ترجمات عبرية

هآرتس: التجويع لهم والعار لنا

هآرتس – جدعون ليفي – 24/7/2025 التجويع لهم والعار لنا

خطة اسرائيل، التطهير العرقي في قطاع غزة، تتقدم بشكل جيد، وربما حتى بشكل اكبر مما هو متوقع. لقد اضيف مؤخرا الى الانجازات المهمة التي سجلت حتى الآن، القتل والتدمير الممنهج، انجاز آخر هام وهو أن التجويع بدأ يؤتي اكله. فهو ينتشر بسرعة وبدأ يسقط الضحايا باعداد لا تقل عن اعداد القتلى بسبب القصف. من لا يقتل في طابور الحصول على الغذاء فان لديه فرصة جيدة للموت بسبب الجوع. سلاح التجويع اثبت نفسه. صندوق المساعدة لغزة تبين ايضا انه قصة نجاح. ليس فقط مئات الغزيين اطلقت النار عليهم وقتلوا اثناء انتظارهم لرزم الصندوق، بل هناك ايضا اشخاص لا ينجحون في الوصول ويموتون بسبب الجوع، معظمهم من الاطفال والرضع. فقط امس توفي عشرة اشخاص بسبب الجوع (15 ماتوا أول أمس، بينهم 3 اطفال ورضيع ابن ستة اسابيع)، 111 ماتوا منذ بداية الحرب، بينهم 80 طفل والعدد في تزايد في الفترة الاخيرة. الصور التي يتم اخفاءها عنكم في وسائل الاعلام الاجرامية في اسرائيل، التي لن يغفر لها ولن يتم نسيان تقصيرها في تغطية غزة، لم تسلم من عيون العالم. هي صور لاشخاص متعبين بسبب الجوع، صور الكارثة، واخفاءها هو انكار للكارثة، هياكل عظمية لاطفال رضع وصغار، احياء واموات، تظهر عظامها من خلال الانسجة الدهنية التي تم هضمها، والعضلات المخفية، عيونهم وافواههم مفتوحة ونظراتهم مجمدة. 

هم مستلقون على الارضية في المستشفيات وعلى الاسرة، بدون ملابس أو يتم حملهم على عربات تجرها البهائم. هذه صور من جهنم. في اسرائيل هناك كثيرون يتنكرون لها ويشككون في مصداقيتها، آخرون يعبرون عن السرور والتفاخر عند مشاهدة أي رضيع مجوع. نعم، نحن وصلنا الى هذه الحالة.

ان تحويل التجويع الى سلاح مشروع ومقبول على الاسرائيليين، سواء بالدعم الصريح أو باللامبالاة، هي المرحلة الاكثر شيطنة في الحرب التي شنتها اسرائيل ضد غزة حتى الآن. وهي ايضا الوحيدة التي لا يمكن ايجاد أي مبرر أو ذريعة أو تفسير لها. حتى ان اجهزة الدعاية في اسرائيل التي ليس لها حدود، لن تنجح في ذلك.

التجويع اصبح سلاح مشروع لانه وسيلة اخرى لتحقيق هدف التطهير العرقي. يجب علينا استيعاب ذلك ورؤية استمرار الحرب على خلفية هذا التفسير، بالضبط مثلما انه من الجيد لاسرائيل ان يتم قتل عشرات الالاف بنار قواتها، فمن الجيد لها ايضا موت المئات بسبب الجوع. هكذا فقط يمكن تحويل القطاع الى مكان غير قابل للعيش. وهكذا فقط سيغادرون “طواعية”، في البداية الى “المدينة الانسانية” ومن هناك الى ليبيا أو الى مكان لا يعرفه إلا الله فقط.

التجويع يترك بصماته الان على الجميع. المراسلون الفلسطينيون في غزة، الذين لم يتم اطلاق النار عليهم وقتلهم على يد الجيش الاسرائيلي، يقولون انهم لم يأكلوا أي شيء منذ يومين أو ثلاثة ايام. وحتى الاطباء الاجانب تحدثوا امس عما أكلوه، وبالاساس عما لم يأكلوه. طبيبة كندية في مستشفى ناصر قانه انه في الايام الاخيرة اكلت فقط صحن عدس صغير. هي لا تستطيع المواصلة هكذا ومعالجة الجرحى والمرضى. ايضا هذا جيد لاسرائيل.

طاقم قناة “الجزيرة” رافق امس شاب خرج للبحث عن الطحين لاولاده. بحث وبحث الى ان وجد في السوق بسطة عليها كيسين صغيرين من الطحين الاسرائيلي وزجاجة زيت. السعر كان مئات الشواقل للكيس الصغير، لذلك عاد خالي الوفاض الى بيته، الى عند اولاده المجوعين. في الاستوديوهات شرحوا المراحل الثلاثة التي في نهايتها يكون الموت بسبب الجوع. اولاده هم في المرحلة الثانية.

التجويع حول هذه الحرب الى اكثر حروب اسرائيل رعبا، وبالتاكيد اكثر الحروب اجراما. لم نجوع في أي يوم مليوني شخص. ولكن هناك فقط شيء واحد اسوأ من التجويع وهو اللامبالاة التي يتم استقبال هذا التجويع بها في اسرائيل، على بعد مسافة ساعة ونصف سفر من المكان الذي توفي فيه أمس الطفل يوسف الصفدي ابن الستة اسابيع. عائلته لم تتمكن من الحصول على بديل حليب الأم. في الوقت الذي مات فيه تم بث في القناة 12 برنامج “المطبخ الفائز” ونسبة المشاهدة كانت ممتازة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى