ترجمات عبرية

هآرتس – التخطيط الكامن في عدم التخطيط للفلسطينيين شرقي القدس

هآرتس – بقلم  عميره هاس  – 12/12/2021

” اسرائيل تربح مرتين من ابتزازها لاموال الفلسطينيين في العاصمة، مرة من الغرامات التي يدفعونها لها على جرائمها ومرة من تمهيد الطريق لحياة الفقر والعوز والعمل في مجال تقديم الخدمة بأجور منخفضة “.

اموال، الكثير من الاموال، تقف خلف رفض اسرائيل الدائم للسماح بالتطوير والبناء في شرقي القدس للفلسطينيين. المال – ليس فقط النية الواضحة لتقييد عدد الفلسطينيين الذين يوجدون في المدينة. رؤساء البلدية ومدراء وموظفو اقسام التخطيط والبناء ووزراء الداخلية جميعهم في الدولة اليهودية الديمقراطية اوجدوا معا نهج دقيق لشفط ثدي الفلسطينيين الذين يقيمون في العاصمة. القدرة والحماس على ابتزاز الاموال من الفلسطينيين وجدت بحكم وظيفتهم الرئيسية في الدولة، التي جوهرها طرد شعب من ارضه.

الامور هكذا: الفلسطينيون يدفعون غرامات على بيوتهم التي اضطروا الى بنائها بدون ترخيص، وعلى الاراضي الخاصة التي ورثوها أو اشتروها، هم يدفعون رسوم تأخير يومية على عدم هدم البيت، هم يدفعون للبلدية على هدم بيوتهم أو على هدمه بأيديهم، هم يدفعون للمحامي الذي يمثلهم امام الموظفين والقضاة الذين لا يبالون بحقيقتين اساسيتين، الاولى، أن البلدية لا تكلف نفسها عناء ملاءمة المخطط الهيكلي مع احتياجات السكان الفلسطينيين. الثانية هي أن الاشخاص يحتاجون الى سقف يأويهم. الفلسطينيون يدفعون للمخططين والمهندسين من اجل يعدوا خطط هيكلية للحي الذي يعيشون فيه، بدلا من البلدية. هم يأملون أن القضاة سيستيقظون من السبات الاخلاقي وأن يعرفوا أنه اذا كان 200 ألف شخص من بين الـ 360 ألف شخص من السكان العرب في المدينة هم “مخالفون للبناء” فهذا اشارة على أن المشكلة ليست فيهم، بل في مؤسسات أدت الى هذا الوضع الفضائحي وتتمسك فيه. 

كل عائلة كهذه تنفق كل شهر جزء كبير من مدخولها الضئيل، مئات وآلاف الشواقل، لدفع الغرامات وما يرتبط بها ومن اجل تغطية ديونها على مسكنها. ليس لتغطية القرض السكني، لأن الفلسطينيين الذين ليسوا مواطنين، لا يحق لهم ذلك. اضافة الى ذلك الدفعات الشهرية، الطبيعية، للمقاول ومحل الاجهزة الكهربائية والمياه والكهرباء والارنونا. هذه ضريبة يدفعها نحو نصف الفلسطينيين في القدس كعقاب لأنه فعلوا ما يتوقع منهم أن يفعلوه، ولم يتبخروا في الهواء.

هكذا اسرائيل تربح مرتين. فهي تراكم في الخزينة ملايين الشواقل الفائضة، اموال لا تأتي من الضرائب والجمارك، بل تأتي من العيب المتعمد، الذي استمر لسنوات كثيرة، في سياسة تخطيطها. الجريمة الاساسية هي سياسة عدم التخطيط. المجرم هو وزارة الداخلية وبلدية القدس. ومن يتم عقابة وتغريمه هو المواطن الفلسطيني. 

هذه السياسة تفرض ايضا على كل عائلة فلسطينية، ليس فقط الاكتظاظ غير المحتمل والمهين في البيوت القائمة، بل ايضا التنازل عن نشاطات اخرى حيوية لرفاهها ومستقبلها، مثل دورات تقوية للاولاد أو مدرسة افضل أو اجازات ورحلات في البلاد وفي الخارج أو التعليم العالي، هذا بعد أن صادرت اسرائيل من عائلات ومن احياء فلسطيني الاراضي الفارغة (38 في المئة من مساحة الضفة الغربية التي ضمتها للقدس)، وخصصتها للبناء لليهود. هكذا دأبت اسرائيل منذ عشرات السنين على تنفيذ ما يسمى بتمهيد غير مقصود للفلسطينيين في القدس من اجل العيش في الفقر والعوز والخدمة بأجرة منخفضة في الاحياء الاسرائيلية التي ازدهرت.

إن احصاء كل المبالغ المذكورة اعلاه، في الماضي وفي الحاضر، هو أمر يتجاوز طموح هذا المقال. فقط نحن نقول بأنه على الاقل 20 ألف أمر هدم توجد ضد مبان لفلسطينيين في القدس: عائلات نووية، بيوت تضم عدد من الاخوة وعائلاتهم ومبان تجارية ومبان تضم عدد من الشقق لعائلات مختلفة مثل المبنى الذي فيه عشر شقق في ضاحية العين في الطور. أمر الهدم لهذا المبنى تم تأجيله عدة مرات في المحكمة لاسباب تقنية وليس جوهرية. 

التقدير بأن 200 ألف فلسطيني يعيشون في بيوت بدون ترخيص سمعته في الاسبوع الماضي من المحامي داني زايدمن. هو ليس فقط مثل فلسطينيين امام انغلاق قلب البلدية والقضاة، بل ايضا بادر قبل 25 سنة الى نشاط جماهيري لكشف السياسة المنهجية والمتعمدة لعدم التخطيط وعدم البناء للفلسطينيين في القدس، والتخطيط والبناء لليهود. وقد لخص زايدمن اقواله، عندما تحدثت عن 182 بيت في قرية سلوان التي سبق واستنفدت الاجراءات القانونية ضد هدمها، وقال “ما يميز الضمور القسري لشرقي القدس هو سياسة ثابتة في كل المجالات، باستثناء المجال الصحي. حياة الفلسطينيين غير مهمة واحيانا هي غير مهمة على الاطلاق”. 

هذا يمكن قياسه، ضمن امور اخرى، بالرقم التالي، 59 في المئة من العائلات الفلسطينية في شرقي القدس و66 في المئة من الاولاد فيه (هذا صحيح حتى 2018، حسب معهد القدس لابحاث السياسات) يعيشون تحت خط الفقر. عدم التخطيط للفلسطينيين الذي يكلفهم غاليا، هو امر متعمد. والفقر الذي يصرخ من كل زقاق وشارع في الاحياء الفلسطينية هو نتاج ثانوي حتمي. الفقر الاقتصادي للسكان الرعايا والمس بفرصهم للحصول على التعليم العالي والمهن التي يمكنهم هذا التعليم من الوصول اليها، هو أداة مجربة من ضمن صندوق الادوات لهذا الشخص الطارد والقمعي والمضطهد العادي. الدقة والحماس التي بها يستخدم اسرائيليون – يهود صندوق الادوات هذا تنبع مباشرة من كونهم قامعين. القدر على القمع وابتزاز الاموال والافقار ليست وراثية، بل هي مكتسبة، لدى كل مجموعة خلقت لنفسها على مر السنين حقوق زائدة وهي تحافظ عليها. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى