ترجمات عبرية

هآرتس: البصق على المسيحيين في عيون الإسرائيليين

هآرتس 5-10-2023، بقلم جدعون ليفي: البصق على المسيحيين في عيون الإسرائيليين

من السهل أن تصاب بالصدمة من اليهود الذين يبصقون على رجال دين مسيحيين في القدس، فهذا أمر مقرف ويثير الاشمئزاز. ولكن لا مجال للتظاهر بأننا متفاجئون. ليس لأنها عادة يهودية قديمة، كما قال المشتبه فيه بتشويش التحقيق في عملية القتل، اليشع ييرد، بل إنها أيضاً عادة إسرائيلية شائعة وسليمة، ترمز إلى سلوك الدولة. البصق الموجه ضد المسيحيين يعتبر في حالات كثيرة مطراً في نظر إسرائيل. علينا عدم إظهار الورع.

سواء كانت عادة يهودية قديمة أم لا، كان في طفولتنا أولاد في تل أبيب العلمانية قالوا لنا بأنهم يبصقون عندما يمرون من أمام كنيسة. لم يثر الأمر أي معارضة لدينا. لم يتجرأ معظمنا على دخول كنيسة كي لا تتم معاقبتنا. والمخيف أكثر هو رسم علامة الصليب. شاهدنا لاعبي كرة قدم وهم يرسمون علامة الصليب. وبين حين وآخر باختبار شجاعة لأنفسنا، ورسمنا علامة الصليب بالسر وانتظرنا ما سيحدث.

الأجواء التي كانت سائدة في المدرسة الثانوية العلمانية في طفولتي، أنه كان يجب ارتداء القبعة أثناء حصة التوراة. وقد كنا نقبّل الكتاب المقدس إذا سقط على الأرض. أثار المسيحيون الرعب والازدراء. وحتى الآن، تراكم لدى عدد غير قليل من كتب التوراة التي حصلت عليها خلال السنين، وليست لدي الشجاعة على رميها لإعادة التدوير مثلما فعلت مع كتب أخرى كان عندي نسخ منها. في إسرائيل العلمانية في الستينيات كنت شخصاً متديناً جداً. وقد أدخلوا إلينا اعتقاداً بأن اليهودية هي الديانة الأسمى من بين كل الديانات. وأن من يؤمنون باليهودية هم شعب الله المختار. وكل الديانات الأخرى اعتبرت متخلفة، وأن من يؤمنون بها هم عبدة أوثان، وأشخاص بدائيون، وكان هناك فرق بين من يعبدون الأوثان ومن يعبدون الله. نحن أبناء الشعب اليهودي، الذين كما يبدو لسنا عبدة أوثان، اعتبرنا أنفسنا قمة التنور والتقدم.

جميع الديانات الأخرى والأمم الأخرى تعلمت منا كل شيء. فقط منا. هذا ما قالوه لنا. عندما بدأنا هكذا في السنوات الأولى للدولة، حصلنا بعد مرور 75 سنة على من يبصقون على المسيحيين. هناك خط مستقيم بينهم وبين ما علمونا إياه في المدرسة العلمانية. ولكننا الآن نعتبر أنفسنا متنورين وأعضاء العالم الكبير، لذلك أصبنا بالصدمة من البصق.

وماذا بخصوص بصق الدولة، التي يعتبر البصق لغة من لغاتها الرسمية؟ كيف يمكن وصف تعامل إسرائيل مع المؤسسات الدولية، التي تستخف بكل قراراتها منذ عشرات السنين؟ أليس البصق هو ما تفعله إسرائيل أمام أي قرار تتخذه الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

إسرائيل تبصق على كل تقرير تصدره أي منظمة لحقوق الإنسان. وعملياً، على موقف الأغلبية الساحقة في العالم. تبصق على الجميع. فهي دائماً الضحية المطلقة، والضحية الوحيدة في التاريخ. لذلك، مسموح لها أن تفعل ما تشاء، حتى البصق. لا أحد يمكنه أن يقدم المواعظ الأخلاقية لنا حول سلوكنا. لأننا نحن الذين اخترعنا نظام التنقيط. ومن يتجرأ على فعل ذلك سيحصل على صليات من البصق.

عميقاً تحت جلودهم، الكثير من الإسرائيليين يشاركون في البصق على المسيحيين في القدس. نحن أفضل وأكثر قوة وحكمة من كل العالم. عندما يذهب شباب إسرائيليون جاهلون إلى أرجاء العالم، إلى أمريكا الجنوبية أو إلى الشرق، فإنهم يتعالون على السكان المحليين بطريقة لا يجرؤ أي شخص من أي شعب آخر على فعل ذلك. الأمريكيون ساذجون، السويديون مرعبون، الألمان جافون، الصينيون غريبون، ونحن المثاليون.

كل من شاهد اتصال بين إسرائيليين وأجانب، يشعر بروح التعالي هذه التي تهب من كل محادثة، يرافقها لعب دور الضحية دائماً، ليس بسبب الكارثة فحسب، بل وبسبب الواقع. نحن نعاني بشكل كبير وبائس، يطلقون علينا ويهددون بالقضاء علينا. هناك إرهاب. ومن الصعب والخطير العيش هنا، يقول أحد أبناء الشعوب المدللة في العالم، التي ظروف حياتها تصنف في العشرية الأولى في العالم.

بعد كل ذلك، ألا نبصق على المسيحيين الذين يقومون بكنس طريق آلامنا؟

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى