ترجمات عبرية

هآرتس: الامر لا يتعلق بايمن عودة، بل بنا

هآرتس – يولي تمير – 8/7/2025 الامر لا يتعلق بايمن عودة، بل بنا

النقاشات حول طرد ايمن عودة تفوت الامر الاساسي. يمكن الاختلاف حول الاقوال التي قالها عودة أو الاتفاق معها، لكن قرار انه لا يحق له قول هذه الامور، المثيرة للخلاف، ومواصلة ان يكون عضو في الكنيست، هذا سيعتبر تأبين للديمقراطية في اسرائيل.

من ناحية المبادرين الى عملية الطرد فان اختيار عودة هو اختيار ناجح جدا. أولا، الحديث يدور عن مواطن عربي، الامر الذي يجعله “متهم فوري”. مثل معظم مواطني اسرائيل العرب فان عودة غير صهيوني، هو لا يقوم برفع علم اسرائيل في عيد الاستقلال، ولا يقوم بانشاد نشيد “هتكفاه” بفرح، هو لم يخدم في الجيش ولا يشارك في ارث اخوة المقاتلين، حضوره في الكنيست هو مثل حضور كل اعضاء الكنيست العرب الآخرين وحضور اعضاء الكنيست الحريديين، هو تحد لتعريف اسرائيل كدولة “يهودية وديمقراطية”. في الوقت الذي فيه ربع مواطني الدولة غير يهود (للدقة 26.8 في المئة)، وربع المواطنين لا يعتبرون انفسهم ديمقراطيين، فان المعادلة القديمة ستتقوض بالتاكيد.

عندما تتقوض المعادلة فان  الشعور بالهوية يتضعضع، والشعور بعدم اليقين يزداد. لقد ادى ذلك الى محاولة ابعاد عودة، الامر الذي كان يهدف الى تحسين شروط الدخول الى النظام السياسي في اسرائيل، وابعاد شريحة متنامية من المواطنين عن الساحة السياسية. ان اخراج عضو كنيست عربي من القاعدة اسهل من اخراج عضو كنيست يهودي. ولكن الاقصاء الاول، الاصعب من بينها، سيمهد الطريق امام الاقصاء القادم، والذي لن يتوقف عند اعضاء الكنيست العرب. كل من يعتبره النظام شخص يعمل على تقويضه، أو شخص يهدد هوية دولة اسرائيل اليهودية والديمقراطية، سيكون مرشح لعملية الاقصاء.

اذا لم يعثروا على 90 عضو كنيست للتصويت مع الاقصاء، سيقومون بسن قانون يخفض نسبة التأييد المطلوبة الى 75 عضو كنيست أو حتى اغلبية عادية. سبب الاقصاء مكتوب في الدستور وهو عدم الولاء لاسرائيل وفقا لتعريفها كدولة يهودية وديمقراطية. الكنيست الحالية تفسر قسم الديمقراطية في التعريف كتفضيل لحقوق الاكثرية على حقوق الاقلية. وقسم اليهودية تفسره في التعريف يفضل الارثوذكسية ويدفع اليهودية التعددية الى الهامش. اقصاء عودة سيعزز بسابقة هذا التعريف. 

يتضح أنه فقط يظهر لنا ان عملية الاقصاء تتعامل مع شخص معين، ايمن عودة، لكنها بالفعل تريد تغيير تعريف الدولة والولاء لها وتطبيق ذلك على الحق في الانتخاب لمؤسسات مختلفة، بما في ذلك مؤسسات حكومية على المستوى القومي والمستوى البلدي. لن يكون بعيد اليوم الذي فيه من اجل انتخاب المرء لمنصب عام يجب عليه التوقيع على اعلان ولاء لقيم حكومة نتنياهو، بن غفير وسموتريتش. في هذه الظروف فان معظم مواطني اسرائيل العرب وجزء كبير من مؤيدي الديمقراطية الليبرالية سيتم استبعادهم ولن يتمكنوا من الترشح لمناصب عامة، وعندها ايضا لن تكون حاجة الى اقصائهم. الفضاء العام سيصبح فضاء متجانس، والاصوات التي تهدد تفسير بن غفير للصهيونية ستختفي، والخوف سيخيف ويقضي على أي انتقاد عام. 

محاولة اقصاء عودة استهدفت التوضيح لجميع مواطني اسرائيل بان الانتماء للدولة هو محل اختبار. احدى مزايا نظرية المواطنة الديمقراطية هي انه من اللحظة التي يحصل فيها الشخص على المواطنة، سواء بفضل الولادة أو في اعقاب الحصول على الجنسية، توفر الحصانة للحاصلين عليها. الواقع الذي فيه يجب تاكيد المواطنة كل يوم من جديد، ويجب فيه الخضوع لاختبار الولاء، يرفع عنا الحصانة التي يمكن ان توفرها المواطنة وتتركنا مكشوفين. هذا بالضبط ما يريده النظام، ضعفاء وخائفين.

يوجد شرك آخر في محاولة الاقصاء هذه. فاذا تمت المصادقة على الاقصاء في الكنيست فستتوجه منظمات حقوق الانسان الى المحكمة العليا (عدد من المؤيدين للاقصاء يهدئون انفسهم بادعاء ان المحكمة أصلا ستلغي هذا القرار). صحيح ان المحكمة العليا يمكن ان تعارض الاقصاء. وهكذا فهي ستقوم بدفنه. مقولة مناحيم بيغن المعروفة “يوجد قضاة في القدس”، التي كانت في الاصل التعبير عن الولاء لجهاز القضاء، ستتحول الى دعوة لمعركة متحدية تجعل منتخبي الجمهور والقضاء يشتبكون معا. في المنظومة الشعبوية الحالية فان الخاسرين تم تحديدهم من البداية. 

محاولة الاقصاء لعضو الكنيست تشبه رمي حجر في مياه صاخبة من اجل خلق امواج متزايدة: للحظة يقف في الوسط عضو الكنيست عودة، بعده سياتي اعضاء الكنيست العرب جميعهم، وبعدهم اعضاء الكنيست الذين يعارضون الحكومة الحالية، وبعد ذلك منتخبي الجمهور في السلطات المحلية، وبعدهم منتخبي الجمهور في مناصب لها تاثير، رؤساء مؤسسات عامة ومؤسسات اكاديمية وهكذا. في الطريق ستنجر ايضا المحكمة الى المياه الضحلة وستغرق فيها. من الديمقراطية الاسرائيلية ستبقى موجة خفيفة التي هي ايضا ستختفي ذات يوم. كنا مثل الحالمين، كان حلم كابوسي.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى