ترجمات عبرية

هآرتس: الاقتصاد الإسرائيلي: عودة ممكنة إلى انهيار 2002

هآرتس 2023-03-03، بقلم: ميراف ارلوزوروفالاقتصاد الإسرائيلي: عودة ممكنة إلى انهيار 2002

في نيسان 2002 اطلق رئيس الحكومة في حينه، اريئيل شارون، عملية «السور الواقي» من اجل القضاء على الانتفاضة الثانية. في ذاكرة التاريخ نقشت هذه العملية كنجاح عسكري صارخ وانعطافة نجحت فيها اسرائيل في اعادة لنفسها السيطرة الامنية على المناطق. قلائل يذكرون بأنه في تلك الفترة توجه شارون إلى عملية جريئة اخرى وهي خطة سور واق اقتصادية، التي انطلقت في أيار 2002.

شاس صوتت ضد الخطة التي شملت تقليص مخصصات التأمين الوطني. وشارون قام باقالة وزراء شاس بلا تردد. هم عادوا إلى الحكومة بعد شهر، لكن هذا كان بداية نهاية الحكومة. ففي تشرين الثاني 2002 سقطت الحكومة.

خلال هذه الفترة، بين نيسان وحزيران 2002، اسرائيل شهدت الازمة المالية الاكثر خطورة في تاريخها (إلى جانب ازمة خطة الاستقرار في 1985، وكما يبدو ايضا ازمة التقشف الاقتصادي في 1951).

في نقطة الحضيض، في حزيران 2002، كان هناك عمليات استرداد ضخمة في البورصة وهروب مذعور للدولار إلى خارج اسرائيل. الدولار ارتفع إلى 5 شواكل. وقفزت عائدات سندات الحكومة في اسرائيل إلى 12.5 في المئة (هذا عائد يعكس الافلاس)، وشركات التصنيف الائتماني واجهت انخفاض في التصنيف. وقد كان من الواضح أن اقتصاد اسرائيل يواجه انهيارا. في محاولة لانقاذ الموقف رفع بنك اسرائيل الفائدة من 4.5 في المئة خلال شهر واحد الى 9 في المئة. في موازاة ذلك حكومة شارون المتذبذبة اعلنت بأنها تنوي الخروج بخطة تقليصات كبيرة في الميزانية. الخطة تم الاعلان عنها اثناء الازمة وحصلت على مصادقة الكنيست في كانون الاول 2002.

لا يمكن عدم التأثر من أن «حكومة انتقالية صادقت على ميزانية دولة، التي هي ميزانية طوارئ مع تقليصات كبيرة، قبل شهر من الانتخابات للكنيست. هذا حدث بفضل تصميم حكومة شارون على كبح الازمة الاقتصادية الضخمة وبفضل المسؤولية الحكومية التي اظهرها حزب العمل برئاسة عميرام متسناع وبنيامين بن اليعيزر، اللذين وافقا على عدم معارضة المصادقة على الميزانية في الكنيست لادراكهما خطورة الوضع.

خلفية الازمة الاقتصادية كانت دولية ومحلية في الوقت نفسه. هذا كان دمج قاتل بين ازمة دولية وانهيار فرع الهايتيك في ازمة الدوت كوم في 2002 وتقويض الوضع الامني في اسرائيل عند اندلاع الانتفاضة الثانية في تشرين الاول 2000، الامر الذي أدى الى تفاقم الوضع هو رد الحكومة غير المسؤول والتي استمرت في التصرف وكأن التكنولوجيا المتقدمة تزدهر وزادت النفقات في الميزانية. الذروة كانت في قانون هلبرت الذي صادق على زيادة مخصصات الاولاد الى 900 شيكل بدءا من الولد الخامس فصاعدا وصادق على العجز في الميزانية.

كبش الفداء في هذا الوضع كان استقلالية بنك اسرائيل. الحكومة استخدمت ضغوطا كبيرة وفي كانون الاول 2001 تم التوقيع على الصفقة النتنة: محافظ بنك اسرائيل في حينه، دافيد كلاي، خفض الفائدة 2 في المئة مقابل تعهد وزير المالية في حينه، سلفان شالوم، باجراء تقليصات في الميزانية.

الفائدة انخفضت لكن التقليصات في الميزانية لم تحدث. النتيجة كانت فقدان الثقة المطلق بسياسة الحكومة وبسياسة الفائدة في بنك اسرائيل. مثلما يعرف كل اقتصادي مبتدئ انه يصعب جدا شراء ثقة الاسواق، ولكن من السهل جدا فقدانها. ومن اجل ترميم ثقته اضطر بنك اسرائيل أن يدفع بخمس زيادات في الفائدة، ثلاثة منها في حزيران 2002.

التاريخ يكرر نفسه لكن ليس بشكل دقيق

بعد مرور عشرين سنة على ذلك فان رياح مشابهة لازمة مالية تحلق في الجو. مرة اخرى هناك محاولة سياسية للمس باستقلالية بنك اسرائيل واجباره على خفض الفائدة، ورئيس اللجنة المالية في الكنيست، موشيه غفني، يخطط لتقديم مشروع قانون كهذا، مرة اخرى تحدث ازمة دولية تضر بفرع الهايتيك؛ مرة اخرى الدولارات تخرج من دولة اسرائيل؛ مرة اخرى يسمع تخوف من ازمة مالية ومن خفض التصنيف الائتماني لاسرائيل؛ مرة اخرى تسمع تخوفات كبيرة من تقويض الوضع الامني واندلاع انتفاضة اخرى.

لكن التاريخ لا يكرر نفسه بشكل دقيق، وهناك فروق جوهرية مقابل الوضع في العام 2000. الفرق الاول للافضل: اسرائيل دخلت هذه المرة الى ازمة محتملة باقتصاد قوي ومستقر أكثر من أي وقت مضى مع نمو قياسي واحتياطي كبير للعملة الصعبة. ليس هذا فقط، بل الحكومة تتصرف في هذه الاثناء بمسؤولية مالية، وفي يوم الجمعة الماضي صادقت على الميزانية مع هدف عجز منخفض بشكل خاص، 1 في المئة فقط.

الفرق الثاني هو للاسوأ: الحكومة هي العامل الرئيس في خلق الازمة، ايضا بسياستها في المناطق وبالدفع قدما بالانقلاب النظامي الذي هو السبب الرئيس للخوف من ازمة مالية شديدة. بدلا من وقف تقويض الوضع الاقتصادي فان الحكومة تقوم باشعال الازمة، ولا يوجد لدينا رئيس حكومة رسمي وقوي مثل شارون، يمكنه أن يدير جبهة عسكرية وجبهة اقتصادية في الوقت نفسه وبدون خوف.

في الحقيقة خطة كانون الاول 2002 لم تكن كافية لكبح الازمة الاقتصادية. لذلك، على الفور بعد الانتخابات في كانون الثاني 2003 وبعد فوزه بانتصار ساحق، قام شارون بتعيين خصمه بنيامين نتنياهو وزيرا للمالية لهدف واحد ووحيد وهو أن يفعل كل المطلوب من اجل انقاذ اقتصاد اسرائيل.

في آذار 2003 خرج نتنياهو بخطة اقتصادية، ثالثة خلال سنة تقريبا، شملت تقليصات كبيرة اخرى، وتغييرات هيكلية كبيرة في اقتصاد اسرائيل، ومس آخر كبير بمخصصات التأمين الوطني بهدف اجبار الحريديين على الاندماج في سوق العمل.

الحكومة هي مصدر المشكلة

نتنياهو حظي وبحق بالتشجيع التاريخي بسبب الخطة الاقتصادية التي قادها كوزير للمالية في آذار 2003. ولكن حسب الحقيقة التاريخية فان هذه الخطة تمكن من تنفيذها بفضل المظلة السياسية التي اعطاه اياها شارون وبفضل أن المتدينين لم يكونوا في الحكومة.

الآن عندما من المحتمل أن نقف امام ازمة مشابهة فان رئيس الحكومة نتنياهو المرتبط بالحبل السري للاحزاب الحريدية، بدلا من القيام بتغييرات هيكلية عميقة في الاقتصاد هو يقوم بتعميق الازمات القائمة بواسطة اعطاء ميزانيات ضخمة للحريديين التي تضمن بقاءهم خارج سوق العمل، ومن خلال تقويض الديمقراطية في اسرائيل.

ليس هذا فقط، بل انه بدلا من الرد على العلامات المبكرة لازمة مالية محتملة، فان حكومة نتنياهو ترفض هذه العلامات على اعتبار أنها «علامات عبثية» وحتى أنها تتهم من يعطون هذه العلامات بأنهم يتسببون بأزمة متعمدة، وفعليا تتهم بالخيانة. هذا هو الاسوأ: بدلا من محاربة الازمة فان الحكومة تحارب المستثمرين وتعمل على تفاقم، بما لا يقاس، أخطار حدوث ازمة مالية.

حتى التحذير الاستثنائي، الذي اطلقته أمس شركة التصنيف الائتماني «بيتش» والتي حذرت من أن «الاصلاح يمكن أن يكون له تأثير سلبي على صورة اسرائيل الائتمانية وأن الدول التي طبقت مثل هذه الاصلاحات أدت في حالات معينة الى تخفيض مرحلة واحدة في سلم التصنيف حسب نموذج الشركة» (أي يوجد اساس للخوف من تخفيض التصنيف الائتماني ولا يدور الحديث عن اتهامات عبثية لمستثمرين خونة)، حتى هذا التحذير لم يجعل حكومة نتنياهو تقوم بوقف الانقلاب النظامي.

ازاء وضع طوارئ، امني واقتصادي ، فان شارون عرف كيفية تنفيذ خطوات شجاعة، بما في ذلك اقالة اعضاء الكنيست الحريديين من الحكومة. نتنياهو يقوم بفعل العكس تماما. فقد خضع للحريديين ولشركائه المسيحانيين في الائتلاف وهو يقوم بتقويض فرع الهايتيك ويدفع نحو هرب رؤوس الاموال ونحو ازمة مالية بواسطة تقويض الديمقراطية في اسرائيل وعرض المستثمرين كخونة. بدلا من أن يدفع نحو الاستقرار، نتنياهو يخلق الازمة. واذا اندلعت مرة اخرى ازمة مالية مثلما في 2002 فسيكون من الصعب الاعتماد على الحكومة التي تعرف كيف تنقذ الوضع. الحكومة هي مصدر المشكلة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى