ترجمات عبرية

هآرتس: الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو هزيمة لحماس وعقاب للارهاب

هآرتس –فريدريك جورنس السفير الفرنسي في إسرائيل  -13/8/2025 الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو هزيمة لحماس وعقاب للارهاب

اعلان الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون بشان الاعتراف القريب بالدولة الفلسطينية، ووجه بعدة أسئلة في إسرائيل، وحتى باحتجاجات شديدة. انا هنا اريد ان اشرح لماذا هذه الخطوة التي اتخذتها بلادي بعيدة عن ان تكون “انتصار للارهاب”، بل العكس هو الصحيح، على المدى البعيد هي ستساهم في امن إسرائيل وامن كل المنطقة.

منذ 7 أكتوبر، في اعقاب المذبحة اللاسامية التي نفذتها حماس، واختطاف المدنيين الإسرائيليين الذين وضعهم المخيف يزيد الشعور بالذعر، تجري في غزة حرب وصلت الى طريق مسدود. هذه لم تعد معركة من معارك إسرائيل القصيرة التي شنتها في السابق، والتي نجحت في اكثر من مرة بتغيير الميزان الأمني لصالحها. لا شك انه الان الحديث يدور عن حرب تتسبب لإسرائيل بضرر كبير يفوق الفائدة الأمنية، وتهدد بالتحول الى حرب دائمة. في غزة حماس، التي تنكر حق إسرائيل في الوجود، والمسؤولة عن الهجوم اللاسامي الأكثر قسوة في تاريخنا منذ الكارثة، خسرت في رهانها الأول. فهي لم تنجح في اشعال المواجهة الشاملة مع إسرائيل التي حلمت بها. الحلفاء الذين املت بتجندهم الى جانبها تعرضوا لضربات قاسية. حماس نجحت فقط في الحاق الدمار والالم، سواء لسكان القطاع أو الإسرائيليين. الآن لم يعد هناك من يهب لمساعدتها، وكل العالم يرفضها.

في هذا السياق فرنسا حققت انجاز غير مسبوق. عزل حماس المطلق في الساحة الدولية. للمرة الأولى منذ 7 أكتوبر طرحت في الأمم المتحدة وثيقة بلورتها دول إسلامية وعربية. هذه الدول، منها السعودية، مصر، الأردن وحتى قطر، ادانت بشكل صريح هذه المنظمة الإرهابية وطالبت بنزع سلاحها وابعادها عن أي مفاوضات متعلقة بمستقبل القطاع. أضافة الى ذلك، في الصيغة النهائية التي تم تبنيها في المؤتمر الذي عقد في نيويورك، أعلنت هذه الدول عن طموحها الى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

لكن الانعطافة في مواقف هذه الدول التي فقط قبل سنة وقفت في الطرف المقابل، والان هي مستعدة للالتزام، مع دول أوروبية كثيرة، باستقرار وإعادة اعمار قطاع غزة بدون حماس – تنبع أيضا من اعترافها بالحاجة المطلقة لوضع حد للكارثة الإنسانية التي تحدث في غزة. هذه الدول لن تفعل ذلك تحت النار، وبالتاكيد ليس في ظل الاحتلال. 

انا اعرف ان كثيرين في إسرائيل يرفضون تصديق ذلك. ولكن الرقم الذي بحسبه 5 آلاف طفل تحت سن 5 سنوات تم علاجهم في حزيران في اعقاب سوء التغذية الشديد هو عدد حقيقي. دمار مدن كاملة، هو حقيقي. خوف الناس الذين يتجمعون عند مراكز الإغاثة ليس خياليا. فالكارثة الإنسانية في غزة تغذي المتطرفين حاليا وتمهد الطريق لارهاب الغد وتعزز حملة التشهير بإسرائيل وموجة جديدة من اللاسامية، في بلادي وفي العالم، وهي ظاهرة مخيفة. هذه الكارثة تمنع أي فرصة للمصالحة.

مؤخرا تدخلت فرنسا فعليا بهدف التخفيف قليلا من المعاناة في غزة عندما قامت بالقاء من الجو 40 طن من المساعدات الإنسانية. حتى قبل سنة ونصف اضطررنا الى فعل ذلك، لكن الآن مثلما كان في حينه لا يمكن اطعام 2 مليون شخص من الجو، وبالتاكيد لا يمكن تقديم العلاج لهم وتوفير المأوى بهذا الشكل. فقط إعادة فتح جميع المعابر البرية وخلق ظروف امنة في غزة تسمح بتوزيع المساعدات بشكل منظم، فقط يمكن ان تلبي الاحتياجات الكبيرة ويمنع الماساة الدموية التي نشاهدها كل يوم في طوابير توزيع الطعام.

لذلك، يجب ان يكون وقف فوري لاطلاق النار، وهو أيضا الشرط الضروري لتحرير جميع المخطوفين. لقد اندهشنا عندما شاهدنا صور روم بارلفسكي وافيتار دافيد، اللذان مظهرهما يذكر بالصور التي التقطت اثناء تحرير معسكرات الموت النازية. هما ما زالا على قيد الحياة ويمكن انقاذهما، ويمكن تحقيق ذلك فقط من خلال المفاوضات. انا لا اعتقد انه يمكننا تكرار في انفاق غزة عملية عنتيبة البطولية وانقاذهم بالقوة. يجب علينا تذكر هيرش غولدبرغ بولن وعيدان يروشالمي واوري دنينو واليكس لوفنوف وكرميل غات والموغ ساروسي، الذين قتلوا على يد حماس عندما اقتربت قوات الجيش الإسرائيلي منهم من اجل تحريرهم. فقط وقف اطلاق هو الذي سيؤدي الى إعادة الاحياء والاموات.

لا يمكن الحديث عن وقف طويل المدى لاطلاق النار بدون بلورة رؤية مشتركة لليوم التالي، رؤية لا تشمل حماس حسب موقف فرنسا والدول العربية والإسلامية التي وقعت على اعلان نيويورك. هذه الرؤية تتعلق بكل المناطق التي يعيش فيها الفلسطينيون والتي سيقيمون عليها دولتهم. ستكون حاجة الى اجراء إصلاحات، واجتثاث ثقافة الكراهية في أوساط الفلسطينيين وتسليم قيادة هذه الدولة لمن يرفضون الإرهاب ويعترفون بالسلام مع إسرائيل. هل هذه طوباوية؟ انا لا اعتقد ذلك. الوهم الحقيقي هو التصور الخاطيء بان المشكلات يمكن حلها فقط بالقوة، بدون تقديم أي حل سياسي للشعب له مصداقية. ليست قوات الاحتلال هي التي ستجتث جذور دعم الإرهاب من قلوب الشعب، بل قادة صادقين، ياتون من الشعب له، ومصممين على كبح جماح المتطرفين وإعادة للمواطنين الخدمات التي يستحقونها، وإقامة علاقات امنية مع الجيران التي سيكونون مسؤولون عنها. 

من هنا فان الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس بمثابة “هدية للارهاب”، بل رسالة للفللسطينيين بانه قد حان الوقت لتحمل المسؤولية عن مستقبلهم، من خلال رؤية صحيحة للواقع وبطريقة غير عنيفة، ونحن سنساعدهم في ذلك. هذه هي الرافعة الدبلوماسية التي استخدمناها لتجنيد الدول الغربية والإسلامية والعربية للجهود المشتركة في تخطيط “اليوم التالي”، وبلورة حل سريع قابل للعيش بدلا من عقود أخرى من الجمود. حل يدفع الى الهامش، مرة والى الابد، المتطرفين. بواسطة خلق افق سياسي موثوق، الذي يمكن فيه للقادة الفلسطينيين الذين يملكون الحس بالمسؤولية، وهكذا نحن نزيح الشوكة من الحجة الأساسية لحماس، التي تقول بانه لا يوجد مثل هذا الأفق. وفي نفس الوقت تعزيز شرعية إسرائيل كدولة ديمقراطية تعمل على السلام مع جيرانها، وهو السلام الذي تستحقه. 

تصريحات حماس الأخيرة التي تحاول عزو لنفسها “النصر الدبلوماسي” في اعقاب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لا يجب ان تضلل أي احد. حماس كانت وما زالت العدو اللدود لحل الدولتين، حيث انها تنفي حق إسرائيل في الوجود. بالنسبة لحماس فان الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو هزيمة. محظور السقوط في هذا الشرك البلاغي الكاذب لها، والانجرار وراء الحرب الخالدة، التي هي فرصتها الوحيدة للبقاء.

مبادرتنا لا تكافيء العنف، بل هي مخصصة لاحلال السلام والامن، ولان المنطقة تظهر الاستعداد لذلك فان الحديث يدور عن نافذة فرص لمرة واحدة. فرنسا اختارت استخدام هذه الأداة من اجل طرح بديل للحرب الخالدة. نحن يمكننا لعب هذا الدور بفضل الأدوات والتاثير الدبلوماسي لنا، بفضل علاقاتنا في المنطقة ومكانتنا في أوروبا. ولكن دور الشعوب والدول أصحاب العلاقة هو التمسك بهذه الفرصة. الشعب في إسرائيل توجد لديه إمكانية الاختيار: اذا استجاب لليد الممدودة للدول التي تعرض عليه السلام فيمكنه الانتصار في الحرب وتحويل 7 أكتوبر الى يوم يرمز الى هزيمة البرابرة. بعد ذلك يجب علاج الجروح – لبني البشر وكل العالم – والبدء في الانشغال بـ “إصلاح العالم”، نفس المفهوم المدهش الذي منحته اليهودية للإنسانية.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى