشنطن للمشاركة في اللقاءات التي سيعقدها الرئيس الامريكي ترامب مع رئيس الحكومة نتنياهو، والتي خلالها يمكن ان يطرح موضوع لبنان، في اطار النقاشات حول “العملية الكبيرة” التي يخطط لها ترامب في الشرق الاوسط.

البنود السبعة في ورقة الموقف الامريكية التي عرضها باراك على القيادة في لبنان، تشمل نزع سلاح حزب الله الثقيل، لا سيما الصواريخ والمسيرات التي تهدد اسرائيل بشكل مباشر والسلاح غير المرخص لكل المليشيات والتنظيمات، بما في ذلك السلاح الفلسطيني. بنود اخرى مثل تطبيق الاصلاحات الاقتصادية واغلاق جميع المؤسسات المالية المرتبطة بحزب الله وعرض خطة رقابة متشددة لمنع تهريب الاموال للحزب؛ تحسين العلاقات بين لبنان وسوريا بشكل خاص في كل ما يتعلق بمراقبة الحدود، بما في ذلك ترسيم الحدود البرية بين اسرائيل ولبنان؛ ربط أي مساعدة للبنان بغرض اصلاح الاضرار التي احدثتها الحرب بنزع سلاح حزب الله وضمان انه لن يتم تنفيذ أي مشاريع لاعادة الاعمال قبل جمع سلاح الحزب؛ اطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين لدى اسرائيل؛ الموافقة على ان يستمر حزب الله في ان يكون مركب سياسي في البرلمان والحكومة شريطة أن لا يكون قوة مسلحة مستقلة.

في الورقة الامريكية جاء ايضا انه يجب على لبنان طرح خلال شهرين خطة مفصلة عن البدء في جمع سلاح حزب الله، مرفقة بتحذير ان عدم تنفيذ الخطة يعني اعطاء الاذن لاسرائيل بالقيام بعمليات عسكرية لتدمير البنى التحتية العسكرية لحزب الله.

لبنان في الرد تلتزم ايضا بتفكيك منشآت حزب الله في جنوب الليطاني، واقامة منطقة مستقرة ونظيفة من كل “المظاهر العسكرية” التي لا توجد داخل اطار الدولة، واجراء اصلاحات اقتصادية لاعادة الثقة باقتصاد لبنان، ونزع السلاح الفلسطيني من المخيمات الفلسطينية وخارجها وتطبيق القرار 1701 بالكامل. في المقابل، لبنان يطالب بانسحاب الجيش الاسرائيلي من كل المناطق التي احتلها في لبنان، وتطالب الولايات المتحدة بالضغط على اسرائيل من اجل التوقف عن الهجمات المتكررة واحترام اتفاق وقف اطلاق النار.

بخصوص نزع سلاح حزب الله في شمال الليطاني ونوع السلاح الذي سيتم تفكيكه، يبدو انه يوجد اتفاق بين لبنان وامريكا على التمييز بين السلاح الخفيف والثقيل. حسب باراك فان لبنان يمكنه الحصول على فترة سماح الى حين تفكيك سلاح حزب الله. “نحن لا نملي على لبنان كيفية معالجة سلاح حزب الله، هذا شأن لبناني داخلي”، قال باراك واضاف. “لكن نحن نريد رؤية معالجة جدية لان المنطقة تتغير بسرعة، ومن سيتخلف عن التغيير سيتضرر”. المبعوث الخاص اضاف ايضا بان لبنان غير ملزم بجدول زمني، لا سيما انه يريد التوصل الى خطة تصوغ ما الذي يريد تطبيقه. نحن هنا للمساعدة فقط”. 

لكن الصياغة الدبلوماسية المشجعة لباراك، الذي هو ابن لعائلة هاجرت الى امريكا في بداية القرن العشرين من مدينة زحلة اللبنانية، لا يجب أن تضللنا. الضغط الكبير على لبنان وربط المساعدات بنزع سلاح حزب الله والتهديد المكشوف بامكانية استئناف اطلاق النار، كل ذلك يتم تفسيره في بيروت بأنه املاء يجب عدم التملص منه. 

في نفس الوقت باراك (78 سنة)، رجل العقارات الذي لديه اموال تقدر بمئات ملايين الدولارات واستثمارات كثيرة في الشرق الاوسط في دولة الامارات والسعودية وقطر، يعرف جيدا شبكة العلاقات الهشة في لبنان. يجب عليه المناورة بين موقف الرئيس عون الذي يعالج شخصيا “ملف حزب الله” وبين مطالبة اسرائيل بنزع سلاح حزب الله ايضا شمال الليطاني في الفترة القريبة. عون يعمل على التوصل الى تفاهمات مع حزب الله من خلال الحوار، خشية من ان مواجهة مباشرة مع حزب الله يمكن ان تدهور الدولة الى حرب اهلية.

حسب مصادر في لبنان فان التسوية المتبلورة هي ان الحكومة اللبنانية ستبدأ في جمع السلاح الثقيل في الفترة القريبة القادمة، بدون تحديد موعد هدف. ولكن حزب الله يمكنه مواصلة الاحتفاظ بالسلاح الخفيف على الاقل حتى نهاية السنة وفقا للمفاوضات التي سيتم اجراءها مع الحكومة اللبنانية. حزب الله في البداية رفض التطرق الى الورقة الامريكية، لكن في يوم السبت نقل رده بعد ان حذر رئيس البرلمان ورئيس حركة امل الشيعية نبيه بري، نعيم قاسم، الامين العام لحزب الله، من انه اذا لم يقدم الحزب رده “نحن سنواصل النقاشات بدونه”.

في رده الذي اعتبر الوثيقة الامريكية رسالة استسلام، اوضح حزب الله بانه لن يناقش قضية نزع سلاحه قبل انسحاب اسرائيل من كل المناطق التي قامت باحتلالها، وان هذه القضية ستتم مناقشتها في اطار “استراتيجية دفاع شاملة”، التي ستفحص دور وموقف الحزب من المنظومة العسكرية اللبنانية. في هذا الرد من غير الواضح اذا كان حزب الله سيوافق على نزع سلاحه، ولكنه ايضا لم يرفض ذلك بشكل مطلق. التقدير هو ان الادارة الامريكية ستطلب من اسرائيل الانسحاب على الاقل من موقعين قامت باحتلالهما في لبنان، وهي العملية التي ستعتبر “دليل على الجدية” من قبل الولايات المتحدة لمساعدة الحكومة اللبنانية، وكرافعة لتحييد الشروط التي وضعها حزب الله.

في اسرائيل، لبنان والادارة الامريكية، يعترفون ان هذه الآلية، التي هي نفس الالية الدولية التي اقيمت من اجل الرقابة على تطبيق تفاهمات وقف اطلاق النار والقرار 1701، فشلت في تحقيق الهدف، وهي لم تنجح في وقف مهاجمة اسرائيل في لبنان وانسحابها من المناطق التي تحتفظ بها وفرض على لبنان نزع سلاح حزب الله من شمال الليطاني. النتيجة هي ان الولايات المتحدة هي الآن الالية، وهي التي تجري المفاوضات مباشرة مع الحكومة اللبنانية ومع اسرائيل على الاقل من اجل الحفاظ على الاتفاق الوحيد الذي تم تحقيقه في الحرب.

فرق ايديولوجي

هذا النموذج للمفاوضات حول وقف اطلاق النار الذي تم تحقيقه وتفاصيله متفق عليها، اثار سؤال هل يمكن تطبيقه في قطاع غزة، على فرض انه سيتم في القريب التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار. يبدو انه في غزة، مثلما في لبنان، الطلب الرئيسي هو نزع سلاح هذه المنظمات الارهابية وتحييد تهديدها.

في المقابل، اسرائيل لا تطلب من لبنان نفي قيادة حزب الله (أو بقاياها)، وهي تعترف ان الحزب سيواصل العمل كحركة سياسية وكجزء في الحكومة والبرلمان. اسرائيل لم تخلق في لبنان “منطقة عازلة” ولم تنقل السكان من مكان الى آخر كاستراتيجية عسكرية، ولم تدمر بالكامل البنى التحتية المدنية كما فعلت في غزة. اللبنانيون الذين هربوا من مناطق القاتل عادوا في معظمهم الى بيوتهم وبدأوا في ترميمها، وسمح للاسرائيليين قبل فترة بالعودة الى بيوتهم.

لكن الفرق الاساسي بين لبنان وغزة هو ان اتفاق وقف اطلاق النار تم توقيعه مع الحكومة اللبنانية، وهي التي اخذت على مسؤوليتها الالتزام بجمع سلاح حزب الله والعمل على تحييد تهديده. هذه ليست حكومة كاملة، وهي حتى الآن بحاجة الى اثبات القدرة والنجاعة على نزع سلاح حزب الله بعد عشرات السنين التي سمحت فيها الحكومات في لبنان لحزب الله بالسيطرة على الدولة. ولكن هذه حكومة تحصل على الدعم الدولي، العربي والامريكي، بسبب الاعتراف انه فقط حكم مركزي في لبنان، العراق وسوريا، يمكن ان يعمل ضد المنظمات المارقة.

في غزة لا توجد حكومة تتحمل المسؤولية لأن اسرائيل لا تسمح بموطيء قدم لأي جهة حكومية فلسطينية معترف بها. السلطة الفلسطينية التي عرضت نفسها كبديل لحماس في غزة اعتبرت بسرعة منظمة ارهابية، رغم أنها تستمر في تطبيق التنسيق الامني مع اسرائيل في الضفة الغربية. ورغم ان رئيس السلطة محمود عباس هو من رؤساء المعارضين لحماس. السلطة اثبتت ايضا انها عندما تريد يمكنها مواجهة حماس عسكريا أو أي تنظيم مارق آخر.

سؤال هل السلطة يمكنها مواجهة حماس هو سؤال ليس ذي صلة، لانه ايضا في الضفة الغربية اسرائيل هي التي تدير المعركة مع التنظيمات الارهابية، في حين ان السلطة تدير بالاساس الحياة المدنية. وهناك فرق مهم يمنع احتمالية نسخ نموذج لبنان في غزة. احتلال لبنان ليس امنية ايديولوجية، لكن بالنسبة لغزة فان الحساب يعود الى “خطيئة الانفصال”.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى