هآرتس: الاعتداء على الدروز في سوريا سيجعل من الصعب على إسرائيل التقرب منها

هآرتس 16/7/2025، عاموس هرئيل: الاعتداء على الدروز في سوريا سيجعل من الصعب على إسرائيل التقرب منها
بعد بضعة اسابيع هادئة نسبيا، مرة اخرى حدث تصعيد واضح في الايام الاخيرة بين النظام السوري ومليشيات سنية متطرفة وبين ابناء الطائفة الدرزية في جنوب سوريا. ولكن بالنسبة لاسرائيل فان المطروح هو اكثر جوهرية مقارنة مع الجولات السابقة للمواجهة منذ ان سيطر المتمردون على سوريا وطردوا نظام الاسد في كانون الاول الماضي. الاعمال الفظيعة التي جرت، حسب التقارير، في جبل الدروز، تثير بصورة طبيعية غليان كبير في اوساط الطائفة الدرزية في اسرائيل. وهذا التوتر يندلع بعد اسابيع من الشائعات والتكهنات بشأن تقارب سياسي محتمل بين اسرائيل ونظام احمد الشرع (الجولاني) في دمشق.
الدروز في اسرائيل وفي سوريا يقولون بان الامر لا يتعلق باشتعال محدد، بل بعملية محسوبة من ناحية النظام الجديد. في البداية اندلعت مواجهة وصفت بأنها نزاع محلي بين المليشيات السنية، التي بعض اعضاءها كانوا متماهين مع داعش، وبين قوات الدفاع الدرزية في منطقة مدينة السويداء. بعد ذلك دخل الجيش السوري كما يبدو من اجل التدخل وتهدئة النفوس، في حين انه بالفعل تم تنسيق هذا الهجوم مع المليشيات السنية واستهدف فرض الرعب على الاقلية الدرزية.
السنة المتطرفون يعتبرون الدروز كافرين بدين الاسلام ويتهمونهم بالتعاون مع نظام الاسد. عمليا، الدروز حاولوا حماية انفسهم ومصالحهم وليس التورط مباشرة مع النظام السابق، في الوقت الذي فيه في سوريا اندلعت حرب اهلية امتدت لسنوات. في شهر اذار الماضي حدثت اعمال قتل واسعة ضد ابناء الطائفة العلوية، وهي طائفة عائلة الاسد، في اماكن سكنها في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا. 1700 منهم قتلوا. ايضا في حينه النظام تنصل من هذه الافعال، لكن ثار شك كبير بان المليشيات المتطرفة تعمل كمبعوث له.
الاحداث في جبل الدروز بدات يوم الاحد. امس نشر تقريبا عن الـ 100 درزي الذين قتلوا باطلاق النار وبالطعن على يد السنة، ونشرت افلام صعبة شوهدت فيها جثث عدد من القتلى. في افلام اخرى تم توثيق اللكمات والاهانة التي تلقاها السجناء الدروز، بما في ذلك حلق الشارب واللحية. المذبحة في هذه المرة كانت بحجم اكبر مما في مواجهات سابقة. ومثلما في المرات السابقة فان الصور ادت الى خروج مظاهرات احتجاج لابناء الطائفة في اسرائيل الذين قاموا باغلاق الشوارع في الجليل. حتى انه بعد الظهر اجتاز العشرات منهم الحدود في هضبة الجولان ودخلوا الاراضي السورية. ولكن يبدو ان هذا كان تعبيرا عن التماهي الرمزي، وقبل الليل استعدوا في الجيش الاسرائيلي لاعادتهم الى اسرائيل. في نفس الوقت تم الحصول على تقارير حول محاولة التوصل الى اتفاق لوقف النار بين النظام والمليشيات السنية وبين الدروز.
اول امس اطلق الجيش الاسرائيلي الصواريخ، التي اصابت دبابات للجيش السوري كانت تتحرك جنوب دمشق نحو منطقة السويداء. الهجمات، هذه المرة من الجو، استمرت امس بشكل اشد، وعشرات سيارات الجيش السوري تم تفجيرها. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع اسرائيل كاتس قاما باصدار بيانات حادة، هددا فيها النظام في دمشق اذا استمر في المس بالدروز وتحريك قوات عسكرية الى المنطقة. امس اجرى نتنياهو مشاورات امنية بخصوص الوضع في سوريا، وحتى انه تحدث هاتفيا مع زعيم الطائفة الدرزية في اسرائيل، الشيخ موفق طريف. في قيادة الطائفة يحذرون من انه يجب عدم الثقة بوعود النظام بوقف العنف واعادة الهدوء، ويشككون بان الشرع يشجع من وراء الكواليس على قتل اقرباءهم في سوريا.
بعد سقوط نظام الاسد سارعت اسرائيل الى السيطرة على جبل الشيخ السوري ومناطق على الحدود مع سوريا في هضبة الجولان، ونشر هناك عدد من الوحدات. في نفس الوقت تم القيام بعملية واسعة من القصف الجوي لتدمير صواريخ وسيارات مصفحة ومخازن سلاح من اجل ان لا تسقط في يد النظام الجديد. اسرائيل شعرت بالامان واطلقت التهديدات. فقد حذرت النظام من المس بالدروز وحتى بالاكراد في شرق سوريا، واعلنت عن نزع قسري للسلاح في المنطقة جنوب دمشق بدون اساس في القانون الدولي (مجرد اقتحام الاراضي السورية هو امر ممنوع)، لكن اسرائيل شعرت بانها قوية بما فيه الكفاية لردع النظام عن مواجهتها مباشرة.
الظروف الان تختلف قليلا، بالتحديد بسبب التقارب النسبي الذي سجل مؤخرا بين اسرائيل وسوريا. حسب منشورات اجنبية فان بعثات للدولتين اجرت محادثات في اذربيجان. ونشر ايضا عن لقاءات بين جهات رفيعة. الادارة الامريكية، وبدرجة معينة حكومة اسرائيل، نثرت تنبؤات متفائلة حول امكانية انضمام سوريا، وربما لبنان ايضا، الى اتفاقات ابراهيم. عمليا، هناك الكثير من العقبات في الطريق الى تحقيق هذا الهدف، بالتأكيد طالما ان قوات الجيش الاسرائيلي موجودة في الجانب السوري من الحدود. ولكن احداث الايام الاخيرة اظهرت صعوبة اخرى وهي هل اسرائيل تؤمن بتحسين العلاقات مع النظام في سوريا، الذي بقيت فيه عناصر جهادية، ورجاله متورطون باعمال قتل متعمدة ضد الاقليات في اراضيه؟.