ترجمات عبرية

هآرتس: الافنغلستيين جاءوا لتوديع ارض الآباء

هآرتس – عودة بشارات – 15/12/2025 الافنغلستيين جاءوا لتوديع ارض الآباء

في العام 1936 قام الامير فيصل، الذي اصبح بعد ذلك ملك السعودية، بزيارة المسجد الاقصى. الشاعر الوطني الفلسطيني ابراهيم طوقان كتب: “المسجد الاقصى أجئت تزوره/ أم جئت من قبل الضياع تودعه”. هذا البيت كان اول ما خطر ببالي عند قراءة خبر زيارة ألف شخص افنغلستي امريكي في الضفة الغربية. لقد جاءوا من اجل تشجيع مشروع الاستيطان الفاشل، الذي يمر بعملية التنفس الصناعي، التي تكلف مليارات الشواقل، التي يتم تبذيرها هباء، في الوقت الذي فيه ميزان الهجرة في المستوطنات هو سلبي. 

دافيد بن غوريون في حينه اقترح على شخصيات فرنسية رفيعة، بما في ذلك الرئيس تشارل ديغول، هجرة مليون فرنسي الى الجزائر. الفرنسيون الذين يئسوا من الكولونيالية رفضوا هذا الاقتراح الكولونيالي الحماسي. “أنت تريد مليون فرنسي في الجزائر؟”، قال في حينه المندوب السامي الفرنسي في الجزائر جاك سوستل. “من أين سيأتون، في الوقت الذي فيه في كل سنة نحن نضطر الى جلب الى فرنسا 400 ألف عربي من الجزائر؟”.

الحديث يدور وبحق عن زيارة مؤثرة. ألف افنغلستي جاءوا لزيارة ارض آباء اليهود، وليس آباء المسيحيين. هم لم يأتوا وهم يركبون على الخيول والحمير مثلما في الحملات الصليبية. في حينه اضطر المشاركون الى دفع ثمن باهظ: خسروا الاراضي وتداينوا الاموال، وكثيرون منهم، حتى اصحاب الضيعات، اصبحوا مفلسين. 

هذه المرة كل شيء مختلف. ومثلما قال ماركس: “التاريخ يتكرر مرتين، مرة على شكل ماساة ومرة على شكل مهزلة”. هذه رحلة تثير الضحك، لا سيما ان المشاركين في هذه الحملة الصليبية، المليئين بحب اخوانهم المستوطنين، وصلوا في طائرات حديثة وفرتها لهم وزارة الخارجية الاسرائيلية. ويحتمل ان تكون نفقات هذه الرحلة على حساب دافع الضرائب في اسرائيل، بما في ذلك العرب.

القس مايك ايفنس، الذي هو الروح التي تحرك هذه الزيارة الجماعية، ذكر الزائرين بان “هذه هي كلمات الله” (“هآرتس”، 11/12). حقا؟ أي اله هذا الذي يبارك المستوطنين الذين يطلقون النار في كل الاتجاهات، وبدعم الجيش يقتلعون اشجار الزيتون المباركة في كل الديانات، الذين امام انظار الفلاح الفلسطيني المندهش يحرقون البيوت ويضربون الفلسطينيين، الذين بعضهم يصاب وبعضهم يقتل. وحتى الحمار الذي ليس له أي دور في هذا الواقع الانساني، لم يسلم من هذه الحملة الدموية، فقد ذبحوه امام اعين الاولاد الفلسطينيين. عائلة كورلي يونا في ابشع صورها.

كل يوم سبت له منتهى. هذه الزيارة ترمز الى منتهى السبت. جيد، يسرنا مجيئكم، أيها السادة، من وراء البحار. من المناسب ان يحترم من يمولون الاحداث هنا في الضفة الغربية هذه النهاية. في حين يغضب المرء من الذين ياتون من اقصى الارض لتنظيم حياتنا، فانه يمكن ايضا ان يرى في ذلك تجسيد للمثل الذي يقول “دائما الظلام الشديد يأتي قبل الفجر”. يبدو ان الاصدقاء من وراء البحار جاءوا لتوديع وصمة العار التي تسمى مشروع الاستيطان، مشروع النهب والوحشية.

البروفيسور ليئور سترنفيلد ذكر في كتابه “ايران – الحياة نفسها” تصريح الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر، أن ايران “جزيرة استقرار في واحدة من اكثر مناطق العالم حساسية”، وبعد سنة اندلعت الثورة هناك. 

“رئيس الحكومة طلب التقاط صورة. لذلك، سنعطيه الصورة التي طلبها”، قال القس ايفنس. حسنا، لا توجد ذكرى افضل من الصورة، على الاقل من اجل الاحفاد، كي يتذكروا انهم هنا خططوا ذات مرة لمشروع فاشل ومتوحش اسمه “ارض اسرائيل الكاملة”.

في الحقيقة ما هي المشكلة في ان تكون اسرائيل صغيرة، متماسكة، تفيد كل مواطنيها وتحافظ على علاقات جيرة حسنة مع جيرانها؟.




مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى